خالفت رغبة عائلتي واخترت أن أكون صوت الناس
بين الميكروفون و قضايا المرأة
شغفي يقودني والتحديات لا توقفني
نور الرتيمي:
في مشهد إعلامي ليبي مزدحم بالأصوات والتحديات، استطاعت الإعلامية نور الرتيمي أن تترك بصمتها الخاصة، متنقلة برشاقة بين قضايا المجتمع وهموم المهنة، مؤمنة بأن الإعلام رسالة قبل أن يكون شهرة.
في هذا اللقاء، تتحدث بصراحة عن بداياتها، رؤيتها للمشهد الإعلامي، علاقتها بالأمومة، وطموحاتها المستقبلية.
الإعلام منبر مسؤولية
لا منصــــة شهـــرة
أجرت الحوار : عواطف التاغدي
بداية، كيف كانت انطلاقتكِ في المجال الإعلامي؟ وهل كان هذا الخيار مدروسًا منذ البداية؟
المسيرة كانت اختياري الشخصي منذ فترة الثانوية، فقد كنت أميل للإعلام منذ وقت مبكر، لكن والدي رفض أن أدرسه كمجال بسبب معدلي العالي في الشهادة الثانوية، وكان يتمنى أن يراني طبيبة. ومع ذلك، اخترت دراسة المحاسبة كاختصاص أكاديمي، لكني اتجهت إلى الإعلام كمهنة وشغف حقيقي.
الدوافع كانت في شخصيتي التحليلية منذ الصغر، وإعجابي بعدة مذيعين تركوا أثرًا فيّ، فكنت أرى في هذا المجال مساحة للتعبير والتأثير.
ما أبرز المحطات التي شكلت مسيرتك المهنية؟
البداية كانت من الإذاعة، فهي بالنسبة لي المدرسة الحقيقية لكل إعلامي ومذيع. من هناك تعلمت أصول المهنة وأهمية الصوت والمسؤولية. كانت أولى محطاتي مع الإعلامي القدير عماد الدين الشباح، الذي آمن بموهبتي ودعمني في بداياتي، وكان لذلك أثر كبير في استمراري وثقتي بنفسي.
ما التحديات التي واجهتها كإعلامية ليبية؟
التحديات متعددة، فالإعلامي سواء كان مذيعًا أو صحفيًا يواجه دائمًا صعوبات تتعلق بالمكان أو المؤسسة التي تدعمه. لكن من وجهة نظري، التحدي الأصعب هو تقبل المجتمع للمهنة، خصوصًا عندما تكون الممارسة من امرأة، إذ لا يزال البعض يضع حدودًا تقليدية أمام عملها الإعلامي.
قضية المرأة الليبية ليست شعارًا
بل معركة كرامة وحقوق
كيف ترين واقع الإعلام الليبي اليوم؟
الواقع الإعلامي في ليبيا خلال السنتين الأخيرتين شهد تحسنًا ملحوظًا. هناك قنوات سعت للحياد وأخرى عملت على إبراز الجانب الفني والاجتماعي بشكل راقٍ، وتسليط الضوء على قضايا الناس ومشاكلهم. وهذا، في رأيي، هو الدور الحقيقي للإعلام الذي يسعى للتنوير لا للضجيج.
ماهي القناة التي كانت سبباً في تعريف الجمهور الليبي بنور الرتيمي ؟
كنت محظوظة جدًا بوجود دعم من عائلتي ومن قناة الحدث، التي آمنت بقدراتي ومنحتني الفرصة لخوض التجربة الإعلامية بكل أريحية وثقة. كان ذلك دعمًا مهمًا في مرحلة التأسيس والانطلاق.
ابنتي منحتني طاقة جديدة وشعور عميق بالمسؤولية
كيف ترين العلاقة بين الإعلام والرأي العام في ليبيا؟
العلاقة بينهما متوازية ومترابطة. فقد كان للإعلام الليبي دور كبير في توضيح الحقائق وتوجيه الرأي العام، وأعتقد أنه كان “المحطة الفاصلة” التي جعلت الناس يصدقون ما يجري في الشارع، بعد أن كانوا يعتمدون على الشائعات.
من هي الشخصية التي أثرت فيكِ على الصعيد المهني؟
تأثرت بعدة شخصيات، لكن أكثر من ألهمتني كانت الإعلامية خديجة بن قنة، لأنها تمثل بالنسبة لي نموذج المرأة القوية والناجحة التي استطاعت أن توازن بين المهنة والمبدأ، وأرى فيها قدوة لكل إعلامية تسعى لتقديم رسالة حقيقية.

ما أبرز الصعوبات التي واجهتك في مسيرتك؟
الصعوبة الكبرى كانت في نظرة المجتمع وقلة الدورات التدريبية التي تساعد على صقل المهارات الإعلامية. ومع ذلك، لم أستسلم، بل تعاملت مع هذه العقبات بالإصرار والإيمان بطموحي، فالشغف والإصرار هما وقودي الدائم.
ما أكثر إنجاز تفخرين به؟
بصراحة، الأمومة هي أعظم إنجاز أفتخر به، خاصة أنها جاءت في بدايات مسيرتي المهنية، في وقت مليء بالتحديات. أرى أني أم رائعة استطعت أن أوازن بين مسؤولياتي وأسرتي وعملي رغم كل الصعوبات.
وما هو طموحك المهني القادم؟
طموحي أن أكون محاورة متميزة، وأن يكون اسمي محفورًا في ذاكرة الإعلام الليبي والعربي، كإعلامية مؤثرة وصوت حقيقي للمجتمع.
نود أن نعرف عن مشاريعك الجديدة؟
حاليًا أعمل على برنامج جديد مع زميل لي على قناة الحدث، سيتناول مواضيع متنوعة تمس حياة المواطن الليبي وتطرحها بأسلوب مختلف وجذاب.
ما النصيحة التي تقدمينها للشباب الراغبين في دخول المجال الإعلامي؟
أن يحبوا ما يفعلون، ويجتهدوا في بداياتهم، ويمنحوا المهنة وقتهم الكامل. التجديد والتفنن مطلوبان دائمًا، لكن الأهم هو التوكل على الله، فهو سر النجاح في كل خطوة.

كيف أثرت الأمومة في شخصيتك ومسيرتك؟
الأمومة زادتني قوة وإصرارًا في حياتي الشخصية والمهنية. أحيانًا أشعر بالتعب، لكن نظرتي إلى ابنتي تمنحني طاقة جديدة وشعورًا عميقًا بالمسؤولية. أريدها أن تكبر وهي فخورة بي كما أنا فخورة بوالدتي ابتسام الرباعي، المرأة السياسية المعروفة التي ألهمتني كثيرًا.
ما أبرز التحديات التي تواجه الأم العاملة؟
التحدي الأكبر هو الإرهاق وتعدد المسؤوليات. الأم العاملة تحتاج إلى توازن وثبات فكري لتستطيع الجمع بين بيتها ومهنتها. ليس الأمر سهلاً، لكنه ممكن بالإصرار والتنظيم.
كيف غيّرت الأمومة نظرتك للحياة؟
أصبحت نظرتي أكثر عمقًا وتفاؤلاً. الأمومة منحتني حبًا للحياة وشعورًا أقوى بالمسؤولية تجاه عملي ومجتمعي.
هل ترين أن هناك دعماً كافياً للأم العاملة في ليبيا؟
للأسف لا. من الناحية الاجتماعية، الأم العاملة لا تجد دعمًا حقيقيًا، بل تُحمّل أحيانًا أعباء إضافية وضرائب مرتفعة، وتُلام على أي تقصير. أما قانونيًا، فالدعم الموجه للمرأة بصفة عامة ما زال محدودًا جدًا ويحتاج إلى تطوير.
ما رسالتك للأمهات اللواتي يسعين لتحقيق التوازن بين الأسرة والعمل؟
رسالتي لهن: البداية من الاستقرار النفسي. عندما تكونين مستقرة من الداخل، سينعكس ذلك على عائلتك. لا تجهدي نفسك لتبدين مثالية أمام الناس، فالكمال غير موجود. تذكري دائمًا أن توازنك هو حجر الأساس في استقرار أسرتك.
نعلم أنك تدرسين القانون حاليًا، ما الذي دفعك إلى ذلك؟
نعم، أدرس القانون لأنني أؤمن أن كل تفاصيل حياتنا مرتبطة به. المرأة القوية هي التي تعرف حقوقها وواجباتها، وهذا ما يلخصه علم القانون بالنسبة لي.

أخيرًا، كيف تنظرين إلى قضية المرأة الليبية اليوم؟
قضية المرأة هي من القضايا التي أؤمن بها بشدة، وأعتبرها جزءًا من رسالتي الإعلامية. ومن منبر مجلة الليبية أوجّه رسالتي لكل امرأة ليبية:
تستحقين أن تعيشي بكرامة واستقلالية، وفق ما ترينه مناسبًا لكِ، مع احترام ديننا وقيمنا. أنتنّ لستن ضعيفات، ومن واجهتن العنف لا تجعلن من ذلك ضعفًا بل دافعًا للمطالبة بحقوقكنّ القانونية والسياسية،كفانا أن نعيش دور الضحية، ولنجعل من التجربة حافزًا للتغيير.
Share this content: