الطب والفروسية والطيران ثلاثة ميادين وامرأة واحدة
حين تتقدّم نحو حلم، لا تسير… بل تُحلّق ،هي طبيبة بيطرية لا تكتفي بملامسة الحياة من خلف المعطف الأبيض، بل تعيشها كاملة فوق السرج وتحت المظلة وبين رفرفة الأجنحة.
هي الفارسة التي لا تنزل عن صهوة الخيل إلا لتحلّق في السماء… أول شابة ليبية تخوض تجربة الطيران بالمظلة، ورئيسة منتخب الطيران الشراعي، ومدربة تحمل على كتفيها طموح جيل جديد يرى في الريح فرصة لا تحديًا.
عاشقة للخيل، تربّيها كما تُربّي الحلم: بصبر واحتراف ودفء.
في حضورها، تذوب الحدود بين الأرض والسماء، بين العلم والشغف، بين الانضباط والحرية.
في هذا الحوار، نحاول أن نوازي خطواتها، ونصغي إلى امرأة جعلت من التعدد قوّتها، ومن الحلم ميدانها المفتوح.
منة الله العامري :
من الأرض إلى السماء
طبيبة تمتطـي الحلــم بجناحيـــن وحوافــــر
حاورتها : فائزة العجيلي
البدايات
لكل رحلة بداية، حول البدايات سألنا منة الله العامري..
كيف تعرّف منة الله العامري نفسها للجمهور؟
أنا منة العامري طبيبة بيطريةً ورائدة في مجال الرياضة.
حول النشأة والطفولة
حدثينا عن نشأتكِ وبداياتكِ والطفولة وعن البدايات مع الفروسية والطيران والطب البيطري.
نشأت في عائلة مؤمنة بأن لكل فرد هواية ويجب اكتشافها وتطويرها وهي من بحثت في داخلي عن اهتماماتي منذ الصغر واكتشاف رغبتي للفروسية وسعيي وراء رياضات المغامرات، فكانت داعمي وسندي .
ما الذي دفعكِ لاختيار هذه المسارات الثلاثة المختلفة؟ وكيف تمكنتِ من التوفيق بينها حتى اصبحت كلها في سجل منة العامري؟
لكل منا شخصية ذات ملامح فأنا أحمل حب المغامرة والتي جاءت من حبي «للايف ستايل» الذي أعد نفسي شغوفة به ولأن هذه المجالات تلتقي في المغامرة كانت محل اهتمام لي و سبب التوفيق فيها مجتمعة فهي مجالات كلها مترابطة وذات صلة ببعضها .
الطب البيطري
لماذا اخترتِ دراسة الطب البيطري تحديدًا؟ وما الصعوبات التي واجهتكِ كامرأة في هذا المجال خصوصا وأن البعض لا يراه خيارا مألوفا ونمطيا؟
اخترته لكونه أقرب مجالا من «لايف ستايل» الخاص بمنة العامري المتمثل في المغامرات و الخيل و حب الطبيعة حيث يمكنني وأنا أمارس هواياتي مساعدة ما يصادفني و بشكل عام لم أهتم له من جانب مادي بل من جانب الرحمة و المساعدة.
لا يوجد أي صعوبات بتاتاً وهذا السؤال في غير محله وكانه تقليل من قدرة المرأة وهو مجال طبي عادي جدا ولمن لا يعلم هو لا ينقص المرأة ومن يرى غير ذلك فلديه مشكلة وقصر نظر وللعلم هذا المجال النساء اللاتي يمارسنه اكثر من الرجال سواء داخل بلدنا او خارجها لاتكاد تخلو عيادة بيطرية من وجود دكتورة ضمن طاقم العمل.
هل تمارسين مهنة البيطرة حاليا؟ وماذا تصفين تجربتك في عيادة الهلال الأزرق البيطرية؟
نعم ،أمارسها انسانيا من باب المساعدة بدون مقابل الان.
وداخل أبواب عيادة الهلال الأزرق البيطرية أعمل في مجالي الذي أحب.
الفروسية والرياضات الجوية
للخيل عشق خاص وقرب للروح قبل الجسد حول الخيل والفروسية
ما الذي جذبكِ إلى عالم الفروسية؟وماذا تعني لك الخيل؟
منذ الصغر كانت نظرة الأهل لي على أني فارسة وهكذا عملت فهم من أقحموني في هذا المجال حتى بات الخيل من أفراد عائلتي ابنائي.
ما أهم البطولات أو الإنجازات التي حققتها في هذا المجال؟
أهم إنجاز بالنسبة لي أقيمه بإنجاز ساحق على الصعيد المحلي كوني أول مدربة نسائية وأول من أعطى فرصة للبنات وخصص لهن اياما مفصولة عن الشباب وحققت رقما لم يحصده أي مدرب شباب من قبل وهو أني قمت بتدريب مايفوق ال 500 فتاة وطفل ،
و أول من قام بإشهار هذه الرياضة على نطاق واسع في السوشيال ميديا وزرع فكرة قفز الحواجز من غير المتعارف عليها في بلدنا وهي الميز الشعبي حيث الناس بدأت تنخرط في هذا المجال وتبحث عن نواد وتكاد كل النوادي الآن تضم أعدادا ممتازة من المشتركين ولايكاد يخلو اسم فروسية قفز الحواجز بدون ترابط مع اسم منة العامري .
أما عن السماء وجمال التحليق وأن يصبح الهاوي نديما للريح والفضاء
كيف بدأت منة الله العامري رحلتها في الطيران الشراعي؟ وما الشعور الذي يغمركِ عندما تحلقين في السماء؟
رحلتي في الطيران الشراعي كانت من باب رؤية الأرض والتضاريس من منظور ثان والبحث عن فوبيا حقيقية وخوض تجربة فيها تحد ومغامرة، أما عن الشعور فهو لا يكاد يوصف مع صفاء الذهن و الانفرادية مع السماء وترادف الرياح.
