×

الليبية تنفرد بحوار مع الفنان عبد اللطيف حويل قبل رحيله

الليبية تنفرد بحوار مع الفنان عبد اللطيف حويل قبل رحيله

هذا الحوار الذي أجري قبل رحيله بأيام عن عمر ناهز 96 عاماً، لم يكن وداعا بقدر ما كان مكاشفة مع فنان أسس لهوية غنائية مع كوكبة من رواد الفن الليبي فجاء تكريمه امتثالا لعطاء صادق ووفاء لمسيرة حافة بالحب

حين غنى لبدة كان يودَّعنا

أن تتحدث مع عبد اللطيف حويل، يعني أن تصغي لتاريخ حافل وصوت معجون بالحنين في كلماته نبل الذين عاشوا الفن لا الشهرة. .في لقائه لا يكون الحديث مجزد حوار، بل طقس استعادة لما تبقى من الزمن الجميل. عبد اللطيف حويل ذاكرة تسكنها الأغنية الليبية في أنقى تجلياتها يغنّي كما يتنفس النخيل، في صوته ملوحة البحر وحنين المدن القديمة، وفي حضوره وقار الفنان الذي عاش بسيطا فأحبه الجميع

حافظوا على أصوات بلدكم، فهي مرآة لهويتكم

 حاوره: فوزي المصباحي

أستاذ عبد اللطيف حويل في البداية اسمح لي أن أعبر عن فخرنا وسعادتنا بوجودك في الدورة الأولى لمهرجان لبدة للأغنية الدورة التي تحمل اسمك كقيمة وقامة تكريما لمسيرة فنية امتدت لعقود. الآن ما هو شعورك وأنت تعيش هذا التكريم وتراه يحدث أمامك في لبدة التاريخ؟

(بصوت هادئ وعميق) مساء النور لك وللجمهور الكريم. الشعور لا يوصف هو مزيج من الفخر والامتنان والاعتراف بالوفاء أن تكرم في بلدك وعلى مسرح عريق كمسرح لبدة الأثري فهذا له طعم خاص. لبدة هي رمز لتاريخنا وعمق حضارتنا والأغنية الليبية هي امتداد لهذا العمق. وأن تحمل الدورة اسمي هو شرف كبير وأعتبره تكريماً لكل جيل الرواد الذي عمل بصمت لبناء صرح الأغنية الليبية. الحقيقة أن تكريمي في مهرجان لبدة الأول للأغنية هو تكريم من نوع خاص لا يُنسى وأسعدني جدا في ختام مسيرتي وأحمد الله أنني كُرمت وأنا على قيد  الحياة

ما يبقى من الفنان ليس صوته فقط إنما الصدق الذي حمله في الغناء

بدأت مسيرتك الفنية في الإذاعة الليبية عام 1957 تقريباً بأغنية (يا مشكاي) ثم توالت الأعمال الخالدة مثل (ياجارة) و (بنشاورك ياقلب)(نفسي عزيزة) (علاش سهرانين ياعيوني) (يازنقتها قوليلها مريت)(الوفاء ياريدي)(حبيت نفسي بيك) (غربتني ومشيت) وغيرها من الأعمال التي لا زالت راسخة في ذاكرة الناس .برأيك ما هو العنصر الذي ضمن لهذه الأغاني البقاء في الذاكرة الليبية لغاية اليوم؟

أظن أن السر يكمن في ثلاثة أشياء أولاً.. الكلمة الصادقة كنا نغني من صميم الوجدان الليبي بلغة بسيطة وعميقة في آن واحد.. ثانياً اللحن الملتزم

فأغانينا ارتكزت على المقامات العربية الأصيلة ممزوجة بالروح الليبية دون الابتعاد عن جذور الطرب.. وثالثا.. الفرقة الموسيقية المحترفة لهذا كانت الأعمال احترافية من التوزيع إلى التسجيل فعندما تجتمع هذه العناصر يصبح العمل الفني ليس مجرد أغنية بل وثيقة فنية وتاريخية.

لولا وفاء الجمهور لما كان لعبد اللطيف حويل مكان أو معنىٰ

مسيرتك الفنية تميزت بتنوعها الكبير من التلحين إلى الطرب والغناء.

كيف استطعت أن تحافظ على هذا التنوع وتترك بصمات خالدة في كل مجال؟

الفن بالنسبة لي هو شغف لا يتوقف عشقته منذ الصغر. أنا لا أرى حدوداً بين التلحين والغناء،كل جزء يكمل الآخر. أستمد إلهامي من الحياة الليبية بكل تفاصيلها ومن تاريخنا العريق وتراثنا الغني.

الأغنية الليبية هي هويتنا وواجبنا كفنانين هو الحفاظ على هذه الهوية وتطويرها دون المساس بالجوهر.

ماذا يعني لك إطلاق اسم عبد اللطيف حويل على الدورة الأولى مهرجان لبدة كعميد المطربين الليبيين؟

الحقيقة اطلاق اسمي في الدورة الأولى للأغنية على مسرح لبدة الأثري كان أعلى وأرقى شكل من أشكال التقدير يمكن أن يحظى به فنان خاصة

عندما يكون على قيد الحياة. هذا بحد ذاته لفتة تاريخية أن يرتبط اسمي بهذا الصرح العظيم والتراث الليبي الأصيل وأن تقام تظاهرة فنية كبرى باسمي

فهذا شعور لا يوصف وهو فخر لي ولكل عائلتي.

وأسعدني جداً في ختام مسيرتي الفنية.. كما انني شعرت بأن هذا التكريم كان اعترافًا ووفاءً حقيقياً بمسيرة طويلة من العطاء وليس مجرد مناسبة عابرة.

لقد لمست المحبة الصادقة من زملائي الفنانين والجيل الجديد من المبدعين والجمهور الذي حضر يالي المهرجان الساحرة. فهذا المهرجان كان يهدف إلى إحياء الأغنية الليبية وتكريم روادها وأنا شعرت أنني أمثل جزءاً من هذا التاريخ الذي يحتفي به فشكراً للهيئة العامة للسينما والمسرح والفنون وعلى رأسها الفنان عبد الباسط أبوقنده وللجنة العليا للمهرجان. باختصار أقول لك إن هذا التكريم بمثابة مسك الختام لمشواري الفني.لقد أثلج صدري ورسخ في قلبي أن الفن الأصيل لا يموت وأن عطاء الفنان يظل محفوراً في ذاكرة الوطن. الحمد لله أنني عشت وشهدت هذا الاحتفاء قبل أن أرحل عن الدينا 

كنتم عضواً في فرقة العالوف والموشحات ومؤسساً لفرقة،الشروق، عاأهمية فن المالوف والموشحات بالنسبة للمشهد الغنائي الليبي الحديث ؟

المالوف والموشحات هو الرافد الأساسي لطربنا.

هو المدرسة الأم التي تعلمنا منها أصول الغناء والمقامات والزخرفة الصوتية. بالنسبة لي هي العمود الفقري الذي يمنع الأغنية الليبية من الانهيار أو الذوبان في الألوان الغنائية العابرة. يجب على الفنانين الشباب الذين يريدون أن يتركوا بصمة أن يعودوا إلى هذا الفن الأصيل المالوف ويتعلمون منه الانضباط الفني وعمق الأداء حتى لو اختار التجديد بعد ذلك

مهرجان لبدة للأغنية يهدف إلى إحياء التراث الموسيقي ودعم المواهب الشابة. كيف ترى أهمية هذا النوع من المهرجانات في وقت نتسارع فيه وتيرة التغير الفني وصرنا نسمع أغاني دخيلة علينا؟

إقامة هذا المهرجان اليوم هي خطوة ضرورية وملحة. الأغنية الليبية تحتاج إلى من يسلط عليها الضوء من جديد ويخرجها من العزلة والمسرح الأثري

يمنح هذا الاحتفاء قيمة مضاعفة. أما بالنسبة للشباب فالمهرجان يمثل لهم حلبة للتنافس الشريف ولقاء الرواد وهذا يخلق جسرا بين الماضي والحاضر.

آمل أن يركز الشباب على الهوية الليبية في بالجوهر.أعمالهم وأن يستمدوا الإلهام من قصائدنا الشعبية وتراثنا الليبي الغني

هناك مسابقة رسمية في المهرجان للأعمال الغناىْية ماهي نصيحتك كأستاذ مطرب و ملحن للجيل الجديد من المطربين و الملحنين و المؤلفين لتقديم عمل فني خالد؟

نصيحتي لهم لاتكتفوا بالتقليد واجتهدوا في البحث.

يجب أن يبحث المطرب والملحن و المؤلف عن عمل يعبر بصدق ويلامس وجدان الناس,الأغنية الناجحة هي التى لاتنسى تلك التى تجدها تردد في الأفراح و المناسبات دون أن تعرف حتى من غناها , والأهم أن يتقنوا أصول الغناء والموسيقي.

فالغناء والموسيقي احساس ولكنهما أيضا علم لايمكن الاستغناء عنه.

لو عدنا الى فترة البدايات عملت في الدباغة و النسيج لمساعدة أسرتك قبل أن تحترف الغناء هل ساعدتك هذه التجربة الحياتية القاسية في صقل شخصيتك الفنية؟

بالتأكيد الحياة ليست سهلة والرزق يأتي بالجهد هذه المهن علمتني الصبر والالتزام و الدقة وهى صفات لاتقل أهمية للفنان عن الموهبة.

فعندما تغنى يجب أن يكون صوتك حاملا لتجارب حقيقية لا مجرد لحن عابر . العمل اليدوى قربنى من الناس العاديين وسمعت منهم قصصهم وأحزانهم وأفراحهم وهذا كله انعكس على اختياراتي الفنية.

فأنا منذ صغري كنت أعشق الغناء أستمع في الافراح و الاعراس في المدينة القديمة الى أغاني (الزمزامات) وكنت أحفظ منهم واأردد ماحفظت على أولاد الشارع الذين اعتبرتهم جمهوري الأول وهم من أعطوني الدافع للانطلاق نحو الغناء بعدها بدأت الغناء في الافراح ودون علم أهلى, الحقيقة المدرسة التي أسهمت في صقل موهبتي وتعلمت من خلالها أصول الغناء هي السينما حيث كنت أحضر أفلام المطربين العرب الكبار التي كانت تعرض في سينما النصر القريبة من بيتنا بسوق الترك.

ماهي رسالتك الختامية لجمهورك الذي أحبك على مدى كل هذه السنوات و الذى رحب بك أثناء دخولك المكان وسيحتفي بك الليلة؟

رسالتي هي رساله حب ووفاء أنا ممتن لهذا الجمهور العظيم الذى حفظ أغانينا وأورثها للأجيال.

لولا هذا الوفاء لما كان لعبد اللطيف حويل مكانة أو وجود على الساحة الفنية, وأقول لهم حافظوا على فنكم وادعموا أصوات بلدكم فالفن هو مراة للهوية ورمز للوحدة الوطنية

وشكرا للقاىْمين على هذا المهرجان الجميل الذي أعاد لى ولأغنيتنا الليبية جزاء كبير من الوهج الذي نستحقة 

Share this content: