سيدة تسير و خلفها مساعدة تجر عربة التسوق أو تحمل طفلاً ، و أخرى تجلس في سيارتها وترسل العاملة لتجلب لها كوب قهوتها من المقهى ، هذا المنظر بات أمراً شائعاً جداً في الآونة الأخيرة فبعض ربات البيوت والسيدات بتن يتباهين بامتلاكهن مدبرات منزل (شغالات) ، ويحرصن على اصطحابهن في جولاتهن خارج المنزل، معتبرات ذلك نوعاً من الرقي .
للتباهي و الواجهة الاجتماعية أم للحاجة ؟
» استطلاع: زهرة موسى
يرى البعض وجود الخادمة في البيت ضرورة تفرضها عوامل عدة منها خروج المرأة إلى العمل، وزيادة أعباءالحياة عليها ما يجعلها غير قادرة على تحملها وحدها.
فتقول « مريم سعيد ربة منزل : وجود مساعدة منزلية أمر ضروري ، خاصة مع زيادة المسؤوليات ، فلا بأس بوجود عاملة تنظف المنزل و تقوم ببعض الأمور لمساعدة ربة البيت بين الحين و الآخر ، ولكنني أرفض فكرة وجود خادمة بشكل دائم في المنزل .
شركات توفر مساعدات بمواصفات جيدة
أضافت « خديجة آدم « نحن بحاجة لوجود عاملة للمساعدة في الأعمال المنزلية أو للاهتمام بالأطفال ، والآن بات الأمر أسهل مع وجود مكاتب توفر لك العاملة حسب المواصفات والعمر، بالإضافة إلى إجراءات رسمية من شهادة صحية وعقد مع مكتب العمل والتأهيل المختص ، فلهذا هذه الظاهرة أعتبرها صحية ، و لكن البعض يستغلها لأهوائه الشخصية من استغلال العاملات من خارج المكاتب لنشر محتويات على مواقع التواصل الاجتماعي أو استغلالهن في أمور أخرى.
استغلال العاملات لكسب المشاهدات
بينما ترى نجوى خالد موظفة من مدينة طرابلس « وجود المساعدة هي ضرورة في هذا الوقت ولكن الكثير بات يستغلون الأمر فكما نشاهد على مواقع التواصل الاجتماعي فعديد الأشخاص يستغلون العاملات خاصة من أصول إفريقية في نشر محتوى عنهن و بذلك يكسبون مشاهدات كثيرة.
و تضيف « كذلك باتت تنتشر بين بعض السيدات المشاهير على التواصل الاجتماعي ظاهرة جديدة و هي تدليل العاملة و تخصيص يوم لها و شراء ملابس و غيرها من الفعاليات التي لا بأس بها إذا كانت من أجل إسعاد المساعدة و لكن ليست للنشر ، خاصة أنهن يظهرنها بدون اخفاء وجهها.
اصطحاب العاملة للأماكن العامة ترفيه وليس للتباهي
تعتقد (سعاد) سيدة من مدينة أوباري « السيدات اللاتي يصطحبن المساعدات للتنزه أو الأماكن العامة ذلك ليس للتباهي فقط إنما لترفه عنها فمن الظلم أن تخرج العائلة و تبقى لوحدها بالمنزل.
تعتبر « عبير محمد من طرابلس اصطحاب العاملة المنزلية إلى الأسواق و الأماكن العامة للتباهي فقط ، فلا يمكن أن أفسر منظر السيدة و هي جالسة بسيارتها و ترسل مساعدتها إلى «الكافي» لجلب قهوتها إلا تباهياً ، وهذا الموقف تكرر أمامي لأكثر من مرة و لهذا فإن وجود المساعدة إذا كانت للحاجة فهي تقضي عملها في المنزل فقط ولا ترافقها في أي مكان آخر .
و ذكرت « خديجة أحمد ناشطة من مدينة سبها « الأمر يقاس بنوعية العمل الذي تؤديه العاملة ، فإذا كانت تؤدي أعمال المنزل فمن المفترض أن ينتهي عملها في المنزل فقط ، و لكن إذا كانت مربية للأطفال فمن الطبيعي أن نشاهدها صحبة السيدة في التجمعات لأنها مرافقة للأطفال ومهمتها العناية بهم .
أشارت» قبل عدة أيام سافرت لزيارة أقاربي و ذهبنا للعشاء بإحدى المقاهي بمدينة بنغازي ، وكانت في الطاولة المجاورة عائلة ، تصطحب معها المربية التي تبدو من ملامحها أنها من إحدى الدول الإفريقية ، و كانت تجلس رفقة الأطفال على طاولة أخرى تؤدي عملها و بهذا لا أرى أي خطأ في ذلك و أمرا طبيعي جداً..
و أضافت «زينب صالح من مدينة سبها « انتشرت هذه الظاهرة في الآونة الأخيرة بشكل كبير جدا ، حتى أن الكثير من السيدات لا يحتجن للعاملة و لكنهن يتابعن ( الترندات) ويردن أن يظهرن بشكل الراقيات و يتابعن كل ما يشاهدن على مواقع التواصل ، و ينظم حفلات للعاملات و ينشرن الصور على المواقع التواصل من أجل الشهرة فقط.
ربات بيوت لا يثقن في العاملات
قالت « فاطمة خليفة ربة منزل « العديد من الأسر تصطحب العاملة معها لأنها لا تثق فيها و لا يمكن أن تتركها لوحدها في المنزل خوفاً من حدوث أي مكروه ، و أنا عن نفسي أخاف من وجود عاملة في منزلي مع أبنائي لوقت طويل فلهذا لا أفكر في جلبها أبداً و أيضا لست بحاجة لوجودها إلا في حالات المرض فقط.
قال « محمد علي أستغرب جداً من هذه الظاهرة ،الأمر وصل بهن لجلب العاملة على البحر و هن يستمتعن بوقتهن و إذا سألتهن لما جلبن معهن العاملة سيقولون لكي تتنزه و ترتاح ، و لكن حقيقة الأمر أنها لا تجد وقتاً للراحة أبداً ، فتجد العاملة تقضي وقتها وهي تجري خلف الأطفال وتغير ملابسهم و تهتم بهم و تراقبهم.
ذكر « علي أيوب مدينة طرابلس « ظاهرة الخادمات الوافدة في البيوت منتشرة جداً ، و لا يمكن أن تخرج من المنزل ولا تصادف إحداهن تمشي و خلفها العاملة تجر عربة الطفل وأحياناً محملة بأكياس ، و الأدهى من ذلك هو منظر البعض و هو يعنف العاملة أمام المارة ، و يعاملها بالقسوة بلا رحمة ولا شفقة وهي تكابد ليلاً ونهاراً من أجل لقمة عيشها ، مواقف عدة نشاهدها من ربات بيوت في تعاملهن مع عاملاتهن في الشارع بالاستعلاء والإذلال.
و ذكر « خليفة خالد من بنغازي « إن إرفاق الخادمة معك في الشارع أمر مستحدث ففي الماضي كانت الخادمة لا تخرج إلا لأمر طارىء جداً، لإجراء الفحوصات و التحاليل الطبية قبل مجيئها أو لوعكة صحية وواجبات خفيفة ، عكس اليوم المساعدة ترافق صاحبة البيت في كل مكان وهذا من باب الكبر والعلو لا أكثر .
تعنيف العاملات
و قالت « زينب محمد نسمع يوميا عديد القصص عن المساعدات المنزليات و ربات العمل و لعل أكثرها تجسد معاناة العاملات من استغلال وذلك بقلة رواتبهن أو بتعرضهن للعنف.
و أشارت إلى أنه « كانت تعمل لدى جارتها عاملة من دولة اثيوبيا، و كانت السيدة تعامل تلك العاملة بقسوة و تعنفها بشدة لدرجة أن العاملة هربت منها ، و قيسي على ذلك فالقصص عديدة جدا ، و بالمقابل هناك عديد الأشخاص الذين يتعاملون معها برفق و كأنها واحدة من أفراد عائلتهم .
تقول « مريم عاملة « من دولة نيجيريا » منذ مجيئي إلى ليبيا في 1998 كنت أعمل بتنظيف المنازل و لكن لدوام جزئي حيث كنت أنظف و أرتب و أعود نهاية اليوم للمنزل ، و كانت سيدة المنزل لطيفة معي جدا ، هي و زوجها ، و كانت تشتري لي أغراضاً و ملابس لأطفالي ، و حتى الطعام الفائض من الوجبات اليومية ترسله معي لأسرتي .
و أوضحت عملي كان يقتصر على تنظيف الأواني و مسح الأرضيات و غسل دورات المياه ، بينما تتولى هي طهو الطعام ، و بعد عدة أعوام تركت هذا العمل لانتقالي إلى مدينة أخرى بنغازي و منذ أن انتقلت بفضل إحدى قريباتي أصبحت أعمل باليومية أي أنه كلما تواصلت معها احدى السيدات لحاجتها لمساعدة في المناسبات الاجتماعية لغسل الأوني تتواصل معي و نذهب معاً لإنجاز العمل و هكذا ، اليوم أنا لم أعد أعمل فأطفالي أصبحوا كباراً و هم يتولون العمل بدلاً مني و يهتمون بأمورنا المالية .
و أشارت أنها لم تعمل يوماً مع شركات توفير العمالة ، و أن مجموعة من زميلاتها حدثتها عن الشركات و أن العمل به مرهق جداً ، و أيضا الشركات قد تجلب العاملات من الجنوب و يتم احتكارهن للعمل معهن فقط ، و يعلمن بأن العمل مع الشركات فيه استغلال كبير لجهدهن حيث يعملن لوقت طويل وفي نهاية الأمر تستقطع الشركة جزءاً من راوتبهن و هذا فيه نوع من الظلم .
تقول « زينب سالم اخصائية اجتماعية « لا يمكن تصنيف هذه الظاهرة بشكل مطلق ووضعه تحت إطار معين ، فهناك من يجلب العاملة لحاجته و يتعامل معها وفقاً للإنسانية و يحسن معاملتها ، و لكن في ذات الوقت هناك من يجلبها للتفاخر و التباهي ، و هذا أمر واضح و جلي لدى الكثير ، فعديد السيدات تحب أن تكون محط أنظار الجميع وأن تكون ملفتة و دائماً تواكب كل ما تراه على مواقع التواصل الاجتماعي مهما كانت عواقبه ، فكل ما يهم هو أن تكون مثيرة للجدل فقط ، و هذه الفئة باتت كبيرة مؤخراً ، فليس من المنطقي أن تخرجي و معك عاملتك في كل مكان تذهبين إليه .
و أعربت « لهذه الظاهرة عديد الجوانب السلبية على المجتمع ، أتمنى من مؤسسات المجتمع المدني أن تعمل على توعية النساء ، لأن انتشار هذه الظواهر يدل على قلة الوعي وسطحية القائمين به.
حاولنا التواصل مع عدة شركات لتوفير العاملة و لكن لم يستجيبوا ، و لكن و خلال البحث عن مواصفات العاملات التي توفرها الشركات الخاصة تبين أن معظمها تتفق على توفير عمالة من جنسيات ( إثيوبية ، نيجيرية ، إندونيسية ، فلبينية ) بينما تضيف بعض الشركات في إعلاناتها أن عمالتها يحملون شهادات صحية و مستوفون الاجراءات ، و قد توفر بعضها عمالة متزوجين ( زوج و زوجته ) للعمل في حال الرغبة بأكثر من عامل و تختتم معظم اعلاناتهم بأن أسعارهم في متناول الجميع مع اتاحة مدة شهر للتجريب قبل الدفع.
ختاماً :
وجود العاملة قد يكون ضرورة لعديد الأسر خاصة مع دخول المرأة سوق العمل ،و زيادة المسؤوليات و يتفق العديد من المواطنين على أهمية جلب العاملة للمساعدة و ليس للتباهي بها أمام المجتمع .