×

من المخدرات إلى أغاني “الراب”

من المخدرات إلى أغاني “الراب”

‭ ‬لمن‭ ‬يلجأ‭ ‬المراهقون؟

        في‭ ‬الأزقة‭ ‬الضيقة‭ ‬والساحات‭ ‬المزدحمة،‭ ‬في‭ ‬المقاهي‭ ‬وأسطح‭ ‬المنازل،‭ ‬يجلس‭ ‬مراهقون‭ ‬يضعون‭ ‬سماعات‭ ‬الأذن،‭ ‬يرفعون‭ ‬صوت‭ ‬الراب‭ ‬عالياً،‭ ‬وأحياناً،‭ ‬يمررون‭ ‬سيجارة‭ ‬محشوة‭ ‬بالحشيش‭ ‬بعيدة‭ ‬عن‭ ‬الأعين‭ ‬الراصدة‭.. ‬قد‭ ‬يبدو‭ ‬المشهد‭ ‬عادياً‭ ‬لمن‭ ‬يراه‭ ‬من‭ ‬بعيد،‭ ‬لكنه‭ ‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬صرخة‭ ‬غير‭ ‬مسموعة،‭ ‬محاولة‭ ‬للهروب‭ ‬لا‭ ‬المواجهة‭ ‬ربما‭ ‬من‭ ‬ضغوط‭ ‬لا‭ ‬يستطيعون‭ ‬التعبير‭ ‬عنها‭ ‬بوضوح‭.‬

المراهقون‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭ ‬ليسوا‭ ‬مجرد‭ ‬أرقام‭ ‬في‭ ‬الإحصائيات،‭ ‬لكن‭ ‬الأرقام‭ ‬تعكس‭ ‬واقعهم‭ ‬الصعب‭. ‬بحسب‭ ‬بيانات‭ ‬موقعPopulationPyramid‭ ‬لعام‭ ‬2023،‭ ‬يُقدَّر‭ ‬أن‭ ‬19‭.‬1‭ % ‬من‭ ‬سكان‭ ‬ليبيا‭ ‬تتراوح‭ ‬أعمارهم‭ ‬بين‭ ‬10‭ ‬و19‭ ‬عاماً،‭ ‬أي‭ ‬حوالي‭ ‬1‭.‬4‭ ‬مليون‭ ‬مراهق،‭ ‬يعيشون‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬مجتمع‭ ‬يتوقع‭ ‬منهم‭ ‬الكثير،‭ ‬لكنه‭ ‬لا‭ ‬يمنحهم‭ ‬مساحة‭ ‬للتعبير‭. ‬البعض‭ ‬يجد‭ ‬طريقه‭ ‬في‭ ‬الدراسة‭ ‬أو‭ ‬الرياضة،‭ ‬والبعض‭ ‬الآخر‭ ‬يبحث‭ ‬عن‭ ‬مهرب‭ ‬في‭ ‬طرق‭ ‬أكثر‭ ‬خطورة،‭ ‬قد‭ ‬تبدأ‭ ‬كتجربة‭ ‬وتنتهي‭ ‬إدماناً‭.‬ 

تقرير‭   : ‬منال‭ ‬الهمشري

‭ ‬سجناء‭ ‬خلف‭ ‬قضبان‭ ‬التوقعات

أحمد،‭ ‬17‭ ‬عاماً،‭ ‬يعيش‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬ضواحي‭ ‬طرابلس،‭ ‬لكنه‭ ‬لم‭ ‬يشعر‭ ‬يومًابأنه‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬المكان‭ ‬من‭ ‬حوله‭. ‬منذ‭ ‬صغره،‭ ‬كان‭ ‬يتعرض‭ ‬لضغط‭ ‬عائلي‭ ‬كبيرليتفوق‭ ‬دراسياً،‭ ‬ليكون‭ ‬‮«‬ابناً‭ ‬مثالياً‮»‬،‭ ‬لكنه‭ ‬لم‭ ‬يجد‭ ‬من‭ ‬ينصت‭ ‬إليه‭ ‬عندما‭ ‬كان‭ ‬يواجه‭ ‬مشاكله‭. ‬‮«‬كنت‭ ‬أشعر‭ ‬أنني‭ ‬مجرد‭ ‬آلة‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تؤدي‭ ‬المطلوب‭ ‬منها‭. ‬لم‭ ‬أسأل‭ ‬نفسي‭ ‬حتى‭ ‬ماذا‭ ‬أريد،‭ ‬لأن‭ ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬كان‭ ‬يهتم‭ ‬بذلك‭.‬‮»‬

بمرور‭ ‬الوقت،‭ ‬بدأ‭ ‬أحمد‭ ‬يبحث‭ ‬عن‭ ‬متنفس،‭ ‬فوجد‭ ‬في‭ ‬أغاني‭ ‬الراب‭ ‬صوتاً‭ ‬يُعبّر‭ ‬عنه‭. ‬كلمات‭ ‬الأغاني‭ ‬التي‭ ‬تتحدث‭ ‬عن‭ ‬الغضب،‭ ‬الضياع،‭ ‬التمرد،‭ ‬جعلته‭ ‬يشعر‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يفهمه‭ ‬أخيراً‭. ‬لكن‭ ‬مع‭ ‬تصاعد‭ ‬الضغوط،‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬الموسيقى‭ ‬كافية‭. ‬بدأ‭ ‬بالتدخين،‭ ‬ثم‭ ‬جرب‭ ‬الحشيش‭ ‬مع‭ ‬أصدقائه‭. ‬‮«‬لم‭ ‬يكن‭ ‬الأمر‭ ‬مخططاً‭ ‬له،‭ ‬لم‭ ‬أفكر‭ ‬أنني‭ ‬سأصبح‭ ‬مدمناً،‭ ‬لكن‭ ‬في‭ ‬لحظة‭ ‬ما،‭ ‬شعرت‭ ‬أنني‭ ‬بحاجة‭ ‬لهذا‭ ‬الشعور‭ ‬بالخدر،‭ ‬للهروب‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬شيء‭.‬‮»‬

لكن‭ ‬أحمد‭ ‬ليس‭ ‬الوحيد‭ ‬الذي‭ ‬يعيش‭ ‬هذه‭ ‬التجربة‭. ‬عماد،‭ ‬شاب‭ ‬يبلغ‭ ‬من‭ ‬العمر‭ ‬20‭ ‬عاماً،‭ ‬يعمل‭ ‬بشكل‭ ‬متقطع‭ ‬في‭ ‬أحد‭ ‬مقاهي‭ ‬طرابلس‭ ‬وطالب‭ ‬غير‭ ‬منتظم‭ ‬في‭ ‬كلية‭ ‬التقنية‭. ‬عندما‭ ‬سألناه‭: ‬‮«‬لمن‭ ‬تبوح‭ ‬بأسرارك؟‮»‬،‭ ‬صمت‭ ‬للحظة،‭ ‬ثم‭ ‬ابتسم‭ ‬قائلاً‭:‬

‮«‬أنا‭ ‬لا‭ ‬أحب‭ ‬أن‭ ‬أحكي‭ ‬أسراري‭ ‬لأحد،‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬صندوق‭ ‬خاص‭ ‬بي‭ ‬وحدي‭. ‬رأسي‭ ‬وأفكاري‭ ‬هما‭ ‬الرفيق،‭ ‬ربما‭ ‬لأنني‭ ‬لا‭ ‬أثق‭ ‬في‭ ‬الناس‭ ‬بسهولة،‭ ‬ولاأعرف‭ ‬مدى‭ ‬قدرتهم‭ ‬على‭ ‬احتوائي‭. ‬حتى‭ ‬أصدقائي،‭ ‬أشاركهم‭ ‬فقط‭ ‬الأمور‭ ‬التي‭ ‬تجمعنا،‭ ‬لا‭ ‬أكثر‭.‬‮»‬

أما‭ ‬عن‭ ‬عائلته،‭ ‬فيقول‭: ‬‮«‬أبي‭ ‬وأمي‭ ‬طيبان‭ ‬ويضحّيان‭ ‬من‭ ‬أجلنا،‭ ‬لكن‭ ‬لاأريد‭ ‬أن‭ ‬أرهقهما‭ ‬بمشاكلي‭ ‬أو‭ ‬أزيد‭ ‬من‭ ‬قلقهما‭. ‬نحن،‭ ‬جيل‭ ‬الشباب،‭ ‬نعيش‭ ‬أصعب‭ ‬الظروف‭ ‬رغم‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬متوفر‭ ‬حولنا‭. ‬بيئتنا‭ ‬غير‭ ‬آمنة،‭ ‬بلا‭ ‬قوانين‭ ‬واضحة،‭ ‬ولا‭ ‬يمكنني‭ ‬أن‭ ‬أقول‭ ‬لأمي‭ ‬إنني‭ ‬أفكر‭ ‬في‭ ‬ترك‭ ‬الدراسة‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬الانضمام‭ ‬إلى‭ ‬ميليشيات‭ ‬مسلحة‭ ‬لأضمن‭ ‬مستقبلي‭ ‬في‭ ‬الشارع‭.‬‮»‬

بينما‭ ‬يرى‭ ‬محمد،‭ ‬طالب‭ ‬في‭ ‬المرحلة‭ ‬الثانوية،‭ ‬والذي‭ ‬كان‭ ‬أكثر‭ ‬انفتاحًا،‭ ‬إذ‭ ‬قال‭:‬

‮«‬لديّ‭ ‬صديق‭ ‬مشترك‭ ‬أعتبره‭ ‬البئر‭ ‬الآمن‭ ‬لأسراري،‭ ‬وأمي‭ ‬أيضاً‭. ‬لكنني‭ ‬لاأخبرها‭ ‬بكل‭ ‬شيء،‭ ‬فقط‭ ‬بالأمور‭ ‬التي‭ ‬أعتقد‭ ‬أنها‭ ‬ستتفهمها‭. ‬أما‭ ‬أبي،‭ ‬فأحاول‭ ‬إرضاءه‭ ‬وأخفي‭ ‬عنه‭ ‬الكثير‭. ‬وعندما‭ ‬أشعر‭ ‬بالانزعاج‭ ‬الشديد،‭ ‬ألجألمواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬وأتحدث‭ ‬مع‭ ‬غرباء،‭ ‬ثم‭ ‬أقطع‭ ‬اتصالي‭ ‬بهم‭ ‬بعد‭ ‬فترة‭.‬‮»‬

‭ ‬الأمهات‭ ‬كملاذ‭ ‬أخير

لكن‭ ‬ماذا‭ ‬عن‭ ‬الأمهات؟‭ ‬هل‭ ‬يجد‭ ‬المراهق‭ ‬مساحة‭ ‬آمنة‭ ‬داخل‭ ‬الأسرة‭ ‬للبوح‭ ‬بمشاكله‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يقع‭ ‬في‭ ‬الخطأ؟‭ ‬آمال‭ ‬فطيطيح،‭ ‬وهي‭ ‬أم‭ ‬لمراهق‭ ‬يبلغ‭ ‬من‭ ‬العمر‭ ‬15‭ ‬عاماً،‭ ‬تتحدث‭ ‬عن‭ ‬تجربتها‭ ‬مع‭ ‬ابنها،‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يلجأ‭ ‬إليها‭ ‬إلابعد‭ ‬وقوع‭ ‬المشكلة‭.‬

‮«‬ابني‭ ‬عادة‭ ‬لا‭ ‬يخبرني‭ ‬بما‭ ‬يدور‭ ‬في‭ ‬رأسه‭ ‬إلا‭ ‬بعد‭ ‬فوات‭ ‬الأوان‭. ‬عندما‭ ‬يقع‭ ‬في‭ ‬ورطة،‭ ‬يأتي‭ ‬ليطلب‭ ‬المساعدة،‭ ‬وأحاول‭ ‬دائمًا‭ ‬تهدئته‭ ‬وإخباره‭ ‬بأنني‭ ‬سأكون‭ ‬إلى‭ ‬جانبه‭. ‬أسامحه‭ ‬سريعاً،‭ ‬لكنني‭ ‬لا‭ ‬أترك‭ ‬الأمر‭ ‬يمر‭ ‬دون‭ ‬حديث‭ ‬جاد‭ ‬عن‭ ‬العواقب،‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬عليه،‭ ‬بل‭ ‬علينا‭ ‬جميعاً‭ ‬كعائلة‭.‬‮»‬

وترى‭ ‬آمال‭ ‬أن‭ ‬غياب‭ ‬الحوار‭ ‬المسبق‭ ‬يجعل‭ ‬المشكلة‭ ‬تتكرر،‭ ‬‮«‬المشكلة‭ ‬أن‭ ‬والده‭ ‬لا‭ ‬يعرف‭ ‬سوى‭ ‬أسلوب‭ ‬الضرب‭ ‬عندما‭ ‬يخطئ،‭ ‬لذلك‭ ‬لا‭ ‬يجرؤ‭ ‬على‭ ‬الحديث‭ ‬معه‭ ‬أبداً،‭ ‬ربما‭ ‬لهذا‭ ‬السبب‭ ‬يفضل‭ ‬الصمت‭ ‬حتى‭ ‬يقع‭ ‬في‭ ‬الخطأ‭.‬‮»‬

تضيف‭ ‬آمال‭ ‬أن‭ ‬ابنها‭ ‬يشعر‭ ‬أحيانًا‭ ‬أن‭ ‬والده‭ ‬ليس‭ ‬بجانبه،‭ ‬بل‭ ‬يقف‭ ‬ضده،‭ ‬خاصة‭ ‬عندما‭ ‬يتعلق‭ ‬الأمر‭ ‬بقراراته‭ ‬الشخصية‭. ‬‮«‬هو‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬السن‭ ‬يرى‭ ‬أنه‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يتمتع‭ ‬بالحرية،‭ ‬وأن‭ ‬حياته‭ ‬لا‭ ‬تقتصر‭ ‬على‭ ‬أسرته‭ ‬فقط،‭ ‬ولاتتمثل‭ ‬في‭ ‬الأب‭ ‬وحده‭. ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يستكشف‭ ‬العالم،‭ ‬لكن‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مرة‭ ‬يحاول،‭ ‬يجد‭ ‬نفسه‭ ‬محاصراً‭ ‬بين‭ ‬الخوف‭ ‬من‭ ‬العقاب‭ ‬وبين‭ ‬رغبته‭ ‬في‭ ‬اتخاذ‭ ‬قراراته‭ ‬بنفسه‭.‬‮»‬

لماذا‭ ‬يرفض‭ ‬المراهقون‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬مشاعرهم؟

التقرير‭ ‬الصادر‭ ‬عن‭ ‬المجلس‭ ‬الوطني‭ ‬للتطوير‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬يؤكد‭ ‬أن‭ ‬المراهقين‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭ ‬يواجهون‭ ‬تحديات‭ ‬عائليةواجتماعية‭ ‬معقدة،‭ ‬منها‭:‬

60%‭ ‬من‭ ‬المراهقين‭ ‬يشعرون‭ ‬بعدم‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬التحدث‭ ‬بصراحة‭ ‬مع‭ ‬والديهم‭.‬

45%‭ ‬يعانون‭ ‬من‭ ‬ضغط‭ ‬نفسي‭ ‬شديد‭ ‬بسبب‭ ‬التوقعات‭ ‬الدراسية‭ ‬والمجتمعية‭.‬

أكثر‭ ‬من‭ ‬30‭% ‬من‭ ‬المراهقين‭ ‬يبحثون‭ ‬عن‭ ‬طرق‭ ‬بديلةللتعامل‭ ‬مع‭ ‬مشاكلهم،‭ ‬سواء‭ ‬عبر‭ ‬الإنترنت،‭ ‬أو‭ ‬العزلة،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬تجربة‭ ‬المخدرات‭.‬

بحسب‭ ‬الطبيبة‭ ‬النفسية‭ ‬يسرى‭ ‬عمار،‭ ‬فإن‭ ‬معظم‭ ‬المراهقين‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭ ‬لديهم‭ ‬إحساس‭ ‬عالٍ‭ ‬بمشاعرهم،‭ ‬لكنهم‭ ‬يفتقرون‭ ‬إلى‭ ‬الوعي‭ ‬الكافي‭ ‬بكيفية‭ ‬التعامل‭ ‬معها‭ ‬بشكل‭ ‬صحي‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬لا‭ ‬توجدإحصائيات‭ ‬دقيقة‭ ‬حول‭ ‬عدد‭ ‬المراهقين‭ ‬الذين‭ ‬يسعون‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬الدعم‭ ‬النفسي‭. ‬تضيف‭ ‬يسرى‭:‬

‮«‬كثير‭ ‬من‭ ‬المراهقين‭ ‬يبحثون‭ ‬عن‭ ‬طرق‭ ‬بديلة‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬الألم‭ ‬النفسي،‭ ‬مثلا‭ ‬لعزلة‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬الإدمان،‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬اللجوء‭ ‬إلى‭ ‬العلاج‭. ‬المشكلة‭ ‬ليست‭ ‬فقطفي‭ ‬رفضهم‭ ‬للعلاج‭ ‬النفسي،‭ ‬بل‭ ‬في‭ ‬الوصمة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬المرتبطة‭ ‬به‭. ‬في‭ ‬ثقافتنا،‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬المرض‭ ‬النفسي‭ ‬يُنظر‭ ‬إليه‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬ضعف،‭ ‬مما‭ ‬يمنعالكثير‭ ‬من‭ ‬العائلات‭ ‬من‭ ‬دعم‭ ‬أبنائها‭ ‬في‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬المساعدة‭.‬‮»‬

وتشير‭ ‬أيضًا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬قلة‭ ‬عدد‭ ‬الأطباء‭ ‬النفسيين‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭ ‬وضعف‭ ‬الخدمات‭ ‬النفسية‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬الريفية‭ ‬يجعل‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬العلاجأكثر‭ ‬صعوبة‭.‬

وتضيف‭: ‬‮«‬معظم‭ ‬العائلات‭ ‬لا‭ ‬تلجأ‭ ‬لطلب‭ ‬المساعدة‭ ‬إلا‭ ‬عندما‭ ‬يصبح‭ ‬سلوك‭ ‬المراهق‭ ‬غير‭ ‬طبيعي‭ ‬بشكل‭ ‬حاد،‭ ‬مثل‭ ‬الانعزال‭ ‬التام‭ ‬أو‭ ‬اللجوء‭ ‬إلى‭ ‬الإدمان‭. ‬هناك‭ ‬حاجة‭ ‬ملحة‭ ‬لزيادة‭ ‬الوعي‭ ‬بين‭ ‬الأسر،‭ ‬حتى‭ ‬يدركوا‭ ‬أن‭ ‬الصحة‭ ‬النفسية‭ ‬لا‭ ‬تقل‭ ‬أهمية‭ ‬عن‭ ‬الصحة‭ ‬الجسدية‭.‬‮»‬

ما‭ ‬الحل؟

قصص‭ ‬مثل‭ ‬قصص‭ ‬أحمد،‭ ‬وعماد،‭ ‬ومحمد‭ ‬تتكرر‭ ‬يومياً‭ ‬وغيرهم‭ ‬كثر‭ ‬ربما‭ ‬في‭ ‬السجون‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬حجر‭ ‬مظلمة‭ ‬منزوية‭ ‬او‭ ‬يجوبون‭ ‬الشوارع‭ ‬بلا‭ ‬وجهة‭ ‬معلومة

‭ ‬المراهق‭ ‬الليبي‭ ‬يجد‭ ‬نفسه‭ ‬محاصراً‭ ‬بين‭ ‬ضغوط‭ ‬الأسرة‭ ‬والمجتمع،‭ ‬وبين‭ ‬حاجته‭ ‬إلى‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬نفسه‭ ‬بحرية،‭ ‬وفي‭ ‬غياب‭ ‬الدعم،‭ ‬قد‭ ‬يلجأ‭ ‬إلى‭ ‬المخدرات‭ ‬أوالموسيقى‭ ‬كملاذ‭ ‬أخير‭.‬

لكن‭ ‬السؤال‭ ‬الحقيقي‭ ‬هو‭: ‬هل‭ ‬سننتظر‭ ‬حتى‭ ‬يتحول‭ ‬الهروب‭ ‬إلى‭ ‬ضياع‭ ‬كامل،‭ ‬أم‭ ‬أننا‭ ‬سنبدأ‭ ‬في‭ ‬الاستماع‭ ‬إليهم‭ ‬حقاً‭ ‬قبل‭ ‬فوات‭ ‬الأوان؟

Share this content:

إرسال التعليق