رسائل السماء
2020-11-16
الرئيسية, محليات
2,524 زيارة
قصة قصيرة
كنت غاضباً جداً ذاك المساء ولساني
الذي ظل معقوداً لسنين منضبطاً ومستقيماً،
فلت فجأة مني ومن جميع عقده أو أخرج
من قاموس، لا أعلم أين كان مخبأ ،أخرج
مصطلحات فجة وألفاظاً ركيكة وثقيلة على
المسامع لا تطاق
سباب وشتائم لم ألتق بها يوماً قبل هذا
اليوم ومن كثرتها تعبت وأنا أتجول في شوارع
البلاد المظلمة في كل الاوقات وفي أكثر من منطقة
وعلى كل أرجاء المدن المجاورة، بدأ على ملامحي
علامات لاتختلف عما يقوله لساني في شيء
إلاأنها ترسل إشارات من تفاصيل الملامح ،
ساخطة متذمرة تكاد تفوق دلو لساني الجاف
المتأثر بسواد الشوارع والطرقات التي غابت
عنها الكهرباء ففحمها،وحده كان يرهقني
قبل أن يعبر الشارع،أنا أقف عىلى ناحية
الطريق أنفث دخان سيجارة رخيصة ثمنها
مجموع من بقايا المصروف واهما نفسي
بالانضباط وعدم التبذير، واتابع حلقات الدخان
البيضاء المتصاعدة والواضحة مع سواد الليل
وظلمة المساء وهي تعلو السماء متملصة من
مسارات المدينة المظلمة التي فارقتها الاضاءة
ككل يوم،السيجارة وأنا اتمتم ببضع كلمات
مفعمة بالشتائم والسباب وعدم الرضا
لمحته يرمقني وهو يحاول ألا يشعرني بأنه
منتبه لتصرفاتي المنزعجة وعندما التقت عيناي
عينيه رافعاً يده مبتسماً وكأنه ظهر لي ليزيد
من حدة اشتطاطي ويبرم عجلة استفزازي
التي أشحت بنظري عنه،وعندما عدت بعد
لحظات رأيته يقطع الطريق موقفاً فتاة
طويلة سمراء ترتدي بنطلون“جينز”ازرق
وقميصاً زهرياً وشعرها منكوش وكأن جدائله
في حالة عراك وقطيعة،أشار لها باصابع يديه
وكأنه يستفسر عن شيء، ردت بالإشارة أيضاً
هي الأخرى وصوبت سبابة يدها إلى الجهة
الامامية من الطريق نحو الإشارة الضوئية،
على مايبدو كانت تقصد معنى، وفضولي
قادني لأ لحق به، كان المسير على طريق الشط
يعمل كمهدئ من نوع ماتبعته حتى وصل إلى
أحد الكراسي الحجرية التي كانت موجودة على
كورنيش طرابلس حيث الليل والنجوم فقط
جلس وأخرج من حقيبته الجلدية بنية
اللون أوراقاً للرسم وأصباغاً وبدأ يرسم
ويخطط للوحة ما وأنا أرمق لوحته وعندما
شعر بوجودي بالقرب منه أخرج ورقة وإشار
لي أن أقرأ ما يكتب وكتب في السماء يد الله
توقد الشمس فيضيء القمر وتتوهج النجوم
فتتلألأ مصابيح الأرض استحياء واعترافا
بالعجز فينطق قلمي وألتقط الومضة فأضيء
عندها علمت كم أنا أصم وأحمق وسوف
أظل ابكم في ظلام لا ينتهي إلى آخر عمري