الرئيسية / الدراسة / الموقف القانوني في مواجهة وباء كورونا “كوفيد 19 “

الموقف القانوني في مواجهة وباء كورونا “كوفيد 19 “

الموقف القانوني
في مواجهة وباء كورونا “كوفيد 19 “

اتعيش ليبيا منذ شهر مارس 2020 م حياة مضطربة تعطل فيها الحياة وانتهكت فيها الحقوق وسط رعب عالمي بسبب إنتشار فيروس كورونا الذي ينتقل بالاختلاط ، مع تزايد عدد الإصابات التي بلغت 10 حالات على مستوى الإقليم الليبي يوم الثلاثاء الموافق 31 مارس لتتجاوز يوم 23 يوليو 2020 م حصيلة من قضوا نحبهم بسبب الفيروس 67 وحالات الإصابة النشطة 2371 واجمالي الإصابات 3017 ، وتضاعفت الإصابات وحالات الوفاة لتصل بتاريخ 2 أكتوبر إلى عدد 370 حالة موجبة منهم 224 جديدة و 146 مخالطة منهم 8 وفاة ، وبتاريخ الأحد 29 نوفمبر عدد العينات التي تم فحصها 3565 الحالات الموجبة 379 حالة والوفيات 17 والمتعافين 552 ، ليكون مجموع الوفيات منذ بدء
الجائحة حتى تاريخه 1183 والاصابات التراكمية 82809 بحسب النشرة الرسمية المركز الوطني لمكافحة الأمراض..ويفاد من متابعة الاحصائيات والتقارير تزايد الوضع الوبائي سوءً لأسباب متعددة، منها حالة المريض وضعف مناعته، وعدم اتخاذ المواطنين الإجراءات الوقائية لمنع انتشار الوباء، ارتفاع أسعار الأدوية والفيتامينات التي ترفع مناعة جسم الإنسان وعدم توفرها في بعض المدن. ولقد كان للوباء )نسأل الله السامة للجميع ( تأثيره المباشر على حقوق أساسية للإنسان في مقدمتها حقه في الصحة وفي التنقل والحركة والحق في الاختلاط ، والحق في عدالة ناجزة وسريعة لتعطل المحاكم ، وتعطل الدراسة واصابة الحياة العامة بشلل انعكس على الإنسان والدولة الهشة الضعيفة بسبب الظروف التي تمر بها ليبيا .

أولا : حقوق الإنسان زمن كورونا
إن حق الإنسان في الصحة وحريته في تلقي العلاج من عدمه وطلبه الرضا كشرط للعلاج لا تلزم الطبيب والدولة فيحال الأوبئة التي لها أن تتخذ إجراءات صارمة في مقدمتها عدم توقف العاج على رضا المريض أو وليه بحسب قانون
المسؤولية الطبية 1986 م متى كان مرضه مهدداً للسامة العامة أو معدياً . ووزارة الصحة ملزمة باتخاذ تدابير حجر لمنع الوباء من الانتشار وفرض القيود على حرية غر المصاب وأن تنتهك خصوصية المريض بنشر بياناته أو صورته بما يتعارض والقاعدة العامة التي تجرم « إفشاء أسرار المريض التي يطلع عليها بسبب مزاولة المهنة إلا للجهات القضائية وفقاً للقانون » وهو ما يجد أساسه في احرام حقوق الإنسان الخصوصية وهو حق أساسي مرتبط بالحق في الر الذي تقلص زمن كورونا لصالح السامة العامة للمواطنن والمجتمع بأكمله. وللأطباء في ظل الظروف الاستثنائية
الخروج عن القواعد والأصول العلمية والفنية الطبية إلا أن ذلك لا يمنحهم حق التصرف برعونة ودون دراية.
ولقد ألزم وزير الصحة بموجب القانون رقم 106 لسنة 1973 م بفرض ضوابط المراقبة الصحية والإجراءات في
حال الاشتباه بوجود مرض معدى وله إصدار القرارات اللازمة لعزل أو رقابة أو ملاحظة الأشخاص القادمن من الخارج
لمنع انتقال أو انتشار الأمراض المعدية إعمالا للمادة 33 ، وله التنسيق مع وزير الداخلية والاستعانة برجال الأمن والجيش لمنع انتقال المرض أو انتشاره ومساعدته في منع دخول غر المرضى، وله أن يأمر
بتفتيش المنازل والأماكن المشتبه في وجود المرض بها وعزل المرضى ومخالطيهم وإجراء التطعيمات والتحصينات اللازمة والقيام بأعمال التطهير والتعقيم وإعدام ما يتعذر تطهره.
ثانيا : نشر الوباء
1 .. الصورة الأولى : بحسب المادة 305 عقوبات المعنونة ) الوباء( جرم سلوك من سبب وقوع وباء بنشر الجراثيم الضارة، وهي جريمة عمدية لا يسأل فاعلها إذا وقعت بسبب إهمال وعدم دراية باللوائح الصحية الخاصة بآليات
الوقاية ، أما من يعلم بإصابته بوباء كورونا الذي أصبح مؤكداً انتشاره عن طريق الرذاذ الذي يخرج من الإنسان
المصاب ولمسه الأسطح ، ويخرج دون كمامة ويختلط بالناس متعمدا تسبب كنر الوباء فأنه يسأل عنه جنائيا ، و لا
يعتر تهاونه في الوقاية قرينة عى تحقق إهماله ، لأن علمه بخطورة خروجه واختلاطه دون إباغ الغر بإصابته
وهو يعلم أنه مصاب بفروس كورونا، وإرادته الخروج كافيا لتحقق مسؤوليته الجنائية متي كان مدركا واعيا لتصرفاته
لم يكره أو يفقد القدرة عى التحكم في تصرفاته، كما في حال أغمي عليه وتم نقله دون مراعاة لسبل الوقاية .
وإذا تحققت المسؤولية الجنائية عن جريمة نر الوباء للقاضي أن يعاقب الجاني من تلاث سنوات إلى عشر سنوات
وله إعمال ظروف التخفيف وفق القواعد العامة .
:2 .. الصورة الثانية

وهي ظرف تشديد لجريمة نشر الوباء في حال نتج عن سلوك الفاعل المتسبب عمدا في نشر الوباء، وفاة شخص واحد ، وللقاضي أن يرفع الحد الأقصى للعقوبة إلى السجن المؤبد، وتصل العقوبة إلى الإعدام تعزيرا إذا نتج عن نشر الوباء موت أكثر من شخص.
ثالثا : نشر الوباء بطريق الخطأ
1 .. خطأ المريض لم يتهاون المشرع في مواجهة الجرائم الخطيئة ضد الصحة العامة وقرر لمن نسب إليه ارتكاب جريمة
نشر الوباء بطريق الخطأ دون أن يترتب على ذلك عقوبة الحبس لمدة لا تزيد عى سنة أو الغرامة التي لا تجاوز خمسين
ديناراً ) المادة 316 عقوبات( وقرر السجن لمدة أقصاها سنتان إذا تسبب بطريق الخطأ في وفاة شخص بدل السجن المؤبد ، واستبدل عقوبة الإعدام بالحبس لمدة أقصاها خمس سنوات. و القاضي ملزم بتطبيق أحكام قانون القصاص والدية إذا ترتب عى نر الوباء القتل عمدا أو بطريق الخطأ ، ولأولياء الدم المطالبة بالقصاص إذا ثبت للقاضي توافر القصد الجنائي لدي الفاعل ولهم التنازل والعفو مقابل الدية أو بدون مقابل وإذا توافرت العلاقة السبيبية بن القتل الخطأ وسلوك ناشر الوباء فإن الدية حق لأولياء الدم . مصداقا لقول الله تعالى «وما كان لمؤمنٍ أن يقتل مؤمناً إلا خطأً ومن قتل مؤمناً خطأً فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلَّمة إلى أهله إلا أن يصَّدقوا ، فهذا أصل في تضمن الرر الواقع بالخطأ.
2 – خطأ الطبيب
الخطأ هو “إخلال الجاني عند تصرفه الإرادي بواجبات الحيطة والحذر التي يفرضها المشرع عى كافة الأفراد فيما يباشرونه من أفعال، حرصاً عى الحقوق والمصالح التي يحميها القانون،  وعدم حيلولته تبعاً لذلك دون إفضاء
سلوكه لإحداث النتيجة المعاقب عليها”. ومن الثابت فقهاً وقضاء أن القواعد والأصول الطبية هي تلك المبادئ والقواعد الأساسية الثابتة والمستقرة نظرياً وعملياً بن أهل مهنة الطب ولم تعد محلا للجدل والمناقشة بينهم. غير أن هذا لا يعني أن الطبيب يلتزم بتطبيق الأصول العلمية والفنية كما يطبقها غيره من الأطباء، ويترك للطبيب قدر من الحرية والاستقلال لاختيار الطريقة التي يرى إنها أصلح من غيرها في علاج مريضه، مادام أنه قد التزم في اختياره بالثابت علمياً وفنياً في مهنة الطب وفيما يتعلق بفيروس كورونا نشرت منظمة الصحة العديد من البروتوكولات الطبية للتعامل مع الوباء . ولقد قرر المشرع في قانون المسؤولية الطبية مسؤولية الطبيب عى كل خطأ مهني ناشئ عن ممارسة نشاط طبي سبب ضرراً للغير « ويعتر خطأ مهنيا كل إخلال  بالتزام تفرضه التشريعات النافذة أو الأصول العلمية المستقرة للمهنة، كل ذلك مع مراعاة الظروف المحيطة والإمكانيات المتاحة .» وتقديرا لخطورة الآثار المترتبة علىالأخطاء الطبية وما يتمتع به الأطباء من إمكانيات لإخفائها قرر المشرع قرينة، إن نشوء الرر قرينة عى أرتكاب الخطأ أو الإخال بإلتزاماته، بما في ذلك جهل قواعد الطب وأشار الفقه الشرعي إلى حكم من يجهل الطب ويمارسه دون دراية وعلم بأصول وقواعد مهنة الطب واجمعوا عى تضمن الطبيب الجاهل ومن يتسبب في إلحاق الضرر، وروي عن الإمام الخطابي قوله «لا أعلم خلافاً في أن المعالج إذا تعدى فتلف المريض كان ضامناً .» مع مراعاة أن مسؤولية الطبيب المتعلقة بوباء كورونا تتحقق إذا علم بإصابة الشخص ولم يتخذ الإجراءات الوقائية اللازمة وتسبب برعونته وعدم درايته في انتشار الوباء ، كما يسأل جنائيا إذا رضخ لمعارضة المريض ورفضه العلاج ، أو عدم إتباعه للتعليمات الطبية رغم نصحه بالقبول لأن الوباء يهدد السلامة العامة . ويسأل الطبيب وفق أحكام المسؤولية العقدية جزاء الإخلال بعقد صحيح قائم بين المسؤول وبين من وقع عليه الضرر ووفق أحكام المسؤولية التقصيرية عن فعله غير المشروع الذي ألحق ضرر بالغير جزاء الإخال بواجب عام وهو بذل العناية وأخيرا يسأل جنائيا لارتكابه فعا جرمه المشرع بموجب احكام قانون العقوبات أو قانون المسؤولية الطبية أو القانون الصحي .
3 – مسؤولية المستشفي

نظم المشرع المسؤولية القانونية للمستشفى الذي يعمل فيه الطبيب المهمل أو الذي لا يوفر للطبيب المعدات
والأجهزة الوقائية لحمايته وحماية الأطقم الطبية المساعدة أو يتهاون في اتخاذ تدابير الوقاية لمنع انتشار الوباء
باعتباره المكان الذي يعالج فيه المريض ويعمل فيه الطبيب المعالج وله حق التوجيه والإشراف وهم متضامنون مع
الممرضن والفنين وغيرهم ممن ترتبط أعمالهم بالمهن الطبية عن الأضرار التي تلحق بالمريض بسبب خطئهم المهني، علاوة على مسؤولية المستشفى «بالتضامن عن الأضرار التي تنجم عن استعمال الأدوات والأجهزة الطبية والأدوية كل من وزارة الصحة والجهات الموردة والمصنعة والموزعة والمستعملة .» ويتعين الإشارة إلى موقف المحكمة العليا من إسناد إثبات الخطأ الطبي للمجلس الطبي التابع لوزارة الصحة والمبدأ الحديث الذي أرسته وألغت بموجبه المادة 27 من قانون المسؤولية الطبية وتقييد حرية القضاء في إثبات الخطأ الطبي بقولها « قررت المحكمة – بدوائرها مجتمعة – العدول عن المبادئ التي تقي بإلزام المحكمة بعرض قضايا المسؤولية الطبية على المجلس الطبي والالتزام بما يرد في تقريره بشأن مدى قيام المسؤولية الطبية وإرساء مبدأ مفاده حق المحكمة في اختيار طريق الإثبات الذي تراه مؤدياً إلى ذلك

ختاما

نذكر الجميع وفي مقدمتهم السلطة التنفيذية بأن التهرب من المسؤولية والإهمال والتسبب في إنتشار الوباء
لا قدر الله يجعل المسؤولين والأطباء مسؤولين قانونيا وزارة الصحة مسؤولة عن عدم توفير الخدمات الصحية
الوقائية منها والعلاجية لضمان سلامة الجيل الجديد جسمياً وعقلياً ونفسياً ومنع انتقال الوباء من شخص إلى آخر أو مكان أو شيء ملوث إلى الإنسان ناهيك عن مسؤولية الأطقم الطبية ، والمصاب في اتخاذ التدابير لحماية
نفسه وإسرته ومنع نقل العدوى ونشر الوباء في حال إصابته .

د. فائزة يونس الباشا

شاهد أيضاً

تأخر بروز الأسنان لدى الأطفال إشارات تستدعي الانتباه

توجد‭ ‬عديد‭ ‬الإشارات‭ ‬الاستفهامية‭ ‬حول‭ ‬طب‭ ‬أسنان‭ ‬الأطفال‭ ‬فى‭ ‬عدم‭ ‬بروز‭ ‬الأسنان‭ ‬عند‭ ‬الأطفال‭ ‬الرضع‭ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *