الدكتور:أبوبكر مصطفى عفّان استشاري طب عيون
النظارة الطبية تصلح الجزء الأكبر من الحول
«الحول .. الاحولال .. العين الهائمة»
تطلق هذه المسميات على الحول عند الأطفال لاسيما لدى الكبار .. فهو سوء تراصف في العين متقطع أو مستمر بحيث لايتوجه خط الرؤية فيها نحو نفس الجسم مثل العين الأخرى .. وهو تغير في محاذاة العينين مما يجعلهما لا تنظران إلى نفس الاتجاه في آن واحد . .وما يهمنا في هذا الحوار هو الحول الطفولي إذ يعتبر حالة شائعة بين الأطفال تؤثر على الرؤية ، وتسبب ضعف النظر ، ومن أخطر حالات الحول الإصابة بازدواجية الرؤية أي أن الطفل يرى الجسم الذي أمامه أو الصورة المقابلة له « اثنان» وهذه الازدواجية في النظر تخلق ما يعرف بالعين الكسولة أو «كسل العين» وكلما كان تشخيص الحول عند الأطفال وازدواجية الرؤية مبكراً كلما أصبح العلاج أكثر سهولة ونجاحاً .
وهذا ما نحاول عرضه وتوضيحه من خلال لقائنا مع الدكتور أبوبكر مصطفى عفّان استشارى طب عيون .. تخصص عام لطب العيون وتخصص دقيق لطب الأطفال والحول في الولايات المتحدة الأمريكية .
»لقاء :نجاة الريشي »تصوير:حسناء سليمان
مدير خدمات الأطفال والحول في مستشفى العيون طرابلس
# ما هو الحول الطفولي ؟ وكيف يحدث ازدواجية الرؤية ؟!
ـ حبانا الله سبحانه وتعالى بعينين خصهما بذات الوظيفة ألا وهي النظر .. ولدقة صُنع الله أنه وضع هاتين العينين في محجرهما في زاوية معينة بحيث الصورة القادمة من العين اليمنى تتطابق تماماً مع الصورة القادمة من العين اليسرى من ناحية الحجم والاتجاه وبهذا يراها الإنسان صورة مجسمة واحدة .. هذا عند الإنسان الطبيعي والسليم الذي عيناه تقومان بنفس الوظيفة وفي نفس الوقت .
ـ وعند تغير مسار واحدة من العينين هنا تحدث الازدواجية في النظر لأن الصورة القادمة من العين اليمنى لم تتطابق مع الصورة القادمة من العين اليسرى وهذا مايسمى بالحول و ازدواجية النظر . وتكون هذه الأخيرة شيئاً مزعجاً جداً للشخص أو الطفل المصاب بها .. فماذا يحدث مع القدرة الإلهية ؟!!
يبدأ الدماغ محاولة إلغاء وظيفة إحدى العينين فتكون العين الأقل قوة هى التي تم إلغاؤها من قبل الدماغ ويرسل إليه صورة واحدة من العين السليمة «سبرشن» وهذا مفهومه الطبي . وهو يريح الإنسان نسبياً من الازدواجية ولكنه ليس الحل الدائم والأمثل فهذا الدماغ يريد مساعدة الطفل فيطفئ واحدة من العينين ولكن إذا استمر هذا الوضع طويلاً تفقد العين وظيفتها ولايعد يستخدمها الدماغ ويحدث تكسر للعين المصابة وضعف شديد في النظر .. وإذا وصل الطفل إلى هذه المرحلة يكون العلاج شكلياً فقط إذ لابد من العلاج المبكر وعرض هذه الحالات قبل فوات الأوان على أطباء العيون.
# ما الدور التي تقوم به الأسرة لمعرفة الإصابة بالحول أو ازدواجية الحول ؟
ـ نحن كأطباء دائماً ننصح الأهالي بمراقبة الأطفال ومتابعتهم والتركيز عليهم في كل مراحلهم العمرية الأولى وحتى سن الخامسة على الأقل فالطفل لايعرف أن يشكو ويُصاب بضعف نظر والعائلة لم تنتبه لهذا هنا لابد من التركيز على طريقة النظر ،طريقة رمش العين أيضاً أثناء المشي إذا كان كثير التعثر. عند العائلات التي لها تاريخ وراثي فى الحول أو عيوب إبصار سواء قُصر أو بُعد نظر .. فعندما يحتفون بمولود جديد عليهم الاهتمام أكثر بالتركيز والمراقبة وإستشارة الطبيب المختص .
ما أسباب الحول عند الأطفال ؟ و ما عوامل الخطورة ؟
ـيمكن أن يكون السبب وراثياً ويمكن أن يكون عيباً في الإبصار كأن يكون بُعد أو قُصر نظر شديدين يترتب عليهما مضاعفات كسر العين .
يمكن أن يكون السبب وجود ورم في العين أو الدماغ عفانا الله وإياكم .. أيضاً إثر وجود المياه البيضاء في العين – ضعف شديد في الشبكية والعصب البصري – طفل متلازمة داون – وأحياناً الولادة المبكرة .. وهنا نؤكد على مراجعة الطبيب لقدرته على الفحص واكتشاف السبب .
ـ أما عوامل الخطورة فيكون رقم واحد التاريخ العائلى للحول وهو من أخطر العوامل ، ثم المياه البيضاء ، وأخيراً عيوب الإنكسار غير المصحح .
هل للحول أنواع ؟!
ـ نعم للحول أنواع فالحول المتعارف عليه عند الأطفال يكون منذ الولادة ، ويظهر في سن مبكرة قبل الستة أشهر ويكون السبب شبه وراثياً .. وأغلب هذه الحالات يكون الحول أُنسي أي العين متجهة نحو الأنف ، وكأنها عين هاربة .. أما الحول الذى يبدأ بعد الستة أشهر و الأغلب بعد السنة والسنة والنصف من الولادة يكون سببه عيوب إبصارية .
كيف تُحدث العيوب البصرية «الحول» ؟
ـ خلق الله الإنسان (بكاميرا) داخلية يوجد بها (زوم) في عدسة العين ، فالطفل الذى يُولد بإحد العيوب البصرية محاولة منه لتوضيح الصوره كتقريبها أو إبعادها هنا تشتغل العدسة الداخلية وتصبح «زوم» ، ولكن للأسف كلما حاول الطفل صنع «زوم» وهو التركيز بنظر العين على الجسم المراد رؤيته حتى يعدل النظر يحدث تقارب في العينين مما يسبب الحول .
كيف يتم علاج الحول ؟ ومتى يكون التدخل جراحياً لتصحيح المسار ؟!
عندما يكون الحول منذ الولادة هنا يبدأ العلاج أولاً بتنشيط العين ونبتعد عن إجراء العملية الجراحية إلا عند الضرورة .
عندما نكتشف أن الحول حدث إثر عيوب إبصارية كبعد النظر مثلاً هنا يكون العلاج بسيطاً جداً كاستخدام نظارة توضيح الصورة حيث لايضطر الطفل لتقريب الصورة باستخدام (زوم) عدسة العين وهذا يقلل من الحول .
عدد كبير من الحالات تصل نسبة الحول فيها إلى ٩٠٪ النظارة الطبية تكون كفيلة بحل المشكلة وهذا يحدث في أكثر الحالات والبعض الآخر النظارة تعالج جزءً من الحول ولابد من إجراء عملية جراحية لعلاج ماتبقى من الحول الذي لم تصلحه النظارة الطبية .
وحتى بعد إجراء العملية لابد أن يظل الطفل يستخدم النظارة لتصحيح مسار العين ولابد أيضاً من تغييرها كل ستة أشهر أو من فترة إلى أخرى .. وهذا مالايستوعبه الأهالي بسهولة ويستهجن فكرة أن طفله ستجرى له عملية جراحية ويستمر بعدها بارتداء النظارة … وهنا علينا التوضيح بأن العملية تصلح الجزئية المتبقية من الحول وأن النظارة هي التي أصلحت الجزء الأكبر من حول العين .
وكلما تم إجراء العملية بشكل مبكر كلما كانت نتائجها أفضل وخاصة في بعض أنواع الحول الذي يحدث في سن مبكر جداً وهنا ليس له علاقة بالنظارة لإصلاحه .. لابد من إجراء العملية ولكن ليس قبل الستة أشهر ولا نؤخرها إلى ما بعد العامين .
هل يتحول الحول إلى غمز أو كسر بالعين ؟ !
يحاول الدماغ عادة ً أن يريح الطفل من الازدواجية التي تحدث أثناء النظر فيطفىء إحدى العينين أي يحاول الطفل إغلاق عين ليرى بالأخرى فيصير فيها كسر وهو«الغمز» وهذا يحدث في الحول الوحشي وخاصة ً عند سطوع الشمس أو الأضواء العالية .
فمثلاً الطفل الذي يعاني من الكسر لو أخذناه إلى مدينة الملاهي وألبسناه نظارة ٣d فإنه لايستمتع ، عكس الطفل السليم فعند إجراء العملية في وقت مبكر نكون قد أنقذنا وظيفة البعد الثلاثي ٣d عند الطفل .
ماذا عن اختلال توازن العضلات التي تضبط حركة العين ؟
اختلال توازن العضلات يفسر الحول الذي يحدث من غير عيوب إبصارية أي حدث فجأة … وفي الأغلب عند الكبار فالعين بها ست عضلات ،هذه العضلات تتغذى بالعصب الثالث والرابع والعصب السادس لو اختل أي عصب من هذه الأعصاب الثلاث يحدث « الحول » لأن هذه الأعصاب الثلاث والعضلات السته مشدودات بطريقة تماماً كما نشد أوتاد الخيمة وتكون العين في الوسط .
فهذه العضلات تشد العين من أعلى ومن أسفل ومن الداخل وبالخارج لابد أن يكون بنفس القوة وكذلك العضلات الجانبية أو العضلات المائلة … وهنا ضروري أن تكون الأعصاب الثلاثة طبيعيات وسليمات لأنهن من يغذي العضلات ويعطي نفس النبضات العصبية حتى تبقى العين مشدودة في الوسط .
وهنالك عوامل أخرى قد يكون الشخص مولوداً بأسباب وراثية كتليف العضلات وهنا يحدث العكس أي شد عضلي زيادة فتسحب العين وهنالك أمراض أخرى تصيب العضلات التي تحافظ على العين في الوسط وتسبب الحول .
وفي هذه الحالات لاينفع استخدام النظارة بل التدخل الجراحي السريع …
هل يزول الحول من تلقاء ذاته ؟
نوقشت هذه الدراسة في آخر مؤتمر للعيون بطرابلس . فهنالك دراسةصدرت في تكساس في دالاس وهي نتيجة وحوصلة لمراقبة«٨٠» طفلاً تتراوح أعمارهم من شهرين إلى أربعة أشهر هؤلاء الأطفال نظرنا إلى الذاتة خاصتهم بالمستشفى فالثمانون الذين لم تجر لهم عملية جراحية تم تقسيمهم إلى حول بسيط ولحظي وزاويته معقولة من ٢٠ إلى ٢٥ – حول زاويته ٤٠ وحول زاويته كبيرة تصل إلى ٦٠ وأكثر .. ،من خلال هذه المتابعة ولأعوام ليروا ماذا حدث معهم في تاريخهم المرضي هذا ؟!
كانت النتيجة لاتتجاوز ١-٢ ٪ من الأطفال الذين كبروا وتعدل الحول عندهم لأن نسبته كانت بسيطة جداً .
أما الباقي والذين زاوية الحول كانت عندهم كبيرة استمر معهم .. فتوصلوا إلى نتيجة لابد من إجراء عملية جراحية عندما يكون الحول في سن مبكرة من الولادة أو حقن (بوتكس) والمتابعة الطبية.
مانسبة الحول عند الأطفال ؟
نسبة الحول عند الأطفال تقريباً من ٣ -٤٪ لايتجاوز هذا
كيف يؤثر العامل النفسي «التنمر » الذي يقع على الطفل المصاب بالحول؟!!!
- عندمايقع التنمر على الطفل المصاب بالحول يؤثر على حالته النفسية هذا شيء مؤكد ولكن للأسف الأهالي أخذوا مخافة وقوع التنمر على أولادهم سبباً لزيارة طبيب العيون قبل دخولهم إلى المدارس بدلاً من زيارته في سن مبكرة.. وهي النقطة التي نكررها دائماً ونحاول إيصالها .. إلا أنها تسبب لنا إشكالية في طلب الآباء بإجراء عملية جراحية لأبنائهم بدل النظارة الطبية وتكون هذه الأخيرة هي الحل الأمثل للحول .. وهنا نوضح بأن العلاج ليس اختياريا وإنما حسب الحالة ومايقرره الطبيب المعالج.
وبهذه النصائح والتوضيحات نختم هذا اللقاء .