عراب الإنجازات البرتقالية
ألفاسنة ويزيد لم تلغ من قاموس اللبنانيين حب الاستكشاف,
ولم تنسهم الشمال الإفريقي الذي كان على الدوام أرضهم الثانية .. وبعد أن يممت “إليسار” – كما تقول الأسطورة – شطر قرطاج, جاء الدور على أحد أحفادها ليحث الخطى نحو طرابلس, حاملا أنفة مرتفعات بلاد الأرز وسعيهم الدؤوب لإحلال الحياة حيثما حلوا.. ربما كانت جينات أجداده الفينيقيين هي من قادته ليعيد الكرة ويقتفي آثارهم, ويحط الرحال باحثاً عن تجربة جديدة, يصيب فيها النجاح, وهو الذي تربع على عرش المجد الوثير في مسقط رأسه, الشغوف حد الثمالة بالكرة البرتقالية.. وما إن حل بين ظهرانينا, حتى بدأ يعبث بالمعادلة الموجودة, فصير الصعب سهلا مع الاتحاد, ثم جعل الآمال تطير بلا سقف رفقة الأهلي طرابلس, محيلا المعجزة واقعاً, ليم في غير آبه إلا بالنجاح مع المنتخب الوطني.
فؤاد أبوشقرا
أعمل مدرباً للمنتخب بدون عقد
والثقة هي الضامن الوحيد
التحضير الجيد والاستعداد الأمثل
بطاقة فوز “فرسان البرتقالية”
»مناف بن دلة
سنتان كانتا كافيتان للمدرب اللبناني “فؤاد أبوشقرا”كي يدخل قلوب الليبيين أجمع,
وليجعلا الجميع يبصم على جدارته بالعشرة, في الوقت الذي يؤكد فيه بكل سانحة أن العمل ما يزال طويلا وأن يإمكان السلة الليبية أن تبلغ شأواً عظيماً.
في المقابل, بادل هذا الرجل الأنيق الليبيين حبا بحب, وطفق يؤكد في كل حين أن بإمكان البرتقالية أن تبث الأمل في الآفاق ببلادنا .. كما فعلت في بلاده.
وبعيد إنجازه “الملحمي” مع الأهلي طرابلس, والمتمثل في رفع لقب النسخة الخامسة من دوري إفريقيا “البال” – ونيله بالتوازي جائزة مدرب العام بالقارة السمراء
– كان لزاماً علينا أن نلتقيه, لنتطلع عن كثب على وصفة النجاح التي تجري على يديه, ونحتفي بصنيعه العظيم, الموجب أن يضمن اسمه في أحاديث “الأدونيسيات”, حيث الحياة تبعث من تحت الرماد, ويستحيل الدم القاني شقائق نعمان مذهلة.
إلا أن روزنامته المليئة استحقاقات حالت بينه وبين هنيهات راحة نقابله فيها, فما كان إلا سعينا مبلغ الجهد للتواصل معه, واستعنا بجهود المصور الرياضي المتميز “صبري المهيدوي”, ليرتب لنا موعداً مع اللبناني
‘”فؤاد أبوشقرا” مدرب الأهلي طرابلس ومنتخب السلة, وتحقق المراد بمساع مشكورة تدخل فيها مدير المركز الإعلامي للأهلي طرابلس “عماد العلام”.
بداية .. نبارك لكم في البداية الإنجاز التاريخي الذي تحقق للأهلي طرابلس تحت قيادتكم بنيل لقب خامس نسخ “البال”
واختياركم مدرب العام كأول مدرب عربي يحصد هذه الجائزة ..
فماذا عنت لكم هذه الجائزة..؟ وما هي تبعاتها على مسيرتكم المهنية ؟
النجاح الأكبر تمثل في حصد الأهلي طرابلس لقب “البال”, والسلة شأنها شأن الألعاب الجماعية عادة في التألق على تناغم المجموعة من لاعبين وأطر فنية وإدارية, وهذا السبب الرئيس فيما نلناه, والجائزة تشملهم جميعاً.
أما جائزة المدرب العام – وجميع الجوائز الفردية – فهي معنوية, وتخيّل أنني حظيت بها ثم خسرت نهائي “البال”, أتوقع أنني حينها سأصاب بالجنون, لكن حدث ما نريد وأحرزنا اللقب وهذا المهم.
على مدى مسيرة طويلة ب”البال”, شملت النخبة والمؤتمرات فالمرحلة الإقصائية “البلاي أوف”.. كنت مؤمناً بحظوظ الأهلي طرابلس في المنافسة على اللقب رغم قوة الخصوم .. هل ذلك يعود لثقتك بالمجموعة أم حينها فقط مجرد محاولة لبث التفاؤل لدى اللاعبين..؟
كنت متأكداً من قدرتنا على الوصول إلى المراحل الحاسمة, عطفاً على ما لمسته من إصرار اللاعبين وعزيمتهم, وكذلك الجهود الكبيرة المبذولة في الجانب الإداري, لاسيما من السيد “هيثم عاشور”, دون أن أنسى زملائي في الجهاز الفني.
هذه التفاصيل يدرك كنهها وقيمتها كل من عمل في عالم السلة وهي التي دفعتني للتفاؤل.
الخسارة أمام الاتحاد السكندري المصري في مباراة تحديد المركزين الأول والثاني ببداية “البلاي أوف” – وهي الوحيدة في مسيرة الأهلي الذهبية – أثارت الأقاويل حول أسبابها, من قائل إنكم تعمدتم ذلك لتوجيه مسيرة الفريق .. أهذا صحيح أم فعل الإرهاق فعلته يومها؟
لا يوجد في قاموس السلة مصطلح تعمد الخسارة, إلا أن الإرهاق الذي أصاب اللاعبين جراء تنقلهم الطويل بين رواندا, أين خاضوا مرحلة المؤتمرات فإسطنبول وتونس عودة إلى تركيا, ومن ثم إلى جنوب إفريقيا, أثر على تركيزهم الذهني وقدرتهم البدنية, بالإضافة إلى أن كون المباراة ترتيبية جعلنا لا نعض بالنواجذ على الفوز بها.
تنتظر الأهلي طرابلس مشاركة تاريخية في كأس العالم للأندية في سنغافورة خلال شهر سبتمبر .. ورغم أن الوقت يبدو مبكراً لإطلاق التحضيرات .. لكن مؤكد أنكم وضعتم الخطوط العريضة لخطة الاستعدادات منذ اللحظة .. هلا أضأتم على ذلك؟
المفترض أن نبدأ منحذ اللحظة في التحضيرات, حتى نسير على خطى التألق, لكن الأمر رهن بالإمكانات التي ستوفرها الإدارة على ذمة الفريق, علماً بأننا نحتاج 3 لاعبين أفارقة واثنان من أمريكا.
وإذا وجدنا دعماً كبيراً فيمكننا التعاقد مع محترفين بمستوى عالمي والمنافسة بقوة في كأس العالم.
لكن قبل ذلك هل أنتم مستمرون في تدريب الأهلي طرابلس؟
الحديث عن مستقبلي مع الفريق سابق لأوانه, لكنني أمنح الأهلي طرابلس أولوية في التعاقد القادم, والأمر متروك لرهانات الموسم الجديد.
مدرب بإنجازات وشهرة “أبوشقرا” وصيته العربي والإقليمي.. ما الذي أغراه في مشروع الأهلي طرابلس “والمنتخب” حتى يترك عروضاً أخرى وييمم شطر ليبيا؟
جزء من الرياضة مرتبط بالقدر وأحكامه, لا أنكر أنه لم يكن ضمن مخططاتي, لكن لحظة العرض استفسرت من مواطني المدرب القدير “غسان سركيس” وأمدني بمعلومات قيمة عن مشروع الأهلي طرابلس, كما أنني دربت اللاعب “محمد الساعدي” في السعودية, وهذا ما شجعني, ولاحقاً ساهمت المعاملة الأخوية من الليبيين الذين احتضنوني كأنني واحمد منهم في البقاء وتكريس كل جهودي للنهوض بالسلة الليبية.
هل تعتقد أن لاعبي الأهلي طرابلس وغيرهم من اللاعبين الليبيين قادرون على الاحتراف خارجاً؟
لا تنس أن المنافسة قوية في ليبيا والعروض المقدمة من الفرق الليبية للاعبيمن المحليين أكبر من تلك التي تأتي من وراء الحدود فإنهم يفضلون البقاء ببلادهم, لكن هناك ثلة من اللاعبين الليبيين قادرون على اللعب في أعلى المستويات العربية.
إلى جانب تدريب الأهلي طرابلس توليت بشجاعة منقطعة النظير تدريب المنتخب وقدته إلى نهائيات بطولة إفريقيا “الأفروباسكت'” بعد غياب ل16 عاماً .. واليوم نحن على أعتاب المشاركة في البطولة بشهر أغسطس.. كيف ترى استعدادات المنتخب وحظوظه خاصة أن القرعة وضعته في مجموعة صعبة مع أنغولا وجنوب السودان؟
إنجاز ذلك ليس مستحيلاً, شرط التحضير الجيد للحدث, ومثلما نجحنا في تخطي مجموعة التصفيات, التمي ضمت منتخبات نيجيريا والرأس والأخضر وأوغندا, يمكننا المضي قدماً في النهائيات.
وأقصد بالتحضير الوقوف على مستويات اللاعبين والاستعانة باللاعبين الليبيين الناشطين في الخارج وبذل كامل الجهود من أجل تألق “فرسان البرتقالية”.
على ذكر هذه الاستعدادات .. حدد ال26 من يوليو القادم موعداً لانطلاق النسخة ال26 للبطولة العربية
.. وإزاء استحقاقات داخلية تتواصل إلى مطلع ذاك الشهر .. هل ترى أن الوقت كاف لتحضير المنتخب الذي يدخل البطولة باعتباره وصيف البطل “جيداً” ؟ أم تفكر في الاعتذار عن المشاركة والبدء في الاستعداد للأفروباسكت ؟
هذا الموعد مبدئي وعرضة للتعديل, خاصة وأن منتخبات عدة أحجمت عن إبداء الموافقة على مشاركتها, ووفقاً لما تنامى إلي من معلومات, فإن البطولة العربية ستتأجل إلى ما بعد فصل الصيف.
ارتبط اسمكم بإنجازات السلة الليبية .. التأهل للأفروباسكت 2025, وصيف البطولة العربية .. هذا مع المنتخب أما الأهلي طرابلس فقدته إلى لقب “البال 2025” ونصف نهائي بطولة دبي للسلة 2024, بالإضافة للإنجازات المحلية .. ما هي وصفة النجاح التي مكنتك من أن تلعب دور العزاب في الإنجازات الليبية ؟
الأمر ليس سرأ ولا يحتاج وصفة نجساح .. العمل الدؤوب وبحث الثقة في اللاعبين والجهاز الفني والتعاضد الإداري, مع الخبرة والقدرة على توجيه اللاعبين نحو الأداء الاحترافي.
كرة السلة الليبية فوتت فرصاً تاريخية للنهوض مثل زيارة نجم الإن بي إيه بيل راسل سنة 1959 أو تنظيم “الأفروباسكت 2009” .. برأيكم أيمكن أن تمثل الإنجازات الأخيرة فرصة لا تقبل التفويت أم أنها قد تلحق بسابقاتها ؟

لاتعمد.. والارهاق الكبير
سبب خسارتنا أمام الاتحاد السكندري
للأسف أعتقد أن الوضع الحالي لا يخالف السابق في تفويت الفرص المهمة للنهوض بالسلة فحدث كبير مثل الظفر بلقب “البال” والمشاركة في كأس العالم للأندية, يجب أن يستثمر جيداً في بث الحياة بأوصال اللعبة والمساهمة في انتشارها أفقيا والارتقاء بمستوياتها عمودياً.
وما هي العوامل التي تثبط النجاح وتجعله يمر مرور الكرام..؟
مثالب إدارية ونقص التمويل والعين المستشرفة للمستقبل .. باختصار غياب برنامج وطني إستراتيجي للارتقاء باللعبة.
هل يتضمن عقدكم مع اتحاد كرة السلة مهاماً استشارية في صوغ خارطة طريق للنهوض باللعبة محلياً؟
لا يوجد عقد يربطني بالاتحاد الليبي لكرة السلة نظير عملي مدرباً للمنتخب, وإشرافي على هذا الأخير يأتي بالتعاون مع إدارة الأهلي طرابلس ومن واقع عشقي للعبة ورغبتي في بناء جيل قوي للسلة الليبية, والثقة التي تحيط بالتعامل بيني وبين اتحاد السلة حجر الأساس في عملي.
وهذه النقائص هي التي أراها تفت في عضد تطور البرتقاليمة هنما, بغض النظر عمن هوية المدرب لكحن غياب الاحترافية والنظرة الإستراتيجية يجعلان مستقبل اللعبة على المحك.
لكن في المقابل إذا استطاع الاتحاد الليبي لكرة السلة تحقيق برنامجه الطموح والتغلب على العوائق المادية, فإن نجوماً أخرى ستلحق بركب اللعبة وتصنع إنجازات في المستقبل.
المدرسة التدريبية اللبنانية بانت مقصداً للفرق الليبية .. أنتم و”غسان سركيس” و”جو غطاس” خضتم تجربة تدريب فرق بدورينا .. وهذا ما يجعلنا نسلط الضوء على تجربة السلة اللبنانية المثيرة للإعجاب والباعثة لعديد التساؤلات .. إذ طالما ارتبط النجاح الرياضي بالاستقرار الأمني والسياسي وتوافر الأموال .. وباعتباركم شاهداً ومشاركاً في نجاح السلة اللبنانية .. هلا عددتم عوامل استثنائيتها وتألقها؟
السلة اللبنانية هي الأقوى عربياً وآسيوياً, فلا غرو إن طلبت البلدان العربية اقتفاء أثرها والنهل من معين تجربتها, أما نجاحها فمردها إلى أنها اللعبة الشعبية الأولى ولم تستطع كرة القدم مزاحمتها أو التأثير عليها جماهيرياً ومادياً.
كما أن جهود الاتحاد اللبناني بقيادة “أكرم حلبي” تستحق الإشادة, من حيث السعي المستمر لتطوير الدوري فنيا وعلى مستوى النقل التلفزيوني, بالإضافة لنشاط الفرق, وهذا ما صنع الاستثناء في أن تنهض اللعبة وسط رماد المشاكل الاقتصادية والأمنية, وهذا ما يبعث على التفاؤل بشأن التجربة الليبية كذلك.
الألق البرتقالي ولد في لبنان من رحم معاناة الحرب الأهلية .. وبشكل مشابه يضع ملامح نجاح آخر في ليبيا .. أنى للسلة أن تبذر نجاحها رماد الحروب والمآسي دوناً عن سواها لترسم البهجة على الوجوه المكفهرة حزناً وألماً؟
هذا سحر البرتقالية .. هي قادرة على صنع الفرحة واستبدال التجهم بالمحيا الطلق, وفي ليبيا بشعبها المعطاء أتمنى أن تساهم اللعبة في تكريس السلام, فهذا البلد الجميل يستحق الأفضل.
في تصريح لموقع صحيفة النهار اللبنانية سنة 2023 ذكرتم أنكم بصدد إطلاق مشروع في لبنان سيكون نقلة نوعية لتطوير الرياضة المدرسية الحديثة .. أين وصل هذا المشروع وهل يمكن الاستفادة من الفكرة في ليبيا إن عرض عليك اتحاد اللعبة أو الأهلي طرابلس أو غيرهما ذلك؟
نعم بدأت في المشروع, بهدف نشر كرة السلة في منطقتي “البقاع”, عبر أكاديميتي “وينرز” ومع مدرسة “رسل الأب إلياس” ومدارس أخرى.
وإذا عرض علي تكرار التجربة بليبيا سأهرع بقوة وأنا سعيد في تدعيم ركائز كرة السلة هنا, عرفاناً بالود الذي بادلني إياه الليبيون.
نمط الحياة فى ليبيا ألم يثر استغرابك وأحسست بالغربة حينها؟
بالعكس المناخ المتشابه بين طرابلس وبيروت جعلني أنسجم مباشرة, خاصة وأنني أعشق المناخ المتوسطي, والطبيعة متشابهة, كما أن طباع الليبيين قريبة من اللبنانيين.
وانسجمت فى الأكل ؟
نعم طيب ولذيذ – ما خلا الهريسة – التي لا أتحملها, بالإضافة إلى أن كون والدتي إيطالية, جعلني مقبلاً بنهم على القهوة والمعجنات, وهي محببة كذلك لليبيين.
السؤال الأخير والذي لا يفتأ محبو السلة في جميع أنحاء العالم عن طرحه:
من الأفضل على مر العصور : مايكل جوردان .. ليبرون جيمس .. كوبى براينت .. ستيف كوري .. ماجيك جونسون .. عبد الكريم عبد الجبار .. بيل راسل .. تشامبرلين ؟
مايكل جوردان بامتياز وبعدها يأتي كوبي براينت وليبرون جيمس وستيف كوري.
Share this content:
إرسال التعليق