فـي ليبيا أمتلك مســــاحة واسعـــــة فـي الكتابة بسبب المناخ السياسي والتضامنـــي مــع شعبنـــا وقضيتــــه
بخـلاف الكثيـر من الإخوة الشعراء الذين يعيشون في دول عربية أخـــرى..حيـث يكبلــون بالمواقف السياسيــة لهـــذا البلــد أو ذاك
اشراف : مصطفى حمود
ولد الشاعر الفلسطيني
‘‘ربحي أحمد الطيماوي’’ في أكتوبر من عام 1948م بفلسطين، تحديدا في قطاع غزة، أي بعد خمسة أشهر من احتلال كيان صهيوني غاصب لأرضه، أرض أجداده وأبنائه؛ لينشأ وفي يده سلاحان، البندقية والقلم. برصاص بندقيته يقاتل مع رفاق النضال لاسترجاع وطن مسلوب، فخاض معارك الثورة المدافعة عن أرضه وشعبه. وتوازيا حارب برصاص قلمه يكتب شعراً وطنياً يساهم في بقاء القضية حيّة في وجدان الشعب، ومقالات سياسية وخطابات حماسية تحرض دوماً على النضال وإظهار معاناة الفلسطينيين وظلم وقهر الاحتلال لأرضهم إلى العالم. فكان نتاجه 6 كتب، بين رواية سياسية ودواوين شعرية جلها وطنية.
جاء الشاعر الفلسطيني إلى ليبيا في العام 1976م، ثم ذهب لاستكمال دراسته في الاتحاد السوفييتي سابقاً ليتحصل على دبلوم الدراسات العسكرية هناك على مستوى قادة كتائب، ليعود مجدداً الى ليبيا عام 1990م، حيث استقر به المقام رفقة عائلته ويعيش فيها إلى يومنا هذا. في ليبيا تسلّم لمدة أربع سنوات مهام المسؤول الأول لإحدى فصائل الثورة الفلسطينية، بداية من عام 2003 وحتى 2006م. وانتسب قبلها من 1994-و 1995م، إلى اتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين- فرع ليبيا، ليشغل الآن عضوية الهيئة الإدارية للاتحاد.
شعراؤنا وكتابنا يواجهون أشكالاً مختلفة من الاضطهاد والقهر والاغتيالات التي استهدفت الكثير منهم، واستهدفت آراءهم وأفكارهم، وعموماً إن الكاتب العربي معرض للاعتقال في بلده، أما الكاتب والشاعر الفلسطيني فهو معرض للاعتقال في كل بلد
شعراؤنا وكتابنا يواجهون أشكالاً مختلفة من الاضطهاد والقهر والاغتيالات التي استهدفت الكثير منهم، واستهدفت آراءهم وأفكارهم، وعموماً إن الكاتب العربي معرض للاعتقال في بلده، أما الكاتب والشاعر الفلسطيني فهو معرض للاعتقال في كل بلد
التقت مجلة «الليبية» بالشاعر الفلسطيني المقيم في ليبيا للحديث عن الأثر الذي تركته تجربته النضالية في تحرير وطنه على كتاباته الشعرية.
الليبية: ما هي المواضيع الرئيسية التي تركز عليها في أعمالك الشعرية؟
الطيماوي: أنا ابن قضية وشعب مشرد اغتصبت أرضه، وبالتالي فإن أعمالي تتمحور حول هذه القضية، ومعاناة شعبنا.
الليبية: كيف ترى دور الشاعر في النضال الفلسطيني؟
الطيماوي: الشعر واكب وما يزال نضال شعبنا الفلسطيني منذ بداية النكبة والمعاناة، ولقد جسّد الشعراء مراحل هذا النضال على مدار عقود حتى اليوم. لقد حمل الشعراء على أكتافهم مهمة بقاء القضية حيّة وماثلة في وجدان شعبنا، وكانوا محرضين دوماً على النضال وأظهروا للعالم معاناة شعبنا وظلم وقهر الاحتلال لأرضه.
الوضع الثقافي والشعري في فلسطين مواكب بقوة لقضايا شعبنا، يتطور ويتصاعد كسلاح فعّال في استنهاض جماهير شعبنا لاستمرار النضال والدفاع عن حقوقهم
الليبية: هل هناك شعراء فلسطينيون معينون أثروا فيك أو ألهموك؟
الطيماوي: كل الشعراء الفلسطينيون أثروا في وتأثروا ببعضهم البعض، وذلك لوحدة القضية والهدف والمعاناة والغربة. وبالتالي لابد من وجود شاعر أكون قد تأثرت به كهارون هاشم رشيد وإبراهيم طوقان وسميح القاسم ومحمود درويش.
الليبية: ما هي أهم التحديات التي تواجهها كشاعر فلسطيني؟
الطيماوي: التحديات التي يواجهها الشاعر الفلسطيني هي: المكان، النظام المسموح به وغير المسموح.
الليبية: هل هناك تجربة معينة أو حدث مهم في حياتك أثر بشكل كبير على شعرك؟
الطيماوي: الأحداث كثيرة، ولكن أهمها الخروج من الوطن وانخراطي في الثورة وإصابتي بالرصاص في معارك الدفاع عن شعبي وثورتي. هذا بالإضافة إلى السجن في أحد سجون دولة عربية.
الليبية: كيف تقيم الوضع الثقافي والشعري في فلسطين اليوم؟
الطيماوي: الوضع الثقافي والشعري في فلسطين مواكب وبكل قوة لقضايا شعبنا، وهو يتطور ويتصاعد كسلاح فعّال في استنهاض جماهير شعبنا لاستمرار النضال والدفاع عن حقوقهم. الآن الأدب الفلسطيني في خدمة المعركة، والجميع يعرف كم قدّم الأدباء والشعراء من شهداء في هذا المجال وهذه المعركة المقدسة.
الليبية: ما هي الرسالة التي تأمل أن ينقلها شعرك إلى العالم؟
الطيماوي: الرسالة هي أننا شعب لنا حقوق تم اغتصابها، ونحتاج إلى العدالة والعيش على أرضنا الفلسطينية التاريخية في حرية وأمان، كباقي الشعوب.
الليبية: كيف أثرت تجربة الغربة على أعمالك الشعرية؟
الطيماوي: الغربة تجربة قاسية ومليئة بالحزن والقهر، ولقد انعكس ذلك على كل كتاباتي. ليس أنا فقط بل معظم شعراء الوطن. الحنين للوطن والأهل والأصدقاء والذكريات شيء صعب لا يمكن الشفاء منه طالما أنت في الغربة.
الليبية: ما هي أبرز التحديات التي تواجهها كمغترب في التعبير عن قضايا الوطن من خلال الشعر؟
الطيماوي: التحديات التي يواجهها الشاعر المغترب هي المساحة التي يستطيع أن يعبر فيها عن أفكاره دون قيود. الشاعر المغترب يخضع لنظام وقوانين البلد الذي يعيش فيه، وأعتقد أن هذا حال الأدباء والشعراء في الوطن الكبير وليس فقط الفلسطيني. أعتقد أن هذا سؤال مهم، فمجال الكتابة يعترضها الكثير من الضغوط بفعل الحالة السياسية للأنظمة والتي يتعرض فيها الأدباء والشعراء للكثير من الملاحقة والاعتقال، وتصل أحياناً إلى التصفية الجسدية. والأمثلة كثيرة.
الليبية: هل تجد أن الأدب الفلسطيني يتغير بتغير مكان الإقامة. وكيف توازن بين التقاليد والأصوات الجديدة؟
الطيماوي: قد يكون ذلك صحيحاً، فالشاعر في أي بلد لابد أن يراعي العادات والتقاليد، ولكن الشاعر الفلسطيني يحمل على ظهره قضية شعبه، وهذه القضية لا تتغير ولا تتبدل في أي مكان، فهذا جزء من رسالته المقدسة. أما بالنسبة للأصوات الجديدة فأرى أن لهم مستقبل واعد؛ فالكثير منهم يكتب عن هموم شعبه وهموم أمته، ويعرف الأخطار التي تتعرض لها قيّمه وعقيدته ومستقبله، لذا يجب الاهتمام بهم وإرشادهم؛ لأنهم مستقبل الشعر والحداثة، ولهم دور كبير في تأكيد دور وأهمية الشعر في حياة الشعوب.
الليبية: كيف تظل متصلاً بالواقع الفلسطيني وأنت بعيد عن الوطن ؟
الطيماوي: وسائل الاتصال والمعرفة متعددة ومتطورة، ونستطيع أن نعرف ما يجري على الكرة الأرضية ونحن جالسين في بيوتنا. هذا بالإضافة إلى الاتصالات المباشرة مع الأهل والأصدقاء داخل الوطن وخارجه.
الليبية: هل هناك مواضع أو قضايا معينة تجدها أكثر إلحاحاً في أعمالك الشعرية بسبب الغربة؟
الطيماوي: المواضيع التي تشغلني وأنا في الغربة وأجسدها في أعمالي، هي: كيف يستمر النضال ويبقى مشتعلا. بالإضافة إلى الهم الأكبر، ألا وهو وحدة شعبنا في الداخل والخارج.
الليبية: كيف أثرت تجربتك النضالية العسكرية على مسيرتك الشعرية؟
الطيماوى: التجربة العسكرية كانت من أهم مفاصل حياتي؛ حيث انخرطت في هذه التجربة بكل قواي ومشاعري، مع العلم أنني قد نزفت دماً وأصبت بالرصاص مرتين، وأيضاً سجنت، وهذا شكل لي قاعدة فكرية ونضالية استفدت منها في حياتي. لقد مثلت تلك الفترة العنفوان والشجاعة، كما مثلت أيضا مرحلة امتلأت بالحزن والقهر على فقدان الأعزاء من رفاق الدرب على طريق الحرية والاستقلال، ولقد انعكس ذلك كله في كتاباتي.
الليبية: ما هي أبرز التحديات التي واجهتها خلال فترة النضال، وكيف انعكست على كتاباتك؟
الطيماوي: أبرز التحديات هي الأوضاع الأمنية وتعامل الأنظمة مع الفلسطيني، وخصوصا أصحاب الفكر والرأي من أدباء وشعراء. مثلاً أعيش في ليبيا وأمتلك مساحة واسعة فى الكتابة بسبب المناخ السياسي والتضامني مع شعبنا وقضيته بخلاف الكثير من الأخوة الشعراء الذين يعيشون في دول عربية أخرى، حيث يكبلون بالمواقف السياسية لهذا البلد أو ذاك.
الليبية: هل ترى أن الشعر يمكن أن يكون وسيلة فعالة لنقل الرسائل السياسية والاجتماعية؟ كيف؟
الطيماوي: نعم ممكن، ومن خلال التحريض الدائم في قول الحقيقة للجماهير بعيدا عن الرمزية واللف والدوران حول الفكرة التي تريد طرحها. كل قضايا الأمة فوق الطاولة ولا شيء مخفي الآن، والدول الكبرى لم
التجربة العسكرية كانت من أهم مفاصل حياتي ، حيث انخرطت في هذه التجربة بكل قواي ومشاعري ، ونزفت دماً وأصبت بالرصاص مرتين ،وأيضا سجنت ، وهذا شكل لي قاعدة فكرية ونضالية استفدت منها في حياتي
تعد تخفيها، والأهداف واضحة لهذه الدول، فهي تعمل على اخضاعنا والاستيلاء على أرضنا وخيرات هذه الأمة. إذاً يجب أن يكون شعرنا واضح وجلي، ويشير إلى الأخطار التي تتعرض لها الأمة بكل جرأة وشجاعة.
إن شعراءنا وكتابنا يواجهون أشكالاً مختلفة من الاضطهاد والقهر والاغتيالات التي استهدفت الكثير منهم، واستهدفت آراءهم وأفكارهم، وعموما إن الكاتب العربي معرض للاعتقال في بلده، أما الكاتب والشاعر الفلسطيني فهو معرض للاعتقال في كل بلد. إن العشرات من الكتاب والشعراء الفلسطينيين قد سجنوا بسبب كتاباتهم، وهناك شعراء وأدباء تمت تصفيتهم، وأشخاص على القوائم السوداء ويتعرضون للتهديد وتمنع كتاباتهم وأفكارهم من النشر، ويحاربون في مصادر رزقهم.
قصيدة
نبذة عن الشاعر :
من ديوان (زمن الحجر)
صدرت له عن دار الغاية للنشر والتوزيع الأردنية 6 كتب، رواية سياسية بعنوان (أحاديث ممنوعة)، و4 دواوين شعرية وطنية ورومانسية، أهمها (همس القمر)، (هذا الهوى قدري)، (لن يطول الانتظار)، أعادت دار العروبة للنشر والتوزيع بالقاهرة نشر الديوان الأخير.
ومؤخرا صدر له عن دار أمل كاتب للنشر والتوزيع بالقاهرة ديوان شعري سادس، يحمل عنوان (زمن الحجر). وقريبا سيصدر له عن نفس الدار ديوان شعر بعنوان (أحببتك وكفى).
أيـن المفــر؟
أين المفر..
من الأحزان الماضية
تلك الأحزان
ما زالت تلاحقنا
تلعننا
ووجوهنا مليئة بالأدران
بقايا العمر تبحث عن
بقايا أفراح
همس صراخ
أين المفر من أقدارنا
والميادين تتفجر بالردى
وحدود الوطن محاطة بجدار
الحنين ما زال حد الجنون
لن نغيب خلف سراب مصطنع
لن نذوب في المدائن
سراديب السلاطين قصور خراب
نصنع القيامة بالدماء
فرح.. وبكاء
ما زالت الذاكرة تنبض فينا
نهر.. بحر.. سماء
وطن وكبرياء
نمضي نحمل أحزاننا
ودموعنا
في درب الألم الطويل
كأن الظلام لم يكن
ومن سنين القهر الدفين
نرسم ملامح نصر
يطل من بعيد
لم يعد الصمت عنواناً
ونشيد
دماً.. غال وثمين
يرتقي الشهداء
يعلو نشيد النصر
زغاريد.