لطالما كان للبخور نكهة خاصة في أيام الشتاء ومناسبات الولادة وغالباً ما كنت أفضل نوع (الوشق ) أى نوع آخر .. إلى أن غيرت رأيي فى إحدى المرات منذ ستة عشر عاماً قمت بشراء مجموعة من الملابس واهدتنى صاحبة المحل قطعا من البخور الذي صنعته بنفسها فى صندوق فاخر وبطريقة غاية فى الروعة … لم أجربه إلا بعد سنة تقريباً وتمنيت أن أتذكر هذه السيدة مرة أخرى.وبقيت رائحة البخور فى العلبة لسنوات رغم استعمالها
والمرة الثانية كانت في كل مرة كانت جدة زوجة أخي تهدينا قطعاً من البخور فى علب فاخرة من صنع يديها .كيف لا… وهي من سكان مدينة سرت العريقة ذات الأصول المصراتية أباً عن جد؟ فتفننت فى صنعه بكل احتراف فكان كل من يشتم ذلك البخور يسألني عن هذه السيدة رحمها الله التي كانت لا تبيع إنما تقوم بإرسال هداياها بكل حب لنا جميعا . وأدمنت على تلك العلب الجميلة .
استطلاع :عبير المحجوب
وكثيراً ما حدثتنى زميلة الدراسة والصديقة عن الأنواع التي تصنع بكل فخر من نساء الجنوب حيث كانت هؤلاء النسوة يتفنن في تعطير وتتطيب النساء والمنازل فى الحفلات والأعراس والأعياد .
واليوم أصبحت النسوة يمتلكن متاجر إلكترونية للتسويق والترويج لهذه البضاعة من روائح،وخمريات ويصنفن البخور ضمن المناسبات الخاصة فسعين جاهدات لتحسين ظروفهن بالإضافة أنهن يسعين جاهدات لمصدر رزق من بيوتهن .
وبعد عدة تجارب مختلفة لم تكن النتيجة واحدة ، وبين هذا وذاك أثارت فضولي أنواع البخور .. وأهمية استخدامه .. وكيف يصنع .. وماهو السر لجودة البخور والعطور؟ .. والتسميات المختلفة، وهل لثقافة أهل الخليج تأثير واضح على صنع وتركيبات هذه العطور وصناعة البخور.. ؟ وكيف استطاعت هؤلاء النسوة كسب قاعدة جماهيرية لكسب أرزاقهن والخوض فى غمار التجارة؟
كل هذه الأسئلة حملتها معي وكانت موجهة لسيدات تميزن بأنواع مختلفة ومن مدن منوعة شاركن فى « بازارات » ومعارض واستطعن الخوض فى غمار التجارة وأن يصنعن من أحلامهن الصغيرة سلماً للنجاح وكسب ثقة الزبائن .
التقيت بهن وكانت البداية مع
أم محمد للبخور والتى حدثتنا قائلة :
تعتبر بداية بسيطة جداً وشغل البخور اخترته لأنه المفضل لدى و هذه الهواية ورثتها عن والدتي ويعد أكثرالبخور رواجاً في المواسم التي تكثر فيها المناسبات ويمكن اعتباره مصدر رزق ودخل للشخص واستقلالاً مادياً لربات البيوت وتيعتبر أكثر المواسم رواجاً هي مواسم المناسبات كالأعراس وحفلات استقبال المولود وأيضا لتعطير المنزل والملابس و البخور في فترة الشتاء مفضل لدينا لأنه يشعرنا بالدفء في المنزل وكنت أقوم بذلك منذ الصغر واليوم لدي ابنتي تسوق لي عبر صفحة «الفيس بوك» وتقوم بالدعاية والإعلان وللبخور أسرار تكمن فى استعمال المواد ويختلف من مدينة إلي أخرى ومن سيدة إلى أخرى والأهم ذوق الزبون أن تكسب هذه الثقة .
وتضيف السيدة :
م. فاطمة عبد المجيد البهيلي .صاحبة متجر نورية للمنتجات الطبيعية.
كانت بدايتي في تأسيس متجر نورية لصناعات الصابون والزيوت والبخور
طبعا أنتِ تعرفين التنوع في السوق واختلاف الاذواق فكرت أن أقوم بإضافة الصناعات الأخرى كصناعة البخور أخذت دورة «أون لاين» مع شخص يمني على كيفية تثبيت البخور. ومنها بدأت اعمل على صناعةأنواع من البخور كالعرضاوي
والخليجي والشاميلا الباكستاني وبخور مضاوي وبخور الأقراص واللبان الملون و المستكة المعطرة
نجحت في صنع بخورات سائلة أيضاً .
رغم أن البخور تكلفة انتاجه مرتفعة في حالة أردت بخواً جيداً،
وتضيف صانعة البخور ..صالحة عبد القادر المعروفة بوردة البيلسان على صفحة الفيس للبيع .
أعمل ربة بيت ومشروعي المنزلي هو بيع البخور
مصنعة للبخور منذ زمن وللأمانة تعلمته من أهل زوجي المنتمين لقبيلة الحساونة بمدينة سبها .
كانت البداية عندما توفي زوجي رحمه الله كنت أمية ولم أكمل تعليمي وانطلقت فى صناعة البخور ولله الحمد وزودتني جدتي بأسرار وخفايا صناعة البخور والكحل العربي .وبدأت بالتسويق فى المناسبات العائلية للنساء ومن سيدة إلى أخرى أصبحت أزداد شهرة .
قمت بصناعة أنواع وأشكال مختلفة كالظفر السندل والبخور القمري والبخور المبروم وأحياناً أقوم بإضافة خلطات خاصة من السعودية ودبي ومن فرنسا .
وأتمنى أن أجد من يدعمني فى مثل هذه الصناعة حتى بالمواد الخام الأصلية لأنها تحتاج إلى دعم مادي كبير فمشروعي صغير ويكاد يكفي التزاماتي الخاصة أنا وعائلتي .
شاركت في معارض سابقا ومستعدة إلى صناعة البخور مباشرة أمام الناس .
أما الشابة وردة فهى تخبرنا
بأن والدتها « أم محمد» هي من تصنع البخور ويعتبر مصدر رزق لهما وهي من تقوم بالتسويق والترويج لها عبر وسائل التواصل الاجتماعي .
أما عن آراء البعض فى صناعة البخور ..التقيت السيدة
لطفية مصطفى مصممة ومنفذة اكسسوارات
أنا شخصياً أفضل البخور الخليجي لأنه ذو جودة عالية ومواده أصلية وجدير بالثقة، و مرة في أحد المحلات لفت انتباهي رائحة بخور رائعة و قررت أن أشتري منه نفس البخور،وللاسف لما رجعت للبيت وجربته كانت رائحته مختلفة ومزعجة جداً، وفهمت أن صاحب المحل قد غشنى وباع لي بخوراً مختلفاً عن الذى بخر به محله، ولهذا فقدت الثقة بالبخورات المصنعة محليا، انا لا اعمم ولكن التجربة خير دليل.
من جانب آخر أن البعض من بائعي المواد العطرية المستخدمة في البخور قد يتعمدون غشها ، خاصة تلك التي يقدم على شرائها بعض المعالجين ممن يستخدمونها في علاج المرضى المصابين بالسحر والمس والعين اعتقاداً منهم أن لها تأثيراً على الجن !!
ورغم أن الرسول صلى الله عليه وسلم أحب العطور الزكية إلا أنه لم يرد نص قرآني
ولاحديث من السنة على صحة التداوي بالعطور أو التبخر بها .
أم معاذ البكوش كان لها رأي مختلف تماماً .
أنا عن نفسي لا أشتري البخور المخدوم يدوياً بعد ما كثرت الشكوك والتحذيرات من استخدام السحر في بعض مكوناته .
وبين كل هذه الآراء يبقى البخور صنعة قديمة ومستمرة ونوعاً من أنواع المعطرات التى استعملت ولازالت إلى وقتنا الحالي وبين هذا وذاك كل عطر أو بخور يحمل فى داخله ذكريات نحملها معنا ولا يمكن أن نستغني عنه وتبقى السيدة الليبية مبدعة أينما كانت لتشق طريقها في زحمة الحياة لتكافح وتعاون أسرتها من أجل لقمة العيش .