الرئيسية / الرئيسية / عشرون يوماً من الرعب !!

عشرون يوماً من الرعب !!

عندما‭ ‬يصبح‭ ‬الجسد‭ ‬ساحة‭ ‬معركة‭ !‬

في‭ ‬ساعة‭ ‬متأخرة‭ ‬من‭ ‬الليل،‭ ‬تلقيت‭ ‬رسالة‭ ‬من‭ ‬سيدة‭ ‬عشرينية‭ ‬تُدعى‭ ‬ص‭. ‬ع،‭ ‬كانت‭ ‬تعيش‭ ‬في‭ ‬الغربة‭. ‬كلماتها‭ ‬تحمل‭ ‬يأسًا‭ ‬عميقاً‭: ‬‮«‬أنقذوني،‭ ‬أنا‭ ‬أتعرض‭ ‬للضرب‭ ‬المبرح‭ ‬ومحبوسة‭ ‬في‭ ‬شقتي‭ ‬منذ‭ ‬عشرين‭ ‬يوماً‭.‬‮»‬‭ ‬شعرت‭ ‬بالخوف‭ ‬والقلق‭ ‬الشديد‭ ‬من‭ ‬أجلها،‭ ‬وسارعت‭ ‬إلى‭ ‬اتخاذ‭ ‬الإجراءات‭ ‬اللازمة‭.‬

تواصلت‭ ‬مع‭ ‬القنصلية‭ ‬الليبية،‭ ‬خاصة‭ ‬أنني‭ ‬كنت‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الدولة‭ . ‬سرعان‭ ‬ما‭ ‬استجابوا‭ ‬لندائها،‭ ‬وبتدخل‭ ‬مركز‭ ‬العنف‭ ‬ضد‭ ‬المرأة،‭ ‬تم‭ ‬إنقاذ‭ ‬السيدة‭ ‬من‭ ‬سجنها‭ ‬وتقديم‭ ‬الإسعافات‭ ‬اللازمة‭ ‬لها،‭ ‬إذ‭ ‬كانت‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬إصابات‭ ‬جسدية‭ ‬خطيرة‭.‬

عندما‭ ‬التقيت‭ ‬بها،‭ ‬بدأت‭ ‬تسرد‭ ‬قصتها‭: ‬‮«‬قصتي‭ ‬بدأت‭ ‬منذ‭ ‬أن‭ ‬تزوجت‭ ‬هذا‭ ‬الرجل‭. ‬منذ‭ ‬تلك‭ ‬اللحظة،‭ ‬بدأت‭ ‬أعاني‭ ‬من‭ ‬العنف‭ ‬اللفظي‭ ‬والجسدي،‭ ‬ليس‭ ‬منه‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬من‭ ‬أهله‭ ‬أيضاً‭. ‬كانوا‭ ‬يعيشون‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬البناية،‭ ‬مما‭ ‬جعلني‭ ‬أشعر‭ ‬بالخوف‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬لهم‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬إيذائي‭.‬‮»‬

استفسرت‭ ‬منها،‭ ‬فقالت‭: ‬‮«‬لديّ‭ ‬ولدان‭ ‬صغيران،‭ ‬وكانا‭ ‬شاهدين‭ ‬على‭ ‬سوء‭ ‬سلوك‭ ‬والدهما‭. ‬لقد‭ ‬حُبست‭ ‬في‭ ‬شقتي‭ ‬مع‭ ‬أطفالي‭.‬‮»‬

وعندما‭ ‬سألتها‭ ‬لماذا‭ ‬لم‭ ‬تطلب‭ ‬المساعدة‭ ‬من‭ ‬أهلها؟‭  ‬أجابت‭: ‬‮«‬كيف‭ ‬لي‭ ‬أن‭ ‬أفعل‭ ‬ذلك؟‭ ‬إنه‭ ‬يكذب‭ ‬عليهم‭ ‬بشأن‭ ‬أفعاله،‭ ‬ويقدم‭ ‬لهم‭ ‬الدعم‭ ‬كي‭ ‬يصدقوه‭.‬‮»‬

تفاقمت‭ ‬الأمور‭ ‬عندما‭ ‬قال‭ ‬لها‭ ‬إنه‭ ‬متزوج‭ ‬من‭ ‬امرأة‭ ‬أخرى،‭ ‬وطلب‭ ‬منها‭ ‬التنازل‭ ‬عن‭ ‬ملكيتها‭ ‬للبيت‭ ‬في‭ ‬ليبيا،‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬هدية‭ ‬زفافها‭. ‬وعندما‭ ‬رفضت،‭ ‬تعرضت‭ ‬لضرب‭ ‬مبرح‭ ‬أفقدها‭ ‬الوعي‭. ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬استفاقت،‭ ‬حاولت‭ ‬الاستغاثة،‭ ‬وكانت‭ ‬العائلة‭ ‬المجاورة‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬ساعدتها‭ ‬في‭ ‬التواصل‭ ‬معي‭.‬

كانت‭ ‬حالتها‭ ‬النفسية‭ ‬والجسدية‭ ‬يرثى‭ ‬لها‭. ‬تواصلت‭ ‬مع‭ ‬أهلها‭ ‬في‭ ‬ليبيا،‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬الجهات‭ ‬المسؤولة،‭ ‬ووجدنا‭ ‬استجابة‭ ‬سريعة‭. ‬قررنا‭ ‬ترحيلها‭ ‬إلى‭ ‬بلدها‭ ‬لحل‭ ‬المسألة‭ ‬هناك،‭ ‬ومحاولة‭ ‬إنقاذ‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬إنقاذه‭ ‬من‭ ‬نفسية‭ ‬أطفالها‭.‬

سافرت‭ ‬ص‭. ‬ع‭ ‬محطمة‭ ‬نفسياً‭ ‬وجسدياً،‭ ‬لكن‭ ‬أهلها‭ ‬استقبلوها‭ ‬بحب‭ ‬ورعاية‭. ‬حاولت‭ ‬الجهات‭ ‬المختصة‭ ‬احتواء‭ ‬الموقف‭ ‬ومساندة‭ ‬السيدة‭ ‬وأطفالها‭ ‬بعد‭ ‬عشرين‭ ‬يوماًمن‭ ‬الجوع‭ ‬والسجن‭ ‬والعنف‭ ‬المروع‭.‬

تلقيت‭ ‬رسالة‭ ‬من‭ ‬س‭. ‬د،‭ ‬عبرت‭ ‬فيها‭ ‬عن‭ ‬معاناتها‭ ‬الشديدة‭ ‬وكراهيتها‭ ‬لنفسها‭. ‬مما‭ ‬دفعها‭ ‬إلى‭ ‬حافة‭ ‬اليأس‭ ‬والتفكير‭ ‬في‭ ‬الانتحار‭.‬

صدمتني‭ ‬كلماتها،‭ ‬وقررت‭ ‬أن‭ ‬ألتقي‭ ‬بها‭ ‬فورًا،‭ ‬خوفًا‭ ‬على‭ ‬حالتها‭ ‬النفسية‭. ‬عندما‭ ‬التقينا،‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬بائسة،‭ ‬تبكي‭ ‬بشدة‭.‬

سألتها‭ ‬عما‭ ‬حدث،‭ ‬فقالت‭: ‬‮«‬أنا‭ ‬بدينة‭ ‬جداً‭ ‬ولست‭ ‬جميلة،‭ ‬وقد‭ ‬تعرضت‭ ‬للتنمر‭ ‬والعنف‭ ‬اللفظي‭ ‬منذ‭ ‬الطفولة‭.‬‮»‬‭ ‬استمرت‭ ‬في‭ ‬سرد‭ ‬تجربتها‭ ‬المؤلمة‭ ‬،قالت‭ ‬أنا‭ ‬في‭ ‬الجامعة‭ ‬وأنا‭ ‬شبه‭ ‬،‭ ‬لا‭ ‬يحب‭ ‬مرافقتي‭ ‬أحد‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬شكلي‭ ‬وجسمي‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬وجدت‭ ‬مجموعة‭ ‬بنات‭ ‬بدأت‭ ‬في‭ ‬الجلوس‭ ‬معهن‭ ‬وبدأن‭ ‬في‭ ‬التنمر‭ ‬على‭ ‬جسمي‭ ‬باستخدام‭ ‬ألفاظ‭ ‬جارحة‭  ‬ك‭ (‬بقرة‭ ‬وغولة‭) ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الألفاظ‭ ‬البذيئة‭  ‬وتطور‭ ‬الأمر‭ ‬إلى‭ ‬الضرب‭ ‬بحجة‭ ‬المزح‭ ‬وصولاً‭ ‬إلى‭ ‬حمل‭ ‬حقائبهن‭ ‬لأن‭ ‬حجمي‭ ‬يساعدني‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬وبينما‭ ‬تقابل‭ ‬كل‭ ‬واحدة‭ ‬منهن‭ ‬زميلها‭ ‬خارج‭ ‬قاعات‭ ‬الدرس‭ ‬أُجبرت‭ ‬على‭ ‬كتابة‭ ‬فروضهن‭ ‬وبحوثهن‭ ‬العلمية‭ ‬لكي‭ ‬أبقى‭ ‬بصحبتهن‭ .‬

سألتها‭ ‬لماذا‭ ‬لم‭ ‬ترفضي‭ ‬؟‭ ‬،‭ ‬قالت‭ ‬عندما‭ ‬أخبرت‭ ‬أمي‭ ‬قالت‭ ‬لي‭ ‬أصبري‭ ‬هكذا‭ ‬أحسن‭ ‬من‭ ‬البقاء‭ ‬وحيدة‭ ‬احمدي‭ ‬الله‭ ‬أنهن‭ ‬وافقن‭ ‬على‭ ‬مصاحبتك‭ ‬وأنت‭ ‬بهذا‭ ‬الحجم‭ ‬والشكل‭ ! ‬تألمت‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬هذه‭ ‬الصغيرة‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬تحطيمها‭ ‬نفسياً‭ ‬وجسدياً

السبب‭ ‬الجذري

تعود‭ ‬الأسباب‭ ‬إلى‭ ‬ضعف‭ ‬الشخصية‭ ‬الناتج‭ ‬عن‭ ‬التنشئة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬الخاطئة،‭ ‬حيث‭ ‬لم‭ ‬تتلقَ‭ ‬الفتاة‭ ‬الدعم‭ ‬الكافي‭ ‬من‭ ‬والدتها،‭ ‬التي‭ ‬نصحتها‭ ‬بالصبر‭ ‬على‭ ‬التنمر‭. ‬هذه‭ ‬التجربة‭ ‬أضعفت‭ ‬ثقتها‭ ‬بنفسها‭ ‬وجعلتها‭ ‬ضحية‭ ‬سهلة‭.‬

الحل 

قررت أخذ الفتاة إلى أخصائي تغذية، رغم ترددها في

البداية. بدأت جلسات الدعم النفسي والأسري لتعزيز

ثقتها بنفسها، وشجعتها على الابتعاد عن الفتيات

اللاتي يؤذينها. تواصلت مع والدتها لمساعدتها على

احتواء ابنتها وتعزيز حبها لذاتِها.

بعد ثلاثة أشهر من العمل المشترك، أحرزنا تقدماً كبيراً.

استعادت الفتاة ثقتها بنفسها، وأصبحت الآن محاطة

بأصدقاء جيدين، بعيدين عن التنمر. الأهم من ذلك، أن

فكرة الانتحار تلاشت، وأصبحت تعيش حياتها بسعادة.

شاهد أيضاً

“صــور مربـكـــة للحب “

محبوبــــــــة خليفــة أستعيد هذه الأيام قدراتي على التحدث بالإيطالية ، اللغة التي أحبها وأرتبط بها …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *