تؤكد الإحصائيات ذات الصلة بعالم السينما، أن أفلام الرعب تحظى بمتابعة ملايين المشاهدين الذين يهوون متابعة هذا النوع من الأفلام، ومعايشة أجواء الإثارة والخوف التي تتضمنها. ما يشكل ظاهرة تستحق البحث عن سبب عشق هؤلاء هذا النوع من الأفلام، وسر انجذابهم لما يثير الخوف ويبعث على مشاعر القلق والتوتر في النفوس.
جرعة محسوبة من الخوف وسط بيئة آمنة
يحيلنا التأمل في الطبيعة النفسية للبشر، وفي الطريقة التي تؤثر بها هذه الأفلام على هؤلاء النوعية من المشاهدين، إلى مزيج الخوف والمتعة والتشويق الذي يقومون بمعايشته وباندماج كلي، وسط بيئة آمنة، تجعلهم يستمتعون بخوض تجربة كهذه وهم على يقين أن ما يحدث أمامهم مجرد خيال، وجرعة محسوبة من الخوف لا تشكل خطراً عليهم. أيضاً، تسمح لهم هذه التجربة باختبار مشاعر متناقضة من قبيل التوتر والقلق دون حدوث عواقب وخيمة تذكر حيث يعد ذلك تحديا واختبار لمدى حدود تحملهم لهذا النوع من الشعور الذي يحاكي الحقيقة، ومدى قدرتهم على الصمود أمام مشاهد تحبس الأنفاس، وعلى تجاوز أجواء الخوف والتأقلم معها في تجربة نفسية تبعث في نفوسهم راحة هم في أمس الحاجة لها،نتيجتها إفراغ الطاقة السلبية التي يعيشونها في إطار بعيد عن الواقع.
تشير بعض الدراسات إلى أن أفلام الرعب لا تقتصر فقط على إثارة الخوف، بل تُساعد البعض على التحكم في مشاعرهم بشكل أفضل. ففي بعض الحالات، يمكن أن يعزز هذا النوع من الأفلام الشعور بالتحكم في المواقف المخيفة، وهو ما يجعلها تجربة نفسية مفيدة للبعض. ولكن في الوقت الذي يستمتع فيه الكثيرون بمشاهد تبعث على الخوف، يدور نقاش حول أثرها على صحة الفرد النفسية. بعض الدراسات تشير إلى أن التعرض المفرط لمشاهد العنف والرعب قد يؤدي إلى زيادة مستوى القلق لدى بعض الأشخاص، خاصة الأطفال والمراهقين. مع ذلك، يرى آخرون أن التعرض لمثل هذه المشاهد يمكن أن يكون وسيلة للتخفيف من التوتر وزيادة القدرة على مواجهة الخوف. فالشعور بالخوف أثناء مشاهدة فيلم رعب لقاتل متسلسل مثلاً وهو يطارد أحد ضحاياه قد يكون مفيداً للصحة، على ذمة دراسة حديثة.
إقبال عالمي على أفلام الرعب
شهد عالم أفلام الرعب ازدهارًا كبيرًا على مر السنوات، ويتجلى ذلك في الإيرادات العالية التي تحققها هذه الأفلام في شباك التذاكر. على سبيل المثال، فيلم «It» (2017) الذي يعد إعادة تصوير لرواية ستيفن كينغ الشهيرة، حقق إيرادات تجاوزت 701.8 مليون دولار عالميًا، ليصبح أحد أكثر أفلام الرعب الناجحة تجاريًا في التاريخ.
يبلغ إجمالي إيرادات أفلام الرعب في شباك التذاكر العالمي مليارات الدولارات حيث يمثل اقتصاداً قائماً بذاته. هذا الرقم يعكس مدى اهتمام الجماهير بهذا النوع من الأفلام. إلى جانب ذلك، تُشير الإحصائيات إلى أن أفلام الرعب تُعد من بين الأنواع الأكثر مشاهدة على منصات البث مثل نتفليكس وهولو، حيث يبحث المشاهدون دائمًا عن الجرعة التالية من الرعب والإثارة.
الرعب.. ظاهرة سينمائية لا تموت
تظل أفلام الرعب جزءًا لا يتجزأ من ثقافة السينما العالمية، وعلى الرغم من تباين الآراء حول تأثيراتها النفسية، يبقى من الواضح أن الناس يحبونها لأنها تقدم لهم تجربة فريدة تجمع بين الخوف والمتعة. وسواء كانت أفلامًا عن الأشباح، القتلة المتسلسلين، أو الظواهر الخارقة للطبيعة، إذ إن الرعب يظل يجذب الجماهير بقدرته على إثارة مشاعر يتوق لها البعض. هذا الشغف بأفلام الرعب، والإيرادات الكبيرة التي تحققها، دليل على أن هذا النوع من السينما ليس مجرد صرعة عابرة، بل تجربة أساسية في عالم الترفيه السينمائي.