الوجه الأسود للأسد
» بقلم عصام فطيس
السجون انتشرت أكثر من المستشفيات والمدارس ، وكانت تتسابق في القمع والتنكيل بالمعتقلين
على خطا الرئيس التونسي الراحل زين العابدين بن علي اختار الرئيس السوري بشار الأسد أن يضع حداً لحكمه لسوريا مفضلاً الهرب من بلاده متوجهاً إلى موسكو بعد أن أدرك سقوط حكمه .
عشرة أيام أو أحد عشر يوماً كانت كافية لوضع حد لحكم عائلة الأسد التي استمرّت لأربعة وخمسين عاماً بين الأسد الأب و وريثه الابن بشار ، وجاء السقوط المدوي للأسد ليكشف عن الوجه القبيح والمأساوي للنظام الذي اعتقدنا لعقود أنه حامي حمى القومية، لتتبين وحشيته في تعامله مع أبناء شعبه حيث امتلأت المعتقلات والسجون بآلاف الرجال والنساء والأطفال الذين تعرضوا لأبشع أنواع التنكيل ، تقارير منظمة العفو الدولية وثقت قيام النظام بتنفيذ إعدامات جماعية سرية شنقاً بحق 13 ألف معتقل، غالبيتهم من المدنيين المعارضين في سجن صيدنايا بدمشق خلال خمس سنوات منذ بداية الثورة في سورية ، بالإضافة للآلاف الآخرين في السجون في باقي المحافظات السورية ، فالسجون في ظل حكم الأسد انتشرت أكثر من المستشفيات والمدارس ، وكانت تتسابق في القمع والتنكيل بالمعتقلين .
أعمال القمع وجدت بسوريا قبل اندلاع الاحتجاجات الشعبية ضد حكم الأسد الا أنها ازدادت بشكل غير مسبوق بعد اندلاع الاحتجاجات ، ودون الدخول في تفاصيل الحرب التي شهدتها سوريا بدعم من أطراف إقليمية وعربية ، تواصلت لثلاثة عشر عاماً قضت على الأخضر واليابس وأدّت لموجة هجرة وترحيل إلى دول الجوار ، يظل المأزق الأخلاقي الذي وقعت فيه السلطة الحاكمة في سوريا في تعاملها اللا إنساني مع المطالب الشرعية البسيطة للشعب السوري وحقه في حياة كريمة واحترام لحقوقه ،مثال صارخ على فشل الأنظمة الشمولية في تحقيق تطلعات شعوبها في الأمن والاستقرار والحرية ، واختيارها الاتجاه لفرض الأمن والاستقرار على حساب احترام حقوق الإنسان وآدمية شعوبها .
القادم سيكون أصعب إلا إذا أدرك الشاميون أن البلدان تؤسّس على القانون والعدالة لاعلى الانتقام
سقط نظام الأسد إلى غير رجعة ، وظهرت حقائق مفزعة عما كان يدور في صيدنايا وأخواتها ، وهي حقائق جعلتنا نكفر بالقومية ومحور المقاومة الذي لم يحترم يوما آدمية الإنسان .
فر الأسد على متن طائرة روسية إلى موسكو تلاحقه لعنات آلاف القتلى في حربه العبثية على الشعب السوري ومع سقوط نظامه ستعمل الشام على استعادة روحها ولن يكون ذلك فالتحديات أمام الشعب السوري كثيرة وكبيرة ، في ظل التركيبة السكانية المعقدة وسنوات الحرب الطويلة والنسيج الاجتماعي الممزق ، فعملية بناء دولة جديدة تحتاج لوقت طويل خاصة أن معالجة آثار الحرب لن تكون هينة ، على الهيأة المسيطرة على مقاليد الأمور في الشام أن تستفيد من تجارب الدول التي سبقتها وألا ترتكب ذات الأخطاء التي وقعت في البلدان التي سبقتها ، وإلا فإنها ستسير على ذات الخطا .
هروب بشار وسقوط البعث لا يعني أن الأحوال قد استقامت في سوريا ، فالقادم سيكون أصعب إلا إذا أدرك الشاميون أن البلدان تؤسّس على القانون والعدالة لا على الانتقام ، لتزهر أشجار الياسمين والنارنج من جديد ولتعود الحياة لدمشق وحلب ودرعا وحمص .