وكـــانت صـــــادمــــــة
إشراف : منى أبوعزة
مريم فتاة في التاسعة عشرة من عمرها ولكنها بدت فتاة كبيرة ومتزنة وواثقة ،هادئة ذات ملامح بريئة .
سألتها : مالقصة يامريم ؟.. قالت بكل بساطة :
أمي لاترغب في رؤيتي أو الاعتراف بي وأنا أتوق لرؤيتها .. قلت لها لماذا ومنذ متى لم تقابلي أمك ؟
قالت : منذ أن ولدتني .. بصراحة نزل عليّ الخبر كالصاعقة .. كيف حدث ذلك ؟ ولماذا لم تقابليها منذ الولادة ؟ وأين هي الآن ؟
قالت مريم ولدت في مدينة أخرى هي مدينة أمي التي التقى بها والدي بسبب تواجدهما في نفس العمل وبعد عام من المشاكل المريرة بسبب أهلها وتدخلاتهم المستمرة في حياة أمي وأبي حدث الطلاق وهي حامل بي في شهرها السادس .. وعند الطلاق تم الاتفاق على أن يتسلمني أبي بعد الولادة مباشرة لأن أهلها لا يرغبون بتربيتي .. ووافق أبي على ذلك .. وولدتني أمي و بعد عشرين يوماً من ولادتي تسلمني أبي ورجع إلى منطقته وعشت معه سنوات عمري .
سألتها : ولماذا لم تسألِي أمك ؟
قالت : عشت وأنا أظن أن زوجة أبي هي أمي ….
زوجة أبي سيدة جيدة تتعامل معي بطريقة معتدلة ولكن دائما ً ماكنت أشعر بأن هناك فرقا حتى وإن لم يكن كبيراً بيني وبين إخوتي في المعاملة ..
ولطالما كان هناك صدام بينها وبين أبي بسببي ،،
علمني أبي حرفة جميلة منذ سن العاشرة وهي التصوير فاحترفتها وأصبحت أجني مبلغاً محترماً منها ..
أحسست بإصرار أبي على أن يجعلني دائماً مشغولة ولا مجال للتفكير في قلقي من معاملة أمي التي هي في الأساس زوجة أبي .
كيف عرفت أنها ليست أمك ؟ شككت في الأمر عندما احتجت شهادة ميلاد من أجل المدرسة ورفض أبي أن يعطيها لي وأخذها لإدارة المدرسة بالسر وبطريقة غريبة .. وبدأت ألح على والدي بطلب تفسيرات عن مكان ولادتي وأسأل زوجة أبي كيف ولدتني ؟ وكيف كنت وأنا صغيرة ؟ أين صوري؟ ولكن دائماً كانت تتهرب من الإجابة إلى أن التقيت يوماً صدفة بعائلة أصدقاء أبي وأمي الحقيقية فى مكان عام .. وتحدثت السيدة أمامي أنني اُشبه أمي فارتبك الجميع ثم أكملت جملتها بذكر اسم أمي .. وقالت إنها لايمكن أن تكون بعقلها وتفرط في فلذة كبدها فلابد أنها نادمة وتعيسة .. ساد الجلسة صمت غريب .
رجعنا إلى البيت وتناقشت مع والدي وحلفته أن أعرف الحقيقة ولكنه رفض فاضطررت للتفتيش في غرفته إلى أن وجدت كتيب العائلة وعرفت أنني من أم أخرى وعرفت اسمها واُصبت بصدمة كبيرة وبدأ هذا السر يجعلني عصبية وفقدت الكثير من وزني وبهجتي وشغفي للعمل والدراسة تواصلت مع تلك العائلة بعد أن أخذت رقمها من والدي وحصلت على رقم أمي بعد عام من الحادثة …. والغريب أنني طيلة تلك الفترة لم أفتح الموضوع مع أبي لظروفه الصحية .. المهم تحدثت مع أمي وعرفتها بنفسي ولكن تفاجأت باقفالها الهاتف في وجهي .
حاولت مرة أخرى وأرسلت رسالة لها … وإذا بها بعد أيام تتصل بي وتؤنبني وقالت لي بالحرف : اتركيني وشأني لديّ عائلة وزوج صعب جداً وظهورك في حياتي سيربكها ، عيشي بسلام مع والدك … أردت أن أحكي لها عن نفسي ولكنها تجاهلتني ..
بعد فترة توفي أبي وساءت أموري النفسية خاصة بعد معاودة والدتي الاتصال بي ليس حباً في مقابلتي بل لكونها تعيش ظروفاً اقتصادية سيئة مع زوجها وأنه قاس ولايرغب في تواصلي معها .. كيف لها أن تستغل احتياجي ؟
جذر المشكلة : الطلاق وتبعياته ، وحجب الحقائق التي تخص النسب جرم كبير جداًيدفع ثمنه الأطفال .
الحل : شعور الحب تجاه أمها فطري ولايجب أن يسبب ضيقاً أو قلقاً مهما كانت الأسباب .. طلبت منها أن تعيش حياتها طبيعية في أسرتها الأصلية وأن ترعى إخوتها مع السيدة الفاضلة التي ربتها وأن تجعل علاقتها بأمها تأخذ مجراها الصحيح وأن تصاحبها في الدنيا بالمعروف .
خاتمة
لاستعادة توازنها النفسي بعد وفاة والدها تم عرضها على مستشار نفسي للبدء في جلسات التفريغ .