×

التوازن الصعب:

التوازن الصعب:

الطابع‭ ‬كنقطة‭ ‬التقاء‭ ‬بين‭ ‬الفن‭ ‬والسياسة‭ ‬والتاريخ

من‭ ‬العثمانيين‭ ‬إلى‭ ‬الاستقلال‭ ‬‮«‬بداية‭ ‬البريد‮»‬

استطلاع‭ : ‬زهرة‭ ‬موسى

بدأت‭ ‬رحلة‭ ‬البريد‭ ‬الحديث‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭ ‬أواخر‭ ‬العهد‭ ‬العثماني،‭ ‬حين‭ ‬كانت‭ ‬الرسائل‭ ‬تنطلق‭ ‬من‭ ‬مكاتب‭ ‬الإدارة‭ ‬المركزية‭ ‬مزينة‭ ‬بالطوابع‭ ‬العثمانية‭ ‬الرسمية،‭ ‬شاهدة‭ ‬على‭ ‬عصر‭ ‬كان‭ ‬فيه‭ ‬لكل‭ ‬رسالة‭ ‬مكانتها‭ ‬ودلالتها‭ ‬ومع‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإيطالي‭ ‬عام‭ ‬1911،‭ ‬ظهرت‭ ‬طوابع‭ ‬جديدة،‭ ‬تحمل‭ ‬رموز‭ ‬المستعمر،‭ ‬لتجسد‭ ‬سلطة‭ ‬القوة‭ ‬الأجنبية‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬وبعد‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية،‭ ‬شهدت‭ ‬ليبيا‭ ‬إدارات‭ ‬مختلفة‭ ‬في‭ ‬برقة‭ ‬وفزان،‭ ‬فتعددت‭ ‬الطوابع‭ ‬واختلفت،‭ ‬حاملة‭ ‬أسماء‭ ‬المناطق‭ ‬بدل‭ ‬الدولة‭ ‬كأنها‭ ‬تحكي‭ ‬تنوع‭ ‬التجارب‭ ‬السياسية‭ ‬للبلاد‭.‬

وعندما‭ ‬أعلن‭ ‬استقلال‭ ‬ليبيا‭ ‬عام‭ ‬1951،‭ ‬ولد‭ ‬أول‭ ‬طابع‭ ‬ليبي‭  ‬باسم‭ ‬المملكة‭ ‬الليبية‮»‬،‭ ‬يتوسطه‭ ‬علم‭ ‬الاستقلال‭ ‬وصورة‭ ‬الملك‭ ‬إدريس‭ ‬ليصبح‭ ‬رمزا‭ ‬لميلاد‭ ‬وطن‭ ‬جديد‭ ‬وفي‭ ‬العقود‭ ‬التالية،‭ ‬تغير‭ ‬شكل‭ ‬الطابع‭ ‬مع‭ ‬التحولات‭ ‬السياسية،‭ ‬من‭ ‬الجمهورية‭ ‬إلى‭ ‬الجماهيرية،‭ ‬فكانت‭ ‬الطوابع‭ ‬أحيانًا‭ ‬أدوات‭ ‬خطاب‭ ‬سياسي‭ ‬تحمل‭ ‬صورا‭ ‬وشعارات‭ ‬رسمية،‭ ‬وأحيانًا‭ ‬مجرد‭ ‬لوحات‭ ‬صغيرة‭ ‬توثق‭ ‬المعالم‭ ‬التراثية‭ ‬والثقافية‭ ‬لليبيا‭.‬

الفن‭ ‬والطابع‭: ‬لقاء‭ ‬التاريخ‭ ‬والإبداع

ومن‭ ‬بين‭ ‬رواد‭ ‬الرسم‭ ‬البريدي‭ ‬في‭ ‬ليبيا،‭ ‬يبرز‭ ‬الفنان‭ ‬محمد‭ ‬سيالة،‭ ‬الذي‭ ‬أمضى‭ ‬سنواته‭ ‬في‭ ‬تجسيد‭ ‬التاريخ‭ ‬والهوية‭ ‬على‭ ‬الطوابع‭. ‬شغفه‭ ‬بدأ‭ ‬منذ‭ ‬أيام‭ ‬الدراسة‭ ‬في‭ ‬إيطاليا،‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬يقلد‭ ‬ويرسم‭ ‬الطوابع،‭ ‬مستلهمًا‭ ‬خبرة‭ ‬الفنان‭ ‬الإيطالي‭ ‬جورجيو‭ ‬فانديلو‭.‬

يقول‭ ‬سيالة‭ ‬في‭ ‬لقاء‭ ‬نشر‭ ‬له‭ ‬عبر‭ ‬موقع‭ ( ‬بوابة‭ ‬الوسط‭ ) ‬إن‭ ‬الطابع‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬مجرد‭ ‬ورقة‭ ‬صغيرة،‭ ‬بل‭ ‬أداة‭ ‬تاريخية‭ ‬وفنية‭. ‬ففي‭ ‬الستينيات،‭ ‬حين‭ ‬كان‭ ‬يعمل‭ ‬في‭ ‬البريد،‭ ‬أطلق‭ ‬أول‭ ‬أعماله‭ ‬الرسمية‭ ‬في‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬سبتمبر‭ ‬1969‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬جيشنا‭ ‬ذراعنا‭ ‬الواقي‮»‬،‭ ‬معبرًا‭ ‬عن‭ ‬الموروث‭ ‬الوطني‭ ‬في‭ ‬قالب‭ ‬فني‭ ‬صغير‭.‬

ويشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الطوابع‭ ‬تتغير‭ ‬دائمًا‭ ‬وفق‭ ‬المراحل‭ ‬السياسية‭: ‬العهد‭ ‬الملكي،‭ ‬الجمهورية،‭ ‬الجماهيرية،‭ ‬وكل‭ ‬مرحلة‭ ‬حملت‭ ‬رموزها‭ ‬على‭ ‬الورق‭. ‬بعض‭ ‬الطوابع‭ ‬النادرة،‭ ‬مثل‭ ‬مجموعة‭ ‬‮«‬فزان‭ ‬الأولى‮»‬،‭ ‬لم‭ ‬يبق‭ ‬منها‭ ‬سوى‭ ‬القليل‭ ‬اليوم،‭ ‬لكنها‭ ‬تحمل‭ ‬قيمة‭ ‬تاريخية‭ ‬وفنية‭ ‬عالية‭.‬

نموذج‭ ‬ليبي‭ ‬يصبح‭ ‬عالمي‭ ‬

يصف‭ ‬سيالة‭ ‬الطابع‭ ‬بأنه‭ ‬توازن‭ ‬بين‭ ‬التاريخ‭ ‬والسياسة‭ ‬والفن،‭ ‬مضيفًا‭ ‬ابتكاره‭ ‬لتصميم‭ ‬ستة‭ ‬عشر‭ ‬لوحة‭ ‬صغيرة‭ ‬في‭ ‬مربع‭ ‬واحد،‭ ‬نموذجًا‭ ‬ليبيًا‭ ‬أصبح‭ ‬لاحقًا‭ ‬عالميًا‭. ‬ويؤكد‭ ‬أن‭ ‬الطوابع‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬وسيلة‭ ‬اتصال‭ ‬فقط،‭ ‬بل‭ ‬هواية‭ ‬وذاكرة‭ ‬واستثمارًا،‭ ‬حيث‭ ‬قد‭ ‬تصل‭ ‬بعض‭ ‬الإصدارات‭ ‬الملكية‭ ‬إلى‭ ‬آلاف‭ ‬الدولارات‭.‬

ويختتم‭ ‬حديثه‭ ‬بأمنية‭ ‬واضحة‭: ‬أن‭ ‬يُؤسس‭ ‬متحف‭ ‬للطوابع‭ ‬البريدية‭ ‬في‭ ‬ليبيا،‭ ‬يحفظ‭ ‬ذاكرة‭ ‬الوطن‭ ‬ويجمع‭ ‬شتات‭ ‬تاريخه‭ ‬الضائع‭.‬

الطابع‭ ‬البريدي‭ ‬كجسر‭ ‬للذكريات

بين‭ ‬صفحات‭ ‬الطوابع‭ ‬البريدية،‭ ‬تكمن‭ ‬قصص‭ ‬لا‭ ‬تظهر‭ ‬في‭ ‬الأرشيف‭ ‬الرسمي،‭ ‬لكنها‭ ‬حقيقية‭ ‬في‭ ‬ذاكرة‭ ‬الهواة‭ ‬‮«‬مروة‭ ‬إبراهيم‮»‬‭ ‬كانت‭ ‬شاهدة‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬منذ‭ ‬صغرها،‭ ‬حين‭ ‬أصبح‭ ‬الطابع‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مجرد‭ ‬ورقة‭ ‬صغيرة،‭ ‬بل‭ ‬جسرًا‭ ‬يربطها‭ ‬بعالم‭ ‬أكبر‭.‬

تعود‭ ‬مروة‭ ‬بذاكرتها‭ ‬إلى‭ ‬أواخر‭ ‬ثمانينات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي،‭ ‬زمن‭ ‬بدون‭ ‬إنترنت‭ ‬ولا‭ ‬هواتف‭ ‬نقالة،‭ ‬حيث‭ ‬كانت‭ ‬قراءة‭ ‬المجلات‭ ‬الأجنبية‭ ‬نافذة‭ ‬على‭ ‬العالم،‭ ‬ومن‭ ‬خلالها‭ ‬بدأت‭ ‬اكتشاف‭ ‬الطوابع‭ ‬البريدية‭ ‬والتعرف‭ ‬على‭ ‬أصدقاء‭ ‬يشاركونها‭ ‬الشغف‭ ‬نفسه‭.‬

وتستعيد‭ ‬مروة‭ ‬لقاءها‭ ‬مع‭ ‬جيرانها‭ ‬المغاربة‭:‬

‮«‬كان‭ ‬لديهم‭ ‬أرفف‭ ‬مليئة‭ ‬بالكتب‭ ‬والمجلات،‭ ‬ومعظمها‭ ‬يحتوي‭ ‬على‭ ‬طوابع‭ ‬ملونة‭ ‬من‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭. ‬كنت‭ ‬أذهب‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬أبحث‭ ‬عن‭ ‬جديد،‭ ‬وأدهشني‭ ‬شغف‭ ‬ابن‭ ‬جيراننا‭ ‬المغربي،‭ ‬الذي‭ ‬جمع‭ ‬الطوابع‭ ‬بعناية‭ ‬فائقة‭.‬‮»‬

وفي‭ ‬عام‭ ‬1997،‭ ‬وبعد‭ ‬رحيل‭ ‬الجيران،‭ ‬أهدى‭ ‬لها‭ ‬صديقها‭ ‬المغربي‭ ‬مجموعته‭ ‬الكاملة‭ ‬من‭ ‬الطوابع،‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تحمل‭ ‬صورًا‭ ‬للملوك،‭ ‬آثارًا‭ ‬وأهرامات‭ ‬مصرية‭. ‬بالنسبة‭ ‬لها،‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬الطوابع‭ ‬مجرد‭ ‬ورق،‭ ‬بل‭ ‬جسر‭ ‬يصلها‭ ‬بتلك‭ ‬الأماكن‭ ‬البعيدة‭.‬

لكن‭ ‬السنوات‭ ‬الطويلة‭ ‬حملت‭ ‬معها‭ ‬خيبة‭ ‬أمل‭:‬

‮«‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصيف،‭ ‬وبعد‭ ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬السنوات،‭ ‬تمزقت‭ ‬تلك‭ ‬الطوابع‭ ‬ورُميت‮…‬‭ ‬فقدت‭ ‬الأمل‭. ‬كانت‭ ‬الطوابع‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أوراق‭ ‬صغيرة،‭ ‬كانت‭ ‬ذاكرة‭ ‬كاملة‭ .‬‮»‬

من‭ ‬مكتب‭ ‬البريد‭ ‬إلى‭ ‬دفاتر‭ ‬الهواة‭ ‬

ورغم‭ ‬تراجع‭ ‬الرسائل‭ ‬الورقية،‭ ‬ما‭ ‬زال‭ ‬هناك‭ ‬هواة‭ ‬يجمعون‭ ‬الطوابع،‭ ‬بعضهم‭ ‬لأغراض‭ ‬شخصية،‭ ‬وبعضهم‭ ‬لأرشفة‭ ‬التاريخ‭ ‬أو‭ ‬الاستثمار‭ ‬،‭ ‬يقول‭ ‬‮«‬عبدالقادر‭ ‬القاضي‭ ‬،‭ ‬أحد‭ ‬موظفي‭ ‬البريد‭ ‬القدامى‭ ‬وكاتب‭ ‬حسابات‭ ‬بمخزن‭ ‬الطوابع‭ ‬والبطاقات‭ ‬البريدية،‭ ‬إنه‭ ‬التحق‭ ‬بقطاع‭ ‬البريد‭ ‬منتصف‭ ‬الثمانينات،‭ ‬حيث‭ ‬بدأ‭ ‬عمله‭ ‬في‭ ‬قسم‭ ‬البرقيات‭ ‬ثم‭ ‬انتقل‭ ‬إلى‭ ‬فرز‭ ‬الرسائل‭ ‬وتوزيعها،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يستقر‭ ‬في‭ ‬مخزن‭ ‬الطوابع‭.‬

وأوضح‭ ‬القاضي‭ ‬أن‭ ‬خدمة‭ ‬البريد‭ ‬في‭ ‬الجنوب‭ ‬الليبي‭ ‬بدأت‭ ‬قبل‭ ‬الاستقلال،‭ ‬لكنها‭ ‬شهدت‭ ‬تطورًا‭ ‬أكبر‭ ‬بعد‭ ‬العام‭ ‬1952،‭ ‬وكانت‭ ‬تعتمد‭ ‬بشكل‭ ‬كامل‭ ‬على‭ ‬العمل‭ ‬اليدوي‭ ‬في‭ ‬تسجيل‭ ‬الرسائل‭ ‬وتصنيفها‭ ‬وإرسالها،‭ ‬قبل‭ ‬دخول‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬والأنظمة‭ ‬الإلكترونية‭.‬

وبيّن‭ ‬أن‭ ‬الرسائل‭ ‬كانت‭ ‬تُصنف‭ ‬إلى‭ ‬رسائل‭ ‬عادية،‭ ‬ورسائل‭ ‬مسجلة،‭ ‬ورسائل‭ ‬بعلم‭ ‬الوصول،‭ ‬وأن‭ ‬أسعار‭ ‬الطوابع‭ ‬كانت‭ ‬تختلف‭ ‬حسب‭ ‬الدولة‭ ‬المرسل‭ ‬إليها‭ ‬البريد،‭ ‬حيث‭ ‬كانت‭ ‬التعرفة‭ ‬تتراوح‭ ‬بين‭ ‬القروش‭ ‬و‭ ‬10‭ ‬دينار‭.‬

و‭ ‬إصدار‭ ‬الطوابع‭ ‬البريدية‭ ‬كان‭ ‬يتم‭ ‬وفق‭ ‬مناسبات‭ ‬وطنية‭ ‬وثقافية‭ ‬وتاريخية،‭ ‬وتشمل‭ ‬طوابع‭ ‬عن‭ ‬الآثار‭ ‬والمدن‭ ‬الليبية‭ ‬والأزياء‭ ‬الشعبية‭ ‬والشخصيات‭ ‬العامة،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬مناسبات‭ ‬مثل‭ ‬ذكرى‭ ‬الاستقلال‭ ‬ويوم‭ ‬البريد‭ ‬العالمي‭.‬

ويضيف‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬هواة‭ ‬جمع‭ ‬الطوابع،‭ ‬وأن‭ ‬هواية‭ ‬جمع‭ ‬الطوابع‭ ‬كانت‭ ‬منتشرة‭ ‬بشكل‭ ‬أكبر‭ ‬في‭ ‬السابق،‭ ‬لكن‭ ‬عدد‭ ‬الهواة‭ ‬تراجع‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭ ‬نتيجة‭ ‬اعتماد‭ ‬الناس‭ ‬على‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الحديثة‭ ‬بدل‭ ‬الرسائل‭ ‬الورقية‭.‬

أنه‭ ‬يملك‭ ‬مجموعة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الطوابع‭  ‬جمعها‭ ‬خلال‭ ‬سنوات‭ ‬عمله‭ ‬في‭ ‬البريد‭ ‬و‭ ‬كان‭ ‬يشتري‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬ألبوماً‭ ‬كاملاً‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬ثروته‭ ‬التي‭ ‬ورثها‭ ‬من‭ ‬والده‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬هو‭ ‬الآخر‭ ‬يهوى‭ ‬جمع‭ ‬الطوابع‭ ‬البريدية‭ ‬،‭ ‬و‭ ‬يفكر‭ ‬مستقبلاً‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬يورث‭ ‬أبناءه‭ ‬مجموعته‭ ‬،‭ ‬مشيرا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬أقرب‭ ‬الطوابع‭ ‬إليه‭ ‬هي‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬تحمل‭ ‬رموزا‭ ‬تراثية‭  ‬كالقلاع‭ ‬و‭ ‬غيرها‭ .‬

وأكد‭ ‬أن‭ ‬الطابع‭ ‬البريدي‭ ‬يمثل‭ ‬‮«‬وسيلة‭ ‬تعريف‭ ‬ثقافي‭ ‬وتوثيقي‮»‬‭ ‬تعكس‭ ‬صورة‭ ‬ليبيا‭ ‬للعالم،‭ ‬موضحًا‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يحمل‭ ‬وظيفة‭ ‬مالية‭ ‬فقط،‭ ‬بل‭ ‬يعتبر‭ ‬عنصرًا‭ ‬بصريًا‭ ‬يساهم‭ ‬في‭ ‬إبراز‭ ‬الهوية‭ ‬الوطنية‭.‬

أعتبر‭ ‬أن‭ ‬استمرار‭ ‬إصدار‭ ‬الطوابع‭ ‬ضروري‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬الذاكرة‭ ‬التاريخية،‭ ‬داعيًا‭ ‬إلى‭ ‬إنشاء‭ ‬متحف‭ ‬للطوابع‭ ‬أو‭ ‬تخصيص‭ ‬معارض‭ ‬مدرسية‭ ‬لتعريف‭ ‬الأجيال‭ ‬الجديدة‭ ‬بهذه‭ ‬الثقافة‭.. ‬وختم‭ ‬حديثه‭ ‬بالقول‭ ‬إن‭ ‬الطابع‭ ‬البريدي‭ ‬‮«‬ليس‭ ‬ورقة‭ ‬صغيرة،‭ ‬بل‭ ‬وثيقة‭ ‬تحفظ‭ ‬جزءًا‭ ‬من‭ ‬تاريخ‭ ‬ليبيا‭ ‬الثقافي‭ ‬والاجتماعي‮»‬‭.‬

الهواة‭: ‬حراس‭ ‬الذاكرة

و‭ ‬يروي‭ ‬صالح‭ ‬ميلاد‭ ‬صالح،‭ ‬من‭ ‬مواليد‭ ‬عام‭ ‬1945،‭ ‬أن‭ ‬هواية‭ ‬جمع‭ ‬الطوابع‭ ‬كانت‭ ‬جزءًا‭ ‬مهمًا‭ ‬من‭ ‬حياته‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬الخمسينيات‭ ‬والستينيات‭. ‬ويشير‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬يجمع‭ ‬طوابع‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬عربية‭ ‬وأوروبية‭ ‬متعددة،‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يقتصر‭ ‬على‭ ‬بلد‭ ‬واحد،‭ ‬موضحًا‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الهواية‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬مجرد‭ ‬جمع‭ ‬لأوراق‭ ‬صغيرة،‭ ‬بل‭ ‬كانت‭ ‬وسيلة‭ ‬للمعرفة‭ ‬والاتصال‭ ‬بالعالم‭ ‬الخارجي‭.. ‬أما‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بمجموعته‭ ‬من‭ ‬الطوابع،‭ ‬فيقول‭  ‬إنه‭ ‬لا‭ ‬يحتفظ‭ ‬بها‭ ‬اليوم،‭ ‬إذ‭ ‬ضاعت‭ ‬مع‭ ‬مرور‭ ‬الزمن‭ ‬وانتقاله‭ ‬بين‭ ‬البيوت‭. ‬ورغم‭ ‬ذلك،‭ ‬فإنه‭ ‬ما‭ ‬زال‭ ‬يتذكر‭ ‬حجم‭ ‬الشغف‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يرافق‭ ‬هذه‭ ‬الهواية،‭ ‬والفرح‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يشعر‭ ‬به‭ ‬عند‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬طابع‭ ‬جديد‭ ‬يحمل‭ ‬صورة‭ ‬مدينة‭ ‬بعيدة‭ ‬أو‭ ‬معلمًا‭ ‬أثريًا‭ ‬أو‭ ‬شخصية‭ ‬تاريخية‭.‬

ويختتم‭ ‬حديثه‭ ‬قائلاً‭ ‬إن‭ ‬الزمن‭ ‬تغيّر‭ ‬كثيرًا‭ ‬اليوم،‭ ‬حيث‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬الطوابع‭ ‬والرسائل‭ ‬الورقية‭ ‬تلعب‭ ‬الدور‭ ‬ذاته‭ ‬الذي‭ ‬كانت‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬السابق،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬قيمتها‭ ‬الثقافية‭ ‬والرمزية‭ ‬تبقى‭ ‬حاضرة‭ ‬لمن‭ ‬عاش‭ ‬تلك‭ ‬التجربة‭.‬

تقول‭ ‬‮«‬‭ ‬حواء‭ ‬محمد‭ ‬خير‭ ‬الله‮»‬‭ ‬موظفة‭ ‬بجامعة‭ ‬سبها،‭ ‬تحدثت‭ ‬عن‭ ‬تجربتها‭ ‬السابقة‭ ‬مع‭ ‬جمع‭ ‬الطوابع‭ ‬البريدية‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬الثمانينيات،‭ ‬والتي‭ ‬بدأت‭ ‬منذ‭ ‬المرحلة‭ ‬الإعدادية‭ ‬واستمرت‭ ‬حتى‭ ‬سنوات‭ ‬الجامعة‭. ‬وتقول‭ ‬إن‭ ‬المراسلات‭ ‬البريدية‭ ‬كانت‭ ‬آنذاك‭ ‬وسيلة‭ ‬للتواصل‭ ‬وتبادل‭ ‬المعرفة‭ ‬مع‭ ‬أصدقاء‭ ‬داخل‭ ‬ليبيا‭ ‬وخارجها،‭ ‬خصوصًا‭ ‬من‭ ‬الجزائر،‭ ‬المغرب،‭ ‬تونس‭ ‬ومصر‭.‬

وتشير‭ ‬حواء‭ ‬‮«‬‭  ‬إلى‭ ‬أنها‭ ‬كانت‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬المجلات‭ ‬الثقافية‭ ‬ومجلات‭ ‬الأطفال‭ ‬في‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬عناوين‭ ‬مراسلات‭ ‬للتواصل،‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬مجلتا‭ ‬الأمل‭ ‬والنهضة،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬مجلات‭ ‬مثل‭ ‬سامر‭ ‬وماجد‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬منتشرة‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الفترة‭. ‬ونتيجة‭ ‬لهذه‭ ‬المراسلات،‭ ‬كانت‭ ‬تتلقى‭ ‬رسائل‭ ‬تحتوي‭ ‬على‭ ‬طوابع‭ ‬بريدية‭ ‬مختلفة،‭ ‬مما‭ ‬دفعها‭ ‬إلى‭ ‬الاحتفاظ‭ ‬بها‭ ‬وتكوين‭ ‬مجموعة‭ ‬خاصة‭ ‬منها‭.‬

وتوضح‭ ‬أنها‭ ‬كانت‭ ‬تحتفظ‭ ‬بالطوابع‭ ‬في‭ ‬ملفات‭ ‬وتقسّمها‭ ‬بحسب‭ ‬الموضوعات،‭ ‬وكان‭ ‬أكثر‭ ‬ما‭ ‬لفت‭ ‬انتباهها‭ ‬الطوابع‭ ‬القادمة‭ ‬من‭ ‬الجزائر،‭ ‬والتي‭ ‬تضمنت‭ ‬صورًا‭ ‬لمدن‭ ‬ومعالم‭ ‬طبيعية‭ ‬وشخصيات‭ ‬تاريخية‭ ‬وعلمية‭. ‬كما‭ ‬تتذكر‭ ‬بعض‭ ‬الطوابع‭ ‬الليبية‭ ‬التي‭ ‬حملت‭ ‬صور‭ ‬مواقع‭ ‬أثرية‭ ‬مثل‭ ‬جرمة‭ ‬وبحيرة‭ ‬قبرعون‭ ‬وأكاكوس،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬طابع‭ ‬يحمل‭ ‬صورة‭ ‬عمر‭ ‬المختار‭.‬

وتقول‭ ‬حواء‭ ‬إنها‭ ‬فقدت‭ ‬مجموعتها‭ ‬من‭ ‬الطوابع‭ ‬لاحقًا‭ ‬نتيجة‭ ‬انتقالها‭ ‬بين‭ ‬منازل‭ ‬مختلفة،‭ ‬مشيرة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬كان‭ ‬أمرًا‭ ‬مؤسفًا‭ ‬بالنسبة‭ ‬لها‭ ‬لأنها‭ ‬كانت‭ ‬مجموعة‭ ‬ذات‭ ‬قيمة‭ ‬معنوية‭ ‬خاصة‭.‬

كما‭ ‬روت‭ ‬موقفًا‭ ‬طريفًا‭ ‬حدث‭ ‬خلال‭ ‬تلك‭ ‬الفترة،‭ ‬حين‭ ‬أرسلت‭ ‬لها‭ ‬إحدى‭ ‬الزميلات‭ ‬طردًا‭ ‬يحتوي‭ ‬على‭ ‬فاكهة‭ ‬التفاح‭ ‬عبر‭ ‬البريد،‭ ‬بهدف‭ ‬مشاركتها‭ ‬طعمه‭. ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الطرد‭ ‬فُقد‭ ‬خلال‭ ‬عملية‭ ‬النقل،‭ ‬ثم‭ ‬وُجد‭ ‬بعد‭  ‬أشهر‭ ‬في‭ ‬أحد‭ ‬المطارات،‭ ‬لكنه‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬تلف‭ ‬تمامًا‭. ‬ورغم‭ ‬ذلك،‭ ‬اعتبرت‭ ‬أن‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬الطرد‭ ‬حتى‭ ‬العثور‭ ‬عليه‭ ‬يعكس‭ ‬التزام‭ ‬البريد‭ ‬آنذاك‭ ‬بحفظ‭ ‬الأمانات‭.‬

يقول‮«‬‭ ‬نادر‭ ‬جاب‮»‬‭ ‬عضو‭ ‬الجمعية‭ ‬الليبية‭ ‬لهواة‭ ‬جمع‭ ‬‮«‬الطوابع‭ ‬البريدية‭ ‬‮»‬‭ ‬بدأت‭ ‬علاقته‭ ‬بالطوابع‭ ‬في‭ ‬سنوات‭ ‬الدراسة‭ ‬الابتدائية،‭ ‬عندما‭ ‬كان‭ ‬يحتفظ‭ ‬بالطوابع‭ ‬الموجودة‭ ‬على‭ ‬الرسائل‭ ‬القديمة‭ ‬بين‭ ‬صفحات‭ ‬الكتب‭. ‬ويشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬جذبه‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الهواية‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬الطابع‭ ‬لا‭ ‬يمثل‭ ‬مجرد‭ ‬قطعة‭ ‬ورقية،‭ ‬بل‭ ‬يحمل‭ ‬خلفه‭ ‬حدثًا‭ ‬أو‭ ‬مناسبة‭ ‬تاريخية‭ ‬تستدعي‭ ‬البحث‭ ‬والقراءة‭ ‬لمعرفة‭ ‬سياقها‭.‬

يؤكد‭ ‬أن‭ ‬تقييم‭ ‬قيمة‭ ‬الطابع‭ ‬يعتمد‭ ‬أساسًا‭ ‬على‭ ‬الندرة‭ ‬وحالة‭ ‬الطابع،‭ ‬بينما‭ ‬لا‭ ‬يشكل‭ ‬العمر‭ ‬عنصرًا‭ ‬حاسمًا‭ ‬دائمًا؛‭ ‬إذ‭ ‬توجد‭ ‬طوابع‭ ‬حديثة‭ ‬لكنها‭ ‬نادرة‭ ‬ومرتفعة‭ ‬السعر،‭ ‬مقابل‭ ‬طوابع‭ ‬قديمة‭ ‬متداولة‭ ‬ولا‭ ‬تحمل‭ ‬قيمة‭ ‬كبيرة‭. ‬كما‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الأخطاء‭ ‬في‭ ‬الطباعة‭ ‬قد‭ ‬تمنح‭ ‬الطابع‭ ‬قيمة‭ ‬إضافية‭ ‬لندرته‭ ‬وتميّزه‭.. ‬يختص‭ ‬في‭ ‬جمع‭ ‬الطوابع‭ ‬الليبية‭ ‬فقط،‭ ‬وبشكل‭ ‬خاص‭ ‬تلك‭ ‬المرتبطة‭ ‬بـ‭ ‬معرض‭ ‬طرابلس‭ ‬الدولي‭ ‬والطوابع‭ ‬الصادرة‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬المستعمرات‭. ‬ويستخدم‭ ‬ألبومات‭ ‬وأدوات‭ ‬مخصصة‭ ‬لحفظ‭ ‬الطوابع‭ ‬وتجنب‭ ‬تلفها‭. .‬وبخصوص‭ ‬التواصل‭ ‬بين‭ ‬هواة‭ ‬جمع‭ ‬الطوابع،‭ ‬يرى‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬أكثر‭ ‬نشاطًا‭ ‬في‭ ‬السابق،‭ ‬أما‭ ‬اليوم‭ ‬فقد‭ ‬انخفض‭ ‬بسبب‭ ‬انشغال‭ ‬الناس‭ ‬وقلة‭ ‬الأنشطة‭ ‬والمعارض‭ ‬والتجمعات‭ ‬الخاصة‭ ‬بالهواة‭. ‬كما‭ ‬أسهم‭ ‬تراجع‭ ‬استخدام‭ ‬البريد‭ ‬التقليدي‭ ‬وانتشار‭ ‬الوسائل‭ ‬الإلكترونية‭ ‬مثل‭ ‬الرسائل‭ ‬عبر‭ ‬الإنترنت‭ ‬والواتساب‭ ‬في‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬انتشار‭ ‬هذه‭ ‬الهواية‭.. ‬ويؤكد‭ ‬أن‭ ‬الطوابع‭ ‬ما‭ ‬تزال‭ ‬تقوم‭ ‬بدور‭ ‬توثيقي،‭ ‬ولكن‭ ‬بشكل‭ ‬محدود‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الحالي‭. ‬أما‭ ‬مستقبل‭ ‬الهواية‭ ‬في‭ ‬ليبيا،‭ ‬فيراه‭ ‬غير‭ ‬واضح‭ ‬نتيجة‭ ‬غياب‭ ‬الفعاليات‭ ‬التي‭ ‬تعرّف‭ ‬الأجيال‭ ‬الجديدة‭ ‬بها‭..‬بالنسبة‭ ‬لقيمة‭ ‬مجموعته،‭ ‬يوضح‭ ‬أن‭ ‬أغلى‭ ‬ما‭ ‬يملك‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬المعنوية‭ ‬هي‭ ‬مجموعة‭ ‬إصدارات‭ ‬معرض‭ ‬طرابلس‭ ‬الدولي،‭ ‬حيث‭ ‬شارك‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬معارض‭ ‬ودرسها‭ ‬وكتب‭ ‬عنها‭. ‬أما‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬المردود‭ ‬المادي،‭ ‬فهو‭ ‬لا‭ ‬ينظر‭ ‬إلى‭ ‬الطوابع‭ ‬باعتبارها‭ ‬استثمارًا،‭ ‬بل‭ ‬يعتبرها‭ ‬هواية‭ ‬توفر‭ ‬له‭ ‬مساحة‭ ‬للراحة‭ ‬والابتعاد‭ ‬عن‭ ‬ضغوط‭ ‬الحياة،‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬قيمتها‭ ‬تزداد‭ ‬مع‭ ‬مرور‭ ‬الوقت‭.. ‬وفي‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بتصميم‭ ‬الطوابع‭ ‬الليبية‭ ‬عبر‭ ‬المراحل‭ ‬المختلفة،‭ ‬يرى‭ ‬أن‭ ‬الطوابع‭ ‬القديمة،‭ ‬سواء‭ ‬خلال‭ ‬الحكم‭ ‬الملكي‭ ‬أو‭ ‬الجمهوري‭ ‬أو‭ ‬الجماهيري،‭ ‬كانت‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬رسومات‭ ‬فنية‭ ‬ذات‭ ‬روح‭ ‬واضحة،‭ ‬بينما‭ ‬أصبحت‭ ‬التصاميم‭ ‬الحديثة‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬الطباعة‭ ‬الرقمية‭ ‬بشكل‭ ‬أكبر،‭ ‬ما‭ ‬أفقدها‭ ‬جزءًا‭ ‬من‭ ‬هويتها‭ ‬الفنية‭.. ‬أما‭ ‬عن‭ ‬إمكانية‭ ‬تصميم‭ ‬طابع‭ ‬جديد،‭ ‬فيؤكد‭ ‬أنه‭ ‬سيختار‭ ‬تصميمًا‭ ‬يُبرز‭ ‬الهوية‭ ‬الليبية‭ ‬ومعالمها‭ ‬التاريخية‭ ‬باعتبار‭ ‬أن‭ ‬الطوابع‭ ‬عنصر‭ ‬يعكس‭ ‬صورة‭ ‬البلاد‭ ‬وثقافتها‭.‬

خاتماً‭ : ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬تراجع‭ ‬استخدام‭ ‬البريد‭ ‬التقليدي‭ ‬وانتشار‭ ‬وسائل‭ ‬الاتصال‭ ‬الحديثة،‭ ‬ما‭ ‬زال‭ ‬الطابع‭ ‬يمثل‭ ‬عنصرا‭ ‬مهما‭ ‬في‭ ‬حفظ‭ ‬الذاكرة‭ ‬الوطنية،‭ ‬ويمثل‭ ‬هواة‭ ‬جمع‭ ‬الطوابع‭ ‬جسرًا‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الثقافة،‭ ‬ومؤشرا‭ ‬على‭ ‬الاهتمام‭ ‬بالتاريخ‭ ‬والتوثيق‭ ‬الفني‭ ‬والثقافي‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬استمرار‭ ‬إصدار‭ ‬الطوابع‭ ‬وعرضها‭ ‬في‭ ‬المعارض‭ ‬يشكل‭ ‬وسيلة‭ ‬لتعريف‭ ‬الأجيال‭ ‬الجديدة‭ ‬بتاريخ‭ ‬ليبيا‭ ‬وتقاليدها،‭ ‬مؤكدًا‭ ‬أن‭ ‬الطابع‭ ‬البريدي‭ ‬ليس‭ ‬مجرد‭ ‬ورقة‭ ‬صغيرة،‭ ‬بل‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬ذاكرة‭ ‬الوطن‭ ‬وثقافته‭.‬

Share this content: