هجرة الأدمغة هي هجرة الأفراد ذوي المهارات من دولِهم الأصلية إلى دول أخرى، ويكون ذلك بغرض الحصول على أجور أعلى أو ظروف عمل أفضل. . وعادة ما تكون الدول المتقدمة هي الأكثر استقطاباً للأدمغة المهاجرة، حيث توفر فرص عمل أفضل وظروف معيشية أكثر استقراراً..وتعد ظاهرة هجرة الأدمغة من ليبيا ظاهرة عانت منها ليبيا، كما عانت منها الدول الأخرى، لأسباب قد تتعلق بالجوانب السياسية أو الاقتصادية أو لانعدام ضمانات الحياة ومنها على وجه التحديد انتهاكات حقوق الإنسان والاعتقالات العشوائية والتصفيات الجسدية والتي تسببت في هجرة العلماء والأطباء والمهندسين.
على الدولة أن تشجع العقول المهاجرة للعودة إلى وطنها وتسخير خبراتها و كفاءاتها للمساهمة في إعادة الإعمار
الباحثة :زاهية فرج المنفي
لمشكلة التي تعاني منها ليبيا بدأت في عام 1976 ابان حكم القذافي أي بعد مشانق السابع من أبريل التي غادر فيها آلاف المفكرين من أصحاب العقول ومن الطلاب الذين غادروا البلاد .
تفاقم هجرة الأدمغة تنبع من حيث الكم والكيف فالحكومات المتعاقبة بعد ثورة فبراير لم تستطع تحفيز علمائها وعمالتها للرجوع كي يساهم في تحقيق التنمية البشرية،
و لم تتم دراسة أسباب هذه الظاهرة، أو محاولة وضع الحلول للتخفيف من تداعياتها، عبر التواصل مع تلك العقول المهاجرة للاستفادة منها في بناء دولة حديثة، خصوصاً أنهم أدرى بالبيئة الليبية مقارنةً بأي عناصر أخرى قد يتم استقدامها إلى جانب عدم قدرتها على تحفيز هجرة معاكسة من الدول الأخرى.. حيث تشير الدراسات أن ليبيا تأتي في المركز العاشر عربياً من حيث هجرة الأدمغة بحسب إحصاء لموقع ((غلوبال ايكونومي)) المتخصص بدراسة الآفاق الإقتصادية للبلدان ، وتصدرت سوريا نفس الترتيب نظراً للحرب الدائرة هناك منذ سنوات فيما كانت قطر الأفضل عربياً من حيث قلة هجرة الكفاءات ، وخسر العالم العربي ثلث طاقاته البشرية في ظل هجرة الأدمغة التي تشهدها بلدانه وفق دراسات ل)) الأونيسكو)) والجامعة العربية والبنك الدولي، كما أشارت الدراسات أن 54 % من الطلاب الذين يسافرون للعلم لا يعودون إلى أوطانهم لندرة فرص العمل بل في لقاء مع الكثيرين منهم أنهم تركوا الوطن ولا يمكن لهم أن يفكروا في العودة يوماً ما، في ظل عدم تهيئة الأوضاع في البلاد لاحتوائهم، وتهيئة البيئة المناسبة لهم.
تصريحات الخبير الاقتصادي الليبي، سليمان الشحومي، للشرق الأوسط يفسر تراجع أعداد الكفاءات جراء الهجرة بما شهدته البلاد نهاية العام الماضي، عندما تقدم ما يقرب من 5 آلاف مواطن للانتخابات البرلمانية، حيث أظهر الفحص الأمني لأوراقهم أن نسبة كبيرة منهم ليسوا إلا (( مزوري شهادات تعليمية وأصحاب سوابق، ومع ذلك تكالبوا على الترشح لقيادة السلطة التشريعية بالبلاد ، وبالتالي إصدار القرارات و التشريعات السياسية والاقتصادية، هذا مجرد مثال بسيط يظهر تراجع أعداد الكفاءات لاضطرار كثير منهم للخروج و الهجرة ، بسبب ما فرض من تصنيفات سياسية في بداية ثورة فبراير ، وعدم قدرة من تبقي من الكفاءات الموجودة بالداخل على المنافسة ، أو عزوفهم عنها .
ليبيا تأتي في المركز العاشر
عربيآ من حيث هجرة الأدمغة
ليبيـا تحتاج إلى وقف هجرة الأدمغة وهروب رؤوس الأموال، فضلاً عن تركيز دور القطاع الخاص إذا أرادت تطوير اقتصادها. وتعتبر الدول العربية من أكثر الدول تضرراً من هذه الظاهرة ، ففي نهاية 2022 احتلت ليبيا المرتبة 102 عالمياً و47 أفريقياً.. فهي تعاني من نقص في الموارد البشرية المؤهلة، مما يؤثر سلباً على
التنمية الإقتصادية والإجتماعية والثقافية. .وعلى الدولة الليبية أن تشجع الليبيين المقيمين بالخارج إلى العودة إلى وطنهم وتسخير خبراتهم وكفاءاتهم للمساهمة في إعادة الإعمار ومحاولة الاهتمام بفئة الشباب وجذبهم للاستفادة من قدراتهم وتوفير فرص عمل مناسبة لهم وخاصة العاطلين عن العمل حسب مهاراتهم واختصاصاتهم.