×

مقدمة ضرورية

مقدمة ضرورية

هل من طير واحد تعلم التحليق في أحد معاهد الطيران؟

وهل من حصان *~ واحد~* تدرب على الصهيل في مدرسة للموسيقى؟

وهل من سمكة واحدة، تخرجت من أكاديمية بحرية؟ يولد الأطفال وهم يحبون، وعلى رأي نيلسون مانديلا، نحن من نعلمهم الكراهية.

الإنسان محب بطبعه، ولا يوجد شيء اسمه علم الحب، حتى ولو كثر الأميون عاطفيا.

نحب امهاتنا، نحب أولادنا، نحب أوطاننا، فالحب هو عنصر «البقاء».

لا أحد يزعم أنه يملك براءة اختراع الحب.. لأن الحب هو من يخترعنا، ولهذا فعلينا أن نرى الحب، كأبعد، وأهم من كونه علاقة بيولوجية بين رجل وامرأة، فرضتها غريزة التكاثر.

يقول نزار قباني: كلما غنيت باسم امرأة اسقطوا قوميتي عني ..

وقالوا : كيف لا تكتب شعرا للوطن..

هل المرأة شيء غير الوطن..؟

الإنسان بطبيعته كائن لطيف، مثل العصافير، والفراشات الملونة، وأسماك الزينة.

فالعصافير لا يمكن أن ترتدي ملابس الميدان، وتتورط في حرب شوارع.

والفراشات تركض نحو الضوء، ولا يمكن أن تنخرط في كتيبة مسلحة.

الإنسان من هذه السلالات الكونية الرقيقة، والشفافة التي لا تكره، فهو ليس شريراً بطبعه

-على رأي «توماس هوبز»- ولا يحمل دوافع عدوانية على رؤية «سيغموند فرويد».

الإنسان كائن عاشق، يحب القمر، والبحر، والورد، ولحظة الغروب.ولهذا فالحب أكبر من قدرة المأذونين الشرعيين على تفسيره، أو حتى التقاطه.

ربما مشكلتنا نحن من وضع الحب في غرفة شرقية ضيقة، المتر في المتر، ورحنا نقتلع أظافر، ونطفىء أعقاب السجائر على ظهره.

الحب هو الانتظار، فكلنا «صاموئيل بيكيت»، وكل واحد منا لديه «غودو» ينتظره، من صالة ترانزيت، إلى صالة ترانزيت.

هذه مقدمة لنصوص خارج النص، أو لسباحة حرة ضد التيار، ولدت خارج صالات الولادة ، وخارج أي دوام رسمي أو غير رسمي، يعني لم يكن لها مواعيد مضبوطة مثل جرعات «البنسلين)»، ولا مكان محدد مثل محطات القطار، ولا طقوس معينة مثل حلقات الصوفية، يجيء النص بدون ترتيبات، وبدون سجاد أحمر، ويمكن أن يقطع النوم، ويقطع الطريق.

وتبعا لحالة الولادة الاستثنائية، لابد أن نراعي الظروف، والنص عذره معه، لقد أعيتنا السياسة، مع قهوة الصباح سياسة، ومع وجبة الغداء سياسة، وفي جلسة المساء سياسة، وحتى قبل النوم لابد من رغي سياسي، نحتاج لممر آمن نحو أنفسنا، إلى حق لجوء عاطفي لوجداننا..

هذه النصوص مرشحة لتكون ضحية لكل من يتعامل مع الحب بمنطق الشوكة والسكين، فبقدرما هناك في كوننا من أبراج حمام، وغيوم تحلق، وطائرات ورقية للأطفال، هناك من يفتحون نيران بنادقهم على باقة الزهور، ويحاولون اصطياد القمر. هذه النصوص واضحة مثل النهار، فلا تحملوها ما لا طاقة لها.

مقدمة لديوان «على الخاص» من إصدارات الليبية

Share this content:

إرسال التعليق