الرئيسية / الرئيسية / مدير مكتب الدراسات والسياسات السكانية لصحيفة الساعة

مدير مكتب الدراسات والسياسات السكانية لصحيفة الساعة

 

انخفاض النمو السكاني خطر يجب الانتباه منه

لقاء وعدسة / سهام إبراهيم

تتفاعل الديموغرافية ( علم السكان ) مع الزمن والتغير الاجتماعي في ليبيا من حيث الكم والنوع والتوزيع مما أدى إلى تهديد الرصيد السكاني الذي يواجه تحديات غير مسبوقة مثل انخفاض معدلات الخصوبة وسوء التوزيع الجغرافي والنمو السريع لظاهرة التحضر غير المدروس والفاقد الكبير من البشر في أحداث الثورة ، كل هذه العوامل تعتبر مهددات يتعاظم خطرها على الأمن والسلم الديموغرافي ، ليبيا تعتبر أكبر ثالث دولة في شمال إفريقيا من حيث المساحة وتبلغ كثافتها السكانية ستة مليون نسمة بمعدل 50 نسمة موزعة على كل كيلومتر مربع (130/sq. ميل) تقريبا في المنطقتين الشمالية من طرابلس وبنغازي أي تسعون في المئة من السكان يعيشون في أقل من 10٪ من المساحة على طول الشريط الساحلي حوالي 88٪ من السكان في المناطق الحضرية معظمهم يرتكز في أكبر ثلاث مدن ( طرابلس – مصراتة – بنغازي ( وفي المقابل يقع أقل من شخص لكل كيلومتر مربع 2.6/sq ميل في الجنوب وتشير الدراسات إلى أن 30 % من السكان هم تحت سن 15 عاما ، ولكن هذه النسبة قد انخفضت بشكل كبير خلال العقود الماضية ومازالت ليبيا تعاني حتى الآن من بطء النمو السكاني الذي يؤثر سلبياً على البلاد ..

لذلك قامت صحيفة ( الساعة ) بزيارة مكتب الدراسات والسياسات السكانية بالمجلس الوطني للتطوير الاقتصادي والإجتماعي للاطلاع عن مسببات التأثيرات السلبية جراء انعدام النمو السكاني ومدى علاقتها بالديموغرافيا والتقينا بالسيد المهندس / هاني سالم الترهوني مدير مكتب الدراسات والسياسات السكانية بالمجلس الوطني للتطوير الاقتصادي والاجتماعي الذي أفادنا بحديثه ( تم اعتماد اليوم العالمي للسكان رسمياً ضمن المناسبات الدولية عندما وصل عدد سكان العالم إلى 5 مليار نسمة في 1987 م وكان أول تعداد للسكان 1964 م ( 1.515000 ) ألف نسمة وفي سنة 1973 م ازداد ليصل إلى ( 2.250000 ) ألف نسمة ، وفي عام 1984 م وصل إلى ( 3.231000 ) ألف نسمة ، ووصل في عام 1995 م إلى ( 4.389000 ) ألف نسمة ، أما في عام 2006 م أصبح عدد السكان ما يقارب ( 5.298000 ) ألف نسمة ، وبالحديث عن توقعاتنا الحالية لعدد السكان فهي لا تزيد عن ( 5.900000 ) ألف نسمة ، قمنا في اليوم العالمي للسكان بعرض مخرجات مبدئية لدراسة ميدانية لعدد 1500 أسرة ليبية على مستوى المناطق الليبية من الشرق والغرب والوسط والجنوب خاصة الريفية منها قام بها المكتب عن ماهية اتجاهات الإنجاب لهذه الأسر ما إذا كان له بعد اجتماعي أم بُعد اقتصادي أو ثقافي أو ديني ؟ والسبب الرئيسي لهذه الدراسة هو انخفاض النمو السكاني بشكل ملحوظ عن السنوات الماضية وما ترتب عليه من تأثيرات سلبية وخاصة على معدلات الخصوبة ( قدرة المرأة على الإنجاب ) ففي فترة السبعينات والثمانينات كان معدل النمو السكاني يقارب 6 مولود لكل امرأة في العمر مابين ( 15 – 49 ) سنة وحالياً وصل المعدل إلى 2.7 مولود لكل امرأة والمسبب الرئيسي لهذا التراجع هو تأخر سن الزواج عند الذكور ، نحن نخاف في علم الديموغرافيا من مستوى الإحلال بالنسبة لمعدلات الخصوبة الذي قد يصل إلى ( 1 – 2 ) أي أن كل عائلة سيكون لها طفل أو طفلين بالأكثر، من هذا المؤشر يتوجب علينا إنذار الدولة الليبية بعرض المسببات التي أدت إلى أن النمو السكاني بطيء وفي تزايد منخفض سواء أسباب اقتصادية – اجتماعية – دينية هذه الأبعاد وتداخلها مع بعض له تأثير سلبي على عملية الإنجاب ، فمثلاً بالنسبة للبعد الاجتماعي له علاقة وثيقة بثقافة الشاب الليبي للإنجاب فقد يرغب بإنجاب طفلين فقط وقد لايرغب بإنجاب زوجته للأطفال إلا بعد سنتين من الزواج نظراً للحالة الإقتصادية الغير مستقرة التي يمر بها وهذه الثقافة منتشرة بكثرة في مجتمعنا بالمقارنة مع دول الجوار ليبيا تعاني من بطء في النمو السكاني فهي تحتاج إلى 10 سنوات حتى تصل إلى زيادة مليون نسمة من السكان لان معدل النمو السنوي للسكان عندنا يصل إلى ( 1.7 ) لكل مئة عائلة ، في السنوات الماضية ما بين ( 1954 م – 1973 م ) عشرون سنة تقريبا وصلت نسبة الزيادة في السكان إلى مليون نسمة وهي نفسها نسبة النمو ما بين السنوات ( 1974 م – 2006 م ) خوف الديموغرافيا هنا يرجع إلى أن مساحة ليبيا كبيرة وعدد السكان بها بسيط بيد أن هناك مناطق في الجنوب لايوجد بها تقريبا سكان وتعرف هذه الحالة باسم الطرد الديموغرافي أي أن لكل كيلو متر مربع أقل من شخص ، هذه الأرقام تهمنا ليتم عرضها على صانعي القرار بالدولة فهذا الوضع يعتبر خطيراً ويحتاج إلى نظرة جدية واهتمام كبير أكبر حتى من الاهتمام بالميزانية والمشروعات لأن التزايد السكاني لدول الجوار المحيطة بليبيا يعود بالضرر علينا إذ من الطبيعي أن تقوم رعاياهم بالهجرة لتستوطن هنا وحتى نتفادى هذا الأمر لابد من وجود تنمية مكانية بتوفير سبل العيش في تلك المناطق النائية من الناحية الاقتصادية ( سكن لائق – خدمات صحية – تعليم – أمن ) كما ويجب أن تكون هناك دراسة لهذه الأماكن لإيجاد الحلول الملائمة لعدم نزوح السكان منها الهجرة الداخلية إلى الشمال لتواجد أكثر من ثلث سكان ليبيا على الساحل وأيضا لابد من وجود دراسة لحل مشكلة تأخر سن الزواج والذي وصل الآن إلى ما فوق 30 سنة وهذا دليل آخر على عزوف الشباب عن الزواج وبخاصة أن هناك ثقافة مغروسة في عقولهم تتناقل فيما بينهم عن عدم التسرع في الزواج ، وهناك أيضاً مشكلة اجتماعية أخرى تعاني منها الأسر المتكونة من أم ليبية متزوجة من أجنبي ( زواج الليبيات من الأجانب ) وهي فئة كبيرة وهذا سبب آخر عن تأخر سن الزواج مما يضطر المرأة الليبية إلى الزواج من أجنبي ، هنا الأم بحكم أنها مواطنة ليبية لها حقوقها المدنية والتي عن طريقها تريد منح الجنسية لأبنائها النصف ليبيين وهذه مشكلة بدأت تطفح داخل مجتمعنا ، لذلك وجب النظر بجدية في قانون الهجرة والجنسية الصادر 24 / 6 / 2010 م في أمر هؤلاء الأبناء باعتبارهم نصف ليبين بغض النظر عن الوالد الأجنبي فألاهم أن الأم ليبية ، لذلك لابد من إيجاد برنامج تنموي او سياسة تنفيذية الغاية والغرض منها حل هذه المشاكل وتشجيع الشباب للإقبال على الزواج مع التركيز على فئة الزواج المناسبة لكلا الطرفين من الذكور والإناث والتي تكون قادرة على الإنجاب لزيادة النمو السكاني دون إن ننسى الفئات العمرية الكبيرة السن فهي أيضا مستهدفة للقضاء على ظاهرة العنوسة وبعض المظاهر اللاخلاقية والتي تعتبر من الظواهر السلبية التي تعاني منها الدولة وتحتاج منها إلى وقفة جادة لإيجاد حل جذري مناسب يتوافق مع كل المطالب والأعمار والفئات ، ومن ضمن الأسباب الأخرى المهمة والهامة التي تعاني منها الدولة في انخفاض النمو السكاني هي ما تتعلق بالأم التي لا تلتفت إلى الوعي الطبي بالثقافة الصحية في سبيل إنجاب أطفال لائقين صحياً لأن في الديموغرافيا عندما تصل المرأة إلى سن الثلاثين فما فوق وترغب بإنجاب أطفال وجب عليها استشارة الطبيب لمتابعة حالتها منذ بداية الحمل وحتى الإنجاب لفترة لا تقل عن 12 زيارة للطبيب من اجل ولادة طفل سليم ولائق صحياً فبالتأكيد هي لا ترغب في إنجاب طفل مشوه تعانيه طيلة فترة عمرها ويجب أن يكون مابين إنجاب المولود الأول والثاني مدة 24 شهراً وهذا ما تم إثباته علمياً لأنه بعد مرور سنوات من الإنجاب تحدث مضاعفات جانبية للام ناهيك على أن بعض الأمهات لسنا على دارية بأن ماء الرضاعة الصناعية مهم لما يحتويه من معادن طبيعية يحتاج إليها الطفل فلا يقمن بغليه وخسارة فوائده ، قمنا منذ فترة وجيزة بعمل تقرير بسيط عما إذا كان هناك وجود لخطة أو برنامج وطني للصحة المدرسية داخل المدارس وكانت النتيجة إيجابية بوجود كتيب مدرسي مخصص لكل طالب يحتوي عن برنامج علاجي جيد للأسنان والصحة العامة ولكن للأسف ما يناقضه أن هناك ممارسات داخل المدارس تتنافى معه مثل المقصف المدرسي وما يحتويه من بضائع تجارية تحتوي على مواد حافظة ممنوعة دولياً لضررها على صحة الطفل ، حيث تنتهج الدول الأخرى منهج الوقاية والمتابعة في ظل قوائم توزع في المقاصف المدرسية بمأكولات ممنوعة عن الأطفال كما وتحث الأسر على تجهيز غذاء أبنائهم الطلبة من البيت بدلاً من المواد الحافظة الغير صحية والتي تؤدي إلى إصابتهم بالأورام والسرطان في مقتبل العمر ، هذا الترشيد والسعي بالتوعية لايتم إلا عن طريق الإعلام والتواصل السكاني الذي يتعلق بالقضايا السكانية ومشاكلها ليصل إلى المواطنين بجميع أعمارهم وفئاتهم حتى يتم أخذها بعين الاعتبار فكل عمر له مواضيع مرتبطة به فمثلاً بالنسبة للطفل نوع الغذاء وأسلوب تعليمه وعلاقته بعمله في المستقبل مرتبط بمدى اجتهاده أو بالتحايل على التعليم لاستخدام طرق الغش وهناك الشباب وموضوع الزواج والمرأة والحمل وكذلك التثقيف الصحي فيما يخص الصحة الإنجابية وغيرها من مواضيع المهمة ، هذه الثقافة لن تصل للمواطن إلا بمساعدة الإعلام إما عن طريق استبيان معين لتوصيل المعلومة أو النصيحة أو عن طريق إعطاء محاضرات تثقيفية وندوات أو عن طريق الرسائل القصيرة في الهواتف وربما أيضاً عن طريق استخدام شبكة التواصل الاجتماعي ، هناك مقترح سابق عن إقامة ورشة عمل للإعلاميين وطرح المحاور ذات المواضيع المتعددة التي تتعلق بمشاكل السكان ، نحتاج إلى أفكار الإخوة الإعلاميين في تحديد توجيه هذه المحاور سواء للدولة أو منظمات المجتمع المدني لان هناك فجوة مابين الدراسات والبحوث والبيانات ، قمنا بعرض ورقة عمل ذات أهمية في الاحتفالية باليوم العالمي للسكان تخص حالة السكان أو التركيبة السكانية في ليبيا ( أطفال – شباب – شيوخ ) تشمل الفئة العمرية من ( 15 – 60 ) عرضت فيها نسبة الذكور إلى الإناث وهل توزيعهم داخل المدن الليبية متوازنا أم لا ، وهناك أيضا بيانات الهجرة سواء ( الداخلية أو الخارجية ) مثلما يحدث للمواطن الليبي الذي يسافر خارجاً أما للعمل أو الدراسة ويبقى بالخارج أطول من المدة المحددة له فهل هذا المواطن يسجل بالسجل المدني تحت بند مهاجر أم لا ماذا ؟ ، هناك أرقام أخرى متضاربة حول إحصائية الليبيين داخل ليبيا فهناك من يقول 5.7 مليون وهناك من يقول 6.200 مليون ، وبحساباتها بالأرقام السابقة للسنوات الماضية يتم حساب معدل النمو السكاني اسقاطات سكانية بعدد المواليد وعدد الوفيات والنتيجة ستكون العدد الحقيقي للسكان الناتج عن الحسابات الفرضية لايزيد عن 5.900 مليون ولكن لا ندري أن كان المهجرين بالخارج من ضمن المعدل ، هذه الشريحة من السكان التي نقوم بالعمل عليها والتي تهمنا كثيرا يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار من قبل الدولة الليبية من خلال تفكير عميق وسياسات تنفيذية سريعة تكون جريئة في بعض القضايا السكانية المهمة جداً كالنمو السكاني والتركيب العمري والتوزيع الجغرافي ومخرجات التعليم والصحة العامة والصحة الإنجابية ، فليبيا حالياً بالنسبة للتحول الديموغرافي نسميها الفرصة السكانية أي أن معظم السكان الليبيين تحديداً 62% في مرحلة العمل ، ومعدلات الإعانة في لصغار وكبار السن حالياً في أقل مستوياتها مما يعطي أن هناك فرصة للسكان بالادخار للزواج المبكر من أجل التغلب على تأخير سن الزواج والقضاء على ظاهرة العنوسة وهذا مناسب أيضا للتنمية الاقتصادية لتشغيل البطالة الموجودة بالبلاد ( الباحث عن العمل ) والتي إلى الآن غير محددة بنسبة ثابتة على أن توفر الدولة لهم التأمين الصحي اللازم كشرط أساسي في الوظيفة باعتباره مواطناً ليبياً كما أن هناك أمر آخر مهم وهو ما يعرف بأمن الوظيفة أي أن يأمن المواطن الليبي بقاءه في وظيفته ، الكل يعلم أن الدولة مشغولة ولديها ضغوطات ولكن هذا لا يمنع أن تقوم بتكليف فرق عمل للوقوف على هذه المواضيع بخطط مدروسة تقوم بتنفيذها في فترة زمنية معينة وتقوم جهات أخرى بمتابعة مخرجات عمل هذه الفرق ، ولنجاح أي عمل لابد من المراقبة والتقييم ) .

شاهد أيضاً

بسبب كسل العائلة أم ضعف التعليم العام .

في بيتنا معلمة شنطة .. معلم خصوصي ((مفردة دخلت قاموسنا الليبي ليس حديثآ وليس مبكرآ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *