الرئيسية / مقال / عندمـا يبتسـم القلـم !

عندمـا يبتسـم القلـم !

» محبوبة خليفة 

يحدث‭ ‬هذا‭ ‬كثيراً‭ ‬وأحياناً‭ ‬يعجبُ‭  ‬من‭ ‬يقرأُ‭ ‬لي‭ ‬،‭ ‬فالسيدة‭ ‬التي‭ ‬تكتب‭ ‬الآن‭ ‬تميل‭ ‬أحياناً‭  ‬إلى‭ ‬الأسلوب‭ ‬الساخر‭ ‬في‭ ‬نشر‭ ‬ما‭ ‬تحب،‭ ‬والقاريء‭  ‬يعرف‭ ‬عن‭ ‬كتاباتها‭ ‬الرصانة‭ ‬في‭ ‬الغالب‭.  ‬لاأخفيكم‭ ‬سراً‭ ‬إن‭ ‬قلت‭ ‬لكم‭ ‬إنه‭ ‬القلم‭ ‬الذي‭ ‬يلعب‭ ‬بي‭ ‬كما‭ ‬يرى‭ ‬هو‭ ‬لا‭ ‬كما‭ ‬تود‭ ‬صاحبته‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬أنا‭ .‬

‭ ‬يميل‭ ‬بي‭ ‬يساراً‭  ‬أحياناً‭ ‬،‭ ‬ويحذفني‭ ‬إلى‭ ‬أقصى‭ ‬اليمين‭ ‬أحياناً‭ ‬أخرى،‭ ‬ولا‭ ‬أُذيع‭ ‬سراً‭ ‬إنه‭ ‬يضعني‭ ‬غالباً‭ ‬في‭ ‬خانة‭ ‬يمين‭ ‬الوسط‭ ‬ويرفق‭ ‬بي‭ ‬وبكم‭ ‬فيعيدني‭ ‬بعض‭ ‬المرات‭ ‬إلى‭ ‬يسار‭ ‬الوسط‭  ‬فأعجب‭ ‬وأبتسم‭ ‬وأدعو‭ ‬له‭ ‬بالثبات‭  . ‬

تمنيتُ‭ ‬عليه‭ ‬كثيراً‭  ‬أن‭ ‬يتوقف‭ ‬عن‭ ‬التمرجح‭! ‬وأن‭ (‬يثبت‭ ‬على‭ ‬رأي‭) ‬كما‭ ‬نقول‭ ‬في‭ ‬لهجتنا‭ ‬التي‭ ‬أحب‭. ‬

أحياناً‭ ‬ينطقُ‭ ‬فيفزعني‭ ‬،‭  ‬ويسأل‭ ‬بغَضب‭ : ‬أي‭ ‬رأي‭ ‬تريدين‭ ‬الثبات‭ ‬عليه‭ ‬والعالم‭ ‬حولك‭ ‬يموج‭  ‬ويدور‭ ‬حول‭ ‬نفسه‭ ‬،‭  ‬ويتأرجح‭ ‬،ويتراقص‭ ‬على‭ ‬موجات‭ ‬من‭ ‬الأخبار‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تُسِرّ‭ ‬قلباً‭ ‬ولا‭ ‬تفرح‭ ‬خاطراً؟‭ ‬كيف‭ ‬ستتصرفين‭ ‬وكيف‭ ‬ستعلنين‭ ‬عن‭ ‬هويتك‭ ‬الفكرية‭ ‬والإنسانية،‭ ‬وحولك‭ ‬هذا‭ ‬الجحيم؟‭ ‬كيف‭ ‬تواجهين‭ ‬من‭ ‬حولك‭ ‬بما‭ ‬يملأ‭ ‬قلبك‭ ‬والقيود‭ ‬تكبلني‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تكبلك؟‭. ‬

أيها‭ ‬السائر‭ ‬فوق‭ ‬الورق‭ ‬،‭ ‬الصابر‭ ‬المحتسب‭ ‬على‭ ‬صاحبتك‭ ‬أحياناً‭ ‬،‭ ‬الغاضب‭ ‬الثائر‭ ‬عليها‭ ‬دائماً‭ ‬،‭ ‬ترفَّق

فهذا‭ ‬القلب‭ ‬مُتعَبٌ‭ ‬يا‭ ‬صديقي‭ ‬ورفيقي،‭ ‬إنه‭ ‬ممتلئٌ‭ ‬بمواجع‭ ‬القريب‭ ‬والبعيد‭ ‬أيضاً‭..‬

‭ ‬يبكي‭ ‬كثيراً‭  ‬إن‭ ‬تذكّر‭ ‬ماجرى‭ ‬لمدينةٍ‭ ‬كانت‭ ‬ملء‭ ‬العين‭ ‬والروح‭  ‬،‭  ‬ويذرف‭ ‬دموعاً‭ ‬سخيةً‭ ‬إن‭ ‬طالع‭ ‬الأخبار‭ ‬ورأى‭ ‬بني‭ ‬جلدته‭ ‬يصارعون‭ ‬وحوش‭ ‬هذا‭ ‬الزمان،‭ ‬وحدهم‭ ‬تنزف‭ ‬دماؤهم‭ ‬أنهاراً‭ ‬ونتفرج‭ ‬نحن‭ ‬بأيدٍ‭ ‬مقيدة‭ ‬وأرواح‭ ‬منكسرة‭. ‬

وتقول‭ ‬إنك‭ ‬تحب‭ ‬السخرية؟‭ ‬

‭-‬نعم‭ ‬إنها‭ ‬وسيلة‭ ‬المكتئبين‭ ‬للولوج‭ ‬إلى‭ ‬عالم‭ ‬مريح‭ ‬فمثلاً‭ ‬بدل‭ ‬أن‭ ‬تتابعي

أخبار‭ ‬الجنون‭ ‬من‭ ‬حولك‭ ‬تابعي‭ ‬أحوالي‭ ‬أنا‭ ‬،‭ ‬علّميني‭ ‬متى‭ ‬ألتزم‭ ‬الصمتَ،‭ ‬ومتى‭ ‬أثرثر،‭ ‬ومتى‭ ‬أبكي،‭ ‬ومتى‭ ‬أقهقه‭ ‬حتى‭ ‬يختل‭ ‬توازني‭ ‬وأسقط‭ ‬بلا‭ ‬حراكٍ‭ ‬فوق‭ ‬أوراقك‭. ‬

‭-‬أضحك‭ ‬كثيراً‭ ‬يا‭ ‬رفيقتي‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭ ‬رغم‭ ‬الأسى‭ ‬الذي‭ ‬يحيط‭ ‬بالناس‭. ‬

هل‭ ‬انتبهتِ‭ ‬لغضب‭ ‬أهل‭ (‬فالنسيا‭)*‬

من‭ ‬مليكهم؟‭ 

‭ ‬لقد‭ ‬أمطروه‭ ‬عندما‭ ‬زارهم‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬أيديهم‭ ‬من‭ ‬حجارة‭ ‬وعلب‭ ‬فارغة‭ ‬فالتف‭ ‬حُرّاسه‭ ‬حوله‭ ‬وغطّوه‭  ‬بمظلاتهم،‭ ‬خشيةً‭ ‬على‭ ‬رأسه‭ ‬الملكي‭ ‬من‭ ‬غضب‭ ‬الناس‭ ‬المذعورة‭ ‬من‭ ‬هول‭ ‬ماجرى‭  ‬من‭ ‬خسارات،‭ ‬وأولها‭ ‬حزنهم‭ ‬لفقد‭  ‬أحبابهم‭ ‬المائتين‭ ‬وأحد‭ ‬عشر‭ ‬،وفقدان‭ ‬ممتلكاتهم‭ ‬وعمرهم‭ ‬الذي‭ ‬أفنوه‭ ‬في‭ ‬جمعها‭ .‬

أما‭ ‬لماذا‭ ‬أضحك‭ ‬فقد‭ ‬تذكّرتُ‭ ‬وجوهاً‭ ‬حزينةً‭ ‬يغمرها‭ ‬الطين‭ ‬،‭ ‬وعيون‭ ‬هلعةً‭ ‬جفت‭ ‬مآقيها‭ ‬على‭ ‬آلاف‭ ‬الأرواح‭ ‬التي‭ ‬زفتها‭ ‬المياه‭ ‬إلى‭  ‬المياه‭ ‬،‭ ‬الجموع‭ ‬التي‭ ‬خرجت‭  ‬غاضبةً‭ ‬هي‭ ‬الأخرى‭ ‬ذات‭ ‬صبيحة‭ ‬لا‭ ‬مثيل‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬تلك‭ ‬المدينة‭ ‬حين‭ ‬انهار‭ ‬السدان‭ ‬المُهملان‭.‬

هذه‭ ‬الجموع‭ ‬المتألمة‭ ‬لم‭ ‬تجد‭ ‬أحداً‭  ‬يزور‭ ‬المدينة‭ ‬ذلك‭ ‬الصباح‭  ‬لتحذفه‭ ‬بالحجارة‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬بالورود‭ ‬،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬‮«‬زعل‮»‬‭ ‬منهم‭ ‬حكامنا‭ ‬واتهموهم‭  ‬بالتمرد‭ ‬على‭ ‬قوانين‭ ‬الطبيعة‭ ‬وغضبها‭ ‬التي‭ ‬اختارت‭-‬تلك‭ ‬الليلة‭- ‬المدينة‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تعتقد‭ ‬أنها‭ ‬بأمان‭-  ‬لكنها‭ ‬غادرت‭ ‬إلى‭ ‬البحر‭! ‬

‭-‬لكن‭ !! ‬

‭-‬تكلم‭ : ‬لكن‭ ‬ماذا‭ ‬؟‭ ‬

لاشيء‭ ‬تنتابني‭ ‬الآن‭ ‬موجة‭ ‬أسى‭ ‬

تدفعني‭ ‬لضحكٍ‭ ‬يشبه‭ ‬البكاء‭..‬

شاهد أيضاً

جيـوش مـــن ورق!

مئات‭ ‬المليارات‭ ‬تأكلها‭ ‬جيوش‭ ‬عاطلة‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬امتداد‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ . ‬ مئات‭ ‬المليارات‭ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *