الرئيسية / الرئيسية / الطفل الحـــرد والمتنعر

الطفل الحـــرد والمتنعر

يمكن أن تجد في العائلة الواحدة طفلا دائم البشاشة والإيجابية فيما شقيقه الآخر دائم العبوس والتذمر وما أن يستقر هذا التوزيع للأدوار ويستمر مدة من الزمن حتى يصير تغييره صعبا جداً فالطفل الأول يزداد لطفاً لكي يزداد حب الأهل له. أما الثاني فلا يبذل أي جهد للتغيير لأنه لا يلقى إلا النفور وهناك بعض الأطفال شديدي التأثر بأي ملاحظة سلبية ليبديها للأهل ، فيقررون الانطواء على أنفسهم وعدم التعبير عن مكوناتهم ليدفع بعضهم الآخر في التعبير عن استيائه من خلال الغضب الشديد والرفض العنيد وهناك بعض الأطفال أيضا ممن يتذمرون ويندفعون في نزوات بلا حدود كل طفل مختلف عن الآخرين وسلوكه قابل للتغيير من مرحلة الى أخرى وكل طفل يشعر بالعالم من حوله بطريقة مختلفة عن الآخرين وله أسلوبه الخاص في التعاطي مع هذا العالم .

ماذا يعني هذا المزاج السيء؟

لنطرح السؤال على أنفسنا نحن الكبار لماذا يكون مزاجنا سيئاً في بعض الأحيان ؟  كثيرا ما يستهوينا الاعتقاد بأن أطفالنا ينبغي أن يكونوا بمنأى عن الهموم والوساوس طالما أننا نوفر لهم كل ما يريحهم ويسعدهم ، لذلك لا نتقبل بسهولة علامات عدم الرضى وعدم الاكتفاء التي تبدو عليهم .

من هنا يأتي ذلك اللوم الذي نوجهه إليهم بعبارات مختلفة مثل : بالرغم من كل ما نفعله من أجلك فأنت غير سعيد.. وعندما كنت في سنك لم أكن على عشر معشار ما تحصل عليه! وكذلك لم أكن أتذمر أو أضرب الحائط برأسي! ..الخ ، ولكن يكون الطفل حائزاً على كل ما يريحه ويسعده  ولكن لا يعني غياب الهموم والوساوس يجد بعض الأطفال أنفسهم غير قادرين على التعبير عن الغيرة أو عن الصعوبة في المدرسة أو عن القلق أو عن إحساس بالظلم .. الخ  ويتصرف بعضهم على هذا النحو كتعبير عن أسئلة لشغل تفكيرهم من دون ان يعبروا عن ذلك صراحة:

تصادف الأم مشكلات مهنية، مشروع لتغيير المنزل … الخ .. أخيراً هناك أطفال يتصرفون كالكبار فيفسد مزاجهم إذا أيقظناهم صباحاً من حلم جميل ودعوناهم للذهاب إلى المدرسة أو يشعرون بالضيق عندما يكونون متعبين ونطلب منهم مزيداً من الجهد.

يجب ان نضع في حسابنا أن الأطفال في هذا العصر يشاطرون أهلهم الضغوط النفسية الكثيرة ليس فقط بسبب وجودهم إلى جانبهم وإنما بسبب تعرضهم لكثير من الضغوط النفسية والمتطلبات فما أن يولد الطفل حتى يجد نفسه مضطرا للنوم وحيدا وممنوعا عليه البكاء ليلاً! ثم لا يلبث ان يجد نفسه مضطراَ للتبول ساعة يطلب منه ذلك ! عليه ألا يأكل بأصابعه ! عليه أن يجلس هادئاً! عليه أن يعد إلى العشرة وألاّ يلمس الحلويات اللذيذة التي يراها في المحال ثم عليه أن ينهض باكراً للذهاب إلى المدرسة وأن ينام جيداً ويأكل جيدا ويعيد لعبه ويتعلم قيادة الدراجة ويلقي التحية على الغرباء وان يكون موضع فخر لأهله واعتزازهم في كل المجالات ! كل ذلك شديد الوطأة على طفل لا يتجاوز عمره بضع سنوات حتى لو كان راغباً من كل قلبه في إسعاد أهله .

هناك عامل آخر يفسر المزاج الصعب لدى بعض الأطفال ألا وهو الجو العائلي حيث يلعب المثال او القدوة التي يقدمها الأهل اهمية كبيرة في حياته وهنا يكتسب المثال كل أبعاده ومعانيه فإذا كان الأهل دائموا التذمر والتأفف من زحمة السير ونوعية الخبز الذي يصنعه الفرن والحذاء الذي يجرجره الطفل ومن الصداع والمطر الذي لا يتوقف.. اذا كانوا لا يكفون عن ذلك كله فكيف نطلب من الطفل ان يكون دائم البشاشة معتدل المزاج ؟! فالأطفال يعتمدون المزاج العام للأسرة والمزاج الخاص لكل شخص في محيطهم القريب يجب ان يثبت الأهل للطفل ان بالإمكان ترك هموم العمل خارج البيت وان بإمكانهم ملاقاة الآخرين بابتسامة حتى لو كانوا يحملون هموما كثيرة ..

إن احتفاظ الأهل بهدوئهم ومزاجهم المعتدل أمام الطفل الذي يصرخ او يتذمر أويتأفف هو مثال جيد واسلوب ناجح لتهدئة الطفل والتخفيف من علوائه .

بعض الأهل يفعلون عكس ذلك فنراهم يعبرون عن امتنانهم بهذا الطفل « النزق » الذي يشبه خاله او يشبه ابيه عندما كان في سنِّه ! .. ان الطفل الذي يجد تقبلا واستحسانا لمزاجه السلبي سيدفع في الاستمرار على هذا النحو وقد ينغلق على هذا المزاج .

ما العمل؟

تقبلوا بطيب خاطر ان له الحق وكأي انسان آخر في لحظات من سوء المزاج اذا كان الأمر ظرفيا .. هناك بالتأكيد سبب يستحسن معرفته في لحظات من الحوار الحميم مثلا «عند اللجوء الى السرير مساء» سيبوح لكم بما يقلقه ويشوش تفكيره فإذا بدا كل صباح متجهما عابسا هناك احتمال قوي بأنه لا يرغب في الذهاب الى المدرسة .. هنا يجب معرفة السبب أما إذا كان تجهمه في المساء فالاحتمال انه مرهق من نهار مثقل بالأعياء ..

لا تتكلفوا المجاملة والملاطفة حيال مزاجه السيء..

يجب ان يفهم الطفل ان مزاجه هذا يعكر صفو الجو العام للعائلة وانه مسؤول كسائر افراد العائلة عن توفير الجو المريح ولكن عليكم التنبه هنا الى ان رد فعلكم الحاد والسريع من شأنه ان يعود الطفل على تخطي الموضوع دون نقاش وبالتالي يتابع كل طرف سلوكه دون الاهتمام بالآخر.. كذلك فإن مواجهة الطفل بسلوك مشابه اي بالحرد والتأفف من قبل الأهل من شأنه ان يعقد الأمور ويدخل الجميع في دوامة مزعجة من الأفضل الاحتفاظ بالهدوء قدر المستطاع ومخاطبة الطفل بلغة الحوار كأن نقول له «انت لا تبدو لطيفا جدا»! من حقك ان تكون كما تريد وان تشعر بالانزغاج ولكن سلوكك هذا يزعج العائلة كلها.. هلا ذهبت الى غرفتك لبعض الوقت ثم تعود الينا عندما تشعر بالتحسن والارتياح ؟.

تناسي المزاج السيء للطفل من شأنه ان يساعده على التخلص من هذا المزاج .. تجنبو حتى التلميح الى الامر في المقابل عبروا عن سروركم عندما ترونه منشرحا فتقولون له جميل جدا ان اراك يا احمد مبتسما اننا نسر كثيرا بك عندما يكون مزاجك هادئا ومرحا!

على البارد من دون انفعال اشرحوا له الأثر الذي يمكن ان يتركه بسلوكه على الآخرين ساعدوه على ان يتخيل نفسه في مكان الآخرين واقترحوا عليه بعض الأساليب لضبط النفس عند الشعور بالانفعال والمزاج المتعكر قد تكون السخرية من سلوكه مفيدة شرط انتقاء الأسلوب والكلمات بعناية وحذر كي لا تعطي مفعولا معاكسا !

تذكروا شعوركم عندما كنتم اطفالا وكنتم تحردون في غرفتكم انه شعور متناقض تتنازعه رغبتان رغبة في ان يناديكم الأهل لتعودوا عن موقفكم وتنضموا اليهم وإصرار على الجفاء والبقاء في الغرفة هذا هو بالضبط موقف الطفل.

فالطفل الذي يحرد وينزوي في غرفته يشعر بالحزن ويتساءل عما اذا كان أهله يحبونه فيتصرف على هذا النحو ليختبر شعورهم ذلك من الضروري ان نبادر الى مساعدته في مثل هذا الموقف شرط الا نبالغ في استرضائه ومراعاة خواطره ويمكن ان نتصرف على النحو التالي:

«انت تعلم اننا نحبك كثيرا ونرغب في أن تتخلى عن حردك وتنضم إلينا . حين تشعر  بالرغبة في ذلك .. حاول إذا الا تطيل اعتكافك في غرفتك لأنك بهذا الاعتكاف تعاقب نفسك بنفسك» !.

شاهد أيضاً

مشاهدة أفلام الرعب

تؤكد‭ ‬الإحصائيات‭ ‬ذات‭ ‬الصلة‭ ‬بعالم‭ ‬السينما،‭ ‬أن‭ ‬أفلام‭ ‬الرعب‭ ‬تحظى‭ ‬بمتابعة‭ ‬ملايين‭ ‬المشاهدين‭ ‬الذين‭ ‬يهوون‭ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *