هل هذا الفائض من خطاب الشماتة والتشفي قد عزز ثقافة عدم القبول بالخسارة
وخاصة أمام النادي الغريم؟!
وهل ثقافة عدم القبول بتفوق النادي الغريم هي امتداد لثقافة عدم القبول السياسي وحتى الاجتماعي ؟
وهل منطق المهم أن لاأخسر يمكن أن يؤسس لبيئة منتجة ليس في كرة القدم فقط بل في شتى مظاهر الحياة ؟
»استطــلاع : ناديـــة شعبان
أهلي .. اتحاد .. مدينة ..هل تجمعنا مسابقة كروية أم كراهيــة!؟
كيف يمكن لكرة القدم أن تكون عنصر استقرار لاعنصر توتر ؟
وكيف يمكن لكرة القدم أن تكون أداة توحيد ولم الشمل بين الأندية لا أن تكون أداة للسب والشتم وبث روح العداء وتأجيج النفوس وبث الفتن .
البداية كانت مع السيد جلال عثمان رئيس هيئة رصد المحتوى:
من أهم قواعد التنافس في الرياضة التنافس الشريف المبني على قبول النتيجة مهما كانت قاسية، ولكن للأسف غالباً مايتخلل هذا التنافس سلوكيات غير رياضية كالشماتة والتشفي بين جماهير الأندية المتنافسة وهذا السلوك يعكس عدم قبول الخسارة ويحول المنافسة إلى صراع شخصي وقطاع عريض من مشجعي الأندية الذين ينقلون الخسارة إلى الحياة العامة وكأن التنافس قد جرى في ساحة معركة لافي ميدان رياضي مما يؤثر سلباً على صورة الرياضة وروح التنافس وقد يتحول الحماس الزائد لدى الجمهور إلى تعصب مفرط يدفعهم إلى تجاوز حدود اللياقة في الاحتفال بالفوز أو التنكيل بالخصم خصوصا إذا تلقفت وسائل الإعلام هذا الحماس وضخمته ليتحول إلى أداة لتأجيج الصراع بين الأندية من خلال التركيز على الجانب السلبي للمنافسة،وعادة ماتعتمد وسائل الإعلام خصوصاً وسائل التواصل الاجتماعي على قلة الوعي بأهمية الروح الرياضية والقيم الأخلاقية التي يجب أن تسود في المنافسة ،والأدهى من هذا أن ينتقل الشعور من المدرجات إلى داخل أروقة الأندية فيؤثر الجمهور في العلاقة بين الأندية ويحولها إلى خصومات تاريخية الأمر الذي يزيد من حساسية التنافس والشعور الدائم بالعداء وهذا مايسهم في تدهور صورة الرياضة وقد يؤدي ذلك لتصاعد فرص نشوب المواجهات العنيفة بين الجماهير من أبسط الأسباب ليست الهيئة العامة لرصد المحتوى الإعلامي وحدها من يلعب دوراً حيوياً في مكافحة خطاب الشماتة والتشفي بل جل المؤسسات الإعلامية ,نحن نرصد ونصدر التقارير ذات العلاقة ونساهم في التوعية من خلال ورش العمل والندوات وندعوا كافة المؤسسات الإعلامية للقيام بدورها في هذا الخضم بتنظيم برامج توعوية موجهة تهدف إلى نشر روح التسامح والاحترام وكذلك اطلاق حملات إعلامية تهدف لنشر الوعي بأضرار هذا السلوك كما على الأندية توعية لاعبيها وجماهيرها بأهمية السلوك الرياضي إلى غير ذلك على وزارة التربية والتعليم التركيز على تدريس مبادئ الروح الرياضية منذ الصغر .
الدكتور مصطفى التير .. أستاذ علم اجتماع ورئيس الجمعية العمومية للجمعية الليبية لعلم الاجتماع :
الشماتة والتشفي انتشرت هذه اللغة بعد ثورة 17فبراير إذ أنها قبلاً لم تكن موجودة وهي ظاهرة جديدة سبق وأن عملت دراسة عن بداية خطاب الكراهية في الفضائيات وعلى عينة أومجموعة شباب من (الفيس بوك ) ونشرته عن بداية تطور ثقافة فرعية لخطاب الكراهية.
هذا المصطلح لم يكن موجوداً خاصة في الرياضة فرق كانت تتنافس داخل الميدان كالأهلي والاتحاد والهلال وغيرها خارج الميدان يتعانقون ويتحابون ويجلسون بجانب بعضهم البعض في المقاهي صداقاتهم كانت قوية ، الآن مانراه أن لغة المشجعين لم تتهذب ،هي لغة شوارع بألفاظ نابية بامتياز، هنا التغيير يتطلب الكثير من البرامج، وجود كبار السن داخل الملعب ،رجال الدولة، القياديين، أيضاً الشخصيات الثقافية هم القدوة وجودهم يعطي لهم السيطرة داخل الملعب على هؤلاء المتطفلين ويجب أن يكون في محتوى خطة التغيير أيضاً برامج تنشئة اجتماعية في المدارس والثانويات والجامعات والشارع أيضاً ،مشروع إعادة التنشئة مشروع طويل الكل يجب أن يكون متضامناً فيه من رؤساء الأندية ،اللاعبين ،أساتذة الرياضة في الجامعات يكون لهم الدور المهم والمهم جداً ويكون الإحترام العام مسؤولية تضامنية لكل مؤسسات المجتمع.
الحبيب البوسيفي لاعب دولي سابق :
من يخوض في جوهر المشكلة وتفاصيلها يصل بكل تجرد إلى أن ظاهرة التعصب الرياضي ليست بريئة فهناك مستفيدون منها لتعزيز حالة الانقسام بين الأندية ويتم استغلال وسائل التواصل الاجتماعي كمنصات لبث خطاب الكراهية بين جماهير الأندية ،في ظل غياب الميثاق الرياضي واستشراء حالة التعصب .
إن مدخل علاج هذه الظاهرة هو بث الوعي بين الجماهير وتعزيز العلاقات والاحترام المتبادل بين الأندية واللاعبين وذلك من خلال إقامة الندوات والحوارات والابتعاد عن التعبئة والشحن الإعلامي السلبي ونشر ثقافة احترام المنافس وتقبل النتائج مهما كانت ،كذلك تكثيف الإجراءات الأمنية بتوفير عدد كاف من رجال الأمن في الملاعب للحد من الشغب مع تشديد العقوبات على المخالفين للقانون وتطبيق العقوبات الصارمة وفق لوائح اتحاد الكرة ، ماهو مطلوب معالجات عميقة من المراكز الإعلامية بالأندية وروابط المشجعين، لأن ملاعب كرة القدم ليست ساحة قتال .
حسام الجنافى .. لاعب المنتخب الوطني السابق وإداري حالياً بنادي الظهرة الرياضي :
عن تجربته مع مباريات (الديربي) وشدِّ الأعصاب ، لعب ما عدده أربع (ديربيات) تقريباً مع فريق الأهلي بنغازي بعد انتقاله آتياً من فريق الظهرة ، ويقول :- ما لاحظته أن النوادي الكبيرة ذات القاعدة الجماهيرية الكبيرة تتعرض للمشاحنات والمشادات الكلامية من الجمهور والكل يريد الفوز لفريقه، حتى الاخوة تحدث بينهم مشادات ومشاكل فمتى غابت روح المنافسة والروح الرياضية أصبحنا لقمة سائغة للفتن والتجاذبات وهنا يأتي دور الإعلام الذي يقع على عاتقه تهدئة النفوس قدر الامكان . ..مستوى (الديربيات) سابقاً كان أنشط مما هو عليه الآن و أياً كانت النتيجة سلبية فهذا يؤثر حتماً على الفريق الخاسر وعلى معنوياته وعلى الإدارة كذلك والتدريب والغيابات والعكس صحيح ، الجماهير تتجاوز حزنها بعد الخسارة مباشرة وتنسى الموضوع برمته بمجرد انتهاء المباراة وهذا موجود في كل العالم فقط ما يميزهم عنّا الروح الرياضية العالية ومستوى الثقافة والوعي الكبيرين .
حسن خليل إعلامي ..مذيع بقناة ليبيا الأحرار :
أصبح التعصب في كرة القدم أمراً طبيعياً وظاهرة نشاهدها في كل الملاعب على الصعيد المحلي في ليبيا تطور الأمر كثيراً خاصة عبر صفحات التواصل الاجتماعى فهي من تؤجج الفتن فخطاب التشفي أصبح متكرراً وفي كل المباريات وعدم قبول الخسارة من قبل الجماهير يضع الضغط دائماً على التحكيم ولجانه ولجنة المسابقات مما يؤثر سلباً على مستوى الدوري وعلى الأندية أن توعي جمهورها.
مسعود التائب .. أستاذ جامعي ومحاضر فى قسم الدراسات العليا بالجامعات الليبية :
لأنها أندية كبيرة بالتالي لاتتخيل نفسها أن تخسر فالطرف الذي لايقبل الخسارة يتخيل نفسه دائماً أنه ناد كبير وأنه متميز لا يمكن أن يخسر ولأنه متميز وتاريخه الرياضي عريق بحيث يضمن له ذلك وله مكانته التي لاتسمح بذلك ولأنه سبق له أن فاز بالبطولات فبالتالي موضوع الخسارة غير وارد هذا من ناحية .
ـ من ناحية أخرى أنا لاحظت فى الآونة الأخيرة أن هناك حالة من المزاج السيء للجمهور الليبي سببها ما يعانيه المجتمع من اضطرابات أمنية واقتصادية ووضع اجتماعي مترد مما انعكس على نفسية المجتمع فبالتالي الأفراد الذين يستخدمون العنف أو يتلفظون بألفاظ بذيئة ضّد جمهور فريق الخصم هم في نهاية المطاف يعكسون حالة مزاج داخلي يعيشونه أو ربما نوعاً من الحالة السيئة التى يمر بها المجتمع بشكل عام ، إلا أن هذا الجمهور عندما يكون وسط جموع فإنه يخرج عن السيطرة ويرتكب سلوكيات غير مقبولة في كثير من الأحيان ردة فعل لسلوك معين أيضاً شىء آخر لاحظته بكثرة أن من يتولون زمام الرياضة أفراد لاعلاقة لهم بالرياضة هدفهم الكسب المالى والفوز بطريقة أو بأخرى حتى وإن استخدموا أساليب غير أخلاقية ولامقبولة ، أيضاً لاحظت أن دور الإعلام خاصة في الاذاعات المسموعة والخاصة منها تحديداً يؤجج الصراع وربما يؤثر على طريقة تفكير المشجعين وتصرفاتهم واستخدامهم لهتافات بعينها خارجة عن الحياد كمانعرف وأنا شخصياً عاصرت الكثير من المذيعين والملقين الذين كانوا على قدر من المسؤولية والموضوعية وكانوا لايظهرون انتماءهم لنواديهم لافي كتاباتهم ولاتحليلاتهم عكس مايحدث الآن وبكل ((وقاحة)) المذيع أصبح يتكلم علناً بطريقة بذيئة وسوقية عن النادي المنافس وعن الحكم ويؤجج الجمهور للتصرف بطريقة غير لبقة ضد الحكم أوالجمهور خاصة إذا كان من مدينة بعينها ، وبالتالي ضرورة وضع ضوابط من الجهات المعينة سواءً وزارة الشباب والرياضة أواتحاد الكرة لابد أن يوضع ميثاق شرف إعلامى للرياضيين وتوضع ضوابط من شأنها الحد من التعصب والعتب والتعدي على جمهور الخصم أو الأملاك العامة ووضع عقوبات صارمة أيضاً أن تلعب المباريات في الفترة الحالية بدون جمهور حتى نصل إلى مرحلة من الهدوء والوعي ووضع استراتيجية يكون الهدف منها خلق حالةمن الوعي بين الجمهور بحيث يكون موضوع الفوز و الخسارة سيان وأن يتقبل بكل روح رياضية عالية
– مسعود صاكي .. رئيس قسم إرسال راديو لبدة :
يرجع السبب الأول والرئيس لعدم قبول الخسارة لغريزة الإنسان والفطرة البشرية التي تدفعنا دائماً للبحث عن سُبل الفوز والشعور بلذة الربح والفرحة فرحة الانتصار وهو أمر طبيعي لكل انسان ولكن الأمر غير الطبيعي والمرفوض تماماً، والذي نشاهده كثيراً فى ملاعبنا الليبية للأسف ، سواءً كان من جمهور رياضي أو لاعبين أو إدارات وفى بعض الأحيان حتى من أطراف خارجية ذات شأن رفيع هو عدم تقبل الخسارة بطرق سلبية تخلو من المظاهر الحضارية والروح الرياضية والتي أدت فى كثير من الأوقات الى ايذاء الفريق الفائز إما جسدياً أو بطريقة أخلاقية أو حتى مادية وهذا ماينتج عنه تكسير وتخريب ملاعبنا التي نفتقدها كثيراً فى جميع محافلنا ولقاءاتنا الدولية جراء هذا التعصب .
وضعف الجانب الأمني فى بعض الملاعب الأمر الذي أدى إلى تعرض الحكم للضرب والشتم فى كثير من الأوقات من قبل الجماهير والرياضيين المتعصبين على مرأى ومسمع الجميع دون فرض عقوبات أوردع يمنع تكرار مثل هذه الأمور إضافة إلى عدم النزاهة التحكيمية الأمر الذى ساهم بدوره في التلاعب في النتائج وارتكاب الأخطاء القادمة التي تؤثر فى تنسيق المباريات وتغيير جدول الترتيب وغياب مبدأ المنافسة الشريفة.
أما المشجع محمد الزروق:-
عزا الأمر إلى العدد القليل للحكام مقارنة بعدد الأندية والنسق المتسارع للفرق والدوري بصفة عامة خاصة من أندية الدرجة الأولى والممتاز التى هي دائمآً في سباق على سلم الترتيب والتتويج بالبطولات والألقاب إلى جانب نقطة أخرى هامة اتفق فيها مع من قبله من الآراء أن انتماءات الحكم لنوادي بعينها ساهمت بشكل كبير فى افشال دور التحكيم والاستعانة بالحكم الأجنبي في كثير من الأحيان خاصة في المباريات الحساسة لتفادي التشكيك في نتائج المباريات ورأى بأننا فى وقت نحتاج فيه لهيكلة وإعادة أمور لعبة كرة القدم نفسها قبل البدء بالحكام .
- أما عن تعصب الجمهور الغاضب دوماً وغير الراضي عن النتائج فهذا أراه أمراً طبيعياً وكثير الحدوث لجماهير كرة القدم في العالم ككل وليس جمهورنا فحسب.
ربما نراه في الأهلي ط ، أو الاتحاد ب ولما لا السويحلي؟
يوسف أبو السعود .. إعلامي ومقدم برامج رياضية :
يرجع الأمر إلى عدد الأندية بالدوري الممتاز والذي يفوق ٢٠ نادياً مما يجعل كثرة المناطقية وعدد الدخلاء على الرياضة ولعبة كرة القدم واضحاً فبالتالي العدد غير مقنن وللأسف هذه الأفعال نراها من أندية كبيرة ومحسوبة جماهيرياً والسبب وراء ذلك عدم تطبيق القوانين من جانب الاتحاد الليبي لكرة القدم وفرض السلطة على بعض الفرق التي تقوم بها هذه الأندية .
وعن سؤالكم لماذا لغة الخطاب الموجودة حالياً هي لغة شماتة وتشفي ؟
فأقول أولاً الخطاب عندما يكون غير محسوب على جهة بعينها فهو بالتأكيد سيكون شعبويا إلى جانب الدور الهش للمراكز الإعلامية التابعة لهذه النوادي الكبرى والتي من المفترض أن تكون واجهة النادي وتعكس صورته الحضارية لا أن تكون أداة تحريض ونعت النادي الآخر بأبشع الألفاظ ..
كرة القدم اليوم أصبحت تتحول من فرحة وزرع للبهجة وتغيير في المزاج اليومي للمشجع إلى تعصب يفوق الحد ناهيك عن عدم وجود رقابة بشكل كبير على المؤسسات الإعلامية وإعلامييها مما جعل مستوى الفتن يصل إلى هذا الشكل وهذا المستوى ، الإعلام الرياضي الليبي موجود في بيئة صعبة جداً خاصةً أننا نتعامل مع أندية وتعصب ، وشدة وشراسة كبيرة تجعلنا كإعلاميين نتحمل أضراراً كبيرة.
-أما عن كيف تعمق ثقافة تقبل الآخر للخسارة بدون تعصب ومن مركزي كإعلامي ومقدم برامج رياضية أرى أن هذا الأمر مقدور عليه بنشر الوعي في تقبل الثقافات والآراء وعلى أننا نتعامل مع حقائق بغض النظر عن انتماءاتنا التي من الواجب أن نتجرد منها وكما أخبرتكم أن نحاول التعامل بواقعية أكثر ونبذ التعصب وأن يزيد عدد مباريات (الديربي) سواءً في طرابلس أو بنغازي وعودة الدوري الممتاز بشكل منتظم مع تكرار الأمر لسنوات عديدة دون انقطاع ، أكيد هذا من شأنه أن يساهم في تلاشي بعض التصرفات المغلوطة والمنبوذة .