×

(حجرات القلب وبيته)

(حجرات القلب وبيته)

بين وقت وآخر، نلتفت إليه ونجري جرذا سريعًا لمحتواه، نضيف الكثير ونلغي الكثير أيضًا. حجرة للدفء، وأخرى للخلوة، وثالثةُ للترويح، ورابعةٌ للتأسي، وأخرى للتأمل، وغيرها الكثير… متاهاتُ لا حدّ لها ولا فواصل ظاهرة بينها، غير أننا نعرفها واحدة واحدة، ونحتاجها مرات عديدة، ربعا في اليوم نفسه، وربما في الساعة ذاتها.

وقد تمز أيام، بل وسنون، دون أن ندخل إحداها، لكنها لا تعتب ولا تشكو.

إنه القلب، مديز هذه الشركة وصاحبها!

في حجرة الدفء، وهي التي نحبها ونحتاجها كلّ ثانيةٍ من حياتنا، لا علاقة لها بأحوال الطقس، بل بأحوال النفس وتبدّلاتها.

نتذكر كل القلوب التي رفرفت وخفقت يوفا بحبنا، فتهطل الصور، غير أن صورة جليّةً واضحة، ببهجة الألوان وإشراقاتها، تأتينا بكل تفاصيلها.

سمعتِ عن وقائعها، وأحببتِ ما جرى يوم تلقّتكِ

مادري شيليستي بين يديها، وصرخت بأعلى

صوتها: وزنها كبير!

فيخشَى القلب المنتظز بذراعيه المفتوحتين ليحتضنك، يخشى العين والحسد، فيتمتم بالمعوذتين، ويشكر مادري شيليستي، ثم يحضنك.

ويبقى دفء ذلك الحضن وتلك الدقات، دقات قلبك وقلبها، مسموعة وباقية حتى نهار الناس هذا، رغم غياب ذلك القلب، فقد أذى دوره وترك الأثر.

أما حجرة الخلوة، فمن أهملها فقد فاته الكثير، بل وربما تاهت دقاته في ممزّات الحياة، وأضاع وقته في البحث عنها دون جدوى.

للخلوة حسنات، وتبادل الوجيب يُحسَّن الأداء، ويوجب زيادة الحذر وحسن التعاطي مع الدنيا من حولك.

خلوةٌ بسيطة تمنح القلب مساحة يحتاجها، فيزداد

توهجًا واتساغا.

أما حجرة الترويح، فهي المقز الرئيس لإدارة هذا الكيان.

من أقفلها فقد أقفل قلبه، ومن تركها مفتوحة فقد أقام دعامة لهذا الخافق، فلا يميل إلا للبهجات التي تعينه على المواصلة.

فالدربُ قفْرُ، والحياة مليئةً بالمفاجآت التي لا تتوقف، والترويخ مستراحُ، والمستراخ تهويةُ للإغلاق، وإضاءة للعتمة، وضحكة تسري في القلب مسرى لا تخطئه الروح.

ولي من بين من عرفتُ صديقاتُ صاحباتُ ضحكاتٍ لا تُنسى، جلساتهن بهجات ومسزات، ما زلتْ أبتسم كلما مزت صوز تلك الجلسات، فتسري ضحكة تملأ حجرة الترويح، وتعيدها إلى تلك الأيام وكأنها لم تبتعد عنها يوفا…

لله دز كل من أضحكنني، وأكسبن روحي مرونة إضافية!

أما حجرة التأمل والتأسي، فمكانُ يجمعهما، وهما أخوان، هذا من ذاك.

فمن تأقل تأسى، ومن تأسّى تعقق، ومن تعفق تأفل… دائرةُ بعضها من بعض.

لا حياة لقلب عاش حياته بلا انتباه.

انتبه، تأمل، وعِش!

سيرته حلوة، ومكانه حيوي، وهو فَلِكُ هذا الكيان وحاكمه بوضع اليد.

يديره كما يشاء، لا كما يريد ويشاء صاحبه. إن أراد أراد، وإن تمنع تراجع.

قلوبكم أماناتكم وكنوزكم، فمن لم يكتشفها فقد خسر.

1..مادري شيليستي كبيرة السوريلات في مستشفى درنة ذلك الوقت

                                                                                                     >>| محبوبة خليفة

Share this content:

إرسال التعليق