×

ثقافة التخلي أم وهم الشفاء..؟

رزان نعيم

ثقافة التخلي أم وهم الشفاء..؟

رزان نعيم المغربي

لدى رغية للتذكير لما حدث أيام جائحة كورونا، ذلك الحصار الذي عانى منه العالم كله، كيف أصبحنا فجأة ارخبيلات مغلقة على نفسها ، تصغر و تصغر حتى وصلت إلى أفراد الأسرة نفسها،لم يعد التواصل ممكنآ ، وقتها برزت أشياء كثيرة للتغلب عليها ، كانت درسآ حقيقيآ في معنى التواصل الإنساني.

ما أود قوله، برزت في السنوات الأخيرة، اجتاحتنا موجة من النصائح السريعة،تأتي غالبا على هيئة مقاطع قصيرة أو منشورات مصاغة بلغة براقة تدعو إلى (التخلي عن الأشخاص الساميين) (قطع العلاقات المؤذية )،الانفراد بالذات خيارا أسلم للنجاة … وكل هذا يبدو في ظاهره نوعا من الشفاء ،لكنه أحيانا يكون أقرب إلى الهروب،أو تعزيزا لوهم أننا نداوي أنفسنا، بينما نحن نزيد عزلة أرواحنا.

تنتشر هذه النصائح بوصفها أدوات ((وعي ذاتي)

لكنها في كثير من الأحيان تروج لفردانية مفرطة،

وتضخم من قيمة (الأنا)على حساب المشترك الإنساني .هذه الأفكار المطروحه تغيب سؤالا جوهريٱ :هل نحن فعلا نتخلى لأننا نضجنا؟ أم لم نتعلم كيف نبني علاقات صحية؟

في مجتمعاتنا،نكاد نفقد مفهوم (العمل الجماعي)

الحقيقي.

ليس فقط على مستوى المؤسسات أو المشاريع،بل حتى بين الأصدقاء و العائلات. نعاني من فوضى ومزاج غير منضبط ،يجعلنا نتهرب من التعاون، ونختار الانفراد بوصفه راحة ، دون أن نرى ما يفوتنا حين نعيش كجزر معزولة.

العلاقات الإنسانية بطبيعتها معقدة، تتطلب جهذا وصبرا وجرأة على المواجهة.

لكن بدلا من طرح المسألة للحوار حوله، نلجأ إلى تبسيطه: نصنف الآخر بأنه (سام )ونغلق الباب ونمضي.

وأننا لسنا مضطرين للاعتذار عن قطع أي علاقة لم ترحنا ، دون أن نتوقف لحظه لنفكر:هل أخطأنا نحن؟ هل بدر منا تقصير غير مقصود جعل الآخر يبتعد؟ قليلون منا يتساءلون عن دورهم في فشل العلاقة، كأننا دائما الطرف النقي والآخر هو العيلة..!

العزلة قد تكون ملاذآ مؤقتا ، لكنها لا تصنع شفاء دائما.

نحن لا نشفى وحدنا، بل بالتبادل ، بالحكى ، بالتجارب المشتركة. لا أحد ينجو منفردا، حتى وإن ظن ذلك .

ربما نحتاج اليوم ، أكثر من أي وقت مضى، إلى إعادة الاعتبار لمفهوم العلاقات الإنسانية ، لا باعتبارها عبئا، بل بصفتها جسرآ نحو فهم الذات والآخر.أن نحيا ومعنا من يشهد على خطواتنا، من يعيننا على التوازن، ومن يمنح الرحلة طعمها.

فلا تجعلوا (ثقافة التخلي)تخطف منكم فرصة الشفاء الحقيقي..

ذاك الشفاء الذي لا يتحقق بالهرب ،بل بالبقاء الواعي، والعمل على الإصلاح ، لا الإلغاء.

 

Share this content:

إرسال التعليق