أجرت الاستطلاع : نعيمة علي
في عالم تتزايد فيه ضغوط الحياة ووتيرة التغيرات الاجتماعية، تبرز فكرة جديدة تتحدى التقاليد الراسخة في المجتمع العربي الليبي حيث يعتبر الذهب والشوكولاتة رموزاً تقليدية للتعبير عن الحب والمودة ، يظهر اتجاه جديد إلى اعتماد الورود وسيلة للتعبير عن المشاعر.. ماالذي يجعل الورود خياراً جذاباً في ظل العادات الراسخة ؟
هل يعكس هذا التعبير تحولاً في القيم الاجتماعية؟ في استطلاعنا هذا ، سنغوص في عمق هذه الظاهرة ، نستعرض آراء الأفراد ونستكشف كيف يمكن لفكرة بسيطة مثل إهداء وردة أن تؤثر في العلاقات الإنسانية وتعبر عن المشاعر بطرق جديدة ومبتكرة ، ولنكتشف معاً إذا كانت الورود ستصبح رمزاً جديداً للمحبة في قلوب الليبيين أم لا ؟.
الخيار الأكثر رومانسية في عالم الهدايا
ثقافة تكاد تكون معدومة
(( توفيق البشير شعُبة)) صاحب متجر جزيرة ريكسوس للزهور قال: الاقبال على الورود نوعاً ما متوسط، يعني مقتصر على المناسبات كالأفراح والنجاح وأعياد الميلاد، ولكن كثقافة في المجتمع الليبي كرجل يشتري ورداً لبيته فهي ثقافة تكاد تكون معدومة ويراها من الأمور الثانوية، رغم أن الورد جميل ووجوده في البيت يعطي شعوراً بالجمال والراحة النفسية.
البعض يشتري الورد ويطلب مني وضعه في كيس
قال ( م . ع ) بائع ورد التقيناه بميدان الشهداء وسط العاصمة: أتجول هنا لأبيع الورد ولكن القليل من يشتري وحتى بعض الناس يبدو عليهم الخجل والتردد في البداية عند شرائهم الورد لدرجة أنهم يطلبون مني أن أغطيها بكيس حتى لاتلفت إليه الأنظار أوعلى الأقل أغلفه بورق تغليف سميك حتى لاتكون الوردة واضحة للناس!!
في ثقافتنا إهداء الورد مرتبط بالبخل وعدم الاهتمام
((سالم محمد)) كان جالساً يراقبنا ونحن نتحدث مع بائع الورد ، اقتربنا منه وسألناه عن رأيه حول الموضوع فقال مبتسماً : للأسف قد يرى البعض أن الاكتفاء بالورد هدية فيه نوع من عدم الاهتمام أو نوع من البخل ،يعني لوزرت مريضاً وحملت معك ورداً بدل الأكل أو المشروبات ممكن جداً أن (يتضايق) ويرى الأمر فيه عدم أهمية رغم أن الوردة لوحدها سعرها يصل حتى عشرة دنانير !!
فالأفضل أنك تشتري عصائر أو شوكولاتة أكثر قيمة.
اهد ورداً ولكن معه هدية لها قيمة
الشاب أيمن قال:-
ثقافة إهداء الورد في السنوات الأخيرة لاحظت أنها موجودة وحتى متاجر بيع الورود وتغليف الهدايا انتشرت ولكن تلاحظ أن الورد لابد وأن تكون معه هدية لها قيمة مثل هاتف محمول أو مبلغ من المال أوطاقم ذهب أو ساعة أو عطر المهم هدية من هذا النوع ولكن لم يصادفني أبداً إهداء باقة ورد لوحدها بدون هدية، ربما يرون أن الورد لوحده لاقيمة له وهنا تتضح ثقافة المجتمع فيما يخص إهداء الورد.
الورد له مناسباته الخاصة فقط
السيد عبد الرحمن كان برفقة زوجته وطفليه عندما استوقفناهم لنطرح عليهم سؤالنا ابتسمت الزوجة وقالت :-
أنا أحب الورد ومن الجميل أن يهديك شخص يحبك وردة .. زوجك ، ابنك، ابنتك هذه الهدية تساوي عندي الدنيا ومافيها . ولكن من النادر أن تجدي هذه اللفتة الجميلة وفي ثقافتنا ومجتمعنا فإن الورد مقتصر على الأفراح والمناسبات فقط.
أما السيد عبد الرحمن فقال:- حتى في الأفراح نحن لانهدي الورد ، نُهدي هدايا أخرى ممكن تكون مبلغاً من المال أو غيرها من الهدايا المتمثلة في إكسسوارات البيت أو الملابس، الورد يهتم به أصحاب المناسبة فقط أقصد (( الفرح)).
لو أهديت زوجتي وردة ستتهمني بالخيانة
ثقافة شراء الورد في مجتمعنا تعتبر من الأمور الثانوية
عبدالمالك حسن قال عن رأي زوجته إذا أهداها الورود :
ليس من عادتي أن اُهدي وردة لزوجتي ولو فعلت فهذا يعني أني فتحت أبواب الشك وسوف تتهمني بالخيانة والتأثر بالمسلسلات التركية و أضاف ضاحكاً :
فلنترك أبواب الشك مقفلة أفضل .
الورد بالنسبة للفتيات له قيمة معنوية كبيرة
مروة المهدي قالت :
أغلب الفتيات يحببن الورد بكل ألوانه وأشكاله ويحببن من يهديهن الورد ،فالورد بالنسبة للبنات له قيمة كبيرة وتأثيره كبير جداً عليهم، ولكن القليل من تتجرأ أن تمشي بالشارع وهي حاملة وردة لأنها ستعرض نفسها للسخرية والتعليقات فنحن نعيش في مجتمع لا يقدر قيمة الورد ورؤية أي شخص سواء فتاة أو شاباً يحمل ورداً على طول يرتبط في تفكيرهم أنه أو أنها تعيش قصة حب . فلهذا نلجأ لتخبئة الورد في أكياس أو في حقائبنا .
الورود أجمل تعبير
عن الحب والتقدير
إنتصار علي قالت :
أتمنى لو يهديني زوجي وردة فقط !
فرغم اننا متزوجان من عشر سنوات كانت حافلة بالمناسبات « إنجاب»، «أعياد زواج» ولكن عندما لم يفكر زوجي يوماً أن يهديني وردة رغم أن الورد متوفرة في المتاجر أو حتى أننى أحياناً اُلمح له بطريقة أو بأخرى إلا أنه يرد عليّ بابتسامة وكأنه يقول (اعقلي وانضجي) ، أنا لا ألوم زوجي بالعكس أجد الأمر عادياً جداً فنحن تربينا في مجتمع لا يهتم بمثل هذه الأمور .
معروف عني في العائلة إهداء الورود
أميرة منصور عَبرت قائلة : أحب الورد ودائماً أفضل أن أهدي الورد لمن أُقدرهم وأحبهم ، حتى في العائلة معروف عني إهداء باقات الورد و«بوكسات» الهدايا مع الورد . أشعر بأن الورد يعكس شخصيتي المُحبة واللطيفة مع الآخرين . أجمل شيء ممكن يهديه الإنسان هو الورد حتى لو ارتفع سعره .
هدية الورد تسعد القلب وتدغدغ الشعور
ندى محمد، عبَّرت بقولها : للأسف بعض الناس لايفهمون لغة الورد ويرون أن إهداء الورد أمر لا قيمة له مع أنه أجمل وأرق الهدايا التي تسعد القلب وتدغدغ الشعور .
كان أبي يهديني الورد
في كل مناسبة
أسيل الحمدي قالت : بابا «رحمة الله عليه» كان دائماً يهديني الورد في أعياد ميلادى ونجاحي .. كان يحب الورد ودائماً الورد في بيتنا وحتى بعد رحيله مازلنا نحب الورد ونهديه لبعضنا .
ثقافة «العيب»
تحكم المجتمع الليبي
أمجد الجيلاني قال : مجتمعنا الليبي تغلب عليه ثقافة «العيب» و«الخجل» نتيجة عادات وتقاليد من أيام أمهاتنا و آبائنا بسبب التحفظ الشديد أيام زمان لايعرفون الورد ولا إهداء الورد في المناسبات ، كانوا يبادرون بالمساعدات المالية أو العينية كما يقال ـ على أساس هدية ومنها مساعدة لصاحب المناسبة فلك أن تتخيل أن تهدي صاحب المناسبة ورداً !!.. بالتأكيد سيرمقك بنظرة كلها استغراب ولوم وتقصير فأنت في نظره لم تقم بالواجب إنما مجامل من الدرجة الأولى . وبخيل أيضاً .
تجارة الورد انتعشت نسبياً في ليبيا
السيدة ( نجاة) صاحبة متجر إلكتروني (نينا روز) لتجهيز «بوكيهات الورد» قالت : ثقافة إهداء الورد بشكل عام في مجتمعنا شهدت انتعاشة نوعاً ما وإن كانت على استحياء ومقتصرة على المناسبات فقط .. بعكس شعوب العالم المتقدم الذين يعتبرون شراء الورد من الأساسيات لتزيين بيوتهم ويكاد يكون مجاناً .. فترى شوارعهم مزينة بالورد، فهم يُقبلون على زراعة الورود بأشكالها ويتهادونها فيما بينهم ووجودها في حياتهم من الأساسيات . أما في مجتمعاتنا العربية وليس في مجتمعنا الليبي فقط فإن الورد مرتبط بمناسبات الفرح والأعياد فقط .