الجراح “هشام بن خيال”
اخصائي مخ وأعصاب :
» أجـرت اللقاء : ربيعــة حبــــاس
» تصويـــــر: إيمـــان بن عامـــر
الجراح (هشام بن خيال) ابن درنة الزاهرة ، عرفه جل الليبيين بالجراح البارع ، وقد حظي بالشفاء النفسي والجسدي بنسبة كبيرة، المريض الذي يحظى بموعد، نجح في اجراء خامس عملية على مستوى العالم باستئصال ورم من النخاع الشوكي لطفل بعمر 10 سنوات وعادت إليه الحركة والقدرة على المشي بعد شلل صاحبه سنوات.. نجح و مازال في إجراء عمليات استئصال الأورام الدماغية .. ورث (بن خيال) حب مهنة الطب عن والدته (ليلى البغدادي) أول طبيبة في ليبيا ومن رائدات هذا المجال الإنساني ..
أجريت أكثر من 30000 عملية جراحية في ليبيا
و هنــاك حــــالات أعتـــذر منهـــــــا لأن التدخـــل لــن يجـــدي نفعــا
ما أكثر الحالات تزايداً حسب تخصصكم الطبي ؟
باعتباري اختصاصيا في جراحة المخ و الأعصاب هذا التخصص الذي يعتبر واسع المجال بشكل كبير و هو يشمل العمود الفقري و جراحة المخ ، وحسب خبرتي وما أراه ، فإن الشائع و الأكثر تزايداً هو آلام وأوجاع الظهر أو العمود الفقري ، حتى بات مرضا عاما، بل يمكن القول ان الجميع يشكو منه ، والدليل أن أغلب العمليات التي اجريها تنحصر فيه ، فمشاكل العمود الفقري بصفة عامة هي المشاكل السائدة حالياً بوجه عام بالنسبة لتخصص الاعصاب، و هذه لا نجدها أو لا تنحصر في ليبيا فقط بل موجودة في جميع دول العالم ، أضيفي إلى ذلك الانحناءات الخلقية والغضاريف والفقرات المتحركة وخشونة العظم .
ما الأسباب وراء ذلك ؟
الأسباب حسب ما أراه ترجع للثقافة ، فإذا عرف الإنسان منذ البداية كيف يتعامل مع جسمه تجنب الكثير من المشاكل الصحية ، وهذه الثقافة يفترض أن تدرس في المدارس كبرامج توضح كيفية التعامل مع الجسم اثناء الجلوس بحيث يجلس بطريقة صحيحة ويتعامل مع الأشياء الثقيلة و ذات الأوزان الزائدة بشكل صحيح ، زد على ذلك التأكيد على أهمية ممارسة الرياضة بشكل يومي ، فمن تثقف صحياً اكتسب صحة جسمية و نفسية و لن نجده يشكو وجعاً أو ألماً في جسمه بل سنراه دائماً سليماً وايجابياً ، بإيجاز نحن نفتقد الثقافة المجتمعية بشكل واضح .
ورث (بن خيال ) حب مهنة الطب عن والدته (ليلى البغدادي ) أول طبيبة في ليبيا ومن رائدات هذا المجال الانساني
متى يكون الجسم معرضاً للأوجاع ..؟
هناك عدة عوامل تجعله معرضا لأوجاع متنوعة ، منها مرور الزمن و التغير الفسيولوجي للجسم فهذا يجعله مهيئاً لاستقبال أمراض و تظهر الأعراض والمشاكل التي تبدأ بالبسيطة كمؤشرات و تتزايد حتى تصل لخروج غضروف عن مساره و انزلاقات في الفقرات و ما شابه من هذه المشاكل الصحية التي كان بالإمكان تجنبها كما قلت بالوقاية و الثقافة الصحية.
متى تقرر عدم التدخل جراحياً وتبتعد عن المريض؟
عندما تأتيني حالات متفاقمة أو وصلت لدرجة التأزم بسبب التأخر في التشخيص ، هنا لا أتدخل جراحياً خاصة في حالات الأورام الخبيثة ففي هذه الحالات يكون التدخل الجراحي غير مجد بسبب تأخر التشخيص المبكر و هنا أعتذر و أوضح للمريض السبب ، أما عندما تكون الفرصة متاحة للتدخل الجراحي لن اُضيعها انقاذاً للمريض.
هل القرار النهائي يكون للدكتور فقط أم للمريض الحق فيه؟
اتخاذ القرار بالنسبة للجراح مهم جداً سواء في حالة كان القرار بضرورة التدخل الجراحي واجراء العملية أو بعدمه ، وهذا القرار لابد أن يكون بناءً على تشخيص دقيق لأنه قرار مصيري لا رجعة فيه ، والمريض عندما يكون واثقاً في الدكتور لن يعارض من وثق فيه و لن يشك في قراراته.
الحقائب الثقيلة على ظهور أطفالنا
تؤثر على سلامة عمودهم الفقري الذي مازال ليناً
و إذا اعترض مريضك و طلب التدخل الجراحي؟
إذا وصل الحال بالمريض لأن يصدر الجراح قراره باجراء العملية فيجب أن يستجيب لكل تعليماته قبل العملية و بعدها ، و عن نفسي كل مريض أجريت له عملية أو لم اجرها له ، أجلس معه شخصياً واُقدم له النصائح والإرشادات التي يجب عليه اتباعها تجنبا لتكرار معاناته وعودة الأوجاع من جديد أو تجنباً لمزيد من الأوجاع .
مَنْ مِنَّ المرضى الذين يستوجب مقصك الطبي حضوره بقوة؟
هم مرضى يكابرون ويتظاهرون بالتحمل والقدرة على مقاومة الأوجاع ولا يطرقون باب الطبيب إلا عندما يجدون أنفسهم غير قادرين على الوقوف أو أُصيبوا بشبه شلل وصار الوجع هو سيد الموقف ، هنا نضطر للتدخل الجراحي واحضار المقص العلاجي لإنقاذ ما يمكن إنقاذه و هدم ما بنته المكابرة على المرض والاوجاع .
ما تعليقكم على صورة الأطفال حملة الحقائب المدرسية الثقيلة؟
بالنسبة للحقائب الثقيلة المملوءة بالكتب والكراسات والأدوات المدرسية يحملها تلميذ مازال في بداية السلم التعليمي، هذه الصورة نشاهدها يوميا وهي صورة مؤسفة جداً، و للمدرسة و الأسرة دور فيها ، فمن المفترض أن تكون الحقيبة مناسبة للتلميذ ولا تثقل كاهله فهذه الفئة من العمر مازال عمودها الفقري ليناً و طرياً وغير مكتمل النمو ، وهنا بداية المشكلة تكون بظهور انحناءات و اعوجاج وغيرها وتستمر الى أن تنتهي بتدخل جراحي غالباً .
كيف يمكن للمدرسة و البيت المحافظة على صحة الأطفال؟
الحل بسيط بإمكان إدارة المدرسة وضع خطة تراعي سلامة و صحة الأطفال بالارشاد والتوعية،واستبدال الحقائب المحمولة بحقائب تجر بعجلات وهذه تؤدي الغرض التعليمي والصحي ، كذلك للمعلم و المنزل دور كبير ومهم في إكساب الطفل ثقافة صحية من خلال البرامج الرياضية وتخصيص طاولة وكرسي و مقعد يلزم الطفل بالجلوس مستقيم الظهر، فمثل هذه الخطوات إذا اتبعناها اليوم، ستثمر غدا جسماً مستقيماً لا منحنياً .
متى تؤتي جهودك ثمارها ؟ و كيف ؟
أعتقد بطريقة بناء الثقة بين الطبيب والمريض و كيفية التعامل تكون استجابة المريض للتعليمات والارشادات ، و كلما نجح الطبيب في بناء هذه الثقة بغض النظر عن المستوى الثقافي لمرضاه كلما كانت الاستجابة أقوى و الشفاء أسرع ، و المجتمع يتكون من فئات متنوعة و مختلفة المستويات التعليمية والثقافية والطبيب الناجح يخاطب كل حسب ثقافته و تعليمه و تفكيره لتصل رسالته واضحة و يقتنع بها.
حدثنا عن العمليات التي أجريتها صحبة فريقك الطبي في درنة؟
نعم أجريت عمليات جراحية عديدة في مدينة درنة (مدينتي المهملة من ناحية الخدمات الطبية) عندما كنت رئيس قسم جراحة مخ و أعصاب في مستشفى على عمرعسكر بالسبيعة و أجرينا كفريق طبي متكامل 8 زيارات مجانية ، واستمرينا في هذه الخدمات حيث كنا نستقبل مرضى درنة في طرابلس على حساب المستشفى (تذاكر السفر والإقامة والمواصلات) و أجرينا العمليات لهم و تابعناهم بعد العمليات حتى تماثلوا للشفاء التام ، و يبقي باب مصحتنا مفتوحاً، أمام جميع المرضى.
هذه الكلمات تنفي ما يشاع بأن مواعيدكم صعبة المنال
حقيقة ،كثيرا ما اسمع مثل هذه الكلمات بأن الوصول للدكتور(هشام بن خيال) صعب جدا ، وهذا كلام غيرصحيح إطلاقا كل ما في الامر عملية تنظيمية مريحة للجميع ، فقبل تسلمي للمريض هناك دكتور يستقبله ويطلع على حالته وملفه و يحدد له موعدا وفق الحالة الصحية ، ثم أتولى انا من بعده الامر، إذا كانت الحالة مستعجلة و طارئة و تعاني أمراض مستعصية و مزمنة لا تتعدى الفترة الزمنية 3 أيام انتظار.
كم عدد العمليات التي أجريتها في جراحة المخ و الأعصاب والعمود الفقري؟
تجاوزت 30000 عملية جراحية اجريتها ، بمعدل لا يقل عن 1200 عملية شهريا ، وكل هذه العمليات تمت هنا في ليبيا .
ماذا تقول لمتابعيك خاصة من يشكون آلاما في العمود الفقري؟
أقول لمرضي العمود الفقري عليكم الانتباه لهذا الجزء المهم من أجسامكم فهو الذي يحملنا و هو الهيكل الأساسى في الجسم فإذا كان التعامل معه سيئا ستكون النتيجة سيئة و المعاناة شديدة ومؤلمة.