التدخين بلا نار
والضـــرر بلا صــوت
تنتشر ظاهرة تناول الدخان الإلكتروني (الفيبينج) بين الشباب والفتيات، مخلفة وراءها تساؤلات مقلقة حول مستقبل صحتهم. فما بدأ كبديل «أقل ضرراً» للتدخين التقليدي، تحول اليوم إلى بوابة رئيسة لتعاطي النيكوتين، ويطرح تحديات صحية جديدة تتطلب وقفة جادة ومراجعة شاملة. من المقاهي إلى المدارس، ومن التجمعات الشبابية إلى المنصات الرقمية، أصبحت أجهزة الفيب بأنواعها وأشكالها المتعددة جزءًا لا يتجزأ من نمط حياة الكثيرين، مدفوعة بحملات تسويقية مكثفة وتصاميم جذابة ونكهات متعددة توهم بالبراءة، لكن الحقيقة الطبية تكشف عن وجه آخر لهذه الظاهرة. محذرين من العواقب الوخيمة و الأضرار الصحية الحقيقية التي يحملها الدخان الإلكتروني في طياته وكيف يؤثر على الرئتين والقلب والدماغ والجهاز المناعي للشباب والفتيات في فترة النمو الحساسة؟ وما هي التحديات التي يواجهها الأطباء والباحثون في ظل الانتشار السريع لهذه المنتجات وغياب التشريعات الصارمة التي تحمي الأجيال القادمة من براثنها؟، بهدف رفع الوعي وتعزيز الفهم العلمي لأضرار هذه الظاهرة، والعمل على حماية شبابنا من سحابة المخاطر الصحية التي تحوم في الأفق..
بخار مسموم:
الجيل الذي يستنشق الإدمان بنكهات الفراولة
استطلاع : هدي الميلودي
مجلة الليبية كان لها حوار مع دكاترة أختصاصيين في العلاج النفسي البداية كانت مع
الدكتور حسام محمد الأصيبعي ممثل عن برنامج مكافحة التبغ بوزارة الصحةحول الدوافع النفسية والاجتماعية للتدخين الإلكتروني:
ما الذي يدفع المراهقين والشباب لتجربة السجائر الإلكترونية لأول مرة؟
الفضول وتجربة الجديد: والرغبة في اكتشاف منتج يبدو حديثًا ومختلفًا.
التسويق الجذاب: الإعلانات التي تستهدف الشباب، النكهات المتنوعة، وتصاميم الأجهزة الأنيقة.
ماذا عن التصور الخاطئ والاعتقاد بأنها أقل ضررًا من السجائر التقليدية أو أنها طريقة آمنة للإقلاع عن التدخين؟
تقليد الكبار/الأقران: رؤية الأصدقاء أو أفراد العائلة يدخنونها.
المحيط الاجتماعي له دور في تشجيع هذه الممارسة وضغط الأقران: الرغبة في أن يكونوا مقبولين ضمن مجموعة الأصدقاء أيضاً
التقليد الاجتماعي و رؤية الأصدقاء يدخنونها يجعلها تبدو طبيعية ومقبولة. كذلك التوفر وسهولة الوصول فالأصدقاء قد يكونون مصدرًا للحصول على الأجهزة والسوائل.
«المشاركة» الاجتماعية: قد تصبح جزءًا من الأنشطة الاجتماعية أو التجمعات.

هل هناك ضغوط نفسية أو رغبة في «الانتماء» تدفعهم لذلك؟
نعم، وبشكل كبير.
الرغبة في الانتماء والقبول: الخوف من الاستبعاد الاجتماعي إذا لم يشاركوا في ممارسة شائعة بين أقرانهم، إثبات الذات أو التمرد: وسيلة للشعور بالنضج أو التمرد على القواعد، الهروب من الضغوط: قد يرى البعض فيها وسيلة للتعامل مع التوتر الدراسي أو العائلي.
