مفرقعات وألعاب نارية وحتى مدافع رشاشة ، والقصة كلها «سيف الدين نجح »!
زمان كانت بالكاد زغروته من الجدة لأن الحفيد تخرج أو تجاوز المرحلة الثانوية .
مظاهر الابتهاج بنجاح طلاب المرحلة الاعدادية التي صارت أعلى كلفة تطرح كم سؤالا ؟
هل هو سطوة الثقافة الاستهلاكية وسلوك التباهي؟
هل هو مجرد مركب نقص ، فالطالب ينجح بأقل مجهود وعادة بأكثر غش؟
ولهذا مايحدث هو سلوك تعويضي ومقابل كل مظاهر الاحتفاء ، ولائم ، وحتى استقدام فرق فنية ماهي النتيجة ، أمام واقع الغش الجماعي؟ .
الظاهرة تستحق أن نلتفت لها ، ونستطلع الآراء حولها ، فالقصة صار مبالغا فيها .
استطلاع :سعاد عبدالسلام
البداية كانت من خلال تغريدة لدار الإفتاء الليبية من خلال أحد شيوخها الأجلاء الدكتور (عبدالغني بن سعيدان) الذي قال (أن تفرح لابنك أو ابنتك بالنجاح وتظهر البهجة والفرح والسرور والاحتفال فهذا كله فيمن علم أن النجاح المحصود كان نتيجة الدراسة والمثابرة وبذل الجهد والتعب أما من يعلم أن النجاح نتيجة الغش والتزوير فلماذا تلك المظاهر)
بين مؤيد ومعارض ؟
وخلصت مجموعة من الآراء مع أولياء أمور بعض الطلبة بين مؤيد لاستمرار الاحتفالات بالمظاهر المصاحبة للبذخ كونها محفزاً للطلاب من أجل تحقيق تطلعاتهم المستقبلية وبين معارض لبعض السلوكيات التي تفسد لذة الفرح.
تقليد دخيل وترى: الاختصاصية الاجتماعية بالهيئة العامة لصندوق التضامن الاجتماعي السيدة / زينب عبد الجليل
أن المبالغة في الاحتفال بالحصول على الشهادة الاعدادية أصبح ظاهرة تضاف إلى الكثير من الظواهر التي انتشرت في مجتمعنا انتشار النارفي الهشيم مؤكدة في الوقت نفسه بأنها ليست ضد التعبيرعن الفرح بنجاح الأبناء فهذا أمر طبيعي وفطري ويأتي بدافع الحب كما أنه يدعم الطالب ويحفزه على الاستمرار في الاجتهاد والمثابرة من أجل الحفاظ على هذا النجاح ولكن ما نراه اليوم من مظاهر الاحتفال المبالغ فيها والتي لا تتوافق في كثيرمن الأحيان مع ظروف الأسرة الاقتصادية أو مع التحصيل العلمي الواقعي للطالب في ظل الغش الذي تفشى كالوباء في جسم العملية التعليمية وعلى مرأى ومسمع الجميع ما هو إلا سلوك سلبي، وتابعت : أن لمواقع التواصل الاجتماعي دورا كبيرا في انتشارمثل
هذه الظواهر بسبب التقليد الأعمى وخاصة بين النساء وكل من تأتي بفكرة جديدة تعتبر أكثر تحضرا من سابقتها وهكذا إلى أن تفقد الأشياء المعنى الحقيقي لها ويصبح لحياتنا اسم واحد هو ترندات.
مجرد خداع..
أفاد: الخبير الإعلامي: السيد / خالد الدائمي
بأن الاعتراف بالجهد والمثابرة خلال فترة التعلم تفرض مطلوبا من قبل الأهل ليكون حافزاً مشجعاً لفترة الدراسة والاجتهاد ولكن المبالغة تأتي بنتائج سلبية موضحاً: أن التلميذ في المرحلة الاعدادية يدرك جيداً هل هو يستحق ذلك وان ما يحصل له مجرد خداع ولا يتناسب مع ما بذله من جهد ،فما يحصل من مبالغة هونوع من التنفيس والكبت المجتمعي الذي يعيشه نتيجة الضغوط الحياتية المختلفة ونوع من التقليد والتباهي الخارج عن المألوف وسينعكس ذلك على جيل يستقبل عادات لها علاقة بالعنف وعدم احترام الخصوصية العامة واحترام الآخرين وتدهور الذوق العام.
إرضاء النفوس المكسورة
كما أن التباهي الزائف يعكس الفراغ الفكري والثقافي والوعي وغياب الأسرة وهي محاولة لإرضاء النفوس المكسورة عبر السوشيال ميديا ملفتاً أن اعتماد التقييم والامتحانات بالحاسوب والميكنة الإلكترونية له ايجابيات من حيث السرعة والاختصار والفهم للممتحن بالنسبة للنظم التعليمية التي لا يعتمد الطالب فيها على الغش ولكن لدينا يسهل الغش لأنه يعتمد على المشاهدة للمظلل من الرقم أو الدائرة ولذلك لاتنفع في مجتمعات يأتي أولياء الأمور الكرام الطيبين إلى مقر الامتحانات لمساعدة الغش لأبنائهم مع مجتمع عائلي وقبلي وامتلاك السلاح والتباهي بارتداء ملابس شبه عسكرية أما اعتماد النتيجة رغم اعتراف المسؤول لو حدث في دولة أخرى لاستقال وزير التعليم وتحرك القضاء واستنفرت الصحافة والإعلام وتظاهر أولياء الأمور وانزعج الناس وحزنت الدولة ونكست الأقلام .
التباهي و الاسراف غير المحدود..
ومن جهته يقول رئيس تحرير صحيفة صدى المجتمع / السيد محمد الأسطى:
ظهرت علينا في السنوات الأخيرة عادات داخل المجتمع الليبي ما أنزل الله بها من سلطان فما نراه اليوم من مبالغة واسراف في مظاهر الزينة والفرحة العارمة بنجاح أحدهم في الشهادة الاعدادية ما هو إلا تصرفات مستحدثة على مجتمعنا وليست من موروثنا على الإطلاق موضحا : أن الأمر يعود لأسباب كثيرة منها سيطرة بعض الأمهات سيطرة مطلقة على مقاليد الأمورفي البيت بحيث ينعدم دور الأب بشكل كامل أوجزئي ومن بين الأسباب أيضاً مسألة المحاكاة للآخرين فيما يفعلون، كذلك الوضع المادي لعدد كبيرمن العائلات حيث يكون الانفاق في مثل هذه الحالات لا حدود له.
الفرح الهستيري..
وترى الموظفة بوازرة الثقافة والتنمية المعرفية السيدة / مريم الأحرش
أن من سلبيات مجتمعنا في هذا الزمن المبالغة في اظهار الفرح والسرور بشكل هستيري والتعبيرعن فرحة النجاح في الشهادة الإعدادية باطلاق الرصاص والمفرقعات وإقامة الحفلات بالصالات والمبالغة في الاسراف على تلك المظاهر بالفرق الموسيقية واقتناء الهدايا وباقات الورد المملوءة بالمال مشيرة: إلى أن بعضهم يقوم بتقديم سيارة لابنه الذي لم يتجاوز (14) سنة من عمره لا لشيء إلا للتفاخر ونشر صورعبر مواقع التواصل الاجتماعي في حين يعلم الجميع مستوى أبنائهم وكيف نجحوا ومع هذا يحاول البعض أن ينسى أو يتناسى وأن يعيش نشوة نجاح زائل .
التحدي من يقيم حفل أكبروأفخم
ويصف الموظف بإحد المؤسسات الحكومية السيد/ محمد الظفير حفلات النجاح بأنها وصلت إلى مرحلة التحدي بين الأسر و العائلات ، أي من يقيم حفلاً أكبروأفخم من الآخر مع علمهم مسبقاً أن حصول الطالب على الشهادة الاعدادية هي مرحلة انتقالية لمرحلة ثانية مؤكداً: أن مبالغة الأهالي في استخدام المفرقعات والبهرجة هو نتيجة حتمية للعولمة فهم يقلدون ما يشاهدونه في وسائل التواصل الاجتماعي كما أن السعي وراء الترندات من خلال حجز الملابس وما يصاحبها من مظاهر اسراف إلا دليل قطعي على غياب تام للوعي والوقوع تحت تأثير صدمة التواصل الاجتماعي ، ويقول : نعلم جميعاً كيف تسير الامتحانات حتى قبل اعتراف المسؤول ، ففي كل سنة تعتمد النتيجة والجميع يعلم أنها حصلت بالغش المطلق وليس أمام الوزارة إلا اعتمادها.
التعبيرعن الفرح بخصوصية..
لايختلف الدكتور في اللغة العربية: السيد/ عبد اللطيف بن صالح عن آراء من سبقوه بأن الشهادة الإعدادية هي نهاية مرحلة ونقطة تحول أولى ويعتقد أن الذي أدى إلى هذه البهرجة هو إطلاق مسمى شهادة عليها موضحاً: أن تغير العادات في المجتمع الليبي هو موجة عامة شملت الأفراح والمناسبات الخفيفة بل حتى الحج واحتفال الأسرة بنجاح أولادها ويقول: لا نستغرب كل هذه المفرقعات المعبرة عن تلك الفرحة لأن المجتمع تغير فيه كل شئ مبيناً: أن بامكان الأهالي التعبير عن فرحهم بخصوصية تامة وليس أمام الجميع لأن هذه المرحلة وإن كانت مهمة إلا أنها بداية المشوار وليس نهايته .
اعتماد الفوضى هو ضياع التعليم..
كما أن الانجرار وراء الترندات يعد من باب الرياء والتفاخر ومتابعة المجتمع دون وعي ولو اضطررنا إلى الاستدانة من أجل ذلك مؤكداً: أن اعتماد الشهادة الإعدادية رغم الغش الحاصل هو اعتماد للفوضى وتأكيد على ضياع التعليم بالغش علناً من قبل الدولة.
الغش ، الحقيقة التي لايمكن انكارها..
ويؤكد: الإعلامي السيد/ حسين العائش:
بأن الشهادة الإعدادية ليست نهاية المطاف ولكن الاحتفال المبالغ فيه لامبرر له حتى وإن كان تحفيزاً للناجحين لمواصلة المشوار ، وأوضح: أن هذه السنة قد شاهدت مبالغة في اظهارالفرحة خاصة مع استخدام الألعاب النارية مع علمهم بأضرارها الصحية والبيئية والمادية ورغم شكوى الناس من الضائقة المالية ويرجح بأن موضوع الترندات ما هو إلا ظاهرة جديدة دخلت على مجتمعنا لما فيه من اظهار الخصوصية وكذلك التكلفة المالية الباهظة وتبقى ظاهرة الغش الحقيقة التي لايمكن إنكارها أو الحد منها.
وفي الختام
حذر بعض الاختصاصيين النفسيين من ظهور ملامح غريبة في مجتمعنا جعلت من الاسراف والتبذير محل الشكر في مدارسنا ومنازلنا للتعبير عن هذا النجاح وأبرزها تنامي ظواهر البذخ والتبذير والمبالغة في حفلات النجاح والتخرج في كثير من مستويات التعليم .