×

دفعنا أعمارنا ثمن تذكرة في قارب مثقوب

دفعنا أعمارنا ثمن تذكرة في قارب مثقوب

  لا تبحنوا عنا نحن ناجون 

حملتهم قوارب الصيد الحديدية أو الخشبية أو المطاطية فوق الأمواج العاتية ، أبحرت بمم في بحرلجي، يحيط بهم المجهول من كل جانب ، فهل تستحق محاولة البحث عن فرصة أخرى لحياة أخرى هذه التضحية والمغامرة المجهولة .. فتية في مقتبل العمر، اتجهو في اتجاهات شتى، الجو مسار، والبردروب، والبحر رحلة أشبه ما تكون في بطن حوت، يتصارعون مع المستحيل لينجوا أو يمونوا، فتية في مقتبل العمر تتفجر الحياة عن سواعدهم الشابة يرحلون تباعاً عن ارض هذا الوطن بحثاً عن لقمة عيش، وعمل يقتاتون منه، وعن حياة أكثر أمنا لهم ولأبنائهم من بعد ، يرحلون تباعاً خوفاً على سنوات عمر تمضي دون نفع.

أطباء ومهندسون أصحاب شهادات علمية في شتى العلوم ضلوا الطريق على هذا التراب حين لم يجدوا وظيفة ترتقي بهم وسط مجتمعهم ،فكانت الهجرة خيارا للمئات منهم، نعم خيار أجبروا عليه ليكون واقعاً يتعايشون معهم بالانسجام مع المجتمع البديل الذين اختاروه ولم يختارهم، فالعودة الى الوطن خيار اخر قد يكون يوما واقعا ملموسا اذا ما تحسنت الاوضاع الامنية،وانتعش الاقتصاد وصلح الحال.

نحن الجيل الذي استبدل أصوات القذائف بهدير الأمواج

»  تحقيق : هدى محمد ميرة  

حنين لا يهدأ

ترى Nouran Nuri وهي مقيمة بالساحة الأوروبية أن الهجرة ساعدتما في حل بعض المشكلات المادية وفتحت لما أبوابًا للتجربة والتعلم، لكنما لم تحل كل شيء»، حسب قولها « فهناك دائمًا حنين لا يهدأ، ووجع داخلها بأن ما تعلمته وما تملكه من خبرات كان الأولى أن يُستثمر في بلادنا.

حول سؤالنا من سيبني الوطن إن غادرت العقول الشابة، أجابت بأن السؤال مؤلم جدًا. فالوطن يُستنزف حين يفقد شبابه المتعلم، ونحن نعلم ذلك جيدًا لكننا غالبًا عاجزون أمام قسوة الظروف. 

أما العودة فهي دائما خيار في القلب، لكمن على أرض الواقع تظل معلقة بمدى تغيّر الظروف وتحسن الأوضاع في بلادنا.

خالد ترك وطنه ليعمر اوطان اخرى فهل خالد ضحية لطمعه ام ضحية لنظام بيروقراطي وعقلية ادارية عقيمة 

 

فرصة اخرى للحياة

خالد علي..شاب يحمل اجازة علمية، كان يشغل موظفا بإحدى الجامعات الليبية ، ويتقاضى مرتبه الشهري مع بعض العلاوات ، ولم يكن عاطلا عمن العمل ، تحرك رسالة بخط يحده لوالحده مرميحة في إحمدى زوايا غرفته ،قال فيها « لا تبحث عني ..إني مغلوب وسأنتصر..)» ليتصل بعد أسبوعين به يعلمهم بإنه وصل إلى ايطاليا في رحلة بحرية في أحد قوارب المجرة التى كانت تعج بعشرات الشباب يحملون جنسيات مختلفة ، ولغات مختلفة، وأحلاماً أيضا مختلفة .

لم تنتمي قصة خالد عند وصوله جزيرة لامبيدوزا الإيطالية الأقرب إلى الساحل الليبي حيث نقطة الانطلاق ، فبسبب خلاف نشب على سطح القارب وبعرض البحر،بينه وبين أحد المهاجرين الأفارقة بدأت مرحلة المتاعب لخالد الذي نجى من الموت المحقق مرتيمن إحداهما كانت قبل إقدام المهاجر الافريقي على قذفه من قارب الهجرة ، والمرة الاخرى بعد وصوله بأيام ، ليركض خلفه مهاجرون أفارقة وصلوا ايطاليا ولم يجد نفسهم الا بمقر تابع للامم المتحدة هارباً من شبح الموت الذي يطارده في كل مكان ، المكتب الأممي التقط بكاميرات المراقبة خالد وهو هارباً وخلفه من يحاول قتله بأسلحة بيضاء ، فتبنى المكتب خالد وتحمل حمايته ثم توظيفهم في مقر أممي بمنطقة أخرى بعد أن تبين لهم بأنه يحمل اجازة علمية ، وليس من ذوي السوابق ، أو ضمن الجماعات التي تحمل تفكير متطرف .

خالد أحد أولئك الشباب المتعلم الواعي الذي ترك وطنه ليعمر أوطان الغير، فهل خالد ضحيحة لطمعه أم ضحية لنظام بيروقراطي محلي، وعقلية ادارية ومالية لم تجز كل ذي حق حقه ، فكانت نافذة الهجرة مفتوحة أمام المئات من خيرة شبابنا .

أيها العالم:

جثثنا على شواطئكم هي رسائل أوطاننا الأخيرة

لسنا أرقافا في نشرات الغرق.. نحن رسائل من طيور مهاجرة

أحمد وسراج أيضاً خرجا ذات فجر من شواطي زوارة ولم يصل عنهما خبر واحد منذ سنتين فقدا في أحضان البحر ووثقا وفاتهما على أمواجه وتركا أحلامهما زبدا على شواطيء غريبة .

أم محمد تقول ابني هاجر خوفا من الموت وطورد ثم هدد فركب قارب خشبي بعد أن ادخر كل ماعمل به لينجو لكنني تلقيت خبر غرقه بدل نجاته ألعن البحر والحرب وانعدام الأمان.

طاقات مهدرورة

قبل ايام مضت تناقلت صفحات التواصل الاجتماعي الفيس بوك عددا من الشباب الليبي وهو يوثق لحظة وصوله إلى شواطئ ايطاليا فرحاً سعيداً وكأنه من كابوس يركض خلفه، طاقات شابة العشرات من الشباب ذوي المؤهلات العلمية هجروا بلادهم بحثا عمن فرص عمل اخرى يجني من ورائها مئات الدولارات في وقت يشهد في الدينا الليبي اخفاض لقيمتهم ومكانته امام العملات الاخرى .

طاقات شابة غادرت الوطن تاركين وظائفهم الشاغرة، لتستقطبهم دول اخرى استفادت من تخصصاتهم العلمية من أطباء ومهندسين ومعلمين ، كتخصصات مرغوبة في دول أوروبية منحت لهم الامأن والاستقرار السياسي والاقتصادي ، كما يسرت لهم سبل الحياة المدنية .

استثمار بشري

تعد استثمار الانسان واستقطاب العقول البشرية الفاعلة والمميزة والقادرة على العطاء واحداث التغيير،من مميزات الدول المتحضرة والمتقدمة ومن الركائز الاساسية لحضارتها وديمومة بقائها ، ولكن يختلف الوضع في البلاد العربية التى تشمد كل يوم اهدار للطاقات البشرية ، لتشكل ما بعرف بالاقتصاد الطارد ، فهذه القدرات اقتصاد متحرك ين ما حلت حل الإعمار وتحققت التنمية ، وفرص متاحة لتنوع الاقتصاد .

بين شهادة الميلاد وشهادة الوفاة

بحر وأمنية ووصية

المنظمة الدولية للهجرة قالت في تقرير لها منتصف أغسطس 2025 إن ليبيا لا تزال نقطة الانطلاق الرئيسية  للمهاجرين الساعين للوصول إلى أوروبا، إن 90 ٪ من إجمالي المهاجرين غير الشرعيين المتجهين نحو سواحل إيطاليا انطلقوا منها.

نحن دولة طاردة لقدرات الشباب

رغم احتياجاتنا لها

حتى وقت هذا التقرير لم يصدر عن اأي جهة رسمية محلية أو دولية احصائية مؤكدة تحصي عدد المهاجرين الشباب من دولة ليبيا إلى الساحة الأوروبية عبر الشواطيء الايطالية ،برغم اننا نتعايش يوميا مع تسجيلات موثقة من قبل اصحابها الشباب وهم يركبون البحر بابتسامة مؤلمة تحاكي معاناتهم مع تدهور الوضع الاقتصادي والامني ، وتوالي الصراعات المسلحة والتوترات الامنية في مناطق مختلفة ، أسباب أخرى دفعت الشباب إلى المجرة من بلد يصدر يوميا قرابة 1.3 مليون برميل من النفط الخام .

بيئة طاردة

يقول الخبير الاقتصادي وحيد الجبو إذا كانت ليبيا تعاني من مجرة العقول الشابة فمذا يعني أنما دولة طاردة لقدرات الشباب وليست جاذبة ، مي أحوج لكل يد تبني وتعمر وتعمل على وقف التدمور الاقتصادي والانقسام السياسي الذي يمدد كيان الوطن ، تحتاج إلى كل السواعد خاصة فى هذه الظروف التي ينسحب فيها أهم قوة فاعلة ويتوجه إلى الخارج .

وتداعيات هجرة العقول الشابة تتمثل في فقدان قوة الاقتصاد من خلال فقدان المورد البشري وهو المحرك الأساسي للاقتصاد .

يبنى اليوم الاقتصاد العالمي على الاقتصاد المعرفي وهو ما نفتقده من خلال مجرة العقول العلميمة لا شمك أن أي دولة تعمل علي تشجيع أبناءها الموهبين وتستثمر في علومهم وموهبتهم العلمية .

لا يمكن اخراج ليبيا من التدهور الاقتصادي إلا بوجود هذه الموارد الشابة التي تخلق قيمة مضافة للاقتصاد الوطني ،والعمل على استعادة هذه الخبرات الشابة الي العمل في ارض الوطن يتطلب ،تشجيع هذه الخبرات بمرتب مغري جدا يلبي كل طموحاته في تكوين حياته الاجتماعية.

التقدير والاحترام لهذه القدرات ووضع حوافز مادية ومعنوية لهم تميزهم عن غيرهم اختيارهم قيادات للمؤسسات العامة لإحداث التغيير في المجال الخدمي والإنتاجى للمؤسسات الحكومية .

نص قانوني

تقول المحامى غادة ضو هدية بأنه لايوجد قانون واضح وصريح يجرم هجرة الشباب الليبي ، كما لايوجد سص صريح بذلك وفق بنود القانون المدني الليبي عدا القانون رقم 19 لسنة 2010 الخاص بالمهاجرين غير الشرعيين الوافدين إلى ليبيا والراغبين في الهجرة إلى أوروبا .

القانون تم اصداره لمكافحة الهجرة غير الشرعية، ويحدد عقوبات رادعة لكل من يساهم في تسهيل هذه الهرة مثل المُشغلين والمهربين،وحتى المنظمات ، ويشمل أيضاً تجريم الأجنبي المُماجر بطريقة غير شرعية وإبعاده عن أراضي ليبيا. يهدف القانون إلى معاقبة المهاجرين غير الشرعيين وجميع المتورطين في عمليات التهريب والنقل غير القانوني للأشخاص، ويعاقب الأجنبي وفق القانون بالحبس أو الغرامة، وإبعاده عن البلاد بعد تنفيذ العقوبة.

كما يُعاقب المربين بغرامة مالية كبيرة أو بالسجن، وتتضاعف العقوبة لتصل إلى السجن المؤبد وغرامات مالية أشد في حال كان المُهرب ينتمي إلى عصابة منظمة أو نتج عن نقلم للماجرين وفاة.

وترى غادة مدية بأن البحث عن حياة آمنة سببا للمجرة وليس للوضع الاقتصادي الاثحر البارز ، فليبيا دولة غنية ولن يكون البحث عن لقمة العيش سببا رئيسا للمجرة

، وقد شمدت بلادنا في السنوات العشر الاخيرة موجات مجرة للعقول الشابة لأسباب متعددة، ولن تستطيع الدولة ردع هذه الظامرة الا باحتواء الشباب ومعالجة

الاسباب ، وتفعيل القوانين الرادعة .

Share this content:

إرسال التعليق