(1)
التانجو الأخيـر
» سلمان دغش
أُلَمْلِمُ ليْلي الطَّويلَ الطَّويلَ على هُدُبٍ
لا يَنامُ على دَمعَةِ الملحِ ما بَينَ جَفنَيَّ، تَروي الحِكايَةَ
مُنذُ بدايَتِها في بدايَتِنا بَيْنَ ماءَيْنِ يَختَصِرانِ الروايَةَ حولَ الخَريطَةِ،
كيْ لا تَموتَ بِنا في الرَّحيلِ إليْها
وَتَنتَحِرَ الذّاكِرةْ.
أُلملِمُ كُلَّ شوارِدِ روحي وأجمَعُها شَهقَةً تِلوَ شَهقَتِها
وأنيناً يَلُمُّ الفَراشاتِ حَولَ قَناديلِ روحي على أمَلٍ
لا يَموتُ بِفِعلِ التَّقادُمِ، إنَّ غداً لا مَحالةَ آتٍ
ولا شَيء يَبقى سوى الله ثمَّ حُدودِ الأمَلْ.
أُلَمْلِمُ ذاتي بِذاتي لِذاتي
وأَدخُلُ في ذاتِ ذاتي، أطِلُّ عَلَيْها أُطِلُّ عَلَيَّ
وأسألُ ألفَ سؤالٍ وكُلُّ سؤالٍ يُضيفُ سؤالاً
لِفَهمِ ارتِباكِ المرايا الخَفِيَّةِ فيَّ، أُحَدِّقُ فيها
على قَلَقِ الذاتِ ما بَينَ رؤيَتِها وَرؤاها،
أُشَكِّكُ في كُلِّ شيءٍ فأسألُ أسألُ
ثُمَّ أطيلُ التّأملَ فِيّ فليسَ سِوايَ هُنا وهُناكَ
على قَبَسٍ في المرايا
أراني انفَرَدتُ بذاتي على دُلُروازا المسيحِ لِتَكتَمِلَ الدائرةْ.
وأحلُمُ أنّيَ أحلُمُ حُلْمي على شُرُفاتِ النُّعاسِ الشَّهيِّ
وأسألُ ليْلي الشّقِيَّ، تُراكَ تُخَبئُ حُلْمِيَ عَنّي
أم أنَّكَ تَحْلُمُ حُلْمي مَكاني
لِئلّا أفيقَ مِنَ الحُلُمِ المستَحيلِ
فأدركَ أنّيَ كُنتُ مُجَرَّدَ حُلْمٍ
تَعَدّى حُدودَ الرؤى بَينَ كُنهِ الحَقيقَةِ
فيما تَعَدّى الخِلافَ الغَبِيَّ على رَقصَةِ التانجو الأخيرةِ
بَيْنَ ملائِكةٍ في السّماءِ
وبَينَ شَياطينَ موعودَةٍ بالآخرةْ.
كأنّيَ أحلُمُ أنّيَ أحلُمُ حُلمي الأخيرَ
إلى آخِرِ الليلِ، والليلُ أنّى يطولُ قَصيرٌ
على حُلُمي في المجازِ
فأحلُمُ أنيَ أحلُمُ، إنَّ الطّريقَ إلى الحلمِ أجملُ منهُ
وأعشَقُ سِحْرَ التّفاصيلِ حينَ تُراوِدُني وأُراوِدُها
في جُنونِ الإثارَةِ فيما تُخَبِّئُهُ خَلفَ سُرَّتِها الاستِعارةْ.
أُلَملِمُ ذاتي الشّفيفَةَ مثل جَناحِ الفَراشَةِ
وهيَ تراوِحُ حولَ المصابيحِ فيَّ على قُدُسِ العَهدِ
ألّا تَموتَ وَتَنطَفئَ الذّاكِرةْ.