×

من ألف ليلة وليلة … الى القرآن الكريم…. !!!

من ألف ليلة وليلة … الى القرآن الكريم…. !!!

                                                                   أسلمت‭ ‬لله …! ‬

»عطية صالح الأوجل

كانت‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الأولى‭ ‬قد‭ ‬اقتربت‭ ‬من‭ ‬نهاياتها‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬حصدت‭ ‬أرواح‭ ‬الملايين‭ ‬من‭ ‬البشر‭ .. ‬وامتدت‭ ‬يد‭ ‬الخراب‭ ‬والألم‭ ‬والبؤس‭ ‬لمساحات‭ ‬كثيرة‭ ‬من‭ ‬القارة‭ ‬الأوروبية‭ ‬ومنطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ …. ‬كانت‭ ‬العاصمة‭ ‬اللندنية‭ ‬تعيش‭ ‬مخاض‭ ‬التغيرات‭ ‬الهائلة‭ ‬التي‭ ‬تصاحب‭ ‬الحروب‭ ‬وتمس‭ ‬كل‭ ‬جوانب‭ ‬الحياة‭ … ‬كانت‭ ‬تعج‭ ‬بالأفكار‭ ‬المتصارعة‭ ‬والمتناقضة‭ ‬وبالمحاولات‭ ‬المتكررة‭ ‬لاستيعاب‭ ‬وتفسير‭ ‬ما‭ ‬عاصره‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬أهوال‭ ‬وللبحث‭ ‬عن‭ ‬معنى‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬بدا‭ ‬عبثياً‭ ‬بامتياز‭.‬

في‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الأجواء‭ .. ‬في‭ ‬عصر‭ ‬التاسع‭ ‬والعشرين‭ ‬من‭ ‬نوفمبر‭ ‬1917‭ .. ‬كان‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬النخبة‭ ‬اللندنية‭ ‬على‭ ‬موعد‭ ‬لسماع‭ ‬محاضرة‭ ‬يلقيها‭ ‬المثقف‭ ‬البارز‭ ‬‮«‬مرمدوك‭ ‬بيكثال‭ ‬Marmaduke Pickthall‭ ‬‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬اشتغل‭ ‬بالأدب‭ (‬ألف‭ ‬تسع‭ ‬روايات‭ ‬وثلاث‭ ‬مجموعات‭ ‬قصصية‭) ‬والصحافة‭ ‬والترحال‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬باحثاً‭ ‬في‭ ‬شئون‭ ‬الشرق‭ ‬والمسلمين‭ … ‬المحاضرة‭ ‬كانت‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬الإسلام‭ ‬و‭ ‬التقدم‮»‬‭ .. ‬وهي‭ ‬ختام‭ ‬لسلسلة‭ ‬محاضرات‭ ‬أقامتها‭ ‬الجمعية‭ ‬الأدبية‭ ‬الإسلامية‭ ‬في‭ ‬نوتينغ‭ ‬هيل‭ ‬غرب‭ ‬لندن‭. ‬اكتظت‭ ‬القاعة‭ ‬بالحضور‭ ‬الذين‭ ‬شدهم‭ ‬عمق‭ ‬معرفته‭ ‬وأسلوبه‭ ‬الأخاذ‭…. ‬شدّهم‭ ‬كما‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬معه‭ ‬سحر‭.. ‬يقول‭ ‬أحد‭ ‬الحضور‭ ‬‮«‬إن‭ ‬الطريقة‭ ‬التي‭ ‬ختم‭ ‬بها‭ ‬هذا‭ ‬الكلام‭ ‬الرائع‭ ‬ما‭ ‬تزال‭ ‬تتحرّك‭ ‬في‭ ‬داخلي،‭ ‬كانت‭ ‬يداه‭ ‬مقبوضتين‭ ‬إلى‭ ‬صدره،‭ ‬وتعلو‭ ‬وجهه‭ ‬السكينة‭ ‬والرضا‭ ‬وهو‭ ‬يتلو‭ ‬خواتيم‭ ‬سورة‭ ‬البقرة‭. ‬حينما‭ ‬جلس،‭ ‬شعر‭ ‬كل‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬المستمعين‭ ‬أنهم‭ ‬عاشوا‭ ‬خلال‭ ‬تلك‭ ‬الساعة‭ ‬القصيرة‭ ‬أروع‭ ‬وقت‭ ‬في‭ ‬حياتهم‭ ‬“‭.‬

في‭ ‬نهاية‭ ‬تلك‭ ‬المحاضرة‭ ‬قام‭ ‬مرمدوك‭ ‬بكثال‭ ‬بالإعلان‭ ‬عن‭ ‬دخوله‭ ‬الإسلام‭. ‬اتخذ‭ ‬بكثال‭ ‬اسم‭ ‬محمد،‭ ‬وأصبح‭ ‬أحد‭ ‬أعمدة‭ ‬الجالية‭ ‬المسلمة‭ ‬في‭ ‬بريطانيا‭.‬

كان‭ ‬بكثال‭ ‬يرى‭ ‬أن‭ ‬كلمة‭ ‬‮«‬مسلم‮»‬‭ ‬أنها‭ ‬ليست‭ ‬فقط‭ ‬وصفاً‭ ‬للملتزم‭ ‬بعقيدة‭ ‬‮«‬الإسلام‮»‬،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬ما‭ ‬تعنيه‭ ‬تماماً‭ ‬في‭ ‬اللغة‭ ‬العربية،‭ ‬أي‭ ‬‮«‬الذي‭ ‬أسلم‭ ‬نفسه‭ ‬بالكلية‭ ‬لله‮»‬‭. ‬ولكن‭ ‬هذا‭ ‬التسليم‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬نفي‭ ‬إرادة‭ ‬الشخص‭ ‬أو‭ ‬مسؤوليته‭ ‬عن‭ ‬أفعاله‭. ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬فهم‭ ‬بكثال‭ ‬الجهاد‭ ‬بشكل‭ ‬إيجابي،‭ ‬أي‭ ‬بمعنى‭ ‬المجاهدة‭ ‬المستمرة‭ ‬للنفس‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬الأفضل،‭ ‬و‭ ‬‮«‬هي‭ ‬مجاهدة‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تستمر‭ ‬مع‭ ‬الشخص‭ ‬طوال‭ ‬حياته‭ ‬كما‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تحكم‭ ‬كل‭ ‬فعل‭ ‬في‭ ‬حياته‮»‬‭. 

عالم‭ ‬الشرق‭ ‬السحري‭ .. !!

لم‭ ‬يكن‭ ‬بكثال‭ ‬شخصاً‭ ‬عادياً‭ … ‬بل‭ ‬كان‭ ‬مثقفاً‭ ‬مرموقاً‭ .. ‬وشخصية‭ ‬ذات‭ ‬نزعة‭ ‬استقلالية‭ . ‬ولد‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1875‭ ‬لماري‭ ‬اوبراين‭ ‬والقس‭ ‬تشارلز‭ ‬جرايسون‭ ‬بكثال‭, ‬لعائلة‭ ‬إنجليزية‭ ‬من‭ ‬الطبقة‭ ‬الوسطى‭, ‬تمتد‭ ‬جذورها‭ ‬إلى‭ ‬الملك‭ ‬ويليام‭ ‬الفاتح‭.( ‬William the Conqueror‭). ‬انتقلت‭ ‬أسرة‭ ‬بكثال‭ ‬إلى‭ ‬لندن‭ ‬بعد‭ ‬وفاة‭ ‬والده‭ ‬وكان‭ ‬آنذاك‭ ‬يبلغ‭ ‬الخامسة‭ ‬من‭ ‬العمر‭. ‬لم‭ ‬يحقق‭ ‬بكثال‭ ‬نجاحا‭ ‬يذكر‭ ‬في‭ ‬دراسته‭ ‬مما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تقترح‭ ‬عليه‭ ‬والدته‭ ‬السفر‭ ‬وتعلم‭ ‬اللغات‭ ‬بما‭ ‬يضمن‭ ‬له‭ ‬مكاناً‭ ‬بوزارة‭ ‬الخارجية‭.‬

قبل‭ ‬بكثال‭ ‬بالخيار‭ ‬وقرر‭ ‬الذهاب‭ ‬إلى‭ ‬فلسطين،‭ ‬بدأ‭ ‬تهيئة‭ ‬قلبه‭ ‬لرومانسية‭ ‬الشرق‭ ‬‮«‬شمس‭ ‬المشرق،‭ ‬وأشجار‭ ‬النخيل،‭ ‬والجِمال،‭ ‬ورمال‭ ‬الصحراء‮»‬،‭ ‬عاش‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬وتعرف‭ ‬على‭ ‬عالم‭ ‬الشرق‭ ‬عن‭ ‬قرب،‭ ‬في‭ ‬القدس‭ ‬أحب‭ ‬العرب‭ ‬وارتدى‭ ‬الملابس‭ ‬المحلية،‭ ‬وكان‭ ‬يرى‭ ‬في‭ ‬أهل‭ ‬القدس‭ ‬سعداء‭ ‬حقاً‭ ‬هكذا‭ ‬عبر‭ ‬عن‭ ‬حالتهم،‭ ‬تجول‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬بيروت‭ ‬والأردن‭ ‬بصحبة‭ ‬أحد‭ ‬الأدلاء،‭ ‬ثم‭ ‬دمشق‭ ‬‮«‬مدينة‭ ‬القلوب‭ ‬الدافئة‭ ‬وآداب‭ ‬السلوك‭ ‬الراقية‮»‬،‭ ‬كما‭ ‬وصفها‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬قصصه‭ ‬القصيرة،‭ ‬وفي‭ ‬دمشق‭ ‬بدأ‭ ‬يفكر‭ ‬في‭ ‬اعتناق‭ ‬الإسلام،‭ ‬هكذا‭ ‬خرج‭ ‬من‭ ‬بريطانيا‭ ‬شاعرا‭ ‬بالإحباط‭ ‬والفشل‭ ‬وعاد‭ ‬بعد‭ ‬سنتين‭ ‬من‭ ‬التجوال‭ ‬في‭ ‬القدس‭ ‬وحلب‭ ‬ودمشق‭ ‬وبيروت‭ ‬والقاهرة‭ ‬واستانبول،‭ ‬شاعراً‭ ‬ليس‭ ‬بهويته‭ ‬المميزة‭ ‬بعد،‭ ‬بل‭ ‬بالسرور‭ ‬والبهجة،‭ ‬متعلماً‭ ‬اللغة‭ ‬العربية،‭ ‬وقريباً‭ ‬من‭ ‬عالم‭ ‬الشرق،‭ ‬أهداه‭ ‬معلمه‭ ‬قسطنطين‭ ‬كتاب‭ ‬‮«‬ألف‭ ‬ليلة‭ ‬وليلة‮»‬،‭ ‬وأغرم‭ ‬بالبحث‭ ‬عن‭ ‬ظلال‭ ‬هذه‭ ‬الحكايات‭ ‬في‭ ‬الواقع،‭ ‬سيصبح‭ ‬هذا‭ ‬المخزون‭ ‬من‭ ‬الذكريات‭ ‬مادة‭ ‬لأربعة‭ ‬روايات‭ ‬وللكثير‭ ‬من‭ ‬القصص‭ ‬القصيرة‭. ‬

خلال‭ ‬العامين‭ ‬اللذين‭ ‬قضاهما‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬وسوريا‭ ‬رغب‭ ‬في‭ ‬اعتناق‭ ‬الإسلام‭. ‬لكن‭ ‬شيخ‭ ‬العلماء‭ ‬بالجامع‭ ‬الأموي‭ ‬بدمشق‭ ‬صَرَفه‭ ‬عن‭ ‬اعتناق‭ ‬الإسلام‭. ‬نصحه‭ ‬الشيخ‭ ‬قائلاً‭: ‬‮«‬انتظر‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يكبر‭ ‬سنُّك،‭ ‬وتعود‭ ‬إلى‭ ‬بلدك‭. ‬أنت‭ ‬هنا‭ ‬وحيدٌ‭ ‬بيننا،‭ ‬كما‭ ‬أبناؤنا‭ ‬بين‭ ‬المسيحيين‭. ‬الله‭ ‬يعلم‭ ‬كيف‭ ‬يكون‭ ‬شعوري‭ ‬عندما‭ ‬يتعامل‭ ‬معلّم‭ ‬مسيحي‭ ‬مع‭ ‬ابني‭ ‬بغير‭ ‬طريقتي‭ ‬هذه‭ ‬التي‭ ‬أعاملك‭ ‬بها‮»‬‭. ‬

ترجمة‭ ‬القرآن‭ … !!‬

في‭ ‬عام‭ ‬1920‭ ‬ارتحل‭ ‬إلى‭ ‬الهند‭ ‬ليعمل‭ ‬كرئيس‭ ‬لتحرير‭ ‬صحيفة‭ ‬بومباي‭ ‬كرونيكل‭. ‬وفي‭ ‬الهند‭ ‬تعلم‭ ‬اللغة‭ ‬الأردية‭ ‬وتحول‭ ‬إلى‭ ‬شخصية‭ ‬عامة‭ ‬نشطة‭ ‬وكان‭ ‬قريبا‭ ‬من‭ ‬غاندي‭. ‬حاول‭ ‬بناء‭ ‬جسور‭ ‬من‭ ‬الثقة‭ ‬بين‭ ‬الهندوس‭ ‬والمسلمين‭. ‬ورغم‭ ‬تعاطفه‭ ‬مع‭ ‬المسلمين‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬صريحاً‭ ‬في‭ ‬نقده‭ ‬لهم‭ ‬فانتقد‭ ‬التعصب‭ ‬الذي‭ ‬وجده‭ ‬عند‭ ‬البعض‭ ‬منهم‭ ‬وانتقد‭ ‬بشدة‭ ‬وضع‭ ‬المرأة‭ ‬بين‭ ‬المسلمين‭ ‬ففي‭ ‬محاضرة‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬مدراس‭ ‬استهجن‭ ‬كثيراً‭ ‬ما‭ ‬رآه‭ ‬من‭ ‬حال‭ ‬المرأة‭ ‬المسلمة‭. ‬وانتهى‭ ‬إلى‭ ‬القول‭: ‬‮«‬المرأة‭ ‬المسلمة‭ ‬بكل‭ ‬تأكيد‭ ‬ليست‭ ‬في‭ ‬المكانة‭ ‬التي‭ ‬أعطاها‭ ‬الإسلام‭… ‬إن‭ ‬الوضع‭ ‬الذي‭ ‬أُقحمت‭ ‬فيه‭ ‬الغالبية‭ ‬العظمى‭ ‬من‭ ‬النساء‭ ‬المسلمات‭ ‬في‭ ‬الهند‭ ‬إنما‭ ‬هو‭ ‬افتراء‭ ‬على‭ ‬الإسلام،‭ ‬إنه‭ ‬جريمة‮»‬‭.‬

شجعت‭ ‬إقامة‭ ‬بكثال‭ ‬الطويلة‭ ‬بالهند‭ ‬على‭ ‬القيام‭ ‬بعمله‭ ‬الأبرز‭ ‬ألا‭ ‬وهو‭ ‬ترجمة‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم‭. ‬وفي‭ ‬عام‭ ‬1927‭ ‬رحل‭ ‬إلى‭ ‬مصر‭ ‬بحثاً‭ ‬عن‭ ‬موافقة‭ ‬جامعة‭ ‬الأزهر‭ ‬على‭ ‬ترجمته‭ ‬للقرآن‭. ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬عديد‭ ‬المشايخ‭ ‬آنذاك‭ ‬يحبذون‭ ‬ترجمة‭ ‬القرآن‭ ‬كنص‭ ‬خوفاً‭ ‬من‭ ‬ضياع‭ ‬معانيه‭ ‬وخوفاً‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يصرف‭ ‬المسلمين‭ ‬الجدد‭ ‬عن‭ ‬تعلم‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭. ‬ألقى‭ ‬بكثال‭ ‬خطبة‭ ‬أمام‭ ‬جمع‭ ‬من‭ ‬علماء‭ ‬الأزهر‭ ‬بلسان‭ ‬عربي‭ ‬مبين،‭ ‬موضحاً‭ ‬أهمية‭ ‬هذه‭ ‬الترجمة‭ ‬للمسلمين‭ ‬غير‭ ‬الناطقين‭ ‬بالعربية‭ ‬في‭ ‬شتى‭ ‬بقاع‭ ‬الأرض،‭ ‬كما‭ ‬بيّن‭ ‬أهميتها‭ ‬في‭ ‬نشر‭ ‬الإسلام‭ ‬والدعوة‭ ‬إليه،‭ ‬وبعد‭ ‬أربعة‭ ‬أشهر‭ ‬من‭ ‬النقاش‭ ‬والجدل‭ ‬والحوارات‭ ‬تمكن‭ ‬بكثال‭ ‬من‭ ‬إقناع‭ ‬شيخ‭ ‬الأزهر‭ ‬الشيخ‭ ‬مصطفى‭ ‬المراغي‭ ‬وحصل‭ ‬على‭ ‬الموافقة‭. ‬رجع‭ ‬بكثال‭ ‬إلى‭ ‬بريطانيا‭ ‬1935‭ ‬وبقي‭ ‬فيها‭ ‬حتى‭ ‬وفاته‭. ‬

اختلفت‭ ‬شخصية‭ ‬بكثال‭ ‬عن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬البريطانيين‭ ‬الذين‭ ‬تحولوا‭ ‬إلى‭ ‬الإسلام‭ ‬في‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يسع‭ ‬إلى‭ ‬تأييد‭ ‬جماعة‭ ‬محددة‭ ‬أو‭ ‬يكن‭ ‬شيخاً‭ ‬لطريقة‭ ‬ما،‭ ‬أو‭ ‬يحفل‭ ‬بالحصول‭ ‬على‭ ‬أتباع‭ ‬وإنما‭ ‬بقي‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬شخصية‭ ‬مستقلة‭ ‬تميزت‭ ‬بعمق‭ ‬ووعي‭ ‬وانفتاح‭ ‬قلب،‭ ‬أحب‭ ‬الشرق‭ ‬فأعطاه‭ ‬هذا‭ ‬الشرق‭ ‬أحسن‭ ‬ما‭ ‬فيه،‭ ‬وتمكن‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يدرك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬قضايا‭ ‬عصره،‭ ‬ويندمج‭ ‬بنضوج‭ ‬في‭ ‬شؤون‭ ‬العالم‭ ‬الإسلامي‭ ‬وثقافته‭ ‬ويصبح‭ ‬صاحب‭ ‬رؤية‭ ‬وتأثير‭ ‬في‭ ‬عصره،‭ ‬وقد‭ ‬واجه‭ ‬بشجاعة‭ ‬توجهات‭ ‬قومه‭ ‬السياسية‭ ‬والثقافية‭ ‬المتحيزة‭.‬

لم‭ ‬يعلم‭ ‬هذا‭ ‬الشاب‭ ‬الذي‭ ‬وقع‭ ‬في‭ ‬سحر‭ ‬كتاب‭ ‬“ألف‭ ‬ليلة‭ ‬وليلة”‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬البداية‭ ‬ستجره‭ ‬إلى‭ ‬القرآن‭ ‬ليبلغ‭ ‬الانفعال‭ ‬به‭ ‬تمامه،‭ ‬فيؤمن‭ ‬به،‭ ‬ويترجمه،‭ ‬ويدافع‭ ‬عن‭ ‬أمته،‭ ‬وبعد‭ ‬وفاته‭ ‬كانت‭ ‬زوجته‭ ‬ترتب‭ ‬أوراقه‭ ‬فإذا‭ ‬آخرُ‭ ‬سطر‭ ‬كتبه‭ -‬كما‭ ‬هو‭ ‬منقوش‭ ‬على‭ ‬شاهد‭ ‬قبره‭- ‬قوله‭ ‬تعالى‭: ‬“بَلَى‭ ‬مَنْ‭ ‬أَسلَمَ‭ ‬وَجْهَهُ‭ ‬لِلّهِ‭ ‬وَهُوَ‭ ‬مُحْسِنٌ‭ ‬فَلَهُ‭ ‬أَجْرُهُ‭ ‬عِندَ‭ ‬رَبه‭ ‬وَلا‭ ‬خَوْفٌ‭ ‬عَلَيْهِم‭ ‬وَلاَ‭ ‬هُمْ‭ ‬يَحْزَنُونَ”‭.‬

المصادر‭:‬

‭- ‬في‭ ‬الذكرى‭ ‬الـ80‭ ‬لوفاته‭: ‬تجربة‭ ‬مرمدوك‭ ‬بكثال‭ ‬مع‭ ‬الإسلام‭ ‬والمسلمين‭, ‬صحيفة‭ ‬الحياة‭ ‬19‭/‬2‭/‬2016

‭- ‬مارمدوك‭ ‬بكثال‭: ‬سيرة‭ ‬مسلم‭ ‬بريطاني‭ ‬–‭ ‬مراجعة‭ ‬لكتاب‭ ‬–‭ ‬مصر‭ ‬العربية‭ – ‬24‭ ‬أكتوبر‭ ‬2015

‭- ‬مرمدوك‭ ‬بكثال‭ – ‬المعرفة

‭- ‬محمد‭ ‬مارمادوك‭ ‬بكثال‭ – ‬ويكيبيديا،‭ ‬الموسوعة‭ ‬الحرة

Share this content:

إرسال التعليق