×

أمي وماكينة الخياطة

أمي وماكينة الخياطة

عبد السلام الزغيبي    

  ظهرت أول آلة خياطة عام 1829 في فرنسا، وكانت من اختراع «بارثيلي تيمونيه» ثم ظهرت تحسينات لاحقة أبرزها بواسطة «إلياس هاو» و'”إسحاق سنجر” في منتصف القرن التاسع عشر.

و”سنجر” هي العلامة التجارية الأكثر شهرة لآلات الخياطة، هذه الآلة كان لنا معها ذكريات، وكانت من مستلزمات ديكور كل بيت.

تعد آلات الخياطة عنصراً أساسياً في صناعة النسيج وليس فقط ، لأنه منذ عقود مضت كان في كل منزل أم، أو جدة، أو عمة، تقضي ساعات في خياطة الملابس لجميع أفراد الأسرة.

آلات الخياطة في الزمن الماضي كانت تعتبر من الاختراعات المدهشة التي ساهمت في تحسين حياة الناس، خاصة النساء اللواني كنّ يعتمدن على الخياطة اليدوية لتلبية

احتياجات الأسرة.

نقلت الأمهات خبرتهن للبنات اللواني واصلن المسيرة، وكانت ذاك الوقت صنعة اليدين لكثير من العائلات، يخيطن القفاطين قبل اقتراب العيد، وفي المناسبات، لكن بمرور السنين، تلاشت هذه العادة بعد دخول

القفاطين الجاهزة.

الآلة كانت تستخدم بالأيدي وموضوعة على صندوق لوح، حتى الستينيات، كانت جميع آلات الخياطة ميكانيكية، حيث يتم التحكم فيها بواسطة عجلة دوارة، مع مقابض وأقراص لإجراء تغييرات في الشد وطول أو عرض الغرزة، ثم ظهرت بتقنيات أفضل من سابقاتها، فجعل لها دواسة، وتعمل على الكهرباء.

آلة الخياطة ليست مجرد أداة للخياطة، بل هي رمز لذكريات مليئة بالحب والتفاصيل الجميلة التي تحملها القلوب، تذكرني آلة الخياطة بوالدتي أيضا، حين كانت تجلس أمامها، تعمل بصبر ودقة.

صوت الإبرة وهي تتحرك للأعلى والأسفل كان جزءاً من خلفية أيام طفولتي، كأنه لحن مألوف يحمل معه دفء

المنزل. ومشهد أمي وهي تخيط، صوت الآلة، القماش المنتشر حولها، والأجواء المليئة بالدفء، ومع المهارة والإبداع تبدع أمي في تحويل قطعة القماش إلى قطع فنية.

أمي كانت تستخدمها لتصنع لنا الملابس أو لتصلح ما تهالك منها، كان في كل غرزة اهتمام، وفي كل قطعة قماش قصة، أتذكر كيف كنت أجلس بجانبها، أراقب يديها وهي تحرك القماش بخفة،

وكأنها ترسم عليه، أحياناً كانت تطلب مني المساعدة، سواء بإحضار الأدوات أو بفرد القماش، أو ألضم لها الإبرة، لأنه لم يكن لضم الإبرة سهلا، فهو يحتاج إلى عيون، وتركيب «الفلوكة يبي شطارة»، وتعبئة المصارة بالخيط والتفريغ ليس سهلا، وهذا كان يجعلني أشعر وكأنني جزء من شيء مهم.

في الوقت الحالي آلات الخياطة “سنجر” ذات قيمة كبيرة، ولا يزال هناك عدد غير قليل من الأشخاص الذين يحتفظون بآلات الخياطة القديمة، وفي معظم الحالات تكون آلات “سنجر” والتي كانت الأكثر طلباً وأيضاً الأكثر تكلفة وكفاءة وباعتبارها هي العلامة التجارية الأكثر شهرة لآلات الخياطة وبمرور الوقت أصبحت هذه الآلات من العناصر المرغوبة لهواة جمع التحف القديمة .

لأنها آلات ميزت حقبة بأكملها، وذلك بفضل شكلها وجودتها وموثوقيتها.

ومن المفهوم أنه ليست كل أنواع “سنجر” لها قيمة كبيرة، حيث يعتمد ذلك على سنة الصنع، وعدد الأنواع المتوفرة في السوق، وحالتها الحالية، ولكن ماهي تلك التي تستحق أكثر في سوق هواة جمع العملات

القديمة..؟

هناك نماذج آلات الخياطة “Singer” التي تحمل قيمة كبيرة إذا تم الاحتفاظ بها في حالة جيدة ، لأنه كما هو الحال مع جميع المقتنيات، يمكن أن تجعل الحالة القيمة نختلف بشكل كبير.

Share this content:

إرسال التعليق