الرئيسية / الرئيسية / مستوطنة قرزق ..حضارة شيد عمرانها الليبيون

مستوطنة قرزق ..حضارة شيد عمرانها الليبيون

عندما نتكلم عن 《 قرزة》فإننا نتكلم عن حضارة أسسها ووضع أركانها الليبيون بماجادت به ألطبيعة عليهم ، فقد تمكن سكان  《 قرزة》 في العصور الميلادية الأول من تشييد حضارة عمرانية عظيمة لها نُظمها وقوانينها  فلازالت أطلالها  شاهداً على عظمتها ..في مناخ شبه صحراوي وجاف وبينه قاسية ،تمكنوا  مّن خلق نظام زراعي موسمي أمن لهم حياة كريمة فقد بنوا السدود في مصبات الوديان وحفروا الصهاريج وشقوا قنوات الري لمسافات طويلة بمحاذاة الوديان كي تصل إلي مزارعهم المحصنة ..دونوا لنا كل ذلك من خلال نحاتين وبنائين مهرة ..جسد النحاتون و الفنانون  كل جوانب الحياة في منحوتات زينت بها عمائرهم، فقد صوروا لنا جوانب الحياة الدينية المتمثلة في بعض الطقوس والميثولوجيا ، والاقتصادية بما فيها الزراعة والصناعة والتجارة ..الرعي والصيد والحرث وزرع المحاصيل وجنيها وصناعة الفخار ومعاصر الزيتون والعنب ، والسياسية المتمثلة في الحروب والدفاع عن حدود أراضيهم ،أما البنائون فقد طاوع الصوان الصلب سواعدهم القوية والمبدعة ليلين أمامها حيث شيدوا به البنيان من منازل ودور عبادة وأضرحة ونصب فريدة وأسوار في قمة الابداع والتقنية.

الخبير الآثري :رمضان إمحمد الشيباني

شواهد اثرية في إقليم شبه صحراوي

عجزت كثير من المدنيات الكلاسيكية القديمة الاستقرار به

ويرجع تأسيس مستوطنة قرزة إلى نهاية القرن الثاني الميلادي بالتحديد إلى عصر الإمبراطور (سبتيميوس سويروس) عندما أسس مايعرف بالتخوم الطرابلسية وهي عبارة عن خطوط دفاع ثابتة على إقليم المدن الثلاث وهو مايعرف ( بالتري بوليس لبدة وأويا وصبراته ) وقد عرفت   « بالمزارع المحصنة » ويعد معمار المدينة ذا صبغة محلية متأثرة بالطرز المعمارية التي كانت سائدة في أواخر العصر الهلينستي والذي اُعتبر خليطاً من الفن المعماري الليبي والروماني والإغريقي. كما استمر الاستيطان بالمدينة حتى في الفترة الإسلامية خلال القرنين العاشر والحادي عشر للميلاد حيث عثر على عملات معدنية وقطع من الخزف الاسلامي. فقد أسس أهل قرزة حضارة في إقليم شبه صحراوي عجزت كثير من المدنيات الكلاسيكية القديمة أن تستقر به .

من أين جاء اسم قرزة

إنتشرت قديما عند الليبيين عبادة المؤله آمون وإبنه المؤله غورزيل ورمزه الثور الذي يحمل بين قرنيه قرص الشمس أما رمز أبيه أمون فهو الكبش الذي يحمل بين قرنيه قرص الشمس وبلغ تقديس هذا المؤله في نفوس الليبين إلي درجة أنهم كانوا ينقلونه معهم إلي ساحات الحرب فشيخ قبيلةلواتة أحضره معه في حروب القبائل الليبية مع البيزنطيين .فيرجع ان أصل التسمية راجع الي المؤله غورزيل.وهناك احتمال آخر حول تسمية قرزة فهناك من يرجح أنها قد أتت من التسمية”Geris” وهي مستوطنة ذكرها المؤرخ بطليموس ضمن قائمة «مدن منطقة سرت  كما ذكرها الجان الجغرافي الأندلسي البكري في كتابه المسالك والممالك.

موقع مستوطنة قرزة

تقع قرزة على خط طول 14.33 درجة شرقاً وعلى خط عرض 30.57 درجة شمالاً وعلى مسافة 100 كم جنوب مدينة بن وليد و 250 كم جنوب شرق طرابلس في المنطقة المعروفة باسم ماقبل الصحراء التي تنتشر بها مجموعة من الأودية شهدت منطقة استيطان وحضارة ليبية مزدهرة أثناء الاستعمار الروماني للمناطق الساحلية من منطقة المدن الثلاث (لبده واويا وصبراته).وتقع مستوطنة قرزة جنوب غرب وادي زمزم بمسافة 10 كم شمال وادي صغير يحمل اسم قرزة وتشكل هذه المدينة أو المستوطنة رأس المثلث الذي يتكون من ثلاثة مواقع أثرية مهمة هي قرزة و بونجيم والقريات الغربية وتعد قرزة من أهم المستوطنات الليبية في منطقة ما قبل الصحراء في العصر الروماني .

عائلة البعباع قصة عشق ووفاء لقرزة

  الشيخ الفاضل الكيلاني البعباع رحمه اللهعاش قرابة 100 سنة متنقلاً بين شعاب (قرزة) ووديانها في سرائها وضرائها .. فكان له في كل حجر وفي كل حبة رمل خيط يربطه ويشد وثاقه بهذه الأرض الطيبة .. كان وفياً لمدينته ( قرزة ) حارساً على آثارها محافظاً مفتخراً بها كامتداد وبعد تاريخي له ولأجدادهكانت( قرزة) بالنسبة له عرين الأجداد ومبعث الفخر والأمجاد في نفسه .. عمل الشيخ مع مصلحة الآثار حارساً لقرزة محافظاً على كل حجرة فيها ودليلاً لكل من قدموا لدراسة الإقليم.

ثلا ث عشرة لوحة حجرية اتتزعت من مقابر قرزة

ليستقر بها المقام بالمتحف الوطني الآثار

في إسطنبول

من بعثات أجنبية ومحلية فقدشهداله جميعا بأنه كان خير عون لهم بمعرفته وحكمته وكرمه اللامنتاهي …الفضل لله تم لشيخنا الكيلاني رحمه الله في هذا الإقليم تسمى(قرزة)….رحم الله شيخنا الفاضل الكيلاني البعباع ..وقد ورثه في دلك ابنه العم إدريس البعباع إلي أن تقاعد عن العمل ،وها هو الآن حفيد سعيد إدريس البعباع يقوم بنغس المهمة .

أسطورة قرزة المسخوطة

كما يحب أن يسميها أهالي الإقليم وكما ذكرت في التراث الشعبي في قصصهم وكما سردته لنا جداتنا من (خراف) عن المدينة المسخوطة وابنة الحاكم ، فهذه الأسطورة تسمى ( المدينة   المسخوطة ) حيث تقول الأسطورة إن ما نشاهده في (قرزة )اليوم ليست آثاراً من صنع البشر وإنما هي عقوبة وسخط وقع على سكان المنطقة فتحول كل شئ فيها إلى حجارة ، حيث تقول  القصة إن تلك المنطقة كانت مدينة غنية وعامرة بالخيرات وأهلها يعيشون في رخاء وترف أوصلهم إلى الكفر بنعمةالله، وعندما أراد الله إهلاكهم بسبب ترفهم وبطشهم سلط عليهم حاكما وصل به الغرور أنه كان ذات يوم يتنزه فمر بقرب بئر كانت ترتادا النساء فأراد أن يشرب فوجد على دلو الماء شعرة طويلة أمسكها بين يديه وأخذ يتأملها ويتخيل صاحبتها ، وفجأة أقسم أمام رجاله أنه سيتزوج صاحبة هذه الشعرة ولو كانت أمه التي ولدته ، وأمر رجاله بأن يأخذوا هذه الشعرة ويقارنوها بشعور النساء في المدينة ولا يستثنوا أية واحدة مهما كان عمرها ، وبدأ حراس الحاكم يدورون على البيوت ويقارنون الشعرة بشعور البنات ثم النساء ثم العجائز ولكنهم لم يعثروا على صاحبة الشعرة ، رجع الحراس إلى الحاكم وأخبروه بأنهم قد فعلوا ما أمرهم به ، لكنهم لم يعثروا على المرأة التي يريدها ، فحزن الحاكم على ضياع أمله وتبخر أحلامه وكاد ينسى الأمر لولا أن الشيطان وسوس له بمحاولة  أخيرة فقال : ولكنكم لم تبحثوا في القصر اذهبوا وافعلوا ذلك لا تستثنوا أحداً ففعلوا ما أمرهم به وإذا بهم يعثرون على صاحبة الشعرة التي كانت إحدى بناته ، فلما عادوا وأخبروه أن الشعرة تخص ابنته ، صمت الحاكم قليلا ثم قال : لقدأقسمت ولابدأن أتزوجها،وهكذا أمرالجميع بأن يعدوالفرح زواج الحاكم ويزينوا المدينة، فابتهج الجميع وفرح وابالخبروأظهرواالسرور، وجاء أشرافهم لتهنئة الحاكم واستمرت الاستعدادات والفرحة تعم الجميع إلا العروس وأمها ، كانت العروس تبكي وأمها تقول لها لا تبكي ولا تيأسي من رحمة الله، وتردد ما صار مثلاً بين أبناء الشعب الليبي : ( ما طاب اللحم لين ربي رحم ) فما انتصف النهار حتى وقعت الواقعة ، فبينما هم يلعبون ويمرحون ، وعن تصاريف القدر غافلون ، وإذا بغضب الله حل بهم والسخط نزل عليهم ، فتحول كل شيء إلى حجارة صماء جامدة لا حراك فيها وهو ما رآه هؤلاء الذين نسجوا هذه القصة من بشر وحيوان ونبات
وغيرهامنحوتاعلىحجارةعمائر (قرزة) ….  تظل القصة من نسج الخيال . .  

آثار قرزة هده للصوص للصوص الآثار

منذ القدم قام (الأدميرال البحري هنري سميث ) بزيارة مدينة(قرزة )الأثرية بعد أن سمع أنها مليئة بالتماثيل، واستطاع أن يجلب منها بعض المنحوتات البارزة، منها لوح يحمل نحتاً بارزاً لفارس وميدالية نحاسية رومانية عليها صورة (فاوستينا) أي أن سميث يعد أول من نقل منحوتات قرزة خارجها و أول منحوتة تصل إلى أوروبا من (قرزة) حيث نقلها بواسطة الفرقاطة البريطانية التي تدعى وايماوث (H. M S . Weymouth) في شهر نوفمبر عام 1817ودلك ضمن الآثار التي تحصل عليها (سميث )من لبدة طرابلس والتي وضعت في عشرين صندوقا وأرست إسلت إلي اسطنبول تمثلت في ثلاثة عرة لوحة حجرية انتزعت من الضريحين ( ب ، ج ) بالمقبرة الشمالية والضريح (و) بالمقبرة الجنوبية والمسؤولون عن هذا العمل مجموعة من الموظفين الأتراك الذين كانوا يرتادون تلك المناطق لجمع الاعشار و الضرائب من السكان و صادفوا تلك اللوحات فنقلوها إلي تركيا 1873.ولازالت فنقلوها هذا بالمتحف الوطني للآثار في  إسطنبول .

حجارة صلبة طاوعت أزاميل بنائين مهرة

قرزة الي العالمية.

نظراً لأهمية هذه المستوطنة من الناحية الثقافية كمعلم يجسد جانباً مهماً من تاريخ المجتمعات القديمة بما يوجد بها من مكونات وشواهد أثرية تجسد نشاطاً إنسانياً متميزاً في بيئة شبه صحراوية صعبت على الكثير من قبلهم فقد قامت مصلحة الآثار بتقديم ملف إدراج قرزة في لائحة التراث العالمي بمنظمة اليونيسكو وقد قبل ملف الترشيح في يوليو سنة 2020 بالقائمة التمهيدية بعد أن تمت مراجعته وتطابقت المعايير الخاصة بالادراج على «قرزة» ونحن في انتظار ترشيحه إلى اللائحة النهائية.

قرزة من أهم مواقع الجذب السياحي

تعتبر قرزة من أهم معالم السياحة الثقافية بما تحويه من شواهد ومكونات معمارية أثرية مهمة تشير إلى عظمة وحضارة هؤلاء السكان، كما انها تمتاز ببيئة جمعت بين الجبل والصحراء والوديان الخصبة فقد كانت قبلة لكثير من السياح المحليين والدوليين ..فهذه هي قرزة الخالدةعمائر تقاوم قسوة الطبيعة وعبث الانسان .. عبق الماضي يتناثر من بين حجارتها .. حجارة صلبة طاوعت أزاميل بنائين مهرة .. فكان كل هذا الابداع  .. حجارة صماء استنطقها فنان بما نحته عليها من دواوين لحياتهم…. تاريخ وإبداعات ومساهمات حضارية يقول من شيدها .. كنا هنا يوماً ما ..

شاهد أيضاً

مضغ العلكة

‭ ‬يمضغ‭ ‬معظم‭ ‬الأشخاص‭ ‬العلكة‭ ‬من‭ ‬باب‭ ‬التسلية،‭ ‬وتحسين‭ ‬رائحة‭ ‬الفم،‭ ‬ولكن‭ ‬للعلكة‭ ‬فوائد‭ ‬أخرى‭ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *