×

مجازر الفاشر !

مجازر الفاشر !

ما‭ ‬الذي‭ ‬يدور‭ ‬في‭ ‬إقليم‭ ‬دارفور،‭  ‬ونحن‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2025‭ ‬م‭ ‬؟‭ ‬

من‭ ‬المسؤول‭ ‬عن‭ ‬المجازر‭ ‬التي‭ ‬ترتكب‭ ‬في‭ ‬الإقليم‭ ‬وتحديداً‭ ‬في‭ ‬حاضرته‭ ‬مدينة‭ ‬الفاشر‭ ‬؟

‭ ‬آلاف‭ ‬عمليات‭ ‬القتل‭ ‬والاغتصاب‭ ‬والتعذيب‭ ‬التي‭ ‬تعرض‭ ‬لها‭ ‬المدنيون‭ ‬الأبرياء‭ ‬من‭ ‬نساء‭ ‬وأطفال‭ ‬وعجزة‭ ‬؟‭ ‬

هل‭ ‬يعقل‭ ‬أن‭ ‬يقتل‭ ‬هذا‭ ‬العدد‭ ‬الكبير‭ ‬من‭ ‬البشر‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬مقدرات‭ ‬الإقليم‭ ‬المنكوب‭ ‬عبر‭ ‬تاريخه‭ ‬؟‭! ‬

من‭ ‬هي‭ ‬القوى‭ ‬الإقليمية‭ ‬التي‭ ‬تقف‭ ‬وراء‭ ‬حرب‭ ‬الابادة‭ ‬التي‭ ‬يتعرض‭ ‬لها‭ ‬الإقليم‭ ‬؟‭ ‬

الفاشر‭ ‬مانشيت‭ ‬عريض‭ ‬لأحدث‭ ‬جرائم‭ ‬القتل‭ ‬في‭ ‬الربع‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬الواحد‭ ‬والعشرين‭..‬

‭ ‬من‭ ‬أين‭ ‬ستبدأ‭ ‬حكايتنا‭ ‬المأساوية‭ … 

بقلم‭: ‬عصـــــام‭ ‬فطيس‭ ‬

      شيطان‭ ‬في‭ ‬دارفور‭ ‬

الحكاية‭ ‬بدأت‭ ‬مع‭ ‬العام‭ ‬2003‭ ‬وبداية‭ ‬الاضطرابات‭ ‬في‭ ‬إقليم‭ ‬دارفور،‭ ‬الذي‭ ‬يمتد‭ ‬على‭ ‬مساحة‭ ‬تُقارب‭ ‬549‭ ‬ألف‭ ‬كلم‭ ‬مربع،‭ ‬الذي‭ ‬يزخر‭ ‬بثروات‭ ‬زراعية‭ ‬وحيوانية‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭  ‬معادن‭ ‬نفيسة‭ ‬مثل‭ ‬الذهب،واليورانيوم‭ ‬جعلته‭ ‬مطمعا‭ ‬للدول‭ ‬،‭ ‬ومع‭ ‬هذا‭ ‬كله‭ ‬عانى‭ ‬الإقليم‭  ‬منذ‭ ‬استقلال‭ ‬السودان‭ ‬من‭ ‬تهميش‭ ‬الحكومات‭ ‬التي‭ ‬توالت‭ ‬على‭ ‬حكم‭ ‬البلاد‭ ‬وغابت‭ ‬التنمية‭ ‬،‭ ‬مما‭ ‬أدى‭ ‬لوقوع‭ ‬الانفجار‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2003‭ ‬بظهور‭ ‬حركات‭ ‬مسلحة‭ ‬أعلنت‭ ‬التمرد‭ ‬على‭ ‬السلطة‭ ‬الحاكمة‭ ‬في‭ ‬الخرطوم‭ ‬ليبدأ‭ ‬فصل‭ ‬جديد‭ ‬من‭ ‬العنف‭ ‬في‭ ‬الإقليم‭ ‬لم‭ ‬يتوقف‭ ‬إلا‭ ‬لماماً‭ ‬إلى‭ ‬يومنا‭ ‬هذا‭ .‬

      من‭ ‬راعي‭ ‬إبل‭ ‬إلى‭ ‬زعيم‭ ‬ميليشيا‭ ! ‬

وكالنبت‭ ‬الشيطاني‭ ‬وفي‭ ‬غفلة‭ ‬من‭ ‬الزمن‭ ‬ظهر‭ ‬راعي‭ ‬إبل‭ ‬يدعى‭ ‬محمد‭ ‬حمدان‭ ‬دقلو‭ (‬عرف‭ ‬باسم‭ ‬حميدتي‭ ) ‬تعود‭ ‬أصوله‭ ‬لقبيلة‭ ‬الرزيقات‭ ‬العربية‭ ‬التي‭ ‬تقطن‭ ‬إقليم‭ ‬دارفور‭ ‬غربيّ‭ ‬السودان‭.‬

حميدتي‭ ‬مثل‭ ‬جل‭ ‬أقرانه‭ (‬من‭ ‬قادة‭ ‬الميليشيات‭) ‬ترك‭ ‬مقاعد‭ ‬الدراسة‭ ‬مبكرا‭ ‬في‭ ‬العشرينات‭ ‬من‭ ‬عمره‭ ‬وانخرط‭ ‬في‭ ‬تجارة‭ ‬الإبل‭ ‬بين‭ ‬ليبيا‭ ‬ومالي‭ ‬وتشاد‭ ‬وشكل‭ ‬جماعة‭ ‬مسلحة‭  ‬لحماية‭ ‬القوافل‭ ‬التجارية‭ ‬من‭ ‬قُطّاع‭ ‬الطرق‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬سيطرة‭ ‬قبيلته‭ ‬،‭  ‬وجنى‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ذلك‭  ‬ثروة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬عمله‭  ‬ومكّنه‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬تقوية‭ ‬جماعته‭ ‬المسلحة‭ ‬خاصة‭ ‬بعد‭ ‬اكتشاف‭ ‬الذهب‭ ‬في‭ ‬جبل‭ ‬عامر‭ .. ‬ثم‭ ‬انضم‭ ‬بعد‭ ‬ذاك‭ ‬لمليشيات‭ ‬الجنجويد‭ ‬الموالية‭ ‬لحكومة‭ ‬البشير‭ ‬والتي‭ ‬كان‭ ‬يقودها‭ ‬المجرم‭ ‬موسى‭ ‬هلال‭ ‬

ليصبح‭ ‬الرقم‭ ‬1‭ ‬في‭ ‬الإقليم‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬ينقلب‭ ‬على‭ ‬هلال‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أصبح‭ ‬عبءً‭ ‬ثقيلاً‭ ‬على‭ ‬حكومة‭ ‬الخرطوم‭ .‬

     كارثة‭ ‬البشير‭ ‬والنوم‭ ‬في‭ ‬العسل‭ ! ‬

توالت‭ ‬السنون‭ ‬وتضخمت‭ ‬ميليشات‭ ‬دقلو‭ ‬وفي‭ ‬العام‭ ‬2013‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الخوف‭ ‬من‭ ‬إنقلاب‭ ‬المؤسسة‭ ‬العسكرية‭ ‬عليه‭ ‬أصدر‭ ‬الرئيس‭  ‬عمر‭ ‬البشير‭ ‬مرسوما‭  ‬رئاسيا‭ ‬أضفى‭ ‬فيه‭ ‬الشرعية‭ ‬على‭ ‬ميليشيات‭ ‬دقلو‭  ‬ومنحها‭ ‬اسم‭  ‬‮«‬قوات‭ ‬الدعم‭ ‬السريع‮»‬‭ ‬مكلفا‭ ‬اياها‭ ‬بحمايته‭ ‬،‭ ‬ليدق‭ ‬المسمار‭ ‬الأول‭ ‬في‭ ‬نعشه‭ . ‬

ومن‭ ‬5000‭ ‬آلاف‭ ‬فرد‭ ‬تضخمت‭ ‬ميليشيا‭ ‬الدعم‭ ‬ليصل‭ ‬عدد‭ ‬أفرادها‭  ‬ل100‭ ‬ألف‭ ‬فرد‭ ‬جُند‭ ‬معظمهم‭  ‬مرتزقة‭ ‬من‭ ‬تشاد‭ ‬والنيجر‭ ‬ومالي‭ ‬وإفريقيا‭ ‬الوسطى‭ .‬‭ ‬

‭ ‬راعي‭ ‬الإبل‭ ‬أصبح‭ ‬من‭ ‬أكبر‭ ‬بارونات‭ ‬السودان‭ ‬وتضخمت‭ ‬نشاطاته‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬استغلال‭ ‬غير‭ ‬مشروع‭ ‬لمناجم‭ ‬الذهب‭ ‬إلى‭ ‬تجارة‭ ‬المخدرات‭ ‬والأسلحة‭ ‬وكبر‭ ‬وكبر‭ ‬وأصبح‭ ‬كياناً‭ ‬ضخماً‭  ‬منافساً‭ ‬للدولة‭ ‬رغم‭ ‬التحذيرات‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تطلقها‭ ‬الأجهزة‭ ‬الأمنية‭ ‬وتصل‭ ‬للبشير‭  ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يبال‭ ‬بها‭ ‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬صحى‭ ‬يوم‭ ‬العاشر‭ ‬من‭ ‬أبريل‭ ‬2019‭ ‬على‭ ‬إنقلاب‭ ‬قاده‭ ‬الفريق‭ ‬عبدالفتاح‭ ‬البرهان‭ ‬وحميدتي‭  ‬مطيحا‭ ‬به‭ ‬ليفرضا‭ ‬وضعاً‭ ‬جديداً‭ ‬على‭ ‬السودان‭ … ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬يتصور‭ ‬أحد‭ ‬أنه‭ ‬سيكون‭ ‬الأكثر‭ ‬دموية‭ . ‬

      ثنائية‭ ‬السلطة‭ ! ‬

بعد‭ ‬وصول‭ ‬البرهان‭ ‬إلى‭ ‬السلطة‭ ‬لم‭ ‬يتعظ‭ ‬من‭ ‬تحذيرات‭ ‬وتنبيهات‭ ‬الأجهزة‭ ‬الأمنية‭ ‬من‭ ‬خطر‭ ‬حميدتي‭ ‬وارتباطاته‭ ‬الخارجية‭ ‬وميليشياته‭ ‬التي‭ ‬تحولت‭ ‬لقوة‭ ‬موازية‭ ‬للجيش‭ ‬السوداني،‭ ‬ونجح‭ ‬عبر‭ ‬مخطط‭ ‬خبيث‭ ‬رسمته‭ ‬دولة‭ ‬الامارات‭ ‬من‭ ‬التمدد‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬ولايات‭ ‬السودان‭ ‬،‭ ‬التي‭ ‬قامت‭ ‬بتقديم‭  ‬دعم‭ ‬كامل‭ ‬وغير‭ ‬مسبوق‭ ‬للدعم‭ ‬السريع‭  ‬ليصبح‭ ‬دولة‭ ‬داخل‭ ‬دولة‭. ‬

إلى‭ ‬أن‭ ‬جاء‭ ‬يوم‭  ‬العاشر‭ ‬من‭ ‬أبريل‭ ‬للعام‭ ‬2023‭ ‬م‭ ‬وقوات‭ ‬الدعم‭ ‬تخرج‭ ‬من‭ ‬معسكراتها‭ ‬وتسيطر‭ ‬على‭ ‬الخرطوم‭  ‬وتوسع‭ ‬من‭ ‬نطاق‭ ‬عملياتها‭ ‬لتخض‭ ‬حربا‭ ‬دامية‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬أنحاء‭ ‬السودان‭ ‬،‭ ‬لتبدأ‭  ‬أعمال‭ ‬النهب‭ ‬والقتل‭ ‬والاغتصابات‭  ‬،‭ ‬ودمار‭ ‬للعاصمة‭ ‬وعديد‭ ‬المدن‭ ‬والولايات‭ ‬ومقتل‭  ‬وتهجير‭ ‬مئات‭ ‬آلاف‭ ‬السودانيين‭ ‬إلى‭ ‬دول‭ ‬الجوار‭ . ‬

      مابين‭ ‬كر‭ ‬وفر‭ ‬

تواصلت‭ ‬المعارك‭ ‬بين‭ ‬الجيش‭ ‬السوداني‭ ‬وميليشيات‭ ‬الدعم‭ ‬السريع‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬أنحاء‭ ‬السودان‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تمكن‭ ‬الجيش‭  ‬في‭ ‬21‭.‬مارس‭ . ‬‮٢٠٢٥‬‭ ‬من‭ ‬دحر‭ ‬المليشيات‭ ‬من‭ ‬كامل‭ ‬ولاية‭ ‬الخرطوم‭ ‬ومواصلة‭ ‬مطاردتها‭ ‬،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬لعودة‭ ‬آلاف‭ ‬النازحين‭ ‬للعاصمة‭ ‬واستئناف‭ ‬الحياة‭ ‬في‭ ‬الخرطوم‭ . ‬

إثر‭ ‬الهزيمة‭ ‬القاسية‭ ‬أمام‭ ‬الجيش‭ ‬السوداني‭ ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬أدرك‭ ‬حميدتي‭ ‬صعوبة‭ ‬تحقيق‭ ‬أوهامه‭ ‬لجأ‭ ‬إلى‭ ‬الخطة‭ ‬البديلة‭ ‬التي‭ ‬رسمها‭ ‬لها‭ ‬مشغلوه‭ ‬في‭ ‬أبي‭ ‬ظبي‭ ‬بتركيز‭ ‬سيطرته‭ ‬على‭ ‬إقليم‭ ‬دارفور‭ ‬تمهيدا‭ ‬لفصله‭ ‬عن‭ ‬السودان‭ . ‬فأحكم‭ ‬سيطرته‭ ‬على‭ ‬مدنه‭ ‬مدينة‭ ‬مدينة‭  ‬في‭ ‬ظل‭ ‬جسر‭ ‬جوي‭ ‬إماراتي‭ ‬لم‭ ‬يتوقف‭ ‬،‭ ‬وإمدادات‭ ‬لوجستيكية‭ ‬حسب‭ ‬تصريحات‭ ‬المسؤولين‭ ‬السودانيين‭ ‬تأتيه‭ ‬عبر‭ ‬أثيوبيا‭ ‬وجنوب‭ ‬السودان‭ ‬وتشاد‭ ‬وإفريقيا‭ ‬الوسطى‭ ‬،‭ ‬،‭ ‬آلاف‭ ‬من‭ ‬المرتزقة‭ ‬الذين‭ ‬جندوا‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬إفريقية‭ ‬وأمريكا‭ ‬اللاتينية‭ ‬وشرق‭ ‬أوروبا‭ ‬ولم‭ ‬يتبق‭ ‬أمامه‭ ‬إلا‭ ‬الفاشر‭  .‬

     مجازر‭ ‬الفاشر‭ .. ‬

لم‭ ‬يعد‭ ‬أمام‭ ‬ميليشيات‭ ‬الدعم‭ ‬للسيطرة‭ ‬على‭ ‬كامل‭  ‬إقليم‭  ‬دارفور‭ ‬إلا‭ ‬مدينة‭ ‬الفاشر‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬آخر‭ ‬معاقل‭ ‬الجيش‭ ‬السوداني‭ ‬في‭ ‬الإقليم‭ ‬وتعد‭ ‬عمقا‭ ‬استراتيجيا‭ ‬لولايات‭ ‬كردفان‭ ‬والشمالية‭ ‬ونهر‭ ‬النيل‭ ‬كما‭ ‬تربط‭ ‬السودان‭ ‬بكل‭ ‬من‭ ‬ليبيا‭ ‬وتشاد‭ ‬،‭ ‬ففرضت‭ ‬عليها‭ ‬حصارا‭ ‬تاما‭ ‬استمر‭ ‬لعام‭ ‬منعت‭ ‬خلالها‭ ‬دخول‭ ‬الغذاء‭ ‬والدواء‭ ‬،‭ ‬مواصلة‭ ‬أعمال‭ ‬القصف‭ ‬بالطائرات‭ ‬والمدفعية‭ ‬لمراكز‭ ‬ايواء‭ ‬النازحين‭ ‬والمطابخ‭ ‬العامة‭ ‬التي‭ ‬أقيمت‭ ‬في‭ ‬المدينة‭ ‬لإطعام‭ ‬الجائعين‭ ‬،‭ ‬ونتيجة‭ ‬لتزايد‭ ‬أعمال‭ ‬القتل‭ ‬الممنهج‭ ‬وصعوبة‭ ‬وصول‭ ‬الامدادات‭ ‬لقوات‭ ‬الجيش‭ ‬المحاصرة‭ ‬،‭ ‬أعلن‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬السيادة‭ ‬الفريق‭ ‬عبدالفتاح‭ ‬البرهان‭ ‬عن‭ ‬انسحاب‭ ‬الجيش‭ ‬من‭ ‬المدينة‭ ‬لحماية‭ ‬المدنيين‭ ‬ليبدأ‭ ‬الفصل‭ ‬الأشد‭ ‬دموية‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬السودان‭ ! ‬

      آلاف‭ ‬المرتزقة‭ ‬يتوافدون‭  ‬على‭ ‬دارفور‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬دول‭ ‬العالم

     شهادات‭ ‬دولية‭ ‬

وجه‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المنظمات‭ ‬الدولية‭ ‬والإقليمية‭ ‬إتهامات‭ ‬بالجملة‭ ‬لمليشيات‭ ‬الدعم‭ ‬السريع‭  ‬بارتكاب‭ ‬جرائم‭ ‬حرب‭ ‬ضد‭ ‬المدنيين‭ ‬شملت‭ ‬إعدامات‭ ‬ميدانية‭ ‬وإغتصابات‭ ‬وتعذيب‭ ‬وإختطاف‭ ‬للكوادر‭ ‬الطبية‭ ‬التي‭ ‬ظلت‭ ‬في‭ ‬المدينة‭ ‬،‭ ‬ولم‭ ‬تجد‭ ‬تحذيرات‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬والاتحاد‭ ‬الإفريقي‭ ‬نفعا‭ ‬لايقاف‭ ‬الجرائم‭ .. ‬بل‭ ‬تواصلت‭ ‬بوتيرة‭ ‬مرتفعة‭ ‬،‭ ‬وظهرت‭ ‬مقاطع‭ ‬مصورة‭ ‬لأفراد‭ ‬الدعم‭ ‬وهم‭ ‬ينفذون‭ ‬إعدامات‭ ‬ميدانية‭ ‬،‭ ‬ولعل‭ ‬مجزرة‭ ‬المستشفى‭ ‬السعودي‭ ‬بجامعة‭ ‬الفاشر‭ ‬إحدى‭ ‬أكبر‭  ‬المجازر‭ ‬التي‭ ‬ارتكبت‭ ‬في‭ ‬الفاشر‭ ‬،‭ ‬حيث‭ ‬أجهزت‭ ‬العناصر‭ ‬الإجرامية‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬الجرحى‭ ‬والمصابين‭ ‬في‭ ‬المستشفى‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬شفقة‭ ‬أو‭ ‬رحمة‭ . ‬

       أرقام‭ ‬مفزعة‭ ! ‬

لم‭ ‬تتوفر‭ ‬إلى‭ ‬حينه‭ ‬إحصاءات‭ ‬دقيقة‭ ‬بعدد‭ ‬القتلى‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬الفاشر‭ ‬،‭ ‬شبكة‭ ‬أطباء‭ ‬السودان‭ ‬تقول‭ ‬إن‭ ‬عدد‭ ‬القتلى‭ ‬منذ‭ ‬حصار‭ ‬المدينة‭ ‬تجاوز‭ ‬14‭ ‬ألف‭ ‬قتيل‭ .‬

صحيفة‭ ‬واشنطن‭ ‬بوست‭ ‬الأمريكية‭ ‬كتبت‭ ‬أن‭ ‬ميليشيا‭ ‬الدعم‭ ‬ترتكب‭ ‬جرائم‭ ‬فظيعة‭ ‬في‭ ‬المدينة‭ ‬،‭ ‬وتحدثت‭ ‬عن‭ ‬مقاطع‭ ‬مصورة‭ ‬وصور‭ ‬للأقمار‭ ‬الصناعية‭ ‬تكشف‭ ‬هول‭ ‬ما‭ ‬جرى‭ ‬ويجري‭ ‬في‭ ‬المدينة‭ . ‬

قناة‭ ‬البي‭ ‬بي‭ ‬سي‭ ‬نشرت‭ ‬شهادات‭ ‬مروعة‭ ‬من‭ ‬السكان‭ ‬الفارين‭ ‬من‭ ‬الفاشر‭ ‬أفادوا‭ ‬فيها‭ ‬بقيام‭ ‬المليشيا‭ ‬بأعمال‭ ‬القتل‭ ‬على‭ ‬الهوية‭ ‬والعرق‭ ‬،‭ ‬والإغتصاب‭ ‬والنهب‭ ‬والحرق‭ .‬

باحثون‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬ييل‭ ‬الأمريكية‭ ‬قالوا‭ ‬إن‭ ‬صورا‭ ‬جديدة‭ ‬أُلتقطت‭ ‬بالأقمار‭ ‬الإصطناعية‭ ‬تظهر‭ ‬استمرار‭ ‬جرائم‭ ‬القتل‭ ‬داخل‭ ‬الفاشر‭ ‬ومحيطها‭ ‬وحددوا‭ ‬31‭ ‬موقعا‭ ‬تحتوي‭ ‬على‭ ‬أجسام‭ ‬يرجح‭ ‬بأنها‭ ‬لجثث‭ ‬بشرية‭ .‬

قدرت‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬عدد‭ ‬الفارين‭ ‬من‭ ‬المدينة‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬65‭ ‬ألف‭ ‬،‭ ‬فيما‭ ‬يواصل‭ ‬عشرات‭ ‬الآلاف‭  ‬الفرار‭ ‬للنجاة‭ ‬من‭ ‬الموت‭ .‬

           خاتمة‭ ‬

اختزلت‭ ‬مجازر‭ ‬الفاشر‭ ‬أزمة‭ ‬إنسانية‭ ‬هائلة‭ ‬على‭ ‬حدودنا‭ ‬الجنوبية‭ ‬الشرقية‭ ‬،‭ ‬وهي‭ ‬أزمة‭ ‬كشفت‭ ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬مدى‭ ‬انتفت‭ ‬الإنسانية‭ ‬في‭ ‬قلوب‭ ‬البشر‭ ‬،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬السلطة‭ .. ‬والعالم‭ ‬يكتفي‭ ‬بالشجب‭ ‬والإدانة‭ ‬فيما‭ ‬المدنيون‭ ‬يقتلون‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬بدم‭ ‬بارد‭ . ‬

لابد‭ ‬من‭ ‬الاعتراف‭ ‬أن‭ ‬الواقع‭ ‬الدموي‭ ‬في‭ ‬إقليم‭ ‬دارفور‭ ‬سيكون‭ ‬له‭ ‬إنعكاساته‭ ‬داخل‭ ‬السودان‭ ‬وخارجه‭ ‬،‭ ‬وأصبح‭ ‬السودان‭ ‬مهدداً‭ ‬بإنفصال‭ ‬جديد‭ ‬خاصة‭ ‬بعد‭ ‬إعلان‭ ‬الميليشيا‭ ‬عن‭ ‬تأسيس‭ ‬حكومة‭ ‬موازية‭ ‬تتخذ‭ ‬من‭ ‬نيالا‭ ‬مركزا‭ ‬لها‭ ‬،‭ ‬ومع‭ ‬أحاديث‭ ‬عن‭ ‬صفقة‭ ‬سياسية‭  ‬بين‭ ‬الطرفين‭ ‬إلا‭ ‬أننا‭ ‬نرى‭ ‬ذلك‭ ‬أمرا‭ ‬صعبا‭ ‬وبعيد‭ ‬المنال‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬في‭ ‬الحاضر‭.‬

Share this content: