الرئيسية / الرئيسية / حول المقبول والمستهجن كيف يمكن اعادة الشرف لرقص الرجال في ليبيا

حول المقبول والمستهجن كيف يمكن اعادة الشرف لرقص الرجال في ليبيا

في بادئ الأمر كان ظهور مقطع على {التيك توك} كفيلا بشد انتباهي ثم توالت المشاهدات لعدد مختلف من المقطاع على مواقع التواصل الاجتماعي مجموعة من الشباب ومن مختلف الجنسيات يعرضون حركات  لاجزاء مختلفة من أجسادهم كفيلة بتحريك كل عضلة وبشكل مرتبط مع باقي الجسد في صورة رقص متكامل ببراعة خاطفة..

لوهلة تشك في ما إذا كان الراقص ذكرآ أم أنثى للتمازج في هيئة الرقص الذي بدا في أغلب المشاهدات شرقيآ وشرقيآ باحتراف.

(بغض النظر عن مدى صعوبة الرقص، لن يصفق الجميع)

تحقيق :نجاح مصدق 

جوان إريكسون

بدا الموضوع يدق في رأسي ويجبرني لتتبعه، وبدأت اقتفي أثر هؤلاء الراقصين على مواقع التواصل كانوا شبابا في مراحل عمرية مختلفة، والأغلبية من المراهقين أو أكبر بقليل يعرضون صور لهم ومقاطع فردية لرقصات مختلفة عن الرقص الذي يعد مقبولا في المجتمع الليبي والذي في اغلبه ينضوي تحث الرقص الشعبي {نوبة ومالوف وغيطة وكشك ونقارة وكسكا} وغيرها من الرقصات التي سجلتها فرقة الفنون الشعبية التي تأسست في اواخر 1963والتي كانت تضم ما يزيد على الخمسين عنصرا فنيا بين عازفين وراقصين  من بينهم خمسة عناصر نسائية يقدمون أكثر  من ثلاثين رقصة شعبية جلها من الفولكلور الليبي الأصيل وبعض العروض الحركية أضافة إلى فرقة المالوف وما سجلته الكتب والدراسات والأبحاث عن أنواع الرقص الشعبي وألوانه.

تاريخ الرقص الرجالي

التواجد الذكوري في الرقص قديم حيث كان لدى أغلب الشعوب في العالم، وصنف رقصا تقليديا ورقصا ثنائيا ورقصا حديثا وعرفته الشعوب في عاداتها وتقاليدها مثمتلا في الرقص الفلكلوري مثل ماكان لدى شعوب القارات المختلفة كالكابوكي والبانجرا والكونترا والفلامنقو او الثنائي تجسد في الفالس والتانجو والسامبا والتشانشا اما الحديث فبدا في البامبو والسالسا والجاز والبالية، في ليبيا كان للرجل نصيب في الرقص ومايمثله من دلالات بدأ تاريخ الرقص الرجالي في ليبيا قديمًا، وكان يعبر عن الفرح والاحتفالات في المناسبات الاجتماعية والدينية. ويشتمل الرقص الرجالي في ليبيا على أنواع مختلفة مثل الرقص الشعبي والرقص السيفي والرقص البربري والرقص التراثي.

قبول ورفض

تقول امينة لا احبذ رقص الرجال الذي اشاهده على مواقع التواصل ويشعرني بالغثيان والتقزز ولازال وسيظل بالنسبة لي عيبا ومخالفة للاعراف والتقاليد.

اما عادل الشاب الثلاثيني فقال بان الرقص ليس حكرا على النساء وان الشباب يعبرون عن فرحهم وحماسهم بشكل راقص واغلب شبابنا الليبي لا يتمالك نفسه مع سماع اول زكرة وطبل في حفلة نوبة وان مجتمعات الرجال في الافراح يتواجد فيها الرقص كما الغناء لانه تعبير عن حالة شعورية فقط يستهجنه المجتمع الليبي عندما يكون تقليدا خارجا عن حدود العرف والاخلاق وفيه تشبه بالنساء او باشخاص عليهم جدل في نوعهم وسلوكهم.

ورك وحوض ومد أدرع

حاولت التواصل بصعوبة مع بعض الشباب الذين يعرضون رقصاتهم ولم افلح إحدى الصديقات استطاعت اقناع احدهم بحكم الجيرة بالاجابة على سؤال واحد دون ذكر الاسم فقال:

احب الرقص واشعر بان جسدي في حالة حرية كاملة ما اقوله وانا ارقص واعبر عنه بحركات وجهي وحوضي ويداي لا استطيع قوله بفمي الرقص يمنحني طاقة رهيبة.

تعرضت للضرب والعقاب من اسرتي بسبب ظهور مقاطع لي على التيك توك حاولت اقناعي بان طريقة رقصي تشبه رقص النساء وهذا مستهجن وعيب في ليبيا وحاولت توجيهي للرياضة التي احبها ايضا ولكن اشعر انها تصادمية بينما الرقص لغة تواصل وتغبير، قرأت كثيرا عن الرقص ولم اجد مكانا امارس فيه هذه الهواية الا على صفحات التواصل الاجتماعي.

لا نملك فرقة استعراضية رجالية في ليبيا 

و وزارة الثقافة تتجاهل هذا الفن 

لايمكنك الرقص اذا كان لديك الكثير من الوحل في رأسك

احد الراقصين العرب المختصين في الرقص الشرقي وتعليمه اكد في تقرير تلفزيوني بان المجتمعات العربية ترى في رقص الرجال اغتيالا للرجولة ومنقصة ولم يتقبل يوما ان يكون الراقص رجلا لان نظرة المجتمع للرقص نظرة مرتبطه بالجسد والجنس والايحاءات التي تقع في نفس المتلقي الذي هو غير مهيئ لتقبل هذه الفكرة من رجل.

السيدة عائشة معلمة في احد المدارس الثانوية للبنين قالت كثيرا ما نضبط طلابا في الفصول او في فترات الاستراحة يرقصون ويغنون بشكل تفاعلي نعاقبهم لتجاوزهم ونحاول منعهم فعل ذلك داخل اسوار المدارس وانا شخصيا عاقبت طالبا كان يربط شالا على وسطه كالنساء والطلاب يتحلقون حوله ويصورونه وهو في اعلى درجات الانسجام وعندما تكرر الامر والعقاب بدأت اغض الطرف عنه لانه يرقص اكثر مما يتكلم ويقنعنا كل مرة  بانه لا يضر احدا فقط يقول انا ارقص.

في احلامي أنا لست مشلولا انا ارقص

هذا الحضور للرقص الذي اخذ اشكالا،وتطور وبدى مدى قبول  الرجال فيه من عدمه مرهوا بنظرة المجتمع وتصنيفه على كونه رقصا شعبيا خاليا من الايحاءات و محصور في اطار التعبير عن الرجولة والقوة البدنية ومواجهة المخاطر والحيوانات

كرقص السيف، ورقص الجندول، ورقص الأساطير. والاستقبال ،ورقصة الربيع والرعاة والرماح والدراس والسلطان وايضا رقصة الدفوف والبحارة  والبراده والتي تتميز اغلبها  بالحركات الطويلة والمتناسقة،مع استخدام الراقصون للعديد من الأدوات والعناصر كالدربوكة و والطبل والزكرة  والعصي والذي تنوع بتنوع المكان والبيئة فهناك رقصات لاهل الجنوب كغات وفزان وغدامس والتوارق والتبو وهناك رقصات اختصت بها المناطق الشرقية واخرى في الجبل الغربي ورقصات كانت محصورة في طرابلس وتاجوراء ومختلف مناطق ليبيا.

يقول: الاستاذ طارق العجيلي/راقص ومصمم في فرقة الفنون الشعبية ومؤسس لفرقة ابناء العجيلي

ان الرقص بدا معه خطوة بخطوة منذ بدايته وانخراطه مع فرقة الفنون الشعبية الى ان صنف راقص وحول مواجهته لنظرة المجتمع الذي تعده وسم منقصة اجاب:

بأن الرقص فن وابداع مثله مثل أي فن آخر وان مدى ثقة الراقصا في نفسه وفنه وصدق الرسالة التي يرغب في ايصالها يظهر قدرته على اقناع الجمهور ومجتمعه يقول واجهت في البداية استهجانا وتنكر لكوني راقصا مثلنا مثل لاعبي الكرة الذين للباسهم كان ينظر لهم نظرة دونية نحن واجهنا هذا إلى ان أقنعنا المجتمع بدورنا واهميتنا في التعبير عن موروثاتنا وهويتنا وثقافة البلاد التي نحن منها.

اما عن  تغير شكل الرقص وتطوره والاجيال الجديدة التي لاتبحث عن الهوية بقدر بحثها عن التقليد او مجاراة الآخر يقول لا الوام الاجيال الجديدة طالما لم تهتم الدولة بنشطاتهم ومواهبهم وسخرت الجهود لتوجيه ابداعهم في الاتجاه الصحيح، كيف نوجه الاجيال الجديدة ونحن لانعترف بالرقص والفن الشعبي كمادة في مناهجنا في معاهد الموسيقا ولا نجد من وزارة الثقافة أي اهتمام بنا او بالناشئين الموهوبين ولا نخصص لهم اماكن للتدريب على الرقص الحديث او الاستعراضي الذي لا نملكه ولم نفكر فيه مع ضرورة وجوده لاحتواء هؤلاء الراقصين الجدد الذين ينقصهم البحث والتعلم ومعرفة اصول هذا الفن؟

اما عن الرقص الذي يعتمد على الوسط والحوض دون الاعتماد على القفز والحركات الثابة يقول: اغلب رقصات الرجال جاءت محاكاة لحالات مواجهة مع الاعداء او الحيوانات فلا يمكن تخيل هز وسط لعدو انما الاعتماد الاكبر على الاقدام والقوة الجسدية للذراع وحركة الراس من هنا جاءت رقصاتنا التي تعبر عنا وعن تاريخنا وهويتنا ومع هذا لا يمكن اغفال التطور للرقص الحديث والاستعراض وافساح المجال له والاهتمام به.

سلامة نفسية

من ناحية اخرى بحثنا عن اجابات لدى الطب النفسي وكيف ينظر لهذا الامر اذا ما كان الامر لا يشكل خطرا في حال قبلناه او كيف سينعكس على نفسية الراقص المراهق نظرة المجتمع ومواجهته اجابت الدكتوره

د.أسماء الحاجي مستشارة  نفسيةوتربوية ودعم نفسي :

الرقص هو وسيلة للتعبير عن المشاعر من خلال حركات الجسم وتناسقها مع الموسيقا وتتعدد  أنواع الرقصات وتتنوع بتنوع مشاعر الانسان ولكل ثقافة ومجتمع حركات راقصة خاصة به كما ان للنساء حركات جسمية راقصة تختلف عن الرجال وتلك الرقصات تكون بنطاق المقبول في حال انها توافقت مع الثقافة والنوع البشري.

لكن عندما يرقص الرجال  بحركات انثوية يكون الامر مقلقا وخاصة بمرحلة المراهقة حيث تكون له دلالات خطيرة وخاصة عند انتشار مقاطع لمراهقين ذكور برقص شرقي  على مواقع التواصل الاجتماعي. ونخشي ان يتحول هذا السلوك لظاهرة خطيرة بحال زاد انتشار هذه الفئة التي يعتريها خلل نفسي او بيولوجي بمرحلة عمرية تعد مرحلة حرجة من مراحل نمو الانسان وهى مرحلة المراهقة والتي تحدث بها عدة تغيرات جسمية وعقلية وانفعالية وجنسية تستدعي منا مساعدتهم على المرور بها بصحة نفسية. لذا على المجتمع التمييز بين الرقص المسموح كالرقص الشعبي المعبر عن الرجولة مثل الرقص بالسيف او بالعصا وغيرهما وبين رقص الذكور الانثوي المرفوض والمستهجن الذي يثير الاشمئزاز، مع ضرورة التعبير عن رفضه ونبذه علنا عبر كل وسائل الإعلام، حيث يتشكل بذهن أبنائنا المراهقين القدرة على التمييز بين الرقص المقبول والرقص المستهجن الذي لا يقبله ديننا الحنيف ولا مجتمعنا المحترم.

الرجولة في الرقص الليبي معايير جديدة أم تقليد قديم

أخيرا

على الرغم من أن الرقص الرجالي كان يحظى بشعبية كبيرة في ليبيا، إلا أنه مع التطور وتغير المجتمعات والحروب والنزاعات لازمه  الاعتقاد السائد بأنه ينتهك القيم والمبادئ الاجتماعية والدينية التي كانت تسود المجتمع الليبي، ومن ثم بدأ الرقص الرجالي يُستهجن ويعتبر غير مقبول في المجتمع الليبي. ومع مرور الوقت، أصبحت الأنماط الراقصة التي كان يمارسها الرجال في ليبيا  تختفي الا في نطاق ضيق وأصبحت فكرة قبول رؤية الرقص الرجالي في الأماكن العامة اوعبر مواقع التواصل مرفوضة ومستهجنة في المجتمع الليبي وان كان الرقص لغة الجسد  وفن التعبير الاول.

 

شاهد أيضاً

بسبب كسل العائلة أم ضعف التعليم العام .

في بيتنا معلمة شنطة .. معلم خصوصي ((مفردة دخلت قاموسنا الليبي ليس حديثآ وليس مبكرآ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *