عبد الرزاق الداهش
وأنا أطوف أرجاء البيت استدعت ذاكرتي قصة الساحر اللامرئي، الذي ظل يعيش تسعة أشهر في أحد البيوت دون أن يراه أحد.
تسللت إليّ الشكوك، فلماذا لا يكون الآن إلى جواري، يتنفس ذات الهواء، ويتناول نفس الطعام، ويفتح معي باسوورد هاتفي!
هل ارتدى إبراهيم عباءة التخفي التي توارثتها عائلة بوتر في رواية هاري بوتر إحدى روائع أدب الخيال العالمي؟
هل حصل على طاقية الإخفاء، كما وردت في أحداث فيلم مصري قديم للمخرج نيازي مصطفى؟
صرت أدقق النظر في كل شيء لعل كوب ماء يتحرك ذاتياً، باب من الأبواب يُفتح.
تحسست الكراسي، مساند الصالون، مقعداً بلاستيكياً قرب شجرة الليمون.
تفقدت أشيائي لعل كتاباً وضعته مفتوحاً بالمقلوب على آخر صفحة، لم أجد شيئاً غير اعتيادي.
أغلقت صوت التلفزيون ربما يصدر صوتاً، ولكن لا صوت حتى لزفيره.
قلت لنفسي: من يستطيع أن يكون غير مرئي، يمكنه أن يكون غير ملموس، وغير مسموع، وفوق الحواس كلها.
تسرب لي أكثر من سؤال حول ظهور قصة الساحر المعجزة.
فإذا كان هناك رجل بهذه القدرة، يجلس معك، وينام معك ولا تحس حتى بدبيب خطواته، فلماذا لا يتم استثماره.
هذا يشكل ثروة قومية يمكن زرعه بين تجار المخدرات، أو مهربي البشر، للحصول على كل المعلومات.
ثم أليس علينا التكتم على هذا الساحر الخارق، ونعتبره أمناً قومياً؟
فمن يضمن أن لا يختطفه جهاز السي آي ايه، أو أي جهاز استخباراتي في العالم؟
فهل تجد المخابرات المركزية أفضل من إبراهيم ليتسرب داخل قصر الكرملين، وينقل كل حركة وسكنة للرئيس بوتين.
حاولت أن أتجاوز محطة الأسئلة الحائرة فوجدتني في محطة أخرى تتكدس فيها الأسئلة.
فلماذا الساحر إبراهيم طاب له المقام بين عائلة بسيطة، ولمدة تسعة أشهر، ولم يتجه لقصر الملك سلمان؟
(طيب) لنفترض أن الموضوع كله أكل وشرب، ونوم، فلماذا لم يتحول لفندق إنتركونتيننتال، حياة ريجنسي؟
لنترك الوليد بن طلال، وابن مكتوم، وسلسلة فنادق الشيراتون، ونسأل: أين قدرة هذا الساحر في الاختفاء أمام من قاموا بضبطه، والقبض عليه؟
(وعلى فكرة) الإنجليز اخترعوا درع الإخفاء، يعتمد على تكنولوجيا ثني الضوء، ولكن ليس بكفاءة الساحر إبراهيم الرهيب.