مواقع التواصل وثأتيرها على الخلافات الزوجية
2018-12-17
الرئيسية, تحقيقات
2,029 زيارة
استطلاع/ منال البوصيري
الطفرة التكنولوجية وتغير حياتنا ..
وسائل الاتصال الحديثة والطفرة التكنولوجية التي حدثت خلال السنوات الاخيرة غيرت الكثير من المعالم على مختلف الأصعدة في حياتنا ولعل هذه التغيرات تركت أثرها عميقاً على صعيد العلاقات الاجتماعية خاصةً، ففي الوقت الذي باتت فيه تكنولوجيا الاتصال الحديثة في متناول الجميع إلا أنها حملت معها الكثيرمن التغيرات، وكانت سبباً في العديد من المشاكل الاسرية، كما انها طوقت أفراد الاسرة بجدارات العزلة، حيث انفرد كل منهم منكباً على حاسوبه أو هاتفه يتصفح شبكات التواصل الاجتماعي والمواقع الالكترونية، أوغارقا في الحوارات مع اصدقاء أو مع اناس مجهولين، يقيم معهم علاقات مختلفة، بعضها جاد ومفيد، وبعضها الأخر لأغراض التسلية وغيرها.
ومن اللافت ايضاً تلك النِّسَب العالية للاشخاص على مختلف مراحلهم العمرية إن كانوا صغاراً أو كباراً ذكوراً أو إناث والذين يقضون ساعات طويلة خلف شاشات حواسيبهم أو هواتفهم في الوقت الذي تبيِّن فيها الدراسات أن الإنسان اجتماعي بطبعه، فإذا ضَعُفت علاقته بأفراد أسرته وجد البديل في جهاز الحاسوب وغيره من أجهزة التكنولوجيا، التي حلَّت مكان الأبوين بالنسبة للأبناء، لذلك فإن التعامل مع هذه الأجْهِزة يُضعف عَلاقة الأبناء بوالديهم، ويكون سبباً في انتشار الأمراضٌ النفسية بينهم مثل حالات الاكتئاب وحب العزلة والإنطوائية، وبطء قابلية الفرد لقبول قيم المجتمع، والتي سيحل محلها قيم روَّاد ومُستخدمي أجهزة التكنولوجيا الالكترونية الحديثة وتشير بعض الاحصائيات إلى إن شبكات التواصل الاجتماعي الإلكتروني مثال موقع الفيس بوك كان سبباً وراء ثلث حالات الطلاق في الدول المتقدمة خلال الأعوام الأخيرة .
أن كثرة التعلق والأدمان على مواقع التواصل الاجتماعي زاد من فجوة توتر العلاقات بين الكثير خاصة الأزواج، ولم يقف الأمر عند ذلك بل غزت تلك المواقع بيوتاً ينعدم فيها الحوارمن الاساس لتنبت من أثر ذلك أشواك البعد والانفصال وحدة الخلافات، إن سوء استخدام مواقع التواصل الاجتماعي كان سبباً يهدد الاستقرارالأسري ويمزق أواصر التواصل بين جميع أفرادها، ويؤدي إلى تجمد العواطف، وازدياد درجة العصبية في التعامل بينهم، وبالتالي زيادة الخلافات.
مواقع الانترنت وثأتيرها النفســـي ..
وبسبب كل هذه التأثيرات الضارة التي أحدثتها مواقع الإنترنت على النفس البشرية حذرت استشارية الخدمة الاجتماعية الأستاذ/ عزة الزياني من أن سوء استخدام مواقع التواصل الاجتماعي يمثل خطورة بالغة على الأزواج والزوجات، ويكون سبباً لحدوث الجفاء العاطفي، فالرجل عندما يجلس أمام شبكة الإنترنت لساعات طويلة للبحث ومشاهدة مواقعها الكثيرة ، يحرمه ذلك من الاجتماع بأفراد أسرته، وفتح حديث وحوار بين بعضهم، الأمر الذي يؤدي في النهاية إلى انفصال عاطفي، مشيرةً إلى أن جلوس الزوج طوال اليوم أمام الجهاز ليلاحق تلك المواقع، يؤدي إلى تذبذب العلاقة بينه وبين أسرته وزوجته.
وتضيف الزياني:» انه من خلال التواصل المستمر ومشاهدة كل ما في المواقع من صور وأفلام، والتي غالبا لا تأتي بالصور الحقيقة للفتاة أو الفتى، أنما يتم إدخال الكثير من التعديلات عليها من حيث الشكل واللون واحيانا الصوت والجمال وكل ذلك يدخل إلى العقل الباطن للمشاهد، وهذه الصور غالبا ما تكون سريعة في برمجة العقل، لافتة النظر إلى أن ذلك ممكن إن يتسبب للزوج بعدم الرضا ووضعه في مقارنة بين ما يشاهده عبر تلك المواقع وبين زوجته شريكة حياته، فيظل ما يشاهده وما يسمعه عبر تلك المواقع من أفلام وصور لها تأثير على حواسه وبعملية متكررة يتم تغذية هذه المواقف واشباع ما يفتقده وما يتمناه من خلال عالمه الافتراضي، ففي البداية يستسيغه ويحبه ثم يعشقه ثم يدمنه، موضحة أن سهولة الوصول إلى المواقع أسهم في زيادة تلك الخلافات وحدوث حالات الطلاق والانفصال بين الأزواج.
أبراج المراقبــــة !
هدى أحمد/ متزوجة تعمل في مهنة معلمة تحدثت عن ثأتير مواقع التواصل على الخلافات الزوجية قائلة:» أن من بين أسباب الانفصال بين الأزواج دائمي استخدام شبكات التواصل الاجتماعي، هو اكتشاف أحد الزوجين لوجود علاقات تربط شريكه مع أشخاص أخرين ولا سيما من الجنس الأخر، ووجود رسائل تواصل بينهم واحيانا دردشات غير لائقة بكونه شخص متزوج، كذلك بعض التعليقات الفظة للزوج أو الزوجة، واكتشاف سلوك غير مرضي من خلال بعض الرسائل أو المنشورات.
واشارت هدى إلى أن أكثر الأشخاص المرتبطين يستخدمون الفيس بوك على الأرجح لمراقبة نشاط شركائهم على الموقع، والتي من الممكن أن تؤدي إلى مشاعر الغيرة، وأن مستخدمي الفيس بوك بشكل مفرط لهم حظ أكبر للاتصال مع المستخدمين الآخرين بما فيهم المعارف السابقين، ومن الممكن أن يؤدي هذا الأمر إلى الخيانة العاطفية أو الجسدية.
إهمال .. خيانة .. انفصال
وبسؤالها عن نفس الموضوع وفاء البشاري محامية حدثتنا قائلة:» يتسبب إهمال الطرف الآخر وعدم التحدث معه أو حتى عدم إبداء أي اهتمام للحوار معه، لإثارة الغضب ويولد عنه حدوث مشاكل وغيرة ومشاعر سلبية تجاه شريكه، مما ينتج عنه تدمير للعلاقة الزوجية، أو حدوث خيانة، إن الخيانة الزوجية أصبحت في يومنا هذا سهلة جداً باستخدام مواقع التواصل الاجتماعى، حيث يدخل الشخص إلى الشات فيتعرف على شخص افتراضي في البداية، ومن ثم يتحول إلى حقيقية لاحقاً، فمن كان مستعداً للخيانة الزوجية يذهب ويلتقي بمن تعرف عليه عبر احدى تلك المواقع وتبدأ العلاقة، وتحدث الكارثة وتنتهي العلاقة الزوجية، وهذه السهولة لا تنطبق على الرجال فقط، بل يمكن للنساء أيضاً إيجاد الفرص سانحة لهن عبر تلك المواقع، فتدخل في المحادثة بغياب زوجها، ويقع الزواج في الهاوية.
وأضافت :» أن سوء استخدام مواقع التواصل الاجتماعي يزيد نسبة الخلافات الزوجية ، وتطور تلك الخلافات بسبب إدمانها قد يؤدي إلى انفصال الزوجين وطلب الزوجة خاصة للطلاق، وهذا الأمر أصبح مشهدا مألوفا، وعرف طريقه إلى أروقة المحاكم، من خلال قضايا تحوي ملفاتها الكثير من الأوراق، والتي تشير إلى تفاصيل أكثرها غريبة، وجديدة على مجتمعنا، حيث وصل الأمر إلى تجاوز ما تسمح به قيمنا وعاداتنا الأصيلة، فكان نتاجاً طبيعياً أن تكون خلافات أسرية تقفز لخارج أسوار المنزل، وتفكك استقرار الأسرة.
إثارة ومغــامـرة..
وتتفق الكثير من السيدات على وجود خلل بعلاقاتهم مع ازواجهم بسبب قضائهم معظم الوقت خلف شاشات الهواتف أو الحواسيب، وأدعائهم بأنهم يريدون أن يكسروا رتابة الحياة الزوجية ومللها، فيغرقون انفسهم في عالم الإنترنت حيث الإثارة والمغامرات.
ويقول بعض الرجال إن انشغال زوجاتهم الدائم بالجلوس لساعات طويلة أمام الكمبيوتر أو أجهزتهن المحمولة وهروبهن من القيام بواجباتهن يزيد من الشكوك حولهن، وترك المجال للوساوس إن تلعب في عقلوهم نحو زوجاتهم، لكن لابد من إيجاد وسيلة لاكتشاف ذلك الأمر! فليس الرجل دائما هو المذنب في تواصله وإدمانه على مواقع التواصل الاجتماعي، بل إن المرأة قد تكون أحد أسباب ذلك، أفعال المرأة هي التي تتسبب أحيانا بتدمير أسرتها، حيث تتصف بعض النساء باللامبالاة وعدم الشعور بالمسؤولية أمام واجبات البيت أو حتى متطلبات واحتياجات الأبناء، وبدلا من ذلك يقمن بإنفاق ساعات طويلة على الإنترنت يتابعن حساباتهن وقائمة الأصدقاء وردودهم على أحد مواقع التواصل الاجتماعي.
الكبت والخيــانة ..
هناك أشخاصا مكبوتين في الواقع وغير قادرين على بناء علاقات مع الطرف الآخر، وهناك نوع آخر يمارس الخيانة من أجل الخيانة، بمعنى أن الرجل لا يريد أن يفوت أي فرصة للخيانة سواء في مواقع التوصل الاجتماعي أو عبر مواقع الدردشة، ونتيجة تلك المشاكل التي نسمعها يقوم بعض الازواج بمنع تلك المواقع عن انفسهم وعن زوجاتهم حتى لا تتسبب لهم بالمشاكل.
أن الأشخاص الذين يبالغون في استخدام مثل هذه المواقع إما يريدون الهروب من حالات نفسية ومشاكل أسرية وإما أن تكون محاولات لإظهار النفس، أن هذه الأمور إذا خرجت عن حد الوسطية تصبح سلبية لحد كبير وإن على الزوجة مواجهة الزوج بغلطه وما يمكن إن يترتب عليه من عواقب وعلى أسرته ومحاولة التخلص من هذه الآفة التي تهدد عش الزوجية .
وأن كل هذه الأمور مرفوضة ولا تبرر الخيانة الزوجية عبر وسائل التواصل الحديثة لأنها تهدد السلم الأسري والسكينة والرحمة، ليحل مكانها التشتت والانفصال، وتلك الوسائل لو استخدمت بطريقة صحيحة لما وصلنا إلى أن تمتلئ ملفات المحاكم بالكثير من قضايا الخيانة الزوجية وحالات الطلاق بسبب تلك المواقع.