الرئيسية / الدراسة / فاصلة منقوطة

فاصلة منقوطة

المرأة ليست جزءاً من التاريخ
بل التاريخ
جزء من المرأة 

لقد جرتّ النساء العاديات عربة الزمن
الثقيلة خلفهن، محملة بحركة المجتمع
والأفكار الفردية والصراع والتدافع
الأيديولوجي والعرقي، صوب اللحظة
التي انولدت فيها الآثار الكبرى التي
ثبتتها أخواتهن وبناتهن من الطليعيات
في جدار الميز الجندري الصلد، ثم قمن
جميعاً بدق ذلك السد العالمي لتبدأ
الانفراجات التي فاض منها دفق
الوعي والمساواة بمد الضمير والتشهير
الإيجابي بالنفوذ، فلم يعد العالم بعد
اتحاد العاديات بالطليعيات كما قد كان؛
ولم يفلح التوثيق منذ ذلك الوقت في
السقوط من مجلد المرأة، الذي يحوي
سلسلة حقيقية من سيرة النساء قائدات
العالم، لا حاكماته.
في ليبيا كانت الجدات دوماً العواميد
التي تحمل النهضة، وترفع بنيان
التحول البطيء، ومثلت حكاياتهن
وتوجيهاتهن وحنانهن العملي عتبة
أولى لكن واسعة للصعود باتجاه حلم
وطن، ونجاح عقل.. ولهن يدين
المجتمع كله بالإلهام.
إن النساء العاديات أتين من صلب
هؤلاء الجدات، لكنهن لم يكن مثلهن
في الحكمة أو التحكم، ولا حتى في
درجة الحنان الغامر، بل أسسن العتبة
الثانية التي تنقل من سفح البداية إلى
قمة النضج، فكن تماماً ممثلات مرحلة
التجربة، ومرشدات نحو العلم والرأي،
وأول معلمات الديمقراطية في جو
آمن.
من هناك انطلق الجيل الطليعي من
النساء، ولم يكن بالتدقيق رائدات،
بل كن بنات الرائدات، قياديات ولو

في حيز مجتمعي عام وضيق لكنهن
من صلب أولئك العادي اّت، وحفيدات
مؤكدات للحكيمات المتحكمات، وظل
الحراك مرهوناً بالنساء جيلاً تلو جيل،
بما في ذلك نشاط الرجل على رقعة
الأرض المحروثة أو فوق كرسي
السلطة.. ألهمت المرأة العادية الكتب،
واخترع الحب والتفاني والتمعن والصبر
الثقيل ضرورة هذه الكتب وجدواها،
وألهمت البناء، وحتى الحرب، لكنها
دوماً كانت شعلة حرب قيم لا حرب
مطامع، والطريف أن نساء عاديات
صرن شخصيات قيادة كجان دارك؛ حتى
وإن ظلت هذه القيادة ذات أساس
روحي، أو بيداغوجي مثل ملايين النساء
اللواتي أنجزن في كل مجال، هنا في
وطننا أو في أي مكان من هذا العالم
الفسيح.
النساء المكلومات، ليس بسبب الثكل النساء المكلومات،

ليس بسبب الثكل
أو فقدان الإخوة والأحبة في جنون
الحروب أو الصراعات الفارغة، بل من
أجل قيمة الإنسان في المجتمع الذي
يتلمس دربه نحو ضوء ما، مكلومة تلك
المرأة بالأمل، وبالغد، وبمن يتساقطون
حولها من اليأس..
لكنها تظل تجر عربة الزمن الثقيلة خلفها،
وتنتشل الغرقى في العتمة بيد بيضاء
من غير سوء، وترفعهم لتعلمهم ثانية
المشي والتحليق، وتنفخ في قلوبهم
المسرة لتخفف سم البغضاء والغضب.
لذا ظل التاريخ وسيقى جزءاً من المرأة،
مديناً للعادي اّت من النساء في كل
المجتمعات بشفاء المجتمع الكسيح،
وتعليمه السير والارتفاع واعادة الحياة الى الحياة

                                                                                                             صالح قادربوه

شاهد أيضاً

أنا أربعينية ٠٠ بعقل عجوز وقلب طفلة

استحقت حميدة سليمان لقب كاتبة بجداره فهي اتخدت من الحروف ملاذا لها سكبت فية كل …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *