على فكرة إنشاء وزارة السعاد
استطـــلاع : د . عبدالله الوافي
حملنا الفكرة المتعلقة ببعث وزارة للسعادة في ليبيا أسوة ببعض دول الخليج العربي الهادر وأسوة ببعض دول أوروبا وعرضناها على عينة من الليبيين والليبيات حيث استهجن جلهم طرح الفكرة واعتبرها البعض نوعاً من أعراض إصابة المخيخ في رؤوسنا بمرض عقلي ..بينما نظر إلينا بعضهم نظرة شك وريبة كما تطاير شرر الغضب من أعين أخرى كثيرة .. وكانت ردة فعل البعض عنيفة وانصرف عنا البعض بعد أن سدد لنا كلمات أكثر عنفاً وهو يهز رأسه ساخراً .. آخرون ردوا ردوداً منطقية تناولوا فيها الواقع الليبي الأليم وغرابة أن نفكر أو يفكر البعض في استحداث وزارة للسعادة في دولة تعاني فيها وزارات السيادة من دفاع وداخلية وصحة واقتصاد من اضطراب خطير أدى إلى شلل تام أو شبه تام في إدارة تلك الحقائب الرئيسة والخطيرة في المجتمع الذي تنخره الفوضى الأمنية ويعيث فيه المفسدون في الأرض فساداً عظيماً نهباً وتقتيلاً وتخريباً .. وكان هذا الحوار ..
وزارة سعــادة لمزيــــد من
التعاسة والنهب
«كسا غير المكحل نسى»
أمينة سالم قالت بأن طرح الموضوع أمر لا يصدق إذ كيف يخطر ببال المواطن الليبي أو المسؤول الليبي أن يتقبل فكرة طرح موضوع يتعلق بوزارة سعادة في بلد هش تعاني فيه كل الوزارات من الهشاشة والضعف في ظل فوضى أمنية واجتماعية وفي ظل فوضى اقتصادية خطيرة قد تعصف بكل شيء في لحظة من اللحظات ليعود بنا الزمن إلى عصور الظلام وعصور الكهوف وفي ظل مورد حياتي وحيد ومهدد على الدوام بالقفل والاغلاق وهو النفط الذي تعاني حقوله من الاغلاق الرسمي حيناً والشعبي والشخصي أحياناً أخرى رغم انه المورد الاقتصادي الوحيد للشعب الليبي ..
أمينة أضافت بأن المثل الشعبي الليبي العامي الذي يقول ( كسى غير المكحل نسى) ينطبق على الليبيين وعلى هذه الفكرة التي تطرحونها حالياً والمثل يتحدث عن العريس الليبي الذي يحتاج لاستكمال فرحه إلى إمكانات كبيرة من بينها عش الزوجية باهظ التكاليف والى الذهب والحرير والألبسة والأطعمة والجمال التي تنحر وتأجير الصالات إلا أنه ينسى المكحل والمكحل هو السيخ المعدني الصغير الذي تستخدمه العروس في تكحيل عينيها وهو نقطة في بحر إمكانات العرس وتكاليفه ..
وكلام الأستاذة أمينة اسقاط هام على الحالة الليبية المزرية والتي تفتقد إلى كل المفردات الحياتية الأساسية وتفكر في بعث وزارة السعادة حالها حال العريس الذي لا يملك من تكاليف العرس إلا المكحلة ..
كيف نفكر في وزارة سعادة ونحن نعاني كل كآبة الكون
الأستاذ عبدالباسط الرطيب إعلامي رياضي رد علينا فقال :
أستاذ إن كان سؤالك من قبيل المزاح فأهلاً وسهلاً به ..وإن كان من قبيل الجد فإنني مضطر إلى القول بأن ارتفاع درجات الحرارة في هذا الصيف القائظ لها تأثير على المخيخ في عقولكم اذ كيف لعاقل أن يرتب أثاثا فاخراً في منزله الحديث قبل وضع السقف …
كيف لي أن أفكر في وزارة لزرع السعادة في القلوب وأنا مرعوب من بندقية أجدها موجهة نحوي في كل مكان وفي كل وقت ؟!.. كيف أفكر في السعادة وأنا أخشى مستقبلاً مخيفاً ينتظرني ؟.. كيف أفكر في السعادة وأطفالي جياع .. كيف أفكر في السعادة و وطني مستباح وأنا مواطن ذليل مقهور أعاني كل كآبة الكون؟. . يضيف الرطيب بأن السعادة لا تحتاج حقيبة وزارية فالسعادة تأتي لوحدها هي وكل شقيقاتها عندما يتوفر لي أمن مفقود و مستوى معيشة مريح وصحة وتعليم .. تتوفر السعادة حين أشعر بالأمان في وطني هنا السعادة الحقيقية أما أن نخصص لها حقيبة وزارية فهذا معناه المزيد من التعاسة والمزيد من الوجع والكآبة بالمزيد من الانفاق والمزيد من السرقة والنهب وإنهاك الميزانية العامة المنهكة أساساً …
سعادتنا في تأمين مرتباتنا وإحقاق القانون
هيفاء سالم البعيلي إذاعية وناشطة اجتماعية قالت بأن ليبيا بحاجة لتفعيل دور كل الوزارات القائمة حالياً ومنها وزارة الداخلية بكل مؤسساتها ووزارة السياحة والاقتصاد والشؤون الاجتماعية والشباب والرياضة والمواصلات والدفاع والزراعة وغيرها ، وأضافت بأن سعادة الشعب الليبي تكمن في توفر راتبه الشهري في وقته وبكل يُسر، وتكمن في توفر الخدمات الأساسية، كما هو الحال في معظم دول الخليج. وأضافت أيضا بان البلاد ليست بحاجة لإضافة وزارة أخرى تحت مسمى وزارة السعادة أسوة بدول الخليج، فنحن بحاجة لتفعيل القانون وتطبيقه على الجميع دون استثناء أو محاباة وتطبيقه على المسؤول قبل المواطن لنعيش شيئاً من السعادة من وراء عمل حكوماتنا.
دول الخليج ليست قدوة لنا
كيــــف أفكــر فـــــي السعــــــادة وأنا أخشى مستقبلاً مخيفاً ينتظرني ؟!. كيف أفكر في السعادة وأطفالي جياع ؟!. كيف أفكر في السعادة ووطني مستباح وأنا مواطن ذليل مقهور أعاني كل كآبة الكون؟
المنير المرناقي أستاذ الإعلام بجامعة الجفارة قال بأن دول الخليج التي بعثت وزارات للسعادة لا نعتبرها قدوة لنا لا في المهارة ولا في المسلك فتلك الدول تعيش أوضاعاً تختلف عن أوضاعنا وبيئة تختلف عن بيئتنا وتلك الدول ليست قدوة لنا حتى نقتدي بها بل نستهجن كل توجهاتهم السياسية والفكرية التي اتخذت من الانفتاح على العالم ومواكبة العولمة كما يدعون أن هذا هو طريق التحضر دون أي مراعاة لديننا الإسلامي الحنيف
أما السعادة من وجهة نظري فهي لا تستدعي وزارة وإنما تستدعي وطناً محافظاً على كل الشعائر الدينية والوطنية والعادات والتقاليد والتراث وسيادة البلاد واحترام العباد والمحافظة على أمنهم واستقرارهم وارساء ثقافة التسامح بين كل الليبيين وهذه هي السعادة الحقيقية التي تكون نابعة من القلوب لا من وزير يمنحنا قرارات تتعارض مع توجهاتنا .. تركنا الاستاذ المنير بعد تدوين ما قاله وإن كنا نتحفظ على بعض ما جاء في رده ونؤكد بأن آراء العينة لا تتسق بالضرورة مع رأي المجلة .
الدول التي يحق لها التفكير
في بعث وزارات للسعادة والترفيه
محمد خالد قال بأن الدول التي يحق لها أن تفكر في بعث وزارة للسعادة ووزارة للترفيه أيضاً هي تلك الدول الديمقراطية والتي تمتلك السيادة ويتمتع مواطنوها بكل حقوق المواطنة والاحترام والتقدير والحق في العمل والحق في السفر والحق في مرتب يسد الرمق ويسد كل الإمكانات وكل الاحتياجات ويتمتع أيضاً بحقوق الإنسان كلها ومن بينها حق التقاضي ضد كل طرف أو جهة أو مؤسسة بما في ذلك حق التقاضي في مواجهة رئيس الدولة كما يتمتع فيها المواطن بالتأمين الصحي وينام في بيته آمنا قرير العين لا يخشى على نفسه أو على حياته أو على ممتلكاته من النهب أو العبث أو التخريب . المواطن الذي ينتخب من يشاء ويسقط من يشاء ويرشح نفسه متى يشاء لخوض غمار أي منصب دون خوف أو وجل ويحاسب من يشاء ويتمتع بدستور شامل لكل حقوقه وكل واجباته .. مواطن يتمتع بحقوق التعبير والنقد وابداء الرأي في مختلف المؤسسات الإعلامية دون أن يتوقع أن تقوم المؤسسات الأمنية بضبطه والقبض عليه ومس كرامته أو اخفائه قسرياً كما يحدث عندنا .
أولئك المواطنون هم الذين من حقهم أن يتمتعوا بوزارة سعادة ووزارة ترفيه تكمل المشهد الإنساني الرائع الذي يعيشونه وليس نحن الذين نعاني شظف العيش ونعاني الحرمان من كل الحقوق للأسف الشديد في ظل أوضاع مزرية ومزمنة ومهينة منذ عشرات السنين إلى هذه الساعة .