عفاف عبدالمحسن
حتى في الحب يقول بعض الشعراء : كن واقفاً في منتصف الحب لعلك تلمس كل نجوم السماء …
لماذا أتيمن بقول شاعر وكما تعلمون بعضنا ( يتبعهم الغاوون) إلا !!! ونحن ديننا الحنيف وسطي !
فهل يجب أن نظل هكذا في مجريات حياتنا أيضاً ؟! هل وجودنا في الأطراف يؤذينا ..
الأطراف أعزائي القراء ربما تفسر أنها من التطرف « أطراف الخبيز في الأفران تتأذى عادة وهكذا تؤذي الخباز وصانع المعجنات اقتصادياً ومعنوياً « هذا من نافل القول قطعاً ..
على ذكر هذه الفاصلة في معنى القول النافل تصورت أن المعتقد نجاته حين يظل في منتصف المسافة بينه وبين كل شيء حوله يجب أن يكون فيه أو معه أو به بقوة واقتدار ولكنه يخشى إن فعل أن يتأذى بشكل أو آخر أو إنه يعتقد جازماً في جملة ( انتصف تسلم _ انتصف تنتصف ) الحزم في الجزم مختلف هنا فلن يأخذك كثر على محمل الجد ..
فلن تكون إلا كممر يعبرونك من غرفة لأخرى .. كبحر يخافونك ويتوجسون عبورك المنطلقين من ميناء آمن راغبين الوصول لميناء آخر في مطافهم الأخير لوجهة يجدون عندها ضالتهم ..
ماينطبق على الدين الوسطي لأنه دين عقيدة سمحة تفاصيلها تتقى ويؤخذ بجزيآتها وأطرافها ومنتصفها بقوة ( كي لا يغيب عنك كل الذي تشاء ولعلك تلمس كل نجوم السماء لا تكن في الأطراف ) ..
والنصيحة الأهم في الحياة كي ترفق بذاتك لا تغادر المنتصف ..
قد يكون هذا النصح للبعض غريباً فالتحيز والانحياز والتماهي والانطباعية والهوية والانتماء والتفاني والاقتراب والاقتناع والمباهاة حتى التشجيع المبالغ فيه الذي نراه في كرة القدم خصيصاً دون الرياضات الأخرى .. كلها تقع تحت تعبير التطرف وإن اختلفت درجاته بين الغلو والهنو بين المصداقية والمصلحية بين الاقتناع والنفاق ..
فقط سيعرف من تحادثه ناظراً في عينيك كما هو فاعل كي يتبين إيمانك بما أنت منحاز له حد التصاقك في مكان أو قربك بإنسان أو تشبثك برأي أو معتقد .. يشار إليك أنك منه وله وبه تستمر مناصراً .. قانعاً لاقتناع .. مدافعاً بحماسة .. متحدثاً بحرقة .. ليستمر بك سمعة ومكانة ومكمناً وأماناً وأمناً …
فهل أنت متكيف مع طرفك هذا الذي اعتكفت عنده؟ هل ساقك إليه شعور أنه الملاذ الآمن ولأنك مسالم ستسلم أم أنه تفكير جمعي بمعنى المثل الشعبي القائل ( كيف الناس لاباس ) ولن تبحر عكس التيار .. ولن تصارع طواحين الهواء ..
أتصور أن الكلام العام هكذا سيقود البعض للتفكير ناح أمور عديدة نمر بها في حياتنا اليوم تضطرنا للاختيار أو للإجبار أن نكون مع طرف ضد طرف حد وصول البعض للتطرف مع الأم ضد صلف الأب وجبروته وكأننا في حالة من التنافر بين ثنائيّة المحبّة والكره القبول والرفض الاشمئزاز والارتياح بتقبل ..
فليكن المعنى مما كتبت اليوم مفتوحاً لكل تصور ذهني يأخذ القارئ أنى يشاء من التفكير بمعنى ( مفتوحاً ) للتأمل والبحث عن إجابة للمتحير .. هل هذا زمن وقائعه تجعلنا وجوباً ننتحي منتمين لطرف تاركين كارهين ناقمين مقصين طرفاً آخر كي يقال إننا تخيرنا بقوة إرادة وحسن تفكير ؟!!
أم زمنا كوارثه تجعلنا لا نصطف وننتصف مكاناً وقد ننصف حقوقاً وننتصف لأنفسنا معنا وقد لا يعيرنا من يمرنا ونحن في المنتصف انتباهاً ويظل منّا المنتصف كالمعتكف لا يراه إلا الله وهكذا قناعة بإيمانية عالية تشعره بالجبر لا القهر .