عندما تكون البيئة الحاضنة بيئة مناسبة ،يولد الإبداع ،هكذا هى نسيبة ابراهيم السائح ،والتي تدرس فى مجال إدارة الأعمال ذات التاسعة عشر ربيعاً، من عمرها شابة كبذرة صالحة تنمو أحلامها الصغيرة لتفاجئنا بموهبة خاصة موهبة الفن السينمائي .
إشراف :عبير المحجوب
كان الأمر بالنسبة لي مرعبا أن تشاهد أطرافا مبتورة وأعينا مقتلعة كأنها جزء من مشهد حقيقي مرعب ..كيف يمكن أن تنفذ كل هذا باحترافية عالية ؟ وهذا السؤال الذي كان يدور فى رأسي.
منذ أربع سنوات عند الجائحة كورونا وكصحفية خلال ذلك العام كانت تظهر ظواهر سلبية وقصص مرعبة سلطنا الضوء عليها ، وفى ذهني كنت أشاهد النور والجانب المشرق من قصص النجاح التي تؤكد المثل القائل (( رب ضارة نافعة )) ..(نسيبة) هذه الفتاة كانت ضمن القصص التي استثمرت ذكاءها ووقتها لتجعل منه قصة ناجحة
فكرت … أبدعت.. ابتكرت .
كانت البداية بسؤال لوالدتها كيف يمكن لمشاهد الدم والقتل فى الأفلام والمسلسلات أن تكون بهذه الحرفية ؟
فاصطحبتها أمها بكبسة زر لعالم «قوقل» العجيب ليجيب على سؤالها ويقدم لها كل ماهو مفيد ، ومن هنا أصبحت مثابرة لمشاهدة دروس عبر قنوات اليوتيوب وتنفذ أفكارها داخل عائلتها الصغيرة وكان أخوها هو صاحب أولى تجاربها ليخوض معها تجربة وفن المكياج السينمائي ولا أبالغ إن قلت إن فى ليبيا هناك قلة من المهتمين بهذا المجال ويعدون على أصابع اليد الواحدة . وأحد أحلامها أن تتعامل مع المخرج الليبي أسامة رزق ، حملت أسئلتى لأخوضها حول عالمها المدهش و ألتقي بها وفى قلبي شكر ممزوج لأمها التي جعلت من بيئتها راعية لأحلامها ومواهبها فهي أم لسبعة أبناء ودكتورة فى الشريعة الإسلامية .ولطالما آمنت أن الأسرة هى بيئة النجاح والتميز وكعادتها مجلة (الليبية) كان لها هذا لنا اللقاء المميز خاص لكل ماهو مميز.
كيف كانت البدايه في عالم التجميل السينمائي ؟
بدايتي مع هذا الفن في الصغر حيث سألت أمي كيف يصنعون الدماء في الأفلام فبحثنا معاً في اليوتيوب عن طريقة صناعة الدم الاصطناعي في المنزل ثم بعدها نسيت أمره تماماًعندها في جائحة كورونا عندما كنا في الحظر المنزلي كانت تأتيني فيديوهات يوتيوب عن الهالوين والأزياء التنكرية فشدتني هذه الفيديوهات وأردت صناعتها وتجربتها بنفسي. في سنة 2021 تحديداً جربت وصنعت أول جرح لي على يد أختي وقد كان فظيعاً جداً .
من أين جاءت فكرة الدخول لهذا المجال خاصة أن قليلا ممن يستعملون هذا الفن ؟
جاءت فكرة الدخول في هذا المجال عن طريق الصدفه والفضول لكيفية صناعة الجروح و الدماء .
هل تعتبر المواد متوفرة بسهولة لإنجازك لهذا الفن أم أن هناك صعوبة في الحصول عليها؟
للأسف المواد الأساسية ليست متوفرة في بلادنا لهذا اضطررت إلى صناعتها بنفسي في المنزل لذلك حاولت البحث عن وسائل عن طريق الانترنت لتعلم هذا الفن.
ماهو أول عمل قمت به لانجازه على الواقع وكيف كانت ردة فعل المحيطين بك؟
أول عمل لي كان جرحاً في بأطن يد أختي، فاجأتني ردة فعل أهلي عندما اعتقدوا أنه جرح حقيقي وليس من شغلي
كانت ردات فعلهم ايجابية دائماً اكانوا داعمين لي ويساعدونني على الاستمرار ويعطوني النصائح اللازمة حتى تظهر الجروح باحترافية أكثر.
ماهي المدرسة التي تنتمين إليها في هذا الفن ؟ومن هي الشخصيات المؤثرة في هذا المجال التي يعجبك أداؤها ؟
لم أرتد أي كلية لتعليم المكياج السينمائي بل حاولت تطوير مهاراتي بنفسي حتى أصبحت أتقن هذه المهنة.
يوجد الكثير على قنوات اليوتيوب الذين يلهمونني
هل هناك اهتمام وتقدير لهذا المجال في بلادنا ؟
للأسف لايوجد تقدير واهتمام لهذا النوع من الفن في بلادنا،من خبرتي المتواضعة في هذا المجال لاحظت في المسلسلات الليبية الكثير من الأخطاء في الجروح واصابات الرصاص حيث كان يجب أن تكون أكثر واقعية ومصداقية لعين المشاهد.
ماهي أنواع المكياج السينمائي والمؤثرات المستعملة؟
من أنواع المكياج السينمائي مكياج الجروح والكدمات والدماء،مكياج تكبير العمر والشيخوخة، مكياج تصميم شخصيات تستخدم في الأفلام مثل الزومبي والوحوش ، مكياج التشبية (تحويل ملامح الشخصية وتغييرها).
ماالذي جذبك في هذا المجال ؟
بينما كنت أشاهد الأفلام وخاصة «الاكشن» منها والرعب كنت أسأل كيف يتم خداعنا من قبل صناع الأفلام ؟وهل هذه مشاهد حقيقية أم لا؟
ماهو الفرق بين المكياج السينمائي والعادي فأغلب الناس لديهم فضول ؟
الفرق بين المكياج السينمائي والمكياج العادي هو أن السينمائي مجال متخصص في فن المكياج يستخدم لإنشاء مظاهر وتأثيرات مختلفة لوجوه الشخصيات، يمكن إضافة ندبات أو تجاعيد أو حروق أو إضافة أسنان إضافية وآذان مدببة على وجه الفنان مثلاً .
بينما المكياج العادي هدفه في الأفلام تزويد الممثلين بمظهر طبيعي أكثر واظهارهم بأفضل شكل مثل مايحدث عند عمل مكياج لإحدى العرائس.
ما الذي يمكن تحقيقه باستعمال المكياج السينمائي ؟
أول شيء يمكن تحقيقه جعل الممثل يظهر كشخص آخر تماماً وإظهار علامات الشيخوخة وتصغير عمر الممثل ويمكنهم أيضا انشاء مخلوقات بملامح غير بشرية واصابات وكدمات وعضات وحروق وندوب قديمة.
ماهي الخطوط الأساسية لتطبيق المكياج السينمائي على الوجه ؟
في البدايه تهيئة الوجه بكريمات أساس ثم مسح المنطقة التي سوف نعمل عليها بفازلين ثم نرسم ونضع المواد الأساسية لصناعة الجروح وبعض الألوان ليعطي تأثيرات واقعية وأخيراً نضع بعضا من الدماء على الجرح.
هل هناك رسالة خاصة تودين إيصالها؟
رسالتي إلى محبي المكياج السينمائي والفن
إن المكياج السينمائي ليس مجرد تزيين للوجه بل هو أداة تساعد على رواية القصص والتعبير عن المشاعر وخلق عوالم ساحرة على الشاشة.. من خلال بعض من لمسات الفرشاه والألوان نستطيع أن نحول الممثل إلى شخصية أخرى حقيقية، اكتشفوا شغفكم وابحثوا عن الإلهام وشاهدوا الأفلام وتأملوا في لوحات الفن، تعلموا أن المكياج السينمائي فن يتطور باستمرار وابتكروا فالابداع هو جوهر هذا الفن.
خططك المستقبلية ماذا ستكون؟
من خططي المستقبليه أن أكون معروفة في مجالي وأن أعمل وأبرز مهاراتي في المسلسلات الليبية لأنها تفتقر إلى وجود احترافية في جانب المكياج السينمائي ، أيضاً أن أقوم بدورات تدريبية أُعرف و أٌعلم الناس عن أساسيات وأنواع ومهارات هذا النوع من الفن
الفن رسالة كيف ستكون رسالتك القادمة للعالم ؟
رسالتي القادمة للعالم في هذا الفن هي أن ندخل التكنولوجيا في هذا المجال وستظهر أدوات وتقنيات جديدة للفنانين للتعبير عن أنفسهم أعتقد أن هذا سيؤدي إلى المزيد من الفنون المبتكرة والمؤثرة والتي ستساعد على فهم العالم من حولنا بشكل أفضل .
هل تتمني التعامل مع مخرج أو فنان معين لإبراز هذا الفن؟
بالطبع أتمنى أن أتعامل مع المخرجين المحترفين مثل أسامة رزق وأن أتطور وأصبح مطلوبة على الصعيدين المحلي والدولي.
برأيك لماذا لاتوجد معاهد وأكاديميات خاصه لتعلم هذا الفن الرائع؟
أعتقد أن السبب في عدم وجود معاهد لتعليم هذا الفن لأنه الكثيرين يميلون إلى تعلم مهارات وأساسيات المكياج السينمائي بشكل ذاتي عبر الإنترنت . أيضا يتطلب تعليم المكياج السينمائي مهارات وخبرات متخصصة يصعب العثور عليها لأنه لايوجد عدد كاف من فناني المكياج السينمائي الراغبين في مشاركتها مع ذلك يجب أن أشير إلى أن الكثير من الدول تشهد ازدياداً في عدد المعاهد وفي تعليم هذا الفن يرجع ذلك إلى زيادة الاهتمام بهذا المجال.
لو خيرتك بإقامة فكرة مبتكرة عن هذا الفن ماهي الرسالة التي سوف تقدمينها؟
لديّ بعض الافكار
مثلا أن نستخدم تقنيات الواقع المعزز (AR) يمكننا دمجها مع المكياج السينمائي لتوجد تأثيرات ونرسم جروحاً وهمية على الممثلين أو نحولهم لمخلوقات غريبة أيضاً يمكن أن نستغل الذكاء الاصطناعي لتحليل ملامح الممثلين وتحديد أفضل تقنيات المكياج لكي نبرز جمالهم أو نغير مظاهرهم بالشكل المطلوب.
خلال اقامتك بالخارج هل فكرت بالتواصل مع جهات تتبنى هذا الفن الرائع؟
في الحقيقة انضممت وأصبحت عضوة في فريق منشؤه في السعوديه اسمه جرعة رعب كنا نجتمع في «قروب» على «الواتس اب» لديهم فعاليات متعددة وتحديات شهرية ويتم نشر أعمالنا في صفحتهم على «الانستقرام» ، كانت تجربة رائعة حيث كنا نتشارك آراءنا وخبراتنا ونصائحنا لنطور من امكاناتنا، استفدت كثيراً من خبرات الفنانين من دول عربية مختلفة لديهم خبرات ومهارات عالية في المسرحيات والأفلام على صعيد الوطن العربي.
كشابة ليبية هاوية ماهي طموحاتك القادمة على جميع الأصعدة ؟
طموحي دارسة مجال إدارة الأعمال هو تأسيس عمل حر وأن أستفيد من موهبتي وأستخدم مهاراتي وأدمجها في شركتي، ممكن أن أعمل في مجال صناعه الأفلام والتصوير الفوتوغرافي أو أن أقدم دورات تدريبية لمشاركة الناس وتعليمهم هذا الفن غير المنتشر في بلدي
أخيراً أتطلع لتطوير مهاراتي في المكياج السينمائي وأن أصبح أكثر احترافية
كلمه أخيرة نختمين بها هذا الحوار
في ختام هذا الحوار أود أن أقول إن المكياج السينمائي فن رائع يتيح لنا إمكانات لا حصر لها للتعبير عن مشاعرنا وأفكارنا
أدعو جميع الشباب و الذين يحبون هذا النوع من الفن والابداع إلى التفكير في مجال المكياج السينمائي لأنه مجال مليء بالتحديات لكنه ممتع ومجز بشكل كبيرو مع المثابرة والتعلم المستمر يمكنكم تحقيق أحلامكم وأن تصبحوا فناني مكياج ومؤثرات سينمائية محترفين.
أخيراً أود أن أشكر عائلتي لمساندتهم ودعمهم المستمر وتشجيعهم الدائم لي.
وأشكر مجلة الليبية على هذه الاستضافة الرائعة .