باريسا أورفانيدو:
معمرة يونانية شاهدة حية على التاريخ اليوناني الحديث
عبد السلام الزغيبي
باريسا أورفانيدو ، أكبر معمرة يونانية على قيد الحياة، بلغت هذا العام 110 أعوام ، لتصبح شاهدة حية على التاريخ اليوناني الحديث .
وُلدت في 16 سبتمبر 1915 في قرية ميتيم، قرب طرابزون، في الإمبراطورية العثمانية آنذاك، لعائلة بوندية عاشت في السنوات الأخيرة من الوجود الهيليني في آسيا الصغرى.
اتسمت طفولتها بأحداث تهجير عام 1922
. في السابعة من عمرها، انتقلت مع عائلتها إلى سيريس، حاملةً في طياتها ذكريات عالمٍ كان يتلاشى. هناك نشأت، وتعلمت اللغة والحياة من الصفر، مُنمّيةً بذلك روح الصمود والمثابرة التي تُميّز جيل اللاجئين.
في أواخر ثلاثينيات القرن العشرين، تزوجت ستيليانوس أورفانيديس ، وأنجبت منه أربعة أطفال.
كانت عائلتها جوهر حياتها، ولم يُطفئ موت ستيليانوس عام 1987 تماسك عائلتها وقوتها.
عاشت باريسا في سيريس حتى عام 1965 ثم في أثينا، قبل أن تعود إلى مقدونيا الوسطى في عام 2014.
تعيش اليوم بسلام محاطة بأربعة أبناء وثمانية أحفاد وخمسة عشر من أبناء الأحفاد .
في عام 2020، وفي سن 105 سنوات ، احتفلت بعيد ميلادها وسط جائحة كوفيد-١٩، رمزًا للصمود والأمل. وفي 21 يناير 2022، وفي سن 106 سنوات، تلقت جرعتها الثالثة من لقاح فيروس كورونا، لتصبح بذلك من أكبر المتلقين سنًا للقاح على هذا الكوكب.
تشمل حياة باريسا كارثة آسيا الصغرى، وفترة ما بين الحربين العالميتين، والحرب العالمية الثانية، والاحتلال، والحرب الأهلية، والهجرة، وإعادة الإعمار بعد الحرب، والدكتاتوريــة، وعصر ما بعد الاستعمار .
شهدت تحول اليونان من مجتمع زراعي إلى ديمقراطية أوروبية، ثم إلى العصر الرقمي.
تنتمي باريسا إلى الجيل المرن من سكان البوند الذين فقدوا أوطانهم ولكنهم لم يفقدوا توجهاتهم ، حاملين قيمًا مثل الإيمان والضيافة والعمل الجاد والكرامة، والتي شكلت اليونان الحديثة.
تعيش اليوم في سيريس، تستمتع بأشعة الشمس والقهوة وبضع لحظات مع أحبائها. حياتها اليومية بسيطة، لكنها مليئة بالمعنى، بينما يبدو أن الزمن قد استسلم لسيطرة حياتها.
Share this content: