ليبيا على طبق
قصة نكهات عبرت الحدود
البازين والكسكسي
على بساط الريح في رحلة المذاق
لم يعدْ الأكل الليبي مجرد تجربة تقليدية حبيسة البيوت، بل أصبح عنصر جذب يلفت الأنظار في المطاعم الراقية، وأسواق الطعام الحرفي، وحتى على منصات التواصل الاجتماعي، حيث يكتشف الذواقة أسرار أطباق تحمل في طياتها حكايات الصحراء وسواحل المتوسط..
ببراعة استثنائية، استطاع الطهاة الليبيون في المهجر تحويل تراثهم إلى تجربة عالمية، يمزجون فيها بين التقاليد العريقة والابتكار الحديث، مقدمين أطباقًا كالبازين والكسكسي والعصبان بأسلوب يستهوي الأذواق الغربية دون أن يفقد نكهته الأصلية.

استطلاع : خديجة المرهاق
قابلنا « الشيف» وهاوي. الطبخ وصانع المحتوى عبد الرحمن العجمي مقيم بأمريكا كانت له تجربة طويلة في هذا المجال :
كيف كان أول« سندويتش» ليبي تقدمه لسياح في أمريكا؟ وكيف كانت ردة فعلهم حول المذاق؟
من هاو إلى رائد في نشر المذاق الليبي
يروي عبدالرحمن هاوي الطبخ والمقيم بأمريكا
بداية رحلته لترويج أول سندويتش مفروم عالمياً لزوار في أمريكا وكندا وبعضهم عرب ،حين جهزته كانت تفوح منه رائحة شارع المعري والرشيد طهوت لهم بكل أنواع التوابل وبفضل النكهات الفريدة والمميزة اضافة للخبز الذي تم خبزه بطريقتنا االليبية والمعروف ب ((خبزة فرن )) حيث لاقى استحسان الجميع وإعجابهم بهذا « السندويتش» وسرعان ما تحول هذا النجاح إلى فرصة تجارية حيث حصلت على عقد لتجهيز الوجبات داخل أحد المستشفيات.
•كيف أثر التنوع الثقافي في أمريكا على استقبال المذاق الليبي؟
التنوع الثقافي وتأثيره على استقبال الأطباق الليبية
التنوع الثقافي ساهم في تعزيز انتشار الطبق الليبي فالتوازن المثالي بين النكهات أدهش المتذوقين فمن خلاله تعرف مدى اعجاب الذواق بالأكل سواء سياحا أو عربا من دول أخرى فقد أُعجبوا بالطبق من ناحية فليفر( البهارات) موازنة وظلوا يلحون علي بالسؤال هناك طعم لم نذقه من قبل يقصد في التنوع البهارات بطريقة مدهشة مما أضفى ذوقاً رهيباً حين قدمت لهم طبق الكسكسي بالبصلة فقد كانت النكهة غنية جداً والطعم أجمل وكنت سعيداً جداً برأيهم ولأنني كنت أعيش في الغربة استمررت بالترويج لطهو كل أنواع الأطباق الليبية الشعبية وحققت الكثير من النجاح مما سبب انجذاب السياح إلي من اأجل الأكل للتمتع بلذة المذاق الليبي.
هل السياح يعودون إليك من أجل الأكل مرة أخرى ؟ وكيف يتم جذبهم ؟
بكل تأكيد باعتبار تواجدي في ليبيا كزائر خلال هذه الأيام التقيت بعدة سياح من الصين وتركيا أصروا على تناول وجبات شعبية أخرى حاولت أن أرشدهم لبعض المطاعم في ليبيا ليتعرفوا أكثر على الوجبات الليبية أما من خلال كيفية جذبهم أنا أطهو بشكل جميل وأهم ما يميز الطبق الليبي هو التفنن في وضع البهارات(المسقي) التي تمنح الطبق هويته الخاصة.
ياريت تحاول فتح أول مطعم صغير لك من خلال تجربتك في الغربة..أُتقن الأطباق الليبية بكل أنواعها بأسلوب يجمع بين التقليدي والاحترافي فهو جزء كبير من حياتي فبعد النجاح الذي حققته فتحت مطعم بقلاوة بأمريكا والسواح من مختلف الجنسيات ينجذبون إليه إضافة إلى تحضير الأطباق الحارة لنشر ثقافة المطبخ الليبي فهذا العمل يحتاج إلى مرونة أكثر وأمانة علمية لا علاقة له بالترند فبفضل الله طورت المطبخ وأصبحت لدى أدواتي الخاصة ومكاني الخاص وشعبية كبيرة من السياح .

هل نستطيع القول إن ثقافة المطبخ الليبي رسالة وصلت للسياح للتعريف بتراثنا العريق في الطبخ؟
في الحقيقة سؤالك صعب جداً فمنذ 13عاماً في الغربة أرى أن ليبيا هي أمانة والمطبخ الليبي علينا أن نبرزه بطريقة جميلة مثل زينا الليبي وحديثنا ،لهجتنا ،عاداتنا ،وتقاليدنا وعلينا أن نوصل هذه الرسالة وأنا بكل مصداقية أحاول أن أدفع بكل ما يخص ليبيا لكي يتعرف السواح في كل مكان ماذا تحوي ليبيا وماذا تحمل في جعبتها من ثقافة غنية لكل السياح؟ وأنا حالياً أوثق كل ما أقوم به مع منظمة اليونيسكو وهذا ما أسعى إليه خاصة أن في فترة ما هناك من قام بسلب أطباقنا الشعبية وتنسيبها له إلا أن الوجبات الليبية لها مذاقها المعروف الذي تفوح منه رائحة المطبخ الليبي .
كيف يتم جذب الزبائن من خلفيات ثقافية مختلفة ؟
هذا يرجع إلى قوة شخصية «الشيف» ففي الأكل لن نستطيع شراء الذوق فنحن نسوق الذوق للمتذوق فلو أعجب بالطبق سيرجع وإن لم يعجبه الطبق صدقيني لن يعود إليك وأنا مؤمن أن طبقنا الليبي رقم (1)فنحن لدينا طلبات وعروض كثيرة وهذا شيء نفتخر به إلا أننا نفتقر للإعلام ونشر كل ما يخص مطبخنا بشكل موسع حتى يتعرف إليه كل السياح أوالعملاء.
من يدير المطاعم ليبيون أم مستثمرون من دول أخرى؟
في الحقيقة من يدير المطاعم هم أنفسهم أصحابها ليس هناك أي مستثمر إلا أنني أرحب بأي مستثمر سواء أكان ليبياً أو أجنبياً المهم أن ينتشر ويتوسع الطبق الليبي حول كل العالم أما على المستوى الشخصي 25سنة في الطبخ هو مجهود ذاتي ليس إلا ، درست عديد الكتب تخص الطبخ منها «دروب ليبيا» وكل ما يحمل اسم ليبيا أشعر وكأنه مسؤولية لتوصيل هذه الرسالة وأتمنى أن يكون هناك داعمون بالفعل و أُرحب بهم وأنتظرهم إن أرادوا التعاون.
أحياناً ما الذي يطلبه السائح أو العملاء من المطبخ الليبي ؟
في الحقيقة تم طلب (الأرز المبكبك) مراراً مني وحين سألتهم لماذا؟ أجابوني بأنهم يشاهدونني أطبخه في فصل الشتاء عبر مواقع التواصل ولأنه سهل التحضير وغير مكلف فأنا أطهو «المكس» مثل القديد والبقوليات والخضار فهم يعلمون حجم البروتينات والكربوهيدرات والدهون الصحية الموجودة بهذه الوجبة الدسمة فهو طبق متكامل ومغذ خاصة في فصل الشتاء ولهذا هم يطرحون على سؤال تعليمهم الأكل الليبي.
هل ترى أن وسائل التواصل الاجتماعي تعد سبباً في انتشار الأطباق الليبية؟
بالطبع خاصة نحن الآن في عصر التكنولوجيا السريعة فإن أردنا أن نسوق لأي منتج ما عليك سوى دخول مواقع التواصل واستخدام زر صغير لنشر أي منتج تريده فالمنصات وفرت علينا الوقت والمجهود.
• هل الطعم وحده كان عاملاً أساسياً في النجاح أم الجودة والسعر والخدمة لهم رأي آخر؟
الجميع معاً حزمة متكاملة في نجاح المنتج أياً كان نوعه فالجودة والموهبة والخدمة تحقق التفوق في العمل بصفة عامة فالطبق حين يتم تجهيزه سيكون كاملاً وشاملاً وحين تعملين على تسويقه ستضعين كل إمكاناتك فيه .
هل هناك تحديات للتعريف بالمذاق الليبي ؟
التحدي الكبير لو استمررنا في تسويق ثقافتنا الليبية للعالم بشكل بطئ لن نصل بالصورة الصحيحة فالتحدي الأول هو الوقت والثاني الدعم وثالثاً اتاحة مجال للداعمين فكما تعلمين لدينا جهات ومؤسسات بالدولة يفترض أن تدعم الطبق الليبي فإن احتجنا فرضاً إلى تسهيلات سواء مشاركات دولية أو محلية تساعدنا بالدعم فعلى سبيل المثال لدىّ مشروع أتمنى أن يتحقق وهو مهرجان كبير خاص بالطبق الليبي لينهال علينا الزوار من كل دول العالم ليتعرفوا أكثر على الطبق الليبي فلدينا الخبرات والامكانات و«الشيفات » وهواة الطبخ ، فلماذا لا يكون لدينا مهرجان الطبق الليبي ؟!
سائح تركي سألناه حول الطبق الليبي ومدى إعجابه به. «وجبة المبكبكة دسمة ومزيج بين ابداع وثقافة »
أنا محب للطعام والمأكولات التقليدية لذا كنت متحمساً لتذوق المبكبكة الليبية فقد سمعت عنها الكثير من أصدقاء ليبيين فما لاحظته حول الطبق كانت رائحته قوية لوجود التوابل التي تعطي الطبق طابعاً مميزاً خاصة الفلفل الحار فقد كان الطبق غنياً جدا والمعكرونة المطهية مع اللحم فهو يجمع بين النكهة المنزلية والطابع الحار الذي نجده أحياناً في المأكولات التركية وهذا ما يجعلني أشعر بالألفة اتجاهه وما أدهشني بساطة المكونات مقارنة بالنكهة العميقة التي نحصل عليها عند الطهي فهي وجبة دسمة ولكن سأخبرك أنني حاولت اعدادها في البيت ولكني فشلت
.
سائح هولندي يُدعى «جون» كان يبتسم بشدة حين سألته حول الطبق الليبي؟
لفت انتباهي طريقة تقديم وجبة الكسكسي الذي يختلف تماماً عن الكسكسي الذي جربته في بعض المطاعم المغربية فلقد كان مليئاً بالنكهات بمزيج مع الطماطم والبهارات إلا أنه لم يكن حاراً جداً وأعجبني كثيراً حين تذوقت لحم الخروف فقد كان طرياً ولكن أريد القول إن اتقان الطهي لا ينبع من الشيف فقط فهناك هواة في الطبخ يقدمون الأكل بطعم جميل جداً ومنذ ذلك اليوم وأنا أحب الوجبات الليبية .
أما «الشيف» سامي من ليبيا على هامش معرض الغذاء في طرابلس قال إن الأكل الليبي سواء الطبق الرئيس أو السندويتشات يواجه تحدياً كبيراً ليثبت تميزه خارج حدوده ويسعى لإحداث توازن واعتماده على أطباق معروفة عند الليبيين وسندويتشات كبدة ومفروم وتن بالزيتون والهريسة العربية والمعدنوس الذي يلاقي إقبالاً كبيراً وبين التجديد حسب رغبات الزبون والطلب الذي زادته مواقع التواصل انتشاراً وتجديداً ومع كل ذلك الطبق الليبي لازال محافظاً على أصالته وهويته بمكوناته الخاصة .
صباح مغتربة في ألمانيا قالت:
تقول الأكل الليبي يثبت نفسه خارج ليبيا بتميز مكوناته وبساطته فهنا تجد كشك «السندويتشات» الليبية من كل المناطق الليبية سندويتش تن أو بيض مطبوخ وجبنة أو من الشرق فاصوليا أو الفول المدمس أو الشكشوكة التي هي الأكثر طلباً من الأجانب ، الأكل الليبي مطلوب ومرغوب، تحدياته تكمن كيف يظل مرتبطاً بالأجيال الجديدة التي لاتستهجن الاكل الدخيل علينا وهذا مسؤولية الأهل في المحافظة على تقديم «السندويتش» والأطباق الليبية داخل البيت الليبي لتعزيز الترابط بينه وبين الأجيال الجديدة التي تفضل الهامبرغر والاسكالوب والسوشي.
حمدان العنزي من الكويت
أحد مرتادي مطعم النجع في تركيا الذي يعد وجهة لكل محبي الأكل الليبي يقول بأن الأكل الليبي أكل له طعم فريد ورائحة مختلفة تستطيع أن تعرفه من بين عديد الأطباق لأنه منوع بين الكسكسي كأكلة ليبية معروفة ومعها البصل ما يقال عنها في ليبيا «البصلة» وهناك الرشدة والأرز والعصبان والأكل الخفيف المبطن والكفتة الليبية الطبق الليبي عماده المرق باللحم ويتميز بأنه أكل مذاقه فواح وأكثر حرارة من باقي أطباق الوطن العربي كلما زرت تركيا اتجه صوب المطبخ الليبي لأني أجد فيه ضالتي وأستمتع بتنوعه وروائحه الشهية .
Share this content:
إرسال التعليق