أطفال التوحد بين الوصم المجتمعي و المراكز البائعة للوهم
2022-02-22
الدراسة, الرئيسية, العالم, صحتك, طفلك, محليات
2,620 زيارة
تشير بعض الدراسات إلى أن مرض التوحد بات ينتشر تدريجيا لدى الأطفال باختلاف الأسباب وأن الأسر بين المكتشف مبكرا وبين الذي يصل للطبيب متأخرا ولكن في الحالتين تهرب نسبة من مواجهة المجتمع بأن لديها طفل متوحد أمام حائط التنمر و الوصم الإجتماعي و النفور و النبذ الأسري و المدرسي في الكثير من الأحيان حاولت أن أقترب أكثر و أصافح هذا الكتمان الذي يحرم الطفل حقه في العلاج و الاندماج و المرور على مراكز التأهيل المختلفة في القطاعين العام والخاص.
كتبت :هدى الشيخي
طفلي المتوحد عار اجتماعي تخرج الاستادة الجامعية (خ-خ) لتبضع لابنها المصاب بالتوحد الكلاسيكي منقبة وتعتمد سيارات الأجرة في تنقلاتها معه، تترك سيارتها مستلقيه تحت ظلال الأشجار حيث تقطن، خشية أن يراها أحد أقربائها ويكتشف الأمر، فتصبح حديث المجالس و موضوعا للنمنمات الاجتماعية، ولا تذخر جهدا لاخفائه عن زوارها وعدم مشاركته أشقائها في المناسبات الاجتماعيه والأعياد المختلفة ، ويطفئ شموع يوم ميلاده خلف جدران البيت، وحتى داخل مركز التأهيل اختارت الأعلى سعرآ ليس حرصا على جودة الخدمات المقدم لطفلها إنما لضعف احتمالية وجود آخر من عائلتها أو من معارفها هناك، بينما يصر “علي” كما اختار أن أشير إليه ، على أن يقيد ابنه الوحيد باسمه هو في سجلات مركز التأهيل، وأن ينادي به ، لاعتقاده انه بهذا التصرف سوف يقتنع صغيره بانه ليس هو المختلف عن عالم أقاربه و جيرانه بل صاحب الاسم ، وأن هذا الأخير هو من يتلقى العلاج السلوكي و النفسي وليس هو ، وهذا الاب يعلل الامر بأنه حب لابنه وليس حربا على شخصيته، فإنه عندما يسرد القصص لامه او لشقيقه عن ذاك الطفل المريض ينسلخ منه تدريجيا ، وهكذا يصل الى التعافي بصورة أسرع في اعتقاده الربح الوفير تحت ستار التأهيل، وتروى لنا “أسماء المغربي” ،مديرة مركز الوثبة لتأهيل طفل التوحد ،كيف غير “رامي” مجرى اهتماماتها قائلة :
كانت لي تجارب عديدة في مراكز الاحتياجات الخاصة ، قبل أن أتخذ قرار أن أكون صاحبة احداها ، كنت معلمة روضة قبل سنوات، ولاحظت فترتها أن أحدهم يختلف عن أقرانه، شحيح الكلام ، يهوى الانطواء،ويعاني بعض من الاضطرابات النفسية، بالرغم أن اختصاصي العلمي هو التربية و علم النفس ولكن في الجامعة لم ندرس هذا المرض، وانتظرت الأم ذات يوم و قداعتادت أن تأتي لاصطحابه بعد انتهاء اليوم الدراسي،لكي أطلعها على طبيعته الخاصة ،وتفاجأت بأنها تعلم وترفض الاعتراف بالأمر وتخشى حتى سؤال طبيب مختص، كى لاتصطدم بالحقيقة،والدة “رامي” كانت طبيبة وتعاني ظروفا اجتماعية خاصة نتيجة طلاقها بعد زواجها وسفرها لاستكمال الدراسة في الخارج، وعللت الأمر في البداية لل “المغربي” بانه انتكس الاختلاف طبيعة الحياة بين الخارج و الداخل، إضافة لانتكاسه بعد طلاق والديه ..
و تتابع “أسماء”
كان “رامي”طفلآ ملفتا للانتباه لهدوئه وذكائه وجماله، تعلقت به كثيرا وقررت أن ألج اكثرفي هذا المرض وأبحث عن أماكن أكثر اختصاصا علها تضيف الخبرة اللازمة،
الحقيقة العلمية تقول
إن أطفال التوحد غير مدركين للخطر ..ويعانون مشاكل في بناء علاقات اجتماعية مع المحيط
ولكني صدمت في بعضها، والتى تعتبر من كبرى مقدمي خدمة التأهيل للأطفال غير الطبيعيين؛ادارتها كانت تلزمنا بأن نعلمهم حرفا او نشرف عليهم أثناء اللعب و يظلون جالسين لساعات طويلة،وبعضهم يقوم بجمع 26طفلآ مختلفي الاعاقة مثل التخلف وتأخر النطق و التوحد و متعددى الاعاقة وغيرهم في الفصل نفسه ومنهم من كان يستعمل الضرب لتوجيههم ، والمصيبة الأكبر أن العاملين هناك ليسوا مختصين ، انما يهمهم العائد المادي، وهؤلاء الصغار لايمكنهم الشكوى أو التعبير لأسرهم بطرق مباشرة أو غير مباشرة عن مايعانوه واذا ما رفضوا المجيئ لاأحد من ذويهم يبحث عن السبب وتؤكد المغربي ،التي قررت بعد كل ما مرت به أن تفتح مركزآ خاصآ يضم أهل الخبرة والكفاءة أن لارقابة على هذه الاماكن.
المجتمع خارج اطار الاندماج الذي يدعيه وتضيف إليها “أ. زاهية العقوري” ماجستير في الارشاد و العلاج النفسي مستشفى البرفسور “علي الرويعي”
التخصصي للامراض النفسية و العصبية والإدمان.
الخجل الاجتماعي يرجع لثقافة المجتمع الذي استشرى بداخله التنمر ، وهذه الحقيقة كالشمس لا يمكننا اخفاؤها بالغربال، أصافح الكثير من الاسر في المستشفى العام او في العيادة الخاصة وأجدهم يرفضون تسجيل أطفالهم بأسمائهم الحقيقية وبل باسم الاب او العم ، ونتعرض كمعالجين للهجوم من قبلهم لمجرد سؤالنا عن السبب فمن سوف يبحث عن ابنائهم نحن داخل مركز التأهيل؟
ولازالت تلك الأم التي جاءتني منهارة باكية تحتل صورتها ذاكرتي ؛ فطفلها متفوق دراسيآ وتحسن مع جلسات العلاج و كان لابد من دمجه مع أقرانه الطبيعيين لكي يكتسب السلوك نفسه ،الإنه تعرض لنبذ من المعلمات و صاروا يصرخون ازاء أي سلوك يقوم به بأنه طيف توحد.
تؤكد “العقوري” أن انتكاسة الأم كانت أكبر من أطفل “المجتمع لايرحم “بالرغم من تحسنه وتعافيه؛ يوصمونه بالمرض بينما إنه مرض نبيل و رائع جدا وهذه النتيجة متوقعة لأن العاملين على الفئات ليسوا مختصين و لا يسعون حتى لتطوير أنفسهم أو توسيع مداركهم المعرفية فالمعلومة متاحة اليوم بسهوله.
وفي الختام
بالرغم من تنوع أساليب وطرق علاج التوحد بين المدرسة و البيت و المراكز المختصة إلا ان المجتمع لا يزال بالرغم من التطور الحياتي والانفتاح المعلوماتي يراه كالوباء يخشون الاعتراف به، وأحيانا يعاقب هؤلاء الصغار كأنهم مجرمون خطيرون يتوجب النفور منهم وعدم التعامل معهم بينما الحقيقة العلمية تقول إنهم فئة غير مدركة للخطر ، وتعاني مشاكل في بناء علاقات اجتماعية مع المحيط.
بالرغم من تنوع أساليب وطرق علاج التوحد الإ أن المجتمع لا يزال يراه كالوباء يخشون الاعتراف به
والسؤال..
من يكفل حق هؤلاء الأطفال في التعليم و التأهيل و الاندماج؟
والى متى ستظل هذه المراكز بعيدة عن بؤرة الضوء الرقابي ؟
ربما ،وربما فقط..
سنجد أجوبة شافية بعد النشر.