الدروز..
من البطولات إلى العمالة ..!
بقلم: عصام فطيس
سبحان مغير الأحوال … الطائفة الدرزية في سوريا والتي سطرت تاريخا مشرفا في مقاومة الاستعمار مع بدايات القرن الماضي تتحول من نصير وظهير للعرب وللقومية العربية الى طائفة تأتمر بأمر الصهاينة وتصبح أداة لتفكيك سوريا ..
بعد التاريخ الحافل والمشرف لابناء السويداء في مقارعة المحتل الفرنسي في بلاد الشام بقيادة الراحل سلطان باشا الأطرش ، ونضال وكفاح لزعيم في اواخر الربع الاخير من القرن الماضي متمثلا في كمال بك جنبلاط الذي كان من ابرز رموز التيار الوطني في لبنان ، اللافت للنظر تحولت الطائفة في الاحداث الاخيرة التي وقعت في منطقة السويداء بسوريا لأداة بيد الصهاينة الذين استغلوا الاقتتال الذي وقع في المنطقة ايذانا بوضعها تحت الحماية الصهيونية تمهيدا لتقسيم سوريا ، حيث شهدنا تدخلا عسكريا سافرا من السلاح الجوي الصهيوني لصالح الدروز بعد ندلاع اشتباكات بينهم وبين العشائر العربية.
وقبل الخوض في الأحداث الأخيرة لابد أن نتحدث قليلا على النشأة التاريخية لهذه الطائفة وحسبما يذكر موقع ويكبيديا ترجع جذورها إلى المذهب الاسماعيلي وتأسست في القرن العاشر للميلاد إبان الدولة الفاطمية ( ويطلق الدروز على انفسهم أهل التوحيد ، ويعتبرون النبي شعيب النبسي الرئيسي لمعتقدهم ! وتعاليم ديانتهم هي خليط من عدة مذاهب بين الاسماعيلية والغنوصية والافلاطونية المحدثة، والفيثاغورثية والمسيحية والزرادشتية والبوذية

سلطان الأطرش وكمال جنبلاط
مدرسة وطنية أغلقها زمن الانقسامات
ابطال من الدروز
المرة الأولى التي سمعت بها باسم الطائفة الدرزية كانت في تقرير وثائقي عن الثورة السورية الكبرى التى قادها سلطان باشا الاطرش ضد
المستعمر الفرنسي
( سلطان باشا ولد في الخامس من مارس للعام 1891 في بلدة القريّا الواقعة جنوب سوريا، ضمن منطقة جبل الدروز (التي تعرف اليوم بجبل العرب)، عائلة عريقة وكان والده، ذوقان الأطرش، زعيماً محلياً عاد معارك ضد العثمانيين، وأعدم شنقاً عام 1911)
سلطان سار على خطى والده الراحل وانضم للجيش العثماني وشارك معه في حرب البلقان وحصل على لقب باشا تقديرا لبطولاته ، ونتيجة للجرائم التي ارتكبها المستعمر الفرنسي في سوريا قاد الباشا في يوليو من العام 1925 الثورة السورية الكبرى وخاض معارك ضد القوات الفرنسية محققا انتصارات عديدة
، صحيح ان الثورة لم تحقق اهدافها بالكامل واجهضت الا أنها كانت مسمار دق في نعش الفرنسيين أدى لطردهم من سوريا في العام 1946 .

دروز لبنان
في منتصف السبعينيات إبان الحرب الاهلية اللبنانية ظهرت شخصية درزية وطنية لعبت دورا محوريا في المنطقة الا وهي شخصية المناضل كمال بك جنبلاط الذي تزعم الطائفة ولعب دورا محوريا غي الحياة السياسية والاجتماعية في لبنان وأسس الحزب التقدمي الاشتراكي، الذي كان له تأثير كبير في المشهد السياسي اللبناني ووقف ضد المشروع الصهيوني لتصفية التيار الوطني والقضية الفلسطينية واعتبر حجر العثرة امام المخططات التحي استهدفت عروبة لبنان ، ولحم يكتف كمال بك بهذا المدور بحل ورفض ان يكون اداة في ايدي السوريين ووقف معارضا لوجودهم في لبنان ودفع حياته ثمنا لذلك حينما اغتيل في السادس عشر من مارس للعام 1977 وهو متجه لجبل الشوف اثر هجوم على موكبه من تدبير المخابرات السورية ، وبعد اغتياله استلم نجله وليد غيادة الحزب والطائفة التي كانت تصنف ضمن التيار العروبي القومي في لبنان ، وتقلبت توجهات الطائفة بين اليمين واليسار الا انها حافظت على شعرة معاوية في علاقاتها بمحيطها العربي .
دروز فلسطين المحتلة
واذا كانت هذه هي مواقف دروز سوريا ولبنان معن محيطهم العربي ، يظل موقف دروز فلسطين المحتلة والجولان السوري المحتل غير معقول ومقبول فهم يعاملون في الاراضي المحتلة على اساس أنهم أقلية عرقية دينية ويبلغ عددهم 140 ألف ومع هذا سخرهم الصهاينة لخدمتهم بمنحهم الجنسية الصهيونية وانخرطوا في العمل بالمؤسسات العسكرية والامنية
وولاءهم الاول والاخير للصهاينة بل هم اكثر منهه صهيونية ، اخبرني صديق اسر في لبنان ونقل إلى الاراضي المحتلة أن معظم الذين كانوا يتولون التحقيق مع الاسرى هم من الدروز ، وكانوا يعاملونهم بقسوة وعنف غير عاديين ، وقد أسهم ولاؤهم وتعاونهم في توليهم مناصب حكومية رفيعة .
لا بد ان نشير الي مسألة مهمة الان وهي تتمثل غي وجود إنقسامات كبيرة داخل الطائفة الدرزية وهي ما مكنت الكيان الصهيوني من استغلال هذه الورقة واللعب على التناقضات وفرض واقع جديد فالقرار الدرزي متوزع بين مشيخة العقل في السويداء برئاسة حكمت الهجري المتعامل مع الكيان الصهيوني وباقي المشائخ المتوزعين في العالم ، فيما العلاقات مع النظام الرسمي في سوريا في اسوأ احوالها بعد سيطرة المتطرفين على مقاليد السلطة … وبغض النظر عن عدم صحة معتقدات الدروز ، الا أنهم مكون من مكونات بلاد الشام وذات يوم كانوا رافداً أساسياً من روافد مشروع مقاومة الاحتلال ..
صحيح أنه وقعت متغيرات كثيرة اثرت على مجمل الاوضاع في المنطقة .. ولكن مايجري الآن هو امر طارىء لن يستمر طويلاً .. وستعود الامور يوما إلى طبيعتهما .. كم سيستغرق ذلك؟ العلم عند الله.
Share this content:
إرسال التعليق