كأول رئيسة للمنتخب النسائي للطيران الشراعي في ليبيا، ما هي رؤيتكِ لتطوير هذه الرياضة وتشجيع النساء على الانخراط فيها؟
الحمد الله أينما حللت حلت المراكز الأولى مثلما سطرت فروسية قفز الحواجز باسمي أخطو على هذه الخطا لرسم أفكار وبيئة داعمة وتأمين مناخ ممتاز لنشر هذه الرياضة على الصعيد المحلي.
ووضع إستراتيجيات ومشروع تدريبي وإعدادي، و من يعرف «منة» يعرف مدى دعمها للرياضيات جميعاً وانا جاهزة لدعم أية فتاة في أي مجال رياضي و الوقوف بجانبها إلى جانب مشاركاتي الدولية في الإمارات.
المرأة في الرياضات غير التقليدية
ما التحديات التي واجهتكِ كامرأة في الفروسية والطيران؟ وكيف تغلبتِ عليها؟
منذ 2014 نعاني من احتكار لهذه الرياضات لصالح الذكور وحرمان النساء منها، ولكن هذا الأمر لم يفلح مع منه العامري التي كسرت القاعدة و غيرت المقاييس وأثبتت وجود المرأة في هذه الرياضات في هذا المجتمع ولا سلطة علينا نحن النساء طالما لدينا القدرة على تحقيق النجاح وخوض غمار الصعاب والظفر وإثبات الذات وبالاستقلالية أستطيع أن أقول إني تغلبت على كل هذه الأمور وعملت على تطوير ذاتي ومهاراتي حتى أصبح لا يوجد منافس لي في هذه الرياضات وأؤكد من لم يستطع أن يوقفني منذ اول يوم فلن يوقفني الآن بعد عشر سنوات.
هل تلقّيتِ دعمًا مجتمعيًا في رحلتكِ الرياضية، أم واجهتِ صعوبات بسبب العادات والتقاليد؟
لا أرى هذا الجانب في حياتي بتاتا أنا إنسانة مستقلة مستقل بذاتها كل مآ افعله شخصي لا يمثل المجتمع في شي ولا يمثلني رأيه في شيء وهذا سبب استمراري وعدم فشلي بالنظر إلى ما يستهوى المجتمع.
كيف يمكن تشجيع الفتيات الليبيات على دخول مجالات رياضية غير تقليدية مثل الفروسية والطيران الشراعي؟
لا يمكن تشجيع أحد طالما لاتوجد لديه ميول ورغبة، فلكل شخص رغباته واهتماماته، ولكوني مهتمة بهذه الرياضات فأنا أوفر كل الدعم لمن كانت لديهن الرغبة وأخصص لكل منهن ما يناسبها من التعلم وبيئة داعمة ومشجعة ومناخ مهيء حسب حاجة كل متدربة كالاعتزال عن البقية والتعلم الفردي وتوفير التعلم في المجال المفتوح وسنسعى لتوفير كل متطلبات الشابات الراغبات والهاويات لهذه الرياضات بإذن الله.
التوازن بين المجالات الثلاثة
كيف تتمكنين من الموازنة بين الطب البيطري والفروسية والطيران الشراعي؟
أمر اعتيادي بالنسبة لي، فلكل شيء وقت، فأنا أمارس أشياء أخرى وأستطيع فعل ذلك طالما أدير الوقت وأنظمه بالشكل المطلوب مع وجود قواسم مشتركة بين هذه الرياضات.
ما الذي يعكسه تعدد اهتماماتكِ عن شخصيتكِ وطموحاتكِ؟
اهتماماتي كلها مترابطة ب «الايف» ستايل الخاص بي
هذا ما أركز عليه وأطمح لتحقيقه ومايميزني عن المستقبل والطموحات.
التدريب إلى جانب اهتماماتي الأخرى
ما هي مشاريعكِ المستقبلية في كل من الطب البيطري، الفروسية، والطيران الشراعي؟
سوف اتعمق بفكرة «الهايكنج» و التخييم لمساعدة أكبر قدر ممكن من الحيوانات البرية وهذا مترابط مع الخيل ومترابط مع الطيران الشراعي.
أجد نفسي في كل هذا ولن أتوقف إلى أن أحققه.
هل لديكِ أهداف على المستوى الدولي، سواء في الرياضة أو في المجال البيطري؟
نعم، بالتاكيد وأنا الآن اسير على هذا الدرب، الآن تجاوزت الدرب المحلي من خلال مشاركاتي في مسابقات دولية وعربية وتحقيق نجاحات والظفر بجوائز.
ما النصيحة التي تقدمينها للشباب الليبي، خاصة الفتيات، اللاتي يسعين لتحقيق أحلامهم رغم التحديات؟
أهم شيء الاستقلال المادي.. الدخل الممتاز قبل الانخراط في تحقيق أي من هذه الأحلام
ما هي اللحظة الأكثر إثارة التي مررتِ بها أثناء الطيران الشراعي؟
رفع علم عيد الأم في السماء
إذا كان بإمكانكِ اختيار رياضة أو مهارة جديدة لإتقانها، ماذا ستكون؟ ولماذا؟
هايكنج و الدراجات النارية قريباً جدا الهايكنج مترابطة مع الطيران و الطب.
كيف تقضي منة العامري وقت فراغها بعيدًا عن العمل والرياضة؟
كل شيء مرتبط ومكمل للآخر في وقت الفراغ أمارس التمارين الارضية المتعلقة بالطيران الشراعي.
Share this content:
إرسال التعليق