كيف تؤثر مشكلات مثل القلق والاكتئاب أو الشعور بالفراغ على اللجوء للتدخين الإلكتروني؟
التأثير كبير ومباشر.
آلية للتأقلم الخاطئ: استخدامها كوسيلة مؤقتة للتخفيف من مشاعر القلق أو الحزن أو الملل.و البحث عن الإلهاء: ملء الفراغ أو الهروب من الأفكار السلبية.
اعتقاد خاطئ بالتهدئة: تصور أن النيكوتين يساعد على تهدئة الأعصاب، مما يزيد من الاعتماد عليه وزيادة قابلية الإدمان: الأفراد الذين يعانون من هذه المشكلات النفسية أكثر عرضة للإدمان على النيكوتين الموجود في السجائر الإلكترونية.
وحول جاذبية التسويق وصناعة الإدمان للدخان الإلكتروني وصناعة الإدمان
كيف تُسوَّق السجائر الإلكترونية بطرق جذابة للمراهقين؟ (النكهات، التصميم، الدعاية)
فيما يتعلق بالنكهات: تقديم مجموعة واسعة وجذابة من النكهات (مثل الحلوى، الفاكهة، المشروبات) التي تستهدف حاسة التذوق لدى الشباب وتجذبهم للتجربة. التصميم: تصنيع أجهزة بتصاميم عصرية، أنيقة، وصغيرة الحجم تشبه أقلام الفلاش أو أقلام اليو إس بي، مما يجعلها سهلة الحمل والاستخدام والتخفي.
كذلك الدعاية: استخدام صور ونصوص توحي بالمتعة، الحرية، الأناقة، أو «الصحة» مقارنة بالسجائر التقليدية، وتجنب الإشارة الصريحة للمخاطر
هل هناك استراتيجيات خفية تستهدف فئة عمرية دون غيرها؟
نعم، بشكل غير مباشر وغير معلن غالبًا.
التسويق المستتر: استخدام المؤثرين الشباب على وسائل التواصل الاجتماعي الذين يروجون للمنتجات بأسلوب حياة «عصري» بدلاً من الدعاية المباشرة.الفعاليات الموسيقية والشبابية: الحضور في فعاليات ومهرجانات يستهدفها الشباب لتوزيع عينات أو تقديم عروض خاصة.
النكهات الجذابة للأطفال: رغم أنها مخصصة للكبار، فإن وجود نكهات مثل «دونات الفراولة» يثير الشبهات حول استهداف الفئات العمرية الأصغر.
ما دور وسائل التواصل الاجتماعي والمؤثرين في الترويج لهذا النوع من التدخين؟
المؤثرون : يقومون بعرض استخدام المنتجات كجزء من حياتهم اليومية الأنيقة أو المرحة، مما يخلق رغبة في التقليد لدى متابعيهم الشباب. المحتوى الجذاب: فيديوهات استعراض المنتجات، تحديات، أو لقطات «جمالية» لاستخدام الفيب، والتي تنتشر بسرعة وتجذب الانتباه. أيضاً التفاعل المباشر:و إمكانية طرح الأسئلة والتفاعل مع المؤثرين أو الشركات مباشرة، مما يعزز الثقة في المنتج ويقلل من الإدراك بمخاطره. غياب الرقابة: غالبًا ما تكون هذه المنصات أقل رقابة على المحتوى الترويجي مقارنة بالقنوات الإعلانية التقليدية.
حول الجانب الصحي والمخاطر والحقائق العلمية للدخان الإلكتروني: ما الفرق بين مكونات السيجارة الإلكترونية والتقليدية من حيث التأثير على الجسم؟
السيجارة التقليدية: تحتوي على التبغ الذي يحترق، وينتج عنه آلاف المواد الكيميائية الضارة، منها القطران وأول أكسيد الكربون، والتي تسبب السرطان وأمراض القلب والرئة، السيجارة الإلكترونية : لا تحرق التبغ، بل تسخن سائلًا (سائل الفيب) يحتوي عادةً على النيكوتين، البروبيلين جلايكول، الجلسرين النباتي، والمُنكّهات.
الدكتور /أنور الصادي إختصاصي نفسي بمصحة الساي كير:
في ليبيا، المراهقون يواجهون ضغوطات كثيرة. من جهة، عندهم فضول طبيعي في سنهم، ومن جهة ثانية، البيئة المحيطة بهم تلعب دوراً كبيراً. إذا كان أغلب أصحابهم يستخدموا الفيب، راح يحسوا بالضغط لتجربته، خاصة في ظل انعدام الوعي الكافي بمخاطره.
الأصحاب والمحيط الاجتماعي في ليبيا عندهم تأثير كبير. المجتمعات الصغيرة تجعل المراهقين يحسون أنهم مجبرون على الالتزام بالعادات السائدة، وهذا يزيد من رغبتهم في التجربة.هناك ضغوط نفسية «تخليهم »يجربوا؟
طبعًا، القلق والاكتئاب موجودان بكثرة بين الشباب. مع الأوضاع الاقتصادية والسياسية في ليبيا، كثير من المراهقين يشعرون بالضياع والفراغ، وهذا يدفعهم للبحث عن مخرج، والتدخين الإلكتروني يكون وسيلة للهروب.
جاذبية التسويق وصناعة الإدمان
كلما تسوَّق للسجائر الإلكترونية للمراهقين الشركات تستغل عدم الوعي بمخاطر الفيب، وتستخدم تسويقاً جذاباً جدًا. في ليبيا، الإعلانات تكون على وسائل التواصل الاجتماعي، مع نكهات مثل الفراولة والنعناع، وهذا يثير فضول الشباب. هناك استراتيجيات تستهدف فئة معينة؟
نعم، الشركات تستخدم استراتيجيات ذكية تستهدف المراهقين، مثل تقديم نكهات جديدة وتصميمات عصرية.
الجانب الصحي: المخاطر والحقائق العلميةلا يوجد فرق بين مكونات السيجارة الإلكترونية والتقليدية
بالرغم من أن السجائر الإلكترونية تحتوي على مكونات أقل ضرراً، إلا أن الدراسات تشير ولجود أضرار صحية، خاصة على الرئتين. في ليبيا، الناس غير واعين تمامًا بهذه المخاطر.
الأضرار تشمل مشكلات تنفسية، وزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب. في فترة قريبة، بدت تظهر حالات من EVALI بين الشباب.
والإحصائيات غير الرسمية تشير إلى أن نسبة استخدام الفيب بين الشباب في ليبيا زادت بشكل ملحوظ، خاصة في السنوات الأخيرة.
حيث شهدت فترات الإغلاق في ليبيا ازديادًا ملحوظًا في إقبال الشباب على السجائر الإلكترونية، مدفوعًا بالبحث عن وسائل ترفيهية بديلة، هذا التوجه يسلط الضوء على تحدٍ متنامٍ يتطلب استجابة شاملة على عدة مستويات.
وتُبذل جهود وقائية وتوعوية لمكافحة انتشار السجائر الإلكترونية ، حيث أطلقت وزارة الصحة ومنظمات المجتمع المدني حملات توعية متعددة. ومع ذلك، لا تزال هناك حاجة ماسة لتكثيف هذه الجهود وتوسيع نطاقها لضمان وصولها الفعال إلى الفئة المستهدفة من الشباب.
ثغرات قانونية وتأثيرها على التسويق
يواجه التصدي لظاهرة التدخين الإلكتروني تحديًا كبيرًا بسبب ضعف القوانين الحالية ووجود ثغرات تسمح للشركات باستغلالها في تسويق منتجاتها بسهولة ويسر، هذا النقص في الإطار التشريعي يسهم في تفاقم المشكلة ويزيد من صعوبة الحد من انتشار هذه المنتجات.
Share this